ما كتبه الدكتور فوزي أيوب الاستاذ في الجامعة اللبنانية في تحقيقه في القبس حول التعليم والمناهج في الكويت، ينبغي أن يشكل لنا ناقوس خطر لمراجعة كثير من عناصر ما يطلقون عليها «مخرجات العملية التربوية» في الكويت، في محاولة جادة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من عقول اولادنا.
يقول الدكتور «عندما يتدخل التربويون الى جانب مختصي الشريعة في تأليف النصوص الدينية، فإن على هذا الفريق تحويل النص الأصلي إلى نص تربوي ديني، فلا يأخذ النص الديني بحرفيته، بل يستلهم الأصل ويأخذ مقاصده وغايته، ويحوله الى حكاية أو قصة، مما يشد الطالب اليه بعد أن يصله بصورة مبسطة. وهكذا يصل المغزى الديني والرسالة الاسلامية الى وجدان الأولاد والمراهقين. هنا يكمن الفارق بين العلوم الدينية والتعليم المدرسي للدين عبر مادة التربية الاسلامية (وليس مادة الدين الاسلامي) التي تعني أننا نربي التلاميذ بروحية الاسلام، ولا نلقنهم تعاليمه تلقينا يفتقر غالبا الى الفهم والتفاعل الايجابي».
ذكرتني هذه الملاحظة المهمة، بدرس دين في منهج التربية الاسلامية للصف الأول الثانوي، كنت قد «حاولت» أن أشرحه لابنتي، وعندما عجزت احلتها للمدرسة. الدرس كاملا (للمهتمين) في «كتاب القرآن الكريم. للصف التاسع» – صفحة 26، تحت عنوان «عتاب لطيف من الله تعالى لرسوله الكريم» اقتطعت منه:
«روي عن النبي كان يقسم بين نسائه، فلما كان يوم حفصة استأذنت رسول الله في زيارة أبويها فأذن لها، فلما خرجت أرسل إلى جاريته «مارية القبطية»، فعاشرها في بيت حفصة، فرجعت فوجدتها في بيتها، (حذفنا التفاصيل لغاية..) فغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحلف ألا يدخل على نسائه شهرا، واعتزلهن، فأنزل الله تعالى «يأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك».
من المؤكد أن ليس المقصود هنا كلام الله عز وجل، ولا رسوله المصطفى، ولا في سبب نزول الآية الكريمة، معاذ الله، ولا حتى الضعف والهشاشة اللغوية المدمرة التي كتب بها النص، لكن ما يشغلني هو كيفية انتقاء نوعية الدروس التي يلقن بها الطالب، وإن كانت تتناسب مع عمره، ومدى استيعابه للموضوع، وأسس اختيار الآيات المقررة من بين المئات التي تحث على العبادات، وعمل الخير والبر بالوالدين والحث على العلم والعمل، والكثير مما يمكن أن يفيد الطالب في هذه المرحلة العمرية الانتقالية الخطرة.
من الخطأ ترك عملية تأليف المناهج للمتخصصين بالعلوم الدينية وحدهم، لأن ذلك مهمة التربويين الرئيسية، كونهم متخصصين بنوعية المادة التي تقدم إلى التلاميذ، كل حسب تطوره العمري والذهني، وعلى المسؤولين في وزارة التربية العمل بجد على «فض الاشتباك»، لاسيما في الدروس الدينية، بين ما يريده التربوي، وما يدعو اليه الدعاة والفقهاء، فالآباء يرسلون أولادهم إلى المدارس على أساس ثقتهم في أنها تتحمل الأمانة الكبرى، ولم يفكر أحد منهم بأنهم يزجون فلذات أكبادهم في حقل تجارب، لكل من عمل «قص» و«لصق» للكتب التي عملت منه فقيها!
d.moufti@gmail.com
@dalaaalmoufti
أزمة التعليم .. لماذا؟ وما الحلول؟ (11)
34 خللا في كتب التاريخ: