عندما أسمعهم يتحدثون عن الإله.. أتحسس محفظتي””
**
“لسنا عمالاً وعبيداً في “مزرعة/ جربة” عيال الشيخ، وفقهاء الأمة وجنرالات آل الأحمر السابقين واللاحقين (قالتها أمي عتيقة بعد صباح كابوسي أثر سماعها خطاب باسندوة وتبرعات الحكومة لجامعة القرآن الكريم).
وقالت اليمن مش مزرعة جالسين تقصقصوها من شق وطرف إلى مصب واحد لا ثاني له: “القبيلة والعسكر والفقهاء” ( وكلهم بالمناسبة “حمر” أو كما تسميهم عتيقة بلهجتها الصنعانية “مقصااااااااااات”).. فلأكثر من ستة عقود وهم يقاتلون من أجل ألأّ تكون هناك دولة. وإن ظهرت بوادرها، فيسارعون تحويلها إلى كهف برئاسة “عكفي” رعاياها في خدمة العكفة.
فالشيخ القبيلي المبطّن بالفقيه والعسكري لا يتصور دولة يترأسها مدني ولا يكون ولاؤه “شيزاً” في إتجاه “حصبة حاشد”، دولتهم / كهفهم : غزو، وقرآن، وقتل وثارات وقات، وبندق، و”برعة النصر”. بيئة منتجة للعكفة بكافة أشكالهم وأحجامهم. ذهنية لاتعرف من العلم إلا التحفيظ وفقه الوهابية، واقتصاد الجباية، و”مصروف الشقيقة” ومستشفى المشعوذ “العوبلي”، ولا طريق سوى طريق الدبابة والشاص والحمار. فالعلم العدو اللدود لمن يساوي بين الدولة والقبيلة، والمدينة والكهف، والجامعة وتحفيظ القرآن، والقلم وبندق القناصة.. وحيث المال والسلاح والدين السياسي يتدفق من “الشقيقة” وأخواتها، ومن الحكومة السابقة والحالية، تحضر بقوة فكر الكهف وصورته كمنظومة حياة. سلطة عنجهية مفرطة في العنف والطغيان ومحاربة القانون والمؤسسات ومواثيق حقوق الإنسان، وأمام كل ما يمت للإنسان الطبيعي بصلة.
**
ولذا، مش من حق أبوك يا حكومة تمنحي مكرمة المال وخزينة الدولة- التي هي في الأصل اسعافات وشحاتة ومعونات من دول العالم- لتعطيها لجندرمة “عكفة” القبيلة المبطنة بالدين والعسكر، وشعبنا مقتول في “أبين” و”صعدة”، و”رداع”، مقتول بالجوع بمرتبة “تحت خط الفقر”، نصفه يشحت ، ونصفه الآخر مهاجر ومجاهد في مواقع أنصار الله ورآيات التوحيد، ودور الحديث.. شعب معلول مسلول حاضن للجهل والمرض والفقر والسلاح والقات والدين وجامعات القرآن “المسيسة”. كل هذه المنظومة تريد أن تصفّي ما تبقّى من الشعب لتحويلهم كونتونات جهادية مرتزقة “قطيع”.
**
فليس من المعقول ياحكومة الوفاق أن تواصلوا ما بدأه علي صالح ونظامه الفاسد الذي ظل لأكثر من 33 عاماً يضخ أموال وخيرات البلاد بلا حساب له ولعائلته، ولبطانته. إذ لم يكتفوا بالنهب مع زعيمهم صالح، ها هم يحصدون ما تبقى من المزرعة. لم يكفهم آبار النفط، وخيرات البحار، والمياه الجوفية التي شفطوا مخزونها. لم تكفهم محطات الكهرباء، والبنوك، وشركات الإتصالات، والمساجد، والجامعات والمستشفيات، وكل مؤسسات الدولة، وأجهزتها الأمنية والعسكرية، والوزرات السيادية، بل البلع لآخر رمق.
ماذا بقي لم ينهبوه يا عبد ربه، ويا باسندوة؟ لم تتبقَّ سوى عظامنا التي طحنت في ما يسمى بالثورات والإنقلابات والثارات، وأشلاء سيبيعونها بالمفرق والجملة محلياً ودولياً وباسم الله والمسجد ونصرة الرسول..
**
مش من حق أبوك ياحكومة تتبرعي كل يوم بالملايين والمليارات والأراضي الشاسعة لسادة الجندرمة /البشمرجة! كان الأجدر بك منحها للبيوت الفقيرة وللمدارس الآيلة للسقوط، والمستشفيات التي تليق بالآدمية، أو لفتح متاحف الدولة المغلقة من سنين، أو لشق الطرقات، أو لعمار مساكن ضحايا الحرب في “أبين”، وتعمير “صعدة”، أو مساكن صغيرة للمهمشين الذين يسكنون العشش والصفيح في الجهة المقابلة لقصوركم.
**
استقيلي أيتها الحكومة أشرف لك، فقد أوجعتِ قلوبنا. فكل يوم تعملوا كارثة أكبر وأعنف من أختها. كوارثكم أصبحت عاهات مستديمة، إستقليوا قبل أن تلاحقكم لعنات التاريخ كما لحقت وتتلاحق بآل الأحمر السابقين واللاحقين، وقبل أن تحصدوا كراهية البسطاء. فكل يوم يكبر سور الكراهية لكم ولآل الأحمر –كما تسميهم عمتي عتيقة “مقصااااات”. أنزلوا بأنفسكم لتعرفوا حجم كراهية وحقد الناس لمن التهم لقمتهم وقوت أولادهم باسم المسجد والثورة والله، إنهم يسمونكم عصابة و”بف باف” اليمن..
**
ذلك المواطن الذي يمر بجانب قصوركم كل صباح ويرى العسكر يحرسون، محتاج قبل الدين لقمةً نظيفة وشيئاً يستر عريه، وأمناً يلملم خوفه.. هو متخم “واقش” بالدين ومنابر المساجد التي تتصارع ميكرفونهاتها من أجل الله.. إنهم يحولون الدين والله والقرآن والنبي إلى غنيمة كما يفعلون بالمزرعة /اليمن: (الأرض والإنسان).
فالله ليس محتاجاُ في بلد المجاعات أن يًحتفى به بسرقة لقمة جائع ومشرد.. مقصااااات الدين عبر تلك الجامعات والأموال المكروعة سيواصلون تكفيرنا وسيغتالوننا كل يوم. انهم يلغمون الدرس، والتعليم ويغلقون المتحف بعد أن تنتهب مخطوطاته ومحتوياته، يغلقون المعمل ويصادرون الكتاب ويلاحقون الناشطين والناشطات بتهمة الردة، سيجاهدون بنا وعلينا، وسيقمعون حريتنا، وسيمنعون كل طقس ديني لا يدخل في دين الإسلام السياسي النفطي، كما حدث للإسماعليين، وحلقات التصوف..
أيتها الحكومة العابثة والضالة: المواطن اليمني هو مسلم ومؤمن وعلى الفطرة، لا معه أب يمجّسه، ولا أم تهوّده، ولا خاله توثّنه ، ولا جد يدخله الجاهلية الأولى. هو إنسان يريد أن يكون مواطناً ويكفيه استعادة الأموال المنهوبة لأن يحيا بآدمية وكرامة.
**
مرة أخرى: مش من حق أبوك يا حكومة تسفحي الأراضي والأموال لغيلان الدين لبناء جامعة القرآن وقبلها جامعة الإيمان وو..الخ ، وأنت تدركين أنها ليست جامعة للقرآن كالجامع الكبير، أو جامعة كالزيتونة والأزهر، ولكنها ألغام كاسحة لكل مختلِف ومغايِر في فكره ودينه، وثقافته على أساس الهوية الدينية والمذهبية (الوهابية)، إنها جامعات ومراكز تصدّر الإرهاب باسم الله لا تختلف عن “دماج”، و”دار الحديث” وو..الخ. تعرفون أنها معامل لتقديمنا قرابين للحسبة والإستتابة.
فأنتم لا تفعلون مثل شقيقتكم السعودية، المصنع والمصدر الرئيس للإرهاب، عندما تنفق من ثروتها أكثر من 75 مليار دولار خلال 20 سنة لنشر العقيدة الوهابية في العالم، لكنكم أنتم تنفقون من الشحت باسمنا لتكفيرنا، وسد رمقنا بالخرافات باسم الدين، وجعل حياتنا مغلولة للقبر والإستشهاد.
فاعقلي أيتها الحكومة، فاليمن ليست مدنسة، ولا وثنية أتيتم بها من أدغال أفريقيا كي تحددوا هويتها بأرض الأطهار، كما فعل الدين الوهابي بباكستان على أساس هويتها الدينية، لتصبح بلد الدم بامتياز، بينما الهند تتطور بالحريات والديمقراطية والعلوم والتكنولوجيا وتنوع الأديان والثقافات؟
فهل الله هو موجود في باكستان الدم والموت أم أنه موجود في الهند حيث تعدد الديانات، وتقدم العلوم والطب والفن في خدمة البشرية؟
**
اليمن بلد التطرف والإرهاب بامتياز بحسب التقارير الدولية، لا كما علمونا في الساحة “يا صالح ما فيش عندنا إرهاب”. إن الإرهاب يسري في دمنا، ،سيلاناته تتدفق من تلك المساجد الوهابية ومن كل حرف في المدرسة خصوصا المدارس الحكومية.. ليحوّلونا شعوبا وقبائل لنتناحر، وليس لنتعارف، نتقاتل حتى أخر قطرة دم من رأس “أحمد سيف حاشد”** ورأس كل اليمنيين. فالدم من رؤوسنا والحجر من الجامعات الدينية الوهابية بمكرمة الحكومة أي ، الـ”مقاصاااااااااااااااات” ..
ولا كيف تشوفووووا
• الحكومة اليمنية تتبرع ب100مليون ريال لبناء جامعة للقرآن، والرئيس هادي تبرع بـ”خمسة مليون، وباسندوة رئيس الوزراء بـ”مليوني ريال.
• البرلماني أحمد سيف حاشد قاد الإعتصام والإضراب عن الطعام عند مبنى رئاسة الوزراء لثلاثة أسابيع، لإنقاذ جرحى الثورة، تعرض لمحاولة اغتيال الأسبوع الماضي، يرقد الآن بالمستشفى .
arwaothman@yahoo.com
كاتبة يمنية – صنعاء