ملخص تنفيذي
ثمة دوْران بارزان من المحتمل أن يرثهما قريباً رجل الدين الإيراني ورئيس السلطة القضائية السابق محمود الهاشمي الشاهرودي (من مواليد عام 1948)، هما دور “المرشد الأعلى المقبل للجمهورية الإيرانية” ودور “السلطة الدينية العليا للشيعة”. ومما يسهل احتمال حدوث ذلك هو تقدّم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي في السن حيث أنه في السابعة والسبعين من عمره، شأنه شأن آية الله علي السيستاني الذي يقيم في العراق ويبلغ من العمر السادسة والثمانين، ويعتبر السلطة الدينية الأكثر تقليداً بين الشيعة.
وفقاً للتقاليد الشيعية، ينتمي الشاهرودي إلى نظام يسمح لعدد من آيات الله العمل بشكل مستقل دون أي صلة بمؤسسة ما أو أي تعاون معها. وقد ينطبق مصطلح “الخلافة” على الباباوات الكاثوليك، إلا أنه غريبٌ على الشيعة. فثروة المرجع (مقام عادة ما يعادل مرتبة “آية الله العظمى”) وأصوله المادية إلى جانب مزاياه الرمزية كالمكانة الاجتماعية، لا تنتقل إلى أي خليفة محدد، بل أن مساعدي المرجع المتوفي هم الذين يختارون ما بين الاستمرار بتطبيق مراسيمه أو اختيار مرجع جديد من بين العديد من المراجع الذين لا يزالون على قيد الحياة. وهذا يفسر الفراغ الذي تخلفه وفاة مرجع ما والمنافسة المحتدمة التي تنشأ عنها لاستقطاب أتباعه. وإذا كان الشاهرودي سيجذب أتباع السيستاني بشكل أو بآخر، فسوف يكون له بذلك نفوذٌ واسع ليس فقط في إيران والعراق بل عبر الطوائف الشيعية في جميع أنحاء العالم.
وتعزى المكانة الفردية كذلك إلى مكتب المرشد الأعلى. وفي هذه السياق، يمكن مقارنة مكتب الخميني الديني التقليدي الذي كان أيضاً مكتباً سياسياً له، بمكتب خامنئي ذي النطاق الواسع والدرجة العالية من البيروقراطية بما يتضمنه من موظفين يفوق عددهم الأربعة آلاف شخص يتيحون له فعلياً إدارة الحكومة على المستوى الجزئي. لقد مارس كل من الخميني وخامنئي القيادة بأساليب مختلفة للغاية. ففي حين وصل الأول إلى السلطة بصورة طبيعية ودون منازعة وبشكل عفوي في مسار الثورة، جاء انتخاب الأخير بمثابة مفاجأة للكثيرين وبقيت مؤهلاته موضع شك. وفيما يتعلق بخواص الخلافة، قد لا يصل المرشد الأعلى التالي إلى السلطة وفق الإجراء المتبع، سواء أكان الشاهرودي أم غيره، الأمر الذي قد يشكل نقطة تحول في تاريخ الجمهورية الإسلامية.
ومن جهته، لم ينفك خامنئي يبيّن من خلال خطاباته وتصريحاته وممارساته تفضيله لخلَفٍ يتبنى نهجه الثوري إزاء القيادة الوطنية عوضاً عن التوجه نحو سياسات عقلانية استرضائية ودبلوماسية ودية. وثمة إمكانية أن يسعى إلى ضمان تطبيق تفضيلاته الإيديولوجية عبر الاستقالة، إما رسمياً أم غير رسمي، وتعيين خلف له وإشرافه شخصياً على العملية الانتقالية.
ويعرض الإصدار المرفق لهذا البحث باللغة الإنجليزية صورة شاملة عن المرشد الأعلى المحتمل، محمود الهاشمي الشاهرودي، بدءاً من تربيته وتعليمه في مدينة النجف في العراق وحتى مشاركته السياسية وانتقاله إلى إيران بعد الثورة الإسلامية. ويولي البحث اهتماماً خاصاً للأساليب التي أقدم الشاهرودي من خلالها على خطوة انتهازية حين غيّر هويته من زعيم منفي للمعارضة العراقية إلى أحد أنصار آية الله علي خامنئي. وفي السنوات العشر التي شغل خلالها منصب رئيس السلطة القضائية حتى عام 2009، خيّب الشاهرودي آمال كل من انتظر منه تحييد القضاء الإيراني عن السياسة. وعلى العكس من ذلك، تميز جهازه القضائي بكونه أحد الأنظمة الأكثر وحشية واستبداداً في العالم. وفي الوقت نفسه، تنامى توجهه المحافظ في مواقفه الدينية.
وبالنظر إلى رجال الدين الإيرانيين الآخرين الذين ازداد توجههم المحافظ في الدين، فيما تنامى نفوذهم في السياسة في الوقت نفسه – وتحديداً خامنئي – فإن النتيجة بديهية، ألا وهي استبداد مطلق باسم الله.
مهدي خلجي هو زميل “ليبيتزكي فاميلي” في معهد واشنطن.