<مرجعية واسعة الاطلاع: ضبط السراي الساعة على التوقيت السوري لعبة محفوفة بالمخاطر>
يقول أحد العارفين في الكواليس السياسية الميقاتية إن تمويل المحكمة الدولية يُشكّل مأزقاً حقيقياً لرئيس الحكومة، لكنه لا يشكّل العامل الحاسم في دفعه إلى الاستقالة من الحكومة، وإن كان ميقاتي يوحي في مجلسه الخاص بثقة أن التمويل في النهاية سيمر بشكل من الأشكال، من دون أن يكشف كيفية تحقيق ذلك في ظل استمرار الأمين العام لـ <حزب الله> مجاهرته برفض التمويل عبر آليات الدولة، وإقفال الأبواب الممكن النفاذ منها قانونياً لتأمين المَخرَج الذي سيُفضي إلى وفاء رئيس الحكومة بتعهداته الالتزام بالقرارات الدولية، ولا سيما تمويل المحكمة·
تلك القراءة تتمايز عن قراءة أخرى لأحد مستشاري ميقاتي الذي يؤكد دائماً بأن تمويل المحكمة خط أحمر، وعدم التمويل سيدفع برئيس الحكومة حتماً إلى الاستقالة· ومردّ هذا التمايز يعود إلى إدراك العارفين في الكواليس الميقاتية بطبيعة الوظيفة الإقليمية لرئيس الحكومة، والتي أتت به إلى سدة الرئاسة الثالثة· فدمشق، في لحظة التأزّم السياسي بينها وبين الرياض، عملت على مجيء ميقاتي، انطلاقاً من قناعتها بأنه يُشكّل نقطة تقاطع سورية – سعودية، في رسالة إلى المملكة مفادها أن القيادة السورية ليست في وارد القطيعة الكلية معها، ولو كانت في هذا الوارد، لسارت في خيار الرئيس عمر كرامي· وهي لم تحسم أمر تشكيل الحكومة الميقاتية إلا حين لفحتها رياح <الربيع العربي>، وبات وجود حكومة حليفة في بيروت ضرورة حيوية لها، ولا سيما مع دخولها واقع العزلة الدولية·
هذه الضرورة، أضحت اليوم أمراً مُلحاً، مع اشتداد الضغوط على النظام السوري من البوابة العربية، الأمر الذي يدفع إلى الاعتقاد بأن أولويات القيادة السورية تكمن راهناً في توفير السبل الآيلة لضمان بقاء الحكومة، ولو اقتضى الأمر الضغط على حلفائها لتمرير تمويل المحكمة الدولية· وقد حمل أكثر من حليف لسوريا، عقب زياراتهم دمشق، رسائل واضحة عن رهان الرئيس السوري بشار الأسد على الحكومة، وعلى شخص الرئيس ميقاتي·
لكن سلوك الأمور هذا المنحى سيصيب <حزب الله> في الصميم، الذي عليه أن يدفع ثمناً باهظاً إزاء جمهوره وصدقية أمينه العام، الذي كان في كل إطلالة تلفزيونية يُضيّق هامش المناورة، بحيث أضحت المعادلة غير المعلنة تتمثل بالآتي: <ميقاتي في مواجهة نصر الله>·
واستدراكاً بات السؤال المطروح: مَـنْ سيُسقط مَـنْ؟·
وعلى الرغم من الاقتناع الراسخ لدى المراقبين بأن نصر الله قادر – بما لديه من كاريزما إزاء قواعده وجمهوره – على امتصاص نتائج أي هزيمة سياسية، فإن قيادات تدور في فلك الرابع عشر من آذار تشكّك في إمكان أن يتحمّل <حزب الله> مثل هكذا هزيمة·
غير أن تعاظم التطورات في الملف السوري، وانكشاف دمشق عربياً بعد فقدانها غطاء الجامعة العربية، وانزلاق لبنان إلى المواجهة مع المجتمع العربي، وتالياً مع المجتمع الدولي، نتيجة خرقه لسياسة النأي عن ملف الأزمة السورية، ستنسحب على الواقع السياسي اللبناني، وعلى التوازنات الداخلية فيه· فأولى الشظايا أصابت رئيس الحكومة داخلياً وعربياً ودولياً، وضيّقت الخناق عليه· وهو خناق سيشتدّ عليه أكثر كلما اشتدّ على النظام السوري، وسيُشكّل العامل الذي سيدفعه إلى الاستقالة، بحسب العارفين في الكواليس السياسية الميقاتية· ففي رأي هؤلاء أن ميقاتي لن يتوانى عن الاستقالة لحظة التأكد من أن النظام السوري يترنح أو في طريقه إلى الهاوية، إذ عندها لن يعود في إمكانه أن يُغطي حليفه، أو يحول دون سقوطه، ولن يكون أمامه سوى تحمّل تداعيات هذا السقوط ونتائجه كلما تأخّر في الاستقالة·
تلك التحوّلات في البعدين العربي والإقليمي إزاء الأزمة السورية، والتي فاجأت وتيرتها المتسارعة والتصاعدية النظام السوري، كما حلفاؤه وحتى أخصامه، تدفع بمرجعية واسعة الاطلاع، وعلى تماس دقيق بتطورات الأوضاع الداخلية إلى التوقّع أن يستقيل الرئيس ميقاتي في وقت ليس ببعيد، قبل أن تجرف الأمواج العاتية الآتية من الحدود الشمالية رصيده السياسي في محيطة الطرابلسي المناوئ تاريخياً للنظام السوري ولحليفه الداخلي <حزب الله>، ويفقد ما تبقّى له من رصيد عربي ودولي، بعدما نجح، من خلال اتصالاته الدولية في الآونة الأخيرة، في أن يكسب بعضاً من الثقة في السياسة التي ينتهجها·
وتُدرج هذه المرجعية الاستقالة المتوقعة في خانة حسابات الربح والخسارة لميقاتي، فضبط ساعته على التوقيت السوري لعبة محفوفة بمخاطر القضاء على مستقبله السياسي بشكل نهائي، فيما الخروج المُبكر على توقيت ساعته، مستظلاً ملف تمويل المحكمة الدولية، لا يحفظ ماء وجهه ويصون مصداقيته وسط جمهوره السني والوطني فحسب، بل يحجز له مقعداً في المعادلة السياسية المستقبلية!·
rmowaffak@yahoo.com
كاتبة لبنانية
اللواء
معادلة ميقاتي بمواجهة نصرالله: مَنْ سيُسقط مَنْ؟
انني فقط اضحك من العنوان! حتما نصرالله سيسقط ميقاتي متى ماشاء الاول ولكن نصرالله سيتئذى اكثر وعموما وبعيدا عن الحسابات والتحالفات حيث لا لغة غير لغة السلاح الالهي هي السائدة الان اتعجب ممن يصف لبنان بدولة مؤسسات ديمقراطية مستقلة.