لاهور- مراسل “الشفّاف” أمير مير:
في ما يمثّل تغييراً رئيسياُ في صفوف كبار ضباط الجيش الباكستاني، قام رئيس أركان الجيش، الجنرال أشفاق برفيز كَياني، بتعيين مدير جديد لـ”جهاز الإستخبارات المشترك”، كما استبدل 4 من أصل 9 قادة فيالق، واختار قائداً جديدة لـ”هيئة الأركان العامة”، علاوة على تعيينات عسكرية جديدة أخرى (في باكستان، منصب رئيس أركان الجيش أعلى من منصب رئيس الأركان العامة).
ويبدو أن الموضوع الرئيسي لهذه المناقلات كان تعزيز السيطرة المباشرة للجنرال كَياني الذي تولّى رئاسة أركان الجيس في ديسمبر 2007 بعد أن أرغم الجنرال برفيز مشرف على خلع بزّته العسكرية. وقد تم الإعلان عن التغييرات، التي حصلت حتى قبل عودة الرئيس آصف زرداري، على أنها مجرّد تغييرات روتينية فرضها التقاعد الوشيك لعدد من كبار الضباط. ولكن المراقبين يعتبرون التغييرات بالغة الأهمية لأنها تأتي على خلفية الغارات الأميركية المتزايدة داخل أراضي باكستان، وبعد التصريح غير المألوف الذي أدلى به رئيس أركان الجيش ومفاده أنه سيتم الحؤول دون خرق سيادة البلاد أياً كان الثمن. وجاء التعيينات الجديدة بعد ساعات من ترقية 7 ضباط برتبة “ميجور جنرال” إلى رتبة “لفتنانت جنرال 3 نجوم”، بحيث استفاد بعض هؤلاء السبعة من التعيينات الجديدة.
ربما كان الأكثر مدعاةً للدهشة في هذه التغييرات جميعاً تعيين اللفتنانت جنرال “أحمد شجاع باشا” (الصورة) كمدير عام جديد لجهاز الإستخبارات المشتركة “أي إس أي” الشهير، الذي غالباً ما يصفه نُقّاده بأنه “دولة ضمن الدولة”. وكان الجنرال شجاع باشا (56 سنة) يشغل منصب “المدير العام للعمليات العسكرية”، الذي يمثّل المركز العصبي للجيش الباكستاني. وقد أشار بعض المراقبين الباكستانيين إلى أنه تم تغيير مدير “جهاز الإستخبارات المشترك” بعد محاولة فاشلة قامت بها حكومة “حزب الشعب الباكستاني” وتمثّلت في إخطار مثير للسجل صدر في يوليو 2008 ودعا إلى وضع الجهاز تحت الرقابة الإدارية والمالية والعملياتية لوزارة الداخلية الباكستانية. وقد حلّ الجنرال “باشا” محل اللفتنتانت جنرال “نديم تاج”، الذي كان مقرّباً جداً من الرئيس مشرّف، وقد تم تعيينه الآن لمنصب قائد الفيلق 30 في مقاطعة “غوجران والا” في البنجاب.
إن المدير الجديد، “أحمد شجاع باشا”، الذي كان مشرّف قد رقّاه من رتبة “بريغادير” إلى رتبة “ميجور جنرال” في يناير 2003، سيتقاعد في 29 سبتمبر 2012. وتشير سيرته إلى أنه قاد لواء مشاة، ولواء مشاة آلياً، وفرقة مشاة، كما شغل منصب المدير العام لـ”كلية القيادة والأركان”. وفي 2001- 2002، وبرتبة “بريغادير”، تولّى قيادة القوة الباكستانية وقيادة قطاع تابع للقوة الدولية في “سييرا ليون”. وفي أكتوبر 2007، قدّم الرئيس مشرّف طلباً إلى أمين عام الأمم المتحدة “بان كي مون” لإعفاء “باشا” من منصب المدير العام للعمليات العسكرية في القوة الدولية ليصبح ممكناً تعيينه في منصب “المستشار العسكري، دائرة عمليات حفظ السلام، في مقر الأمم المتحدة” بدلاً من الجنرال النروجي “بير أفني فايف”. وقد أعلن مكتب الأمين العام للأمم المتحدة فعلاً عن هذا التعيين، ولكنه لم يُنفّذ في الواقع.
علاوة على إبعاد اللفتنانت جنرال “نديم تاج” من قيادة “جهاز الإستخبارات المشترك” ISI، فقد تجاوزت المناقلات الجنرالين (بنجمتين) في جهاز الإستخبارات المسؤولين عن التنسيق مع الجماعات الإسلامية وعن الشؤون السياسية الداخلية، وهما “الميجور جنرال آصف أختر” و”الميجور جنرال نصرت نعيم” اللذين حُرِما من الترقية. وقد سُمِح للجنرالين بالبقاء في الجيش إلى حين إستحقاق ترفيعهما إلى منصب “ميجور جنرال”، ولكن لم يتضح ما إذا كان سيظلان يعملان ضمن جهاز الإستخبارات المشترك. وحُرِمَ من الترقية كذلك “الميجور جنرال محمد صدّيقي”، الذي كان يعمل في “مكتب المحاسبة القومية”، وكان مسؤولاً عن دعاوى الفساد ضد بنازير بوتو وآصف رزداري. وتعني هذه التغييرات أن الجنرالين كياني وباشا سوف يعيّنان الجنرالات المقرّبين منهما في المناصب العملياتية الحسّاسة.
يُعتَبَر الليفتنانت جنرال “باشا” عسكرياً محترفاً على مستوى رفيع، وقد أشرف خلال العامين الماضيين على العمليات العسكرية المستمرة ضد الجماعات المرتبطة بــ”طالبان” في “المناطق القبَلية الخاضعة لإدارة فيدرالية” وفي بعض أنحاء “مقاطعة الحدود الشمالية الغربية”. وبصفته المدير العام للعمليات العسكرية، كان “باشا” مسؤولاً عن إطلاق وتنفيذ جميع الضربات العسكرية الكبرى في المنطقتين، وآخرها الهجوم على مواقع المتطرفين الدينيين في “وكالة باجور القَبَلية”. مع ذلك، يُذكر أنه أثناء عمله كمدير عام للعمليات العسكرية، فإن الجيش الباكستاني بدأ، لأول مرة، في توفير تدريب على “مكافحة التمرّد” للضباط والجنود المقرّر توجيههم للقتال في “مناطق الطالبان” في غرب البلاد.
والواقع أن “شجاع باشا” يتمتع بسمعة طيبة في البنتاغون. وبصفته المدير العام لجهاز الإستخبارات المشترك، فإنه سيتعامل مباشرةً مع “السي آي أي” بخصوص تصميم واشنطن على وضع حدّ لهجمات “طالبان” و”القاعدة” على أفغانستان، ولكبح قدرة المتطرّفين على التخطيط لشن هجمات إرهابية كبرى ضد الولايات المتحدة بفضل الأمان والسرّية اللتين تتيحهما لهم المنطقة القبَلية الخارجة على سلطة الحكومة. وفي أغسطس 2008، رافق “باشا” الجنرال أشفاق كياني إلى اجتماع سري، غير مألوف وغير مسبوق، بين القيادة العسكرية العليا في باكستان وكبار القادة العسكريين الأميركيين، بما فيهم رئيس هيئة الأركان المشتركة الأدميرال “مايك مولين”، وذلك على متن حاملة الطائرات “أبراهام لنكولن”. وقد تسلّم “باشا” مسؤولياته الجديدة أثناء تصاعد التوتّر بين الولايات المتحدة وباكستان. ففي مطلع سبتمبر 2008، اجتازت قوات “عمليات خاصة” أميركية الحدود من أفغانستان إلى وزيرستان لشن غارة ضد عناصر “القاعدة” الذين يوفّرون معظم الدعم التقني والإستراتيجي لمقاتلي “طالبان”. ودفعت الغارة الأميركية الجنرال كياني للإعراب علناً عن تنديده بخرق الولايات المتحدة لسيادة باكستان، مضيفاً أن باكستان ستدافع عن حدود أياً كان الثمن.
لكن “شجاع باشا” ليس المستفيد الوحيد من المناقلات التي أجراها الجنرال كياني الذي يعتقد كثيرون أنه عيّن فريقاً جديداً من أجل تنفيذ رؤيته التي تشمل تحسين سمعة القوات المسلحة وتعزيز أمن الدولة. وتشمل التعيينات المهمة “الليفتنانت جنرال طاهر محمود” الذي انتقل من قيادة “مجموعة الخدمات الخاصة” إلى قيادة الفيلق 10 (الحاسم الأهمية في الجيش الباكستاني) في “روالبندي”؛ و”اللفتنانت جنرال شهيد إقبال”، الذي عُيّن قائد الفيلق 5 في “كراتشي”؛ و”الليفتنانت جنرال محمد يوسف”، الذي سيتولى قيادة الفيلق 13 في “بها والبور”. كما تم تعيين “اللفتنانت جنرال مصطفى” رئيساً لهيئة الأركان العامة بدلاً من “اللفتنانت جنرال صلاح الدين ساتّي”. وتم استبدال قادة الفيالق في “روالبندي” و”كراتشي” و”غوجرانوالا”. فالجنرال “طاهر محمود” عُيّن قائداً لفيلق روالبندي، محل “الليفتنانت جنرال محسن كمال”، الذي تم تعيينه “سكرتيراً عسكرياً” في مقر هيئة الأركان العامة.
كذلك، تم تعيين “الليفتنانت جنرال إحسان أزهار حيات”، الذي كان قائدا لفيلق كراتشي، مفتّشاً عاماً للتدريب والتقييم في مقر قيادة الجيش. وانتقل القائد السابق لفيلق “بهاوالبار”، “الليفتنانت كولونيل رضا محمد” إلى منصب المدير العام المشترك في هيئة الأركان العامة. وسينتقل “الليفتنانت جنرال محمد زكي” من منصب المدير العام للمشاة إلى منصب المفتش العام للسلاح في القيادة العامة. أما “الليفتنانت جنرال جاويد ضيا”، نائب رئيس الأركان العامة فسوف يعيّن في منصب آخر في القيادة العامة. وسيتم تعيين “الليفتنانت جنرال زاهد حسين في منصب مساعد عام في القيادة العامة. وكذلك “الليفتنانت جنرال محمد مصطفى”. أما “الليفتنانت جنرال تنوير طاهر” فقد عين مسؤولاً عن الإتصالات في القيادة العامة. وأخيراً، فقد تم تعيين “الليفتنانت جنرال عياز سليم رانا” في منصب “رئيس شركة تكسيلا للصناعات الثقيلة”.
amir.mir1969@gmail.com
• لاهور