“فيما يلي ملخص لمقابلة أجراها لي سميث مع زميل معهد واشنطن ماثيو ليفيت حول العمليات الداخلية لـ «حزب الله» والامتداد الدولي لـ الجماعة.”
قبل ستة أعوام اغتيل قائد «حزب الله» عماد مغنية عند تفجير مسند الرأس في سيارته في دمشق. وبينما لا تنفي المخابرات الإسرائيلية مشاركتها في عملية الاغتيال كما لا تؤكد ذلك، إلا أنه يُعتقد عموماً أن “الموساد” كان مسؤولاً عن موته. وحتى الآن لا يوجد ثمة قصور من جانب أجهزة الاستخبارات الغربية، وكذلك العربية التي أرادت بوفاة مغنية – بما في ذلك “وكالة المخابرات المركزية” الأمريكية، بعد أن قام إرهابيون من «حزب الله» باختطاف مدير مكتبها في بيروت وليام باكلي وتعذيبه وقتله عام 1985. وعلاوة على ذلك، كان مغنية المسؤول عن التفجير الذي وقع في السفارة الأمريكية في بيروت في نيسان/أبريل 1983 الذي أودى بحياة 17 أمريكياً، فضلاً عن تفجير ثكنات “المارينز” في تشرين الأول/أكتوبر من ذلك العام الذي قتل فيه 244 من مشاة البحرية الأمريكية والبحارة والجنود والملاحين الذين يعملون في سلاح الطيران. وكونه مؤسساً ومديراً لجهاز الإرهاب التابع لـ «حزب الله»، فقد خلّف مغنية سلسلة طويلة من الدماء في جميع أنحاء العالم. وحتى بعد مرور ست سنوات على وفاته، لا تزال شرعية الخوف والرعب التي تركها مغنية قائمة، فقد قام «حزب الله» مؤخراً بتخطيط عملياته في العديد من القارات، بما في ذلك أوروبا وآسيا وأفريقيا.
وللحصول على فكرة أفضل عن قدرات «حزب الله» وأهدافه، تحدثتُ مع مسؤول سابق في وزارة الخزانة الأمريكية وزميل فرومر- ويكسلر ومدير برنامج ستاين للإستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى حالياً، ماثيو ليفيت.
والسيد ليفيت، الذي تحدث عن «حزب الله» في ندوة عُقدت في الأسبوع الثاني من شباط/فبراير برعاية “مشروع إسرائيل”، هو مؤلف الكتاب الذي نُشر مؤخراً: “«حزب الله»: البصمة العالمية لـ «حزب الله» اللبناني”، الذي يحتوي على أكثر التقارير شمولاً عن حملة الإرهاب الدولي التي تقوم بها الجماعة.
لماذا يتم التركيز على أنشطة «حزب الله» في الخارج بدلاً من أنشطته داخل لبنان، حيث يعمل كمنصة أمامية لجمهورية إيران الإسلامية في شرقي البحر الأبيض المتوسط؟
هناك فجوة كبيرة في معرفتنا بأنشطة «حزب الله» الإجرامية والإرهابية في جميع أنحاء العالم. إذ يعتقد الكثير من الناس أنه جماعة إرهابية قامت بالكثير من الأشياء السيئة منذ فترة طويلة، مثل تفجيرات السفارة الأمريكية وثكنات مشاة البحرية في بيروت؛ أو تفجيراتها للسفارة الإسرائيلية في بوينس آيرس عام 1992، وبعد ذلك تفجير “مركز الجالية اليهودية” هناك عام 1994 ؛ وتفجير بانكوك عام 1994، ومحاولة اغتيال أمير الكويت في أيار/مايو 1985. ويعتقد الناس بأن تلك كانت أحداث متفرقة، أو جهود بُذلت من قبل أفراد مارقين، أو أحداث ماضية وأن «حزب الله» هو الآن حزب سياسي لبناني في المقام الأول.
ما الذي فاجأك بصورة أكثر أثناء بحثك؟
لقد كان مدى امتداد «حزب الله» مفاجئاً بالنسبة لي، ولكن الأمر الأكثر مفاجأة هو نطاق أنشطة «حزب الله» في جنوب شرق آسيا. كنت أعرف عن المحاولة الفاشلة لتفجير السفارة الإسرائيلية في بانكوك عام 1994، لكنني تعلمت بأن هناك شبكتان مختلفتان في جنوب شرق آسيا تعملان في مجال الخدمات اللوجستية والعمليات في المنطقة (سنغافورة وتايلاند وأندونيسيا وأستراليا) وتهدفان أيضاً إلى إرسال عناصر للتسلل إلى داخل اسرائيل للقيام بأعمال مراقبة و/ أو تنفيذ العمليات. فقد وجد عميل ماليزي طريقه مرتين إلى إسرائيل خلال عام واحد دون أن يتم الكشف عنه. وقد تمكنتُ من تجميع القصة ليس فقط من الأستراليين والأمريكيين والإسرائيليين، بل من الفلبينيين والسنغافوريين أيضاً. والأمر الأكثر تعبيراً هو العملية المشتركة، التي حملت الأسم الحركي “الخطة المشتركة للخشخاش القرنفلي” التي أعقبت تعطيل مؤامرة بانكوك عام 1994، وشملت العديد من الوكالات الاستخباراتية من جميع أنحاء العالم. وقد تمكنتْ تلك الوكالات معاً من كشف خلية حصينة بشكل مزعج تابعة لـ «حزب الله» في جميع أنحاء المنطقة.
وهناك أيضاً المدى الذي تورط فيه «حزب الله» في الجريمة المنظمة، بما في ذلك العملة المزيفة وتزوير الوثائق، وحماية المسروقات بدءً من الهواتف الجوالة وحتى السيارات، ونقل عائدات المخدرات وغسلها. وبالطبع صلاته الأيديولوجية والعملياتية مع إيران المستمرة حتى الوقت الحاضر.
ومع ذلك لا يزال بعض خبراء «حزب الله» يقللون من أهمية العلاقة العسكرية مع إيران.
لم تختفي مطلقاً فكرة تصدير الثورة – وبالنسبة لـ «حزب الله» هذا سبب من أسباب وجوده. فهم يرون أننا إذا لم نحترم التزامهم تجاه ولاية الفقيه، فنحن لا نفهمهم. ووفقاً لما أوضحه برلماني تابع لـ «حزب الله»، لو أمره الإيرانيون بأن يطلّق زوجته لفعل ذلك.
أو يمكننا أن نتساءل، لماذا يستهدف «حزب الله» السياح الإسرائيليين، على سبيل المثال، في قبرص وبلغاريا، حيث قام بقتل 5 إسرائيليين في صيف عام 2012 ؟ الأمر ليس له علاقة تُذكر بلبنان – لكنه يرجع في جزء كبير منه إلى أوامر إيران. لا أعتقد أن «حزب الله» يشعر بالقلق من احتمالات توصل الإيرانيين إلى اتفاق شامل مع البيت الأبيض يضرب طموحات «حزب الله» عرض الحائط.
لريتشارد أرميتاج تصريح شهير يقول فيه إن «حزب الله» هو “الرقم ١” في الإرهاب العالمي. ما هو تصنيفك للحزب بالنظر إلى تنظيم «القاعدة»؟
لم يعجبني مطلقاً مصطلح “الرقم ١” لأنه قلل من شأن تنظيم “القاعدة”. فـتنظيم «القاعدة» والمنظمات التابعة له يمتلكون القدرات ويمثلون خطورة. لكن لدى «حزب الله» قدرات أمنية عملياتية وأخرى لمكافحة التجسس أفضل بكثير من الآخرين. ونظراً لعلاقته مع إيران، ولاستطاعته الوصول إلى أشياء مثل مفاتيح الاتصالات الدبلوماسية الإيرانية لإجراء اتصالات آمنة كما فعل على ما يبدو في الأرجنتين، فإنه يمتلك قدرات لا يمتلكها آخرون. إن «القاعدة» هي حركة عدمية بينما لدى «حزب الله» العديد من الأهداف – وفي المقام الأول تصدير الثورة الإسلامية.
ما الذي تَغيَّر بالنسبة لـ «حزب الله» منذ مقتل مغنية؟ ماذا عن بديله المزعوم، صهره مصطفى بدر الدين، الذي تجري محاكمته غيابياً في الوقت الحالي في لاهاي بتهمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عام 2005؟
لا يمتلك بدر الدين نفس المصداقية التي كان مغنية يمتلكها في الشارع، لكنه يعتبر خطراً جداً. فوفقاً لعضو في «حزب الله» تم استجوابه من قبل “جهاز الاستخبارات الأمنية” الكندي، إن بدر الدين هو “أكثر خطورة” من مغنية، الذي كان “معلمه في الإرهاب”. تذكّر، أن بدر الدين لم يخطط فقط لتفجير ثكنات مشاة البحرية وينفذها إلى جانب مغنية كما أفادت التقارير، ولكن تم سجنه بعد ذلك من قبل السلطات الكويتية لدوره أيضاً في سلسلة تفجيرات وقعت هناك.
ولا ينبثق التحدي الأكبر الذي يواجه «حزب الله» اليوم من إسرائيل في الجنوب وإنما من الثوار السوريين – المعتدلين والمتطرفين على حد سواء. لقد تضررت مكانة «حزب الله» بشكل حاد بصفته حامل لواء “المقاومة”، سواء داخل لبنان أم خارجه. فـ «حزب الله» لم يعد يمثل “المقاومة الإسلامية” الخالصة التي تحارب إسرائيل بل إنه ميليشيا طائفية ووكيل إيراني يقوم بتنفيذ ما يمليهما عليه بشار الأسد وآية الله علي خامنئي. إن إسرائيل ليست هي التي تقصف معاقل «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت أو وادي البقاع، بل هناك جماعات سنية متمردة هي التي تقوم بذلك.
ولم ينته «حزب الله» ويخرج من الساحة، ولكن لا يتعين عليك أن تكون رسّام خرائط لكي تعرف أن الطريق إلى القدس لا يمر عبر دمشق. وفي ظل الأخطار التي يواجهها نصيرهم في دمشق، فقد اندفع «حزب الله» إلى المعركة بكل قوته، وتكبّد خسائر فادحة في فترة قصيرة من الزمن. وهذا له تداعيات ضخمة لمكانته في لبنان. ومع الصبغة الطائفية المتزايدة التي يكتسبها الصراع، فهل سيغفر الشيعة في لبنان لـ «حزب الله» ويدعمونه بشكل تلقائي بسبب الطبيعة الطائفية للحرب؟ أو كيف سيخرج «حزب الله» من هذه الأزمة؟
ويكلي ستاندرد