– هل الاسماء الشيعية الأملية في صور من حصة احد المسؤولين الامنيين؟
– المشترك في لوائح “التوافق” هو خلوّها من الكفاءات في القرى كلّها
التململ والاستياء سمتان ثابتتان في المشهد الشيعي الجنوبي عشية الانتخابات البلدية. والاعتراض يظهر، في اكثر من مدينة وبلدة، عبر الانكفاء عن المشاركة في الانتخابات، او عبر لوائح مكتملة وأخرى غير مكتملة تقف بجرأة في وجه التوافق الذي أسقط على الجنوبيين من فوق. وهذا لسان حال كثيرين شهدوا كيف تمّ التوافق: “وافقوا على ما نريد”، في ظل استهانة متمادية بالعائلات والوجوه والكفاءات.
واقتضى تثبيت هذه المعادلة استخدام الوسائل المشروعة وغير المشروعة في وجه كل المرشحين المستقلين، او الراغبين في تقديم ما لديهم من كفاءات في الادارة المحلية. وقد استخدم عنوان المقاومة الى حد الإساءة للمقاومة “المتحالفة مع الفساد” حينا، والتي رشّحت على لوائحها متهمين بالفساد البلدي. ومن لم يتزحزح عن ترشحه انهال عليه التشكيك حينا والتعريض احيانا، والتهديد في كثير من الاحيان، وكأنّ الديمقراطية باطل والحقّ هو “التزكية” والمبايعة العمياء للوائح المحازبين المفروضين على عائلاتهم.
ولعل المشترك في هذه اللوائح هو إصرار طرفيها على ان تضم وجوها تفتقد الى معايير الكفاءة والخبرة المهنية والاجتماعية، والى وجوه تفتقد الحد الادنى من التوافق حولها، على قاعدة ان المطلوب في البلديات هو من لا يحسن النقاش ولا يعرف غير الموافقة على الأوامر.
أما وسائل الفرض فحدث عنها ولا حرج. إذ كان “أمر” التزكية غاية استخدمت من أجله الوسائل كلّها، وصولا إلى الفصل التنظيمي لمخالفي الأوامر الحزبية. وتعرض كثيرون للتهديد في ارزاقهم لمنعهم من الترشح، ولم توفر بعض الاجهزة الامنية من إدخالها في هذا الحيز، عبر اتصالات تلقاها بعض الذين اصروا على الترشح في وجه التوافق المفروض.
في مدينة صور صمد مرشح واحد في وجه اللائحة التوافقية هو واصف صبراوي. وهناك يكاد يوافق الجميع على ان التمثيل الشيعي دون المستوى، لا بل ثمة كلام صريح عن ان الاسماء الشيعية الممثلة لحركة “أمل” هي من حصة احد المسؤولين الامنيين، وأنهم يمكن ان يشكلوا قوة تغيير لاحقة في المجلس لحساب هذا المسؤول، ويمهدوا له نيل الرئاسة التي لم يستطع ان ينالها اليوم، وفي الحد الادنى بات هو المقرر في اللائحة. علما ان رئيس اللائحة حسن دبوق، ورغم ما يحوزه من قبول عام، الا انه اسير هذه المعادلة التي كانت ثمن رئاسة المجلس البلدي.
في مدينة النبطية لم يحظ حفل اعلان اللائحة بحضور يعكس ادعاءات التوافق. فغاب شيخ المدينة ومفتيها عبد الحسين صادق، في خطوة تعكس عدم الرضا، ان لم يكن الرفض. فيما تشهد المدينة، ومنذ اليومين الاخيرين، استعراض قوة وصل الى حد مواجهات بين عناصر من “أمل” نفسها، ما أسقط جرحى، وظلّت القوى الامنية بعيدة.
مشهد يعكس سلوكا ترهيبيا للناس واظهارا لمدى القدرة على تجاوز القانون من دون اي مساءلة. النبطية، التي صمد فيها ثمانية مرشحين، حتى مساء امس، لسان حال العديد من وجوهها وابنائها انهم يتلقون صفعة غير مسبوقة لجهة تجاهل “التوافق” لعائلات المدينة وكفاءاتها لحساب حزبيين يفتقدونها.
الإستياء حقيقة لم تستطع جحافل “الثنائية” ان تخفيها رغم كل ما تملكه من قوة السلطة والامن والاعلام والمال. نجحت في التعمية على جوانب منها، لكن شهوة السلطة والاستحواذ تمنعها حتى الآن من تقدير معنى هذا الاستياء والاعتراض، وتداعياته لاحقا. ذلك ان الثنائية ستفوز في معظم المجالس البلدية رقميا، لكنها سوف تكتشف ان حجم ما نالته في الانتخابات البلدية اقل بكثير مما نامت عليه بعد تلك النيابية.
والاهم أنّ الذين بايعوا في “النيابية” اكتشفوا في مخاض “البلدية” ان العناوين الكبرى، من “حماية الطائفة” إلى “حفظ المقاومة” ما كانت الا وسائل في سبيل “مكاسب حزبية”.
يبقى التعليق على ما قاله الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله أمس، عن قصة الحمار والوالد وابنه والرحلة الطويلة. شرح سماحة السيد أنّه إذا ركب الإثنان على الحمار سيقال: ظالمان، وإذا نزلا سيقال: ابلهان، وإذا ركب الوالد سيقال: ظالم، وإذار ركب الولد فإنّه: عاق. وتابع نصر الله إنّ اختلاف الحزب والحركة في انتخابات 2004 هوجم، واتفاقهما اليوم يهاجم، وإذا أدارا الظهر للإنتخابات سيهاجمان أيضا: “فماذا تريدون؟”، ختم فكرته.
من الواضح أنّ سماحته يتحدث عن “حزب الله” وحركة “أمل” وعن جمهور الطائفة الشيعية. فإذا كان الحزب والحركة هما الأب وابنه (ولا نعرف من والد من!!)، فمن يكون الحمار أيها الناخبون؟
من هو الحمار؟… الكنزي — tmocamp@eim.ae في بداية الستينات من القرن الماضي، كان هناك سائق عنده سيارة (لاندروفر) ينقل الركاب صباحاً من بعض القرى إلى المدينة ويعود بهم بعد أن ينهوا أشغالهم إلى القرية. في أحد الأيام وعندما كان ماراً في إحدى القرى صادف فلاحاً يقود حماراً والحمار يحمل (عود) لحراثة الأرض، جهد الفلاح لإبعاد الحمار عن الطريق (الضيقة) لكنه لم يفلح، فأوقف السائق سيارته ونزل منها حانقاً وصاح بالرجل الستيني (بنّا نعرف البني آدم قايد الحمار ولاّ الحمار قايد البني آدم؟) فأجابه الفلاح (وكان شيخاً وقوراً) “لا بالّلا يا بنيي الحمار اللّي مش عارف يفرِّق بين البني آدم والحمار”… قراءة المزيد ..