كل اللبنانيين كانوا مع الجيش وضد الشيخ الأسير لأنهم يريدون أن يكون في لبنان، مثل كل بلدان العالم، جيش واحدة لدولة واحدة. ولكن الصور والفيديوات التي يتناقلها اللبنانيون تشير إلى واقع آخر: حزب الله يتصرّف كجيش ثانٍ وربما كجيش أول في لبنان. هذا يعني أن حزب الله، وقيادة الجيش، تلعبان بالنار.
هذه اللعبة جرّبتها المنظمات الفلسطينية في السبعينات، وانقلبت عليها!…
الشفاف
*
شاهد الفيديو:
http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=WmJfGKtcaus#t=0s
*
هذا ما فعله “حزب الله” في معركة صيدا
ظُهر الأحد أوقف حاجز الجيش اللبناني المتاخم لمسجد بلال بن رباح فادي البيروتي؛ أحد مرافقي الشيخ أحمد الأسير. بعد تلاسن أطلق الجيش النار في الهواء. دقائق معدودة وانهمر الرصاص من كل مكان. استُشهد عسكريون وجُرح آخرون، وبدأت المعركة.
وسط هذا المشهد، وقبل أن يصبح المكان ساحة حرب، شاهد قاطنون في الحي النار تنطلق من الشقق المقابلة للمسجد، التي يتواجد فيها عناصر “حزب الله”. وفيما بعد دخلت هذه الشقق- المراكز في المعركة. هاجمها مسلحو الأسير؛ وقتلوا وجرحوا فيها مجموعة، تبين في ما بعد أسماء بعضهم، وفق نعي الحزب لهم “أثناء قيامهم بواجبهم الجهادي” (القيادي ساجد البيروتي-جبشيت، وإبراهيم حسن عساف- كفرحتى، ومحمد صالح- حارة صيدا)!.
وخلال أقل من ساعة واحدة؛ نفّذ “حزب الله” و”سرايا المقاومة” انتشاراً في صيدا، وتمركزوا في التلال المشرفة على عبرا، كما في منطقة شرحبيل المقابلة، ومنطقة تعمير عين الحلوة، وبعض أحياء صيدا. كانوا يلبسون ثياباً عسكرية مرقطة ويضعون شارة صفراء. خاضوا قتالاً ضد مجموعات الأسير من جهة الشرق بالقرب من مدرسة مكسيموس. بعضهم كان ملتحياً، وبعضهم يحمل أدوات لخلع أبواب الشقق وتفتيشها. وذلك؛ في الوقت الذي كان الجيش اللبناني يقاتل المجموعات المسلحة للأسير، وقد سقط للحزب قتلى وجرحى في القتال؛ نُقلوا إلى مستشفى الراعي في صيدا، وفي ما بعد سيطروا على طريق مجدليون- جزين.
شمل انتشار الحزب أيضاً احتلال دارة المهندس يوسف النقيب (تيار المستقبل)، وتلة مقابلة لدارة النائب بهية الحريري. كما شمل احتلال مبنى الرحمة في منطقة الهلالية (مبنى خيري تديره إحدى الجمعيات القريبة من “الجماعة الإسلامية”) بعد قصفه من حارة صيدا من قبل مسلحي “حزب الله” وحركة “أمل”. وبعد مراجعة قيادة “الجماعة الإسلامية” للمرجعية السياسية للمسلحين؛ وافق هؤلاء على التواجد في حرم المركز دون بقية الطبقات.
ثمة أماكن كثيرة تصرف فيها الحزب بحرية وكأنه هو الجيش الوطني نفسه، حتى لجهة اللباس العسكري، حتى كاد الناس يظنون أنهم من الجيش فعلاً لولا أنهم كانوا ينادون رفاقهم بكنى غير متعارف عليها في الجيش، وتعريفهم عن أنفسهم أنهم “حزب الله”. كثيرة هي المباني التي دخلوا إليها بهذا الوصف؛ واحدة منها في مجدليون تعود لآل الصلح (فيلا)، احتلوها واستعملوا سطحها للقنص على مسلحي الأسير، أو على أي متنقل في عبرا من دون أن تُعرف هويته (سقط أبرياء مدنيون جراء هذا القنص). الشيخ صاحب المبنى، وعائلته ومن يستضيفهم، اضطروا إلى مغادرة المبنى إلى اليوم التالي. حصلت أمور مشابهة في قرية السلام- ما بين عبرا وحارة صيدا. دخل مسلحو الحزب على غير بيت وفتشوه.
أما داخل مربع القتال وجواره؛ فقد كان حضور الحزب طاغياً، وخوضه القتال مفضوحاً. في مبنى صالح حيث كان للحزب شقة عسكرية، تمدد عناصر الحزب واحتلوا شقق المبنى كله. هددوا السكان بضرورة فتح أبواب بيوتهم، لاستعمالها عند الحاجة تحت طائلة خلعها. بعضهم الآخر اتصل بوسائل إعلامية موالية بادعائه أنه مدني يطلب النجدة من سطوة “شبيحة الأسير”. من هذا المبنى خاض الحزب معركة نارية كبيرة؛ قَتل وجرح من مسلحي الأسير غير واحد بالتزامن مع قتال الجيش. في مبنى أبو ظهر المجاور الأمر نفسه تكرر. في مبنى مجاور (خلف KFC) نفذت مجموعة من الحزب بقيادة شخص معروف في المنطقة، أعمال قنص على المربع الأمني للأسير.
تمدّد الحزب إلى الشوارع الأخرى، وصل إلى حديقة عبرا. هناك تمركز الحزب وحوصرت عوائل قرب صيدلية “طالب”، بينهم نساء حوامل وأطفال. منع قناصو الحزب أي وسيلة إسعاف من الوصول إلى المنطقة، وأطلقوا فعلياً النار على سيارة إسعاف تابعة لـ”الجمعية الطبية” (الجماعة الإسلامية) ما أدى إلى انضمام المسعف إلى جملة المحاصرين إلى اليوم التالي. المباني والشقق التي احتلها الحزب ظل فيها إلى وقت متأخر من يوم الثلاثاء. فتش كل ما فيها؛ ثم سلمها للجيش. أما الشقق التابعة له فبقيت معه؛ وكذا بقي انتشار مسلحيه إلى ما بعد انتهاء المعارك؛ وعندما رحّب الجيش اللبناني بزيارة وفد من مشايخ صيدا مسجد بلال بن رباح للاطلاع على وضعه؛ شاهد وفد المشايخ مسلحي الحزب بأم العين.
حملة “التطهير” لم تقتصر على عبرا؛ ففي منطقة التعمير ثمة انتقام من أنصار الأسير؛ حرقاً وتكسيراً، واستقواءً. أما في جادة نبيه بري، فوقعت ممارسات استفزازية من قبل عناصر حركة “أمل”؛ استباحةُ وإحراق فيلا فضل شاكر لم تكن أعظمها… وقد استمرت إلى المساء حيث جابت سيارات المنطقة احتفاءً بـ”النصر”!.
غير بعيد عن هذه الوقائع كلها؛ يبدو أن سؤالاً يرتسم على شفاه الغالبية العظمى من الصيداويين؛ ماذا بعد القضاء على الأسير؛ هل يتابع الجيش اللبناني مهمته الوطنية للقضاء على كل سلاح في المدينة؟ وهل يقبل الذين يُغرقونه بالمحبة والتأييد اليوم (باعتباره أزال خصماً لهم بمشاركة منهم) أن يتابع هذه المهمة فيزيل البؤر المسلحة من صيدا ولبنان عموماً؟!
فادي شامية ـ عبرا
إقرأ أيضاً:
[عباس ترحيني ونزار بيروتي قُتِلا في دمشق أم في عبرا؟
->http://www.shaffaf.net/spip.php?page=article&id_article=22625&lang=ar
]