ثلاثة كتب يجمع بينهما خيط واحد لا يكاد ُيرى، لأنه خيط للنفى وليس للإثبات. فبينما تعود العقل العربي على البحث عن مطالعات تثبت له ما استقر لديه من أفكار عن نفسه وعن العالم؛ فإن هذه الكتب الثلاثة لقمينة بخلخلة تلك القناعة الموروثة، والتي تزعم أننا مركز الوجود، وسقف معرفته. ولأن تلك الخلخلة تنبنى – كما سنرى – على أسس معرفية موضوعية، لا سبيل الى إنكارها، فمن المؤكد، أو بالأقل من المرجح، أن يكتسب العقل العربي بفضلها مزية التواضع، وربما يعمل من ثم صادقاً على الإنعتاق مما يعرف في علم النفس الاجتماعي الحديث بمركزية الذات القومية Ego-National Centrism المفضية بالضرورة الى الشوفينية السياسية، من باب التمجيد المرضى للنفس، وكراهية واحتقار الآخر المختلف، مما يؤدى في النهاية الى الصدام والحروب وتكريس الفرقة بين البشر، وهو اتجاه يسير عكس اتجاه ركب الحضارة والحياة نفسها، اتجاه مدمر ليس حسب للآخرين ، بل وللذات أيضاً في نهاية المطاف.
فإلى هذه الكتب إذن، لعلنا نطالع فيها ما يحرضنا على تقليص تلك النزعة المدمرة.
البوشيدو: المكونات التقليدية للثقافة اليابانية
تأليف: إينازو نيتوبى
ترجمة: د. نصر حامد أبو زيد
الناشر: دار سعاد الصباح – القاهرة / الكويت 1963 .
يذكر مترجم هذا الكتاب. في مقدمته الضافية، أنه عثر على ترجمة سابقة له عام 1938قدمها مختار جمعه نقلا عن الفرنسية، شاكياً فيها من غياب أية مصادر للثقافة اليابانية، تساعد الباحثين على فهم معتقدات ومناهج الأمة اليابانية في التعامل مع الذات ومع الآخرين ويستدل نصر أبو زيد من مرور ترجمة مختار جمعه هذه مرور الكرام طوال هذا الوقت، على استمرار هذا الغياب، بالرغم من وجود الدوافع الملحة لتجاوزه، وعلى رأسها تشابه المكونات العميقة للعقلين العربي والياباني فيما يتعلق بالتمسك الشديد بالتقاليد، إضافة الى تساوق الفترتين الزمنيتين اللتين بدأت فيهما النهضة لدينا ولديهم، مستثيراً – هذا التساوق – سؤالاً مؤلماً بالنسبة لنا: لماذا نجحت النهضة فى اليابان وأخفقت لدينا؟
والحق أن مقدمة المترجم نصر أبو زيد، وآلتي تجاوزت الخمسين صفحة، حاولت أن تجيب على هذا السؤال الهام والمؤلم، مستخدمةً في ذلك منهج النقد الذاتي لثقافتنا العربية، جنباً الى جنب المنهج السوسيولوجي، الرابط بين الثقافة والاقتصاد والسياسة، في تحليل ما أصبح معروفاً باسم المعجزة اليابانية.
في هذا السياق يقارن أبو زيد مفهوم “الخصوصية” المزعوم عندنا، بمقابله لدى اليابانيين، ويضرب مثلا على ذلك باللغة. إن يوماً تقضيه مع التليفزيون الياباني ليجبرك على تعلم اللغة اليابانية (ومن هنا جاءت الترجمة الأخيرة من جانب نصر أبو زيد عن اليابانية، وليس عن الفرنسية أو الإنجليزية) فاليابانيون يدبلجون الأفلام والمسلسلات والمسرحيات الأجنبية ليربطوا الأذن الوطنية بلسانها الوطني طوال الوقت، في حين يسعى العرب الى اللغة الإنجليزية في لهجتها الأمريكية، بكتابة حتى أسماء شركاتهم ومحلاتهم بالأحرف الأجنبية متوهمين أنهم بذلك يركبون في نفس قطار الغرب السريع! وبينما تقود الخصوصية اليابانية إلى تكريس مفهوم “العائلة” بمعنى التأليف الاجتماعي على أسس الأنثربولوجيا الثقافية الذي يميل الى تكوين مجتمع لا طبقي، فإن ذات المفهوم لدى العرب ُيبنى على مبدأ أيديولوجي مضلل، خذ مثلا ما طرحه السادات من أن “العائلة” المصرية ينبغي عليها أن تنبذ الحقد الطبقي، وأن تقبل بالتصاعدات الرهيبة في دخول الأغنياء مقابل التآكل المرعب في أرزاق الفقراء، ما دام المليونيرات الجدد يرصعون عمائرهم الشاهقة بالآية الكريمة : هذا من فضل ربى. وبمثل هذا التضليل الأيديولوجي استطاعت طبقة الانفتاحيين أن تباعد بين الدين ومقاصده وغاياته ، ومثله العليا، وبين المسيرة الثقافية الشعبية ، حيث انجرفت هذه الأخيرة الى تيار يكتفي من الدين بالطقوس الشكلية ، ترصيعاً للجباه بعلامات، وتغطية للرؤوس بأقمشة ذات دلالات محض سياسية.
مبدأ العائلة لدى اليابانيين مسألة مختلفة. يقول المفكر الياباني يوكاوا هايديكى في كتابه “نزعة الحداثة في الحضارة الغربية وخصوصية الثقافة اليابانية”.
“أن نجاح أية دولة في زرع المعتقدات، يعتمد على درجة استعداد الناس لقبول هذه المعتقدات دون مناقشة لأنهم بمثابة الأرض التي يراد زرع هذه المعتقدات فيها”.
فما الذي جعل الشعب الياباني يتقبل – دون مناقشة – أيديولوجية دولة العائلة؟
للإجابة عن هذا السؤال، فإن المترجم/ المفكر يستبعد فكرة العزلة الجغرافية، التي تؤدى الى التجانس الثقافي، فاليابان مثلها مثل الصين تعرضت لموجات من الهجرة عديدة، فضلا عن التأثيرات الثقافية الوافدة كالكونفوشيوسية الصينية والبوذية الهندية. وكذلك يستبعد فكرة المعتقد الياباني الأصلي ذاته “الشنتو” لأنه عقيدة مفتوحة، وليست عقيدة منغلقة كاليهودية. ومن ناحية رابعة فإنه لا يكتفي بتفسير المستشرقين الذي يركز على انطوائية الشخصية اليابانية إزاء الغرباء، باعتبار أن هذه النزعة تصدق على كل الأجناس، بيد أنها لا تصلح لإجراء الفصل “بين تلك الأجناس، وتلك الفكرة الأخيرة التى ركز عليها سيد قطب ليدعو الى رفض الغرب جملة وتفصيلا.
غير أن المترجم يعود فيقرر أن كل تلك العوامل مجتمعة قد أنجزت – بفضل الجهد الإنساني الثقافي – نسقاً فسيحاً متسامحاً من العقائد، نسقاً أشبه بمثلث أضلاعه الشنتوية، والكونفوشية، والبوذية، وهى معاً تشكل مفاهيم “البوشيدو” تلك التي يشرحها د.نيتوبى في كتابه الذي نعرض له الآن.
فما هو البوشيدو هذا؟ إنه القانون غير المدون الذي حكم حياة نبلاء اليابان في العصر الإقطاعي. وهو بذلك يشبه عرف الفروسية الأوربية. فهو مجموعة الأعراف التي آمن بها فرسان اليابان (الساموراى) وأورثوها الشعب من خلال وسائط القدوة والإعجاب والاحترام. أما مصادر هذه الأعراف، فيقول المؤلف إنها البوذية التي تبث أحاسيس الوداعة والثقة بخيرية الأقدار، وخلقت في النفوس مشاعر الاستهانة بالموت. ذلك هو المصدر الأول البوشيدو، أما المصدر الثاني فهو تعاليم الحكيم الصيني كونفوشيوس التي تقر بالعلاقات الوديعة الحسنة بين الحاكم والمحكوم، وبين الأب وأبنائه، والزوج وزوجه، والأخ بأخيه، وهى مبادئ لم ُتخلق من عدم، بل هي أكدت أوضاعاً كانت مقررة فعلاً عند اليابان، إنما للكونفوشيوسية الفضل في رفعها الى مستوى القانون غير المكتوب، والذي يعاقب من يجترحه بالازدراء والنبذ من سائر أعضاء الجماعة.
أما المصدر الثالث – والأحق بأن يكون الأول – فهو عقيدة الشنتو اليابانية الأصل. فهي التي قدمت لليابانيين ما لم تقدمه البوذية أو والكونفوشية، من حيث التركيز على علاقة المرء بالطبيعة الحية، والإخلاص التام لذكرى الأسلاف، والتضامن الأسرىّ بغير حدود، أضف الى ذلك الإيمان بفطرة خيّرة يولد بها البشر. وعلى عكس المسيحية، الشنتو لا تؤمن بالخطيئة الأولى التي هبطت بالبشر من الفردوس الى الأرض، فالروح الإنسانية تقترب في طهارتها من روح الآلهة. ومن هنا تنظر تلك العقيدة نظرة الاحترام والتقديس لروح الإنسان، إذ الفضائل جميعاً تنبع منه. وهو بالتالي ليس في حاجة الى تعاليم تأتيه من خارجه لكي يتعرف على الأخلاق الحميدة. يقارن المؤلف بين الإغريق الذين يرفعون عيونهم الى السماء حين يتعبدون، وبين الياباني الذي ينظر الى أعماقه هو ليتأمل، يبحث فيها عن الخير ليفعله، متجنباً الشر الذي يأتيها من خارج. ويقارن المؤلف ثانية ما بين العاطفة النابعة من الذات تجاه الوطن والدولة، وبين الأدب العبري الذي يصعب على المرء أن يلحظ فيه الفرق بين إيمان اليهود بالإله وبين فكرة المصالح المشتركة. حب الياباني لوطنه ودولته أساسه “رواقي” أما اليهود فعقيدتهم براجماتي نفعية بحتة، لدرجة أنهم مستعدون للتخلى عن إلههم ذاته، إذا كان في ذلك نفع لهم. وبالنسبة لليابانيين فانهم لا يفكرون مجرد تفكير في فرض عقيدتهم على غيرهم كما تفعل المسيحية (هكذا يقول المؤلف، وربما هو يعنى بذلك مبدأ التبشير المسيحي) وإنما هم بموجب عقيدة الشنتو معنيون بالدرجة الأولى والثانية والعاشرة، بالتزود ببرنامج للحياة يعتمد على الاستقامة والبساطة والتسامح الحقيقي، وليس التسامح المُدَّعَى.
ويواصل المؤلف عرضه لمبادئ البوشيدو التي يتمحور حولها العدل والاستقامة، وتتصل بها قيم الشجاعة وروح الجسارة، والقدرة على تحمل المتكاره دون تذمر ولا شكوى، مستعيراً قول نيتشه الذي تصوره يخاطب فؤاد الساموراى المحارب “عليك أن تحترم عدوك. فيكون نجاحه وانتصاره نجاحاً لك أيضاً” فهل يفسر هذا ما صنعته اليابان حين هُزمت أمام أمريكا، فلم تتذمر وإنما انطلقت بجانب المنتصر لتحقق انتصارها الخاص في الميدان الاقتصادي. بما جعل الأمريكيين يقفون مشدوهين، يكادون ألا يصدقوا ما يشاهدونه؟ لعل ذاك الذي جرى إن هو إلا نتاج إيمان هذا الشعب بمنظومته القيمية والأخلاقية إيماناً لا غش فيه.
يروى المؤلف – في هذا السياق – قصة أبوين قبلا أن يفتديا طفلاً كان رأسه مطلوباً لحاكم ظالم، فقبلا افتداءه بطفلهما دون تذمر. وقد تبدو هذه القصة شبيهة بقصة فداء إسماعيل. والفارق أن النبي إبراهيم عمد الى ذبح فتاه امتثالاً لأمر الرب، أما الأبوان اليابانيان فقد فعلاها استجابة لنداء الواجب الإنساني الذى حتم عليهما إنقاذ طفل من براثن طاغية أراد له ألا يكبر فيقتص لشعبه المظلوم. والمغزى هنا واضح فخير الجماعة مقدم على خير الفرد، دون انتظار لشكر أو مثوبة.
وعلى هذا النحو يمضى د.إينازو نيتوبى شارحاً ومفصلاً عناصر تلك العقيدة “الإنسانية” التى التزم بها أصحابها، متمثلين فضائلها – بما فيها اللجوء إلى الانتحار حال الهزيمة، أو خشية ضياع الشرف – إلى درجة التطابق بين الأقوال والأفعال. وليس ببعيد عنا ما قرأناه مراراً وتكراراً عن أنباء انتحار وزراء ومسئولين كبار، استنقاذاً لشرفهم من السقوط فى هوة العار والمذلة نتيجة أخطاء ارتكبوها، وسببت أضراراً للشعب.
والحق أن هذا كله جميل، ومفهوم، يبد أن المؤلف – وهو فيما يبدو لا يرى فى الشخصية اليابانية إلا ما هو إيجابي – تراه يطالب المرأة اليابانية بأن تتمسك بالتقاليد التى تجعل منها شبه تابع للرجل، بزعم أنها ُخلقت هكذا وان رقتها “الطبيعة” تحتم عليها طاعة الرجال داخل البيت وخارجه، وهى حجج تشبه الحجج التى يروج لها أصحاب الأيديولوجيات المرتكزة على قيم المجتمعات الذكورية. وليس هذا بغريب على مؤلف غارق الى أذنيه فى غرام شعبه، إلى درجة ألا يرى فيه عيباً. فهو يضرب صفحاً على الفترة التى ظهرت فيها الفاشية العسكرية اليابانية فى الثلث الأول من القرن العشرين، بالتوازي مع ظهور الرأسمالية الصناعية، مما وسع من نطاق الحرب العالمية الثانية، لتنتهى هذه الحرب بالقنابل الذرية تسقط على رؤوس المدنيين من شيوخ وأطفال ونساء فتبيدهم بمئات الألوف.
ورغم هذا النقص الواضح فى رؤية المؤلف السياسية، فإن الكتاب جدير بأن ُيقرأ، لما يقدمه لنا من صورة بانورامية حية لثقافة شعب عظيم، وددنا لو أحرزنا بعض نجاحاته فى الميادين الاقتصادية والسياسية والعلمية والفنية.
*
• العرق والتاريخ
المؤلف: كلود ليفى شتراوس
ترجمة: د . سليم حداد
الناشر: المؤسسة الجامعية للدراسات – بيروت 1982
يقول المفكر الفرنسى جان بويون فى دراسته المنشورة بمجلة الأزمنة الحديثةTemps Moderns العدد 126 تموز 1956 – وقد خصصها لنتاج كلود ليفى شتراوس – ” إن اكتشاف الغير هو اكتشاف علاقة وليس حاجزاً، وقد يشوش هذا الاكتشاف الرؤية، لكنه يوسع الآفاق”.
ذلك بالضبط ما يمكن أن تستبينه من قراءتنا لكتاب ليفى شتراوس صغير الحجم، خطير الأثر هذا. ولأن الكاتب واحد من آباء البنيوية، ورائدها فى مجال الأنثروبولوجى، فلقد كان معنياً بتحليل البنية، لا باعتبارها واقعاً تجريبياً ملموساً، بل بحسبانها واقعاً كلياً يقبع وراء المعطيات المباشرة، ومن هنا كان عليه أن يوضح – علمياً – الخطأ الذى وقع فيه جوبينو Gopineau وهو من جعل التاريخ أباً للنظريات العرقية، ومن ثم انتهى – ولو بحسن نية – الى التبرير غير الإرادى لكل محاولات التمييز والاستغلال.
وعليه فلقد أخذ ليفى شتراوس على عاتقه أن يوضح الكيفية الثقافية التى بها تنشأ الخصوصيات القومية، مؤكداً أن هذه الخصوصيات لا تعود الى تكوينات تشريحية أو فيسيولوجية، وإنما لظروف جغرافية واجتماعية لا تتصل بما يدعوه البعض بـ “الثوابت”. إن التاريخ وحده – حتى وإن امتد الى الماضى السحيق – ليس هو صانع الخصوصيات، وبالتالى ليس هو ما يبقى عليها فى وضعها الراهن. وهنا يطرح شتراوس سؤاله المراوغ : إذا لم يكن هناك قابليات عرقية غريزية، تفسر فكيف نفسر التقدم الحضارى للرجل الأبيض مقارنةً بالشعوب الملونة؟
بيد أن الإجابة عن هذا السؤال تقتضى – لا غرو – البحث فيما ندعو بالتنوع الثقافى، وهو بحث ذو فروع، يتصل بعضها بالعادات والتقاليد والأعراف وأنماط الإنتاج، ويتصل بعضها بتنوع اللغات (حتى وإن كانت من عائلة واحدة أو من جذر واحد) ويرتبط بعضها ثالثاً بالتشابه والاختلاف لدى الفئات والطبقات والأوساط المهنية، وبالطوائف … الخ وقد يتحقق التشابه – حسب نظرية ماكس فيبر – بين هذه النماذج الاجتماعية وبين نظائرها فى مجتمعات أخرى بأكثر مما يتحقق بينها وبين غيرها فى المجتمع الواحد. فأرباب العبيد فى مختلف المجتمعات أقرب إلى بعضهم البعض، منهم إلى عبيدهم. وكذلك الإقطاعيون والرأسماليون. وأما عن عامل العزلة فهو ليس بالعامل الحاسم فى تكوين السمات الثقافية، فالعزلة التامة ليس لها وجود. وآية ذلك أن ثقافات الأمريكتين، وإن انقطعت عن العالم لعشرين ألف سنة، إلا أنها لم تعدم الاتصال فيما بينها خلال هذه الفترة والنتيجة أن تنوع الثقافات الإنسانية إنما هو انعكاس للتواصل وليس للقطيعة أو الانعزال. بيد أن انبثاق التمايزات العرقية أو المركزية الاثنية إنما جاء تعبيراً عن نزعة طفولية، عرفتها المجتمعات القديمة، وأورثتها الأخلاف الى يومنا هذا، تلك هى نزعة التمركز على الذات Ego-Centrism التى تؤدى إلى اعتبار الأغيار “متوحشين” أو “برابرة” لا شئ إلا لكونهم مختلفين عنا. وسوف نلاحظ أن قبائل وجماعات عديدة تشير إلى نفسها باسم “الناس” مما يعنى ضمنياً أن الآخرين ليسوا بشراً، أو هم بالأقل بشر إلا قليلاً : لكن شتراوس يتوصل الى المغزى الكامن خلف هذه النزعة. ذلك أن البربرى حقاً هو من يعتقد بوجود البربرية. ويقرر شتراوس أن المنظومات الإنسانية الكبرى. سواء كانت فلسفة كالرواقية، والكانطية (نسبة الى كانط) وكالماركسية، أو دينية كالبوذية والمسيحية والإسلام، قد وقفت جميعاً ضد هذا الضلال، معتبرة أن البشر بشر فى كل الأحوال، لا فرق بين شخص وشخص أو بين قوم وقوم من ناحية الجوهر. كذلك الإعلانات الكبرى مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. غير أن المشكلة تبدأ حينما يدخل المرء فى التفاصيل، حينما تتدخل الفلسفة في مجريات العلم، فيصبح كتاب “أصل الأنواع ” لداروين مبرراً للقول بأن ثمة أقواماً منحطة، لم تستطع أن تصعد سلم الارتقاء كغيرها فصار واجباً أن تعامل معاملة المنحطين. غير أن تلك الفلسفات إنما كانت تخدم الاتجاهات السياسية الاستعمارية. وليس العلم بمعناه النزيه والمجرد.
يقتضي العلم وضع معايير موضوعية تقاس بها الحضارات والثقافات المختلفة، وفى هذا السياق يقترح شتراوس أن نجرب معيار قابلية الحضارة المعينة للانتصار على البيئات القاسية جغرافياً. وبناء على هذا التحديد سنكتشف أن الإسكيمو، وبدو الصحارى هم الفائزون. أما إذا اتخذنا معيار القدرة على تحجيم نتائج اختلال التوازن الديموجرافى فسوف تفوز الصين بالتأكيد. وحين نعتمد معيار القدرة على صياغة نظرية متكاملة لتضامن جميع أشكال الحياة الإنسانية فالإسلام لا غرو سيحرر قصب الفوز. وإن الذى يزعم تفوقه على غيره فى شتى مجالات الفكر، لابد له أن يعترف بأن الإسلام قد سبقه بثلاثة عشر قرناً فى هذا الكشف، ولولا الماركسية – بالتضامن مع علم السلالات الحديث – ما كان للغرب أن يتوصل الى ما توصل اليه العرب حضارياً وثقافياً فى هذا السياق، بفضل سمو الرؤية الإنسانية السامية، والتى أسس لها دين الإسلام أما إذا طبقنا معيار القدرة على وضع الوسائل الآلية تحت تصرف البشر فإن الحضارة الغربية الحالية تتفوق بامتياز.
والمغزى من وجهة نظر العلم، أن الحضارات ليست مما تقاس على خلفية المطلق، أو بناء على إعمال معيار وحيد. دعنا نسأل أنفسنا عن من الحيوانات أو الحشرات أجدر بالعيش من غيره. الجواب: الكل جدير بنفس الدرجة. الأسد أقوى، ولكن الغزال أسرع. الذباب يفر طائراً إذا حاولت أن تلطمه، غير أنه لا يستطيع الاختباء فى الشقوق مثل النمل … وهكذا. وفيما يتعلق بتنظيم العائلة وتنسيق العلاقات بين المجموعة العائلية وسائر المجموعات المجتمعية فان الإستراليين المتخلفين؟! يحتلون مكاناً أرفع من غيرهم على صعيد الاقتصاد، ولعل معرفة بأنساقهم الرياضية فى تنظيم اقتصادهم الوطني؛ أن تؤدى الى الاعتراف بأنهم المؤسسون الحقيقيون لعلم الاجتماع من ألفه حتى يائه! فهل هم بهذا أجدر بالعيش من الأفارقة الذين لعبوا دور بوتقة الانصهار Melting Pot بالنسبة لثقافات العالم القديم؟ لقد اخترع الفينيق الكتابة، واخترع الصينيون البوصلة وصنعوا الورق والبارود. وصنعت الهند الزجاج والفولاذ. بيد أن هؤلاء جميعاً يشتركون مع غيرهم من أجناس البشر فى أنهم يمتلكون اللغة وانهم قادرون على خلق تقنيات تتلائم والاحتياجات الفعلية لعيشهم، فإذا تطورت أساليب العيش بأكثر مما تطورت التقنيات فلا تثريب عليهم أن هم لجأوا الى استيرادها من مجتمعات شقيقة، ذلك لأنهم – سابقاً أو لا حقاً – يؤدون نفس الخدمة لتلك المجتمعات الشقيقة. فأى معنى للزهو أو للكبر؟! وبالمقابل أى داع للإتضاع أو الخجل؟! مسعى شتراوس أن نفكر جيداً في أننا حين نهتم بنمط معين من التقدم نحتفظ بالتقدير للثقافة التي تحققه فى أعلى مستوى، ونبقى غير مبالين بغيرها من الثقافات، دون التفات منا الى أن التقدم هذا ليس إلا تقدساً فى جانب معين، بينما الحياة بالطبع ليست هذا الجانب وحده مسعى شتراوس إذن أن نتجاوز هذا التفكير العقيم مستبدلين به التفكير العلميّ المثمر.
صدر هذا الكتاب – في لغته الأصلية الفرنسية – عام 1952، أي قبل صدور كتاب صمويل هنتنجتون الشهير “صدام الحضارات” بأكثر من أربع وأربعين عاماً، ومع ذلك فقد بدا وكأن السابق قد أخذ على عاتقه أن يرد على اللاحق، إذ بينما يتوهم هنتنجتون استمرارية الزمن ، فإن شتراوس – كبنيوي أصيل – يركز على المكان، محاولاً لم شتاته المبعثرة على أيدي الأيديولوجيات، والرؤى الفكرية ذات البعد السياسي، والمصالح الطبقية والدولية، مؤكداً أن الفلسفة – خاصة السياسية – المعاصرة “إنما ترتكب خطأ ابستمولوجيا (معرفياً) حين توحد بين الإنسانية والتاريخ جراء الخداع البصري الذى وقع فيه الوعي الغربي حين اعتبر نفسه المرحلة النهائية الضرورية لكل مسار الحضارات الأخرى” (راجع زكريا إبراهيم – مشكلة البنية) ومن هنا فإن تطبيق المنهج فى مجال الأنثروبولوجيا خليق بان يحيل كتاب هنتنجتون الى المعاش المبكر – رغم الشواهد الحالية النابعة من السياسة الأمريكية الخرقاء – وآية ذلك كما يقول شتراوس فإنه إذا كان للحضارة العالمية (= العولمة) أن تكون شيئاً، فإنها لن تكون سوى تحالف الثقافات التى تحتفظ كل واحدة فيها بخصوصيتها.
ولا شك انه لا يعنى هنا بالخصوصية الانكفاء على الذات أو الشعور القومي بالاستعلاء عن الآخرين، بل يشير إلى الخصوصية التي تحترم ذوات الآخرين وثقافاتهم بقدر ما تحترم ذاتها وثقافتها.
فمن هذا الاحترام العام تنبثق مشاعر الاخوة الإنسانية، وتتألق مبادئ الدعم البشرى للحياة ذاتها، وتزداد قيمة الاعتماد المتبادل بين الأمم والجماعات، فالخصوصية بهذا المعنى الأخير شرط ضرورى لتقدم ثقافتها بقدر ما هو شرط لتقدم كل الثقافات الأخرى.
نشرت هذه الدراسة بجريدة القاهرة المصرية – بتاريخ19 / 6 / 2007
*
الفضائل والقيم لدى الشعوب القديمة ذوات الأديان الإنسانية
د. جلال شمس الدين
الناشر : مؤسسة الثقافة الجامعية بالإسكندرية
يعتقد بعض ذوى الديانات الإلهية التي جاء بها الوحي من السماء أن مصدر الفضائل والقيم هو الدين الإلهى، وأنه لولا هذا الدين المنزل من السماء لكي يرشد الناس للفضائل والقيم، لبقينا نعيش فى ظلامٍ أخلاقيٍّ دامس، وما عرفنا إلى الفضائل والقيم سبيلا، وأن الشعوب القديمة التى حُرِمت من الأديان الإلهية، كانت محرومة من الحياة الخلقية، وأن أديانها الوثنية لم تكن تميز بين الخير والشر، والجميع يعيشون فى حياة بهيمية، ولا يحيون إلا من أجل اللذات، أو من أجل الإغارة على غيرهم من الشعوب لسبيهم وسبى نسائهم، واستحلال ممتلكاتهم ، وأنهم كانوا – فى أحسن أحوالهم – عاكفين على عبادة الأوثان.
والكتاب الذى نقدمه للقراء اليوم ، وهو من تأليف د .جلال شمس ، قد أُلِّف لمعالجة هذه القضية، فى تمفصل مع ليفى ستراوس (التاريخ والأعراق) والذي أكد قدرة الأقوام البدائية على خلق أنسقة أخلاقية وجمالية جديرة بالتوقير، وكذلك فى توازٍ مع جيمس هنرى برستيد في كتابه “فجر الضمير” ، والذى برهن على أن بداية نشأة الضمير – ومن ثم الأخلاق بما تحتوى عليه من فضائل وقيم – كان على أيدى المصريين القدماء هم وفراعنتهم، وبالتحديد منذ حوالي 4000 عام قبل الميلاد، وألفى عامٍ قبل التوراة، أول الكتب الإلهية التي جاء فيها ذكر للفضائل والقيم. غير أن مؤلف الكتاب الذي نقدمه وسَّع من دراسة بريستيد، فلم يجعلها منحصرة في ديانات الشعوب المجاورة للمصريين فقط، بل أضاف إليها أيضا بعض الديانات الإنسانية القديمة مثل الزرادشتية والبوذية، وديانات اليونان والرومان والعرب قبل الإسلام.
لقد بدا واضحا فى التمهيد انحياز مؤلف الكتاب الذى نقدمه إلى رأى المدرسة الاجتماعية الفرنسية القائل بأن “مصدر الأخلاق هو المجتمع، أى أن الأخلاق اجتماعية ، ومن ثم نسبية ، ولم تأت إلينا من مصدر خارجى”، وهو انحياز كنت أفضل أن نكتشفه نحن فى نهاية الكتاب بعد قراءتنا لدراسته التى قد تثبت هذا الرأى وقد تنفيه. ولكن يبدو أن المؤلف قد ارتأى – طبقا لتوجه حديث فى الكتابة – أنه من الأفضل أن يعلن الكاتب عن نظريته للقارئ حتى يصبح هذا القارئ على وعى تام بما يقدم له من حجج.
ننتقل إلى متن الكتاب حيث بدأ بعرض الفضائل والقيم عند المصريين القدماء هم وفراعنتهم ، فنراه يبرهن – بالأدلة التاريخية – على أنهم حقاً أول من توصل فى التاريخ إلى مفهوم “الضمير” وهو المحرك للأخلاق ، فقد اهتموا – في وقت مبكر – اهتماما شديدا بالعدالة الاجتماعية والمساواة بين جميع الناس أمام الله والقانون . فها هو الفرعون يحذر الوزير – ويقابل رئيس الوزراء عندنا – من الطغيان قائلا : ” واعلم أن الوزارة ليست حلوة المذاق …واعلم أنها ( يعنى الوزارة) لا تعنى إظهار احترام أشخاص الوزراء والمستشارين ، وليس الغرض منها أن يتخذ منها الوزير لنفسه عبيدا من الشعب ” ، ثم يحذره من الطغيان قائلا :” فلا تنس أن تحكم بالعدل لأن التحيز يُعَد طغيانا على الإله …وعامل من تعرفه معاملة من لا تعرفه ، والمقرب من الملك كالبعيد عنه “. ومن تعاليم أمين موبى – وهو أحد الحكماء المصرين : ” ولا توجهن كل التفاتك إلى فرد قد لبس ملابس بيضاء ، بل اقبله في خرقه البالية . ولا تقبلن هدية رجل قوى ،ولا تظلمن الضعيف من أجله ، لأن العدل هبة عظيمة من الله ” . كما اهتم المصريون اهتماما خاصا بتحريم الغش في الموازين والمكاييل “فإن المكيال الذي يعطيك الله خير من خمسة آلاف تكسبها بالبغي”. كما حثوا على الطهر والعفة والابتعاد عن الزنا الذي هو “أكبر الكبائر”. ودعوا إلى التعاطف مع الفقير “فلا تمنعن أناسا من عبور النهر، وخذ الأجرَ من الرجل صاحب الثروة، ورحب بمن لا يملك شيئا”.و عطفوا على الأم وكبار السن وذوى العاهات ” ضاعف مقدار الخبز الذي تعطيه لوالدتك … ولا تهزأن من قزم ولا تفسدن قصد رجل أعرج”.
ثم يعرض المؤلف للشعوب المجاورة للمصريين مثل الكنعانيين والآشوريين والبابليين ، فيثبت لهم كذلك قيمهم وفضائلهم ، فقد أدرك البابليون- قبل نزول التوراة- الرحمة والشفقة والصدق، كما كان الإله شماس- وهو إله العدل عندهم- يبغض الشرير، وأما “من يحنث بيمينه، فإن شماس يعجل له نهايته هو ومن يرفع بصره إلى زوجة رفيقه” ، وحتى الآشوريون رغم اتصافهم بالقسوة التي قد لا نجد لها في التاريخ مثيلا ، لم يكونوا محرومين تماما من كل فضيلة ، فكانت ديانتهم تهتم بمشكلة الخير والشر ، إذ كانوا يؤمنون بأن هناك إلها للخير وإلها للشر، وهناك معركة بينهما، حيث ينتصر “مردك” إله الخير على “نيامات” الخبيث إله الفوضى.
وأما المجوس أو الزرادشتيون، فقد كان لهم كتاب اسمه ” زند أستا” كما يقول الشهرستانى، ونستطيع أن نلمح الاشتقاق اللغوي في وصفهم “بالزنادقة” ، أي أصحاب كتاب الزند ،فلم تكن كلمة “الزنادقة” شتما ًفي أول الأمر ثم أصبحت كذلك . ولننظر الآن في بعض ابتهالات زرادشت: ” دعوا روح الشر تخمد ، واقضوا على الفساد ، أنتم يا من تصونون أنفسكم بواسطة الاستقامة،.جائزة العقل الخيِّر، الذي رفيقه المقدس من سيكون مسكنه في منزلك أيها الرب “.
أما الهندوس فقد اهتموا بالفكر الصالح والعمل الصالح والوفاء، كما اهتموا بالتسامح مع أصحاب العقائد الأخرى ، فيصدر ملكهم أشوكا فارذانا مرسوماً ملكياً يحض فيه رعاياه على أن “يحسنوا إلى كهنة البراهمة (أى الهندوس)، كما يحسنوا إلى كهنة البوذيين سواء بسواء” ، أما بالنسبة للنساء ، فلهن مكانة خاصة عند الهندوس ، فقد قررت شريعة مانو أنه ” لا يجوز ضربهن حتى بزهرة” ، وهو تشريع بلغ درجة عالية فى رقته ونبله .
أما البوذيون فقد ضربوا بسهم وافر فى فضائلهم وقيمهم ،ومن أهمها كبح الجماح ووأد الشهوات، والطهارة التي هي عند بوذا أن لا تؤذىَ مخلوقاً قط، ولا نمارس الحرام بأيدينا أو حواسنا “فالعين التي تُصان عن الحرام فاضلة ،وهكذا الأذن التي تصان والأنف الذي يصان كلها فاضلة”.
لا شك أن القارئ سيلاحظ بعد أن يفرغ من قراءة الكتاب، أن كافة الفضائل والقيم التي عُرِضت فيه تكاد تكون متطابقة مع ما جاء به الوحي إلا قليلا جدا مثل القسوة عند الآشورين الذين كانوا يمجدونها ، والكذب والخداع والقسوة عند اليونانيين فى عصر الآخيين ، فقد كانوا يمجدونها أيضا ، وبعض القيم عند اليابانيين مثل الانتحار عند موت أمرائهم ، فقد كانوا يعتبرون ذلك نوعا من الوفاء، غير أن هذه الفضائل- كما يقول برستيد- ماتلبث أن تتغير في العصور التالية وتصبح من الرذائل بعد أن تكون قد أدت وظيفتها.
ويلاحظ القارئ أيضا أن هناك قيما وفضائل فريدة ؛ فمن ضمن آيات البرهمانى مثلا عند بوذا “أن تكون معانيه واضحة” ، ” كما أن الرجل الفاضل عند كونفوشيوس “هو الذي يتحلى بالثقافة”.
وهكذا يؤكد الكتاب أن ذوى الأديان الإنسانية كانت لهم فضائلهم وقيمهم الجديرة بالاحترام . وهنا يصل مؤلف الكتاب إلى هدفه الأساسي فيقول “فلو تبين ذلك لبعض أصحاب الديانات الإلهية، الذين يعتقدون أنهم فحسب أصحاب الفضائل والقيم والتي لا توجد إلا في أديانهم باعتبارها إملاء من الوحي الإلهي، وأنها لا يمكن أن توجد خارج الوحي، ولو تبين لهم ذلك لقَلَّ رفضهم لأصحاب الديانات الإنسانية، وأصبحوا أكثر قبولا لهم باعتبارهم شركاء لهم في حبهم للفضيلة والخير ، وكراهيتهم للرذيلة والشر”.
وكان من الطبيعي أن ينتهي المؤلف إلى بعض النتائج التي يراها ضرورية ، فمثلا ” ما دام الإنسان ذو الدين الإنساني قد عرف الفضائل والقيم دون أن يتاح له الالتقاء بدين إلهي، فالفضائل والقيم إذن إنسانية واجتماعية ” ، أي أنه أثبت المصادرة التي أشرنا إليها في المقدمة.
ومن النتائج أيضا أن الفضائل والقيم ” قد تكون أحيانا “انبثاقية” ، بمعنى أن بعضها بالذات يظهر فجأة عند شعب من الشعوب ، ولا يظهر عند غيرها ، فقد ظهرت “الثقافة” و “وضوح المعاني ” –كما رأينا- عند البوذيين والكونفوشيوسيين ولم نلاحظهما عند غيرهم من الشعوب .
إن الذي يسلك سلوكاً طيباً طبقاً لتعاليم الوحي – كما يقول المؤلف في نهاية كتابه- إنسانٌ فاضل يستحق التقدير والاحترام ، فلقد صنع فضائله وقيمه بنفسه فيما لم يُتَح له الالتقاء بدين سماوي .
Tahadyat_thakafya@yahoo.com
• الإسكندرية
مسافر إلى جزائر الكتب غشاء البكارة الإسلامي عائقا قويا في التحصل على المتعة في الأرض . هنا – روسيا – يوجد إعجاب منقطع النظير لليابان واليابانيين , وحتى بالإمكان إن تقول ليس اليابان إنما بلاد “شروق الشمس” هو يعنيها عن غيرها من بلدان المشرق , اليابانيين هنا لا بدروس مثل الصينيين أو الهنود أو الكوريين, ……. , وأدا يدرسوا فقط في مجال الموسيقى الأوربية “الكلاسيكية”, ويدرسوا هم فقط كيف احتراف العزف بدون غسيل الدماغ الذي تعرضنا له( إرغاما عن إرادتنا ) في مرحلة الدراسة أيام الاتحاد العظيم , اليوم ثمارها يجنوا إن اليابان تحتل المركز الأول في العالم من حيث… قراءة المزيد ..
مسافر إلى جزائر الكتب“فلو تبين ذلك لبعض أصحاب الديانات الإلهية، الذين يعتقدون أنهم فحسب أصحاب الفضائل والقيم والتي لا توجد إلا في أديانهم باعتبارها إملاء من الوحي الإلهي، وأنها لا يمكن أن توجد خارج الوحي، ولو تبين لهم ذلك لقَلَّ رفضهم لأصحاب الديانات الإنسانية، وأصبحوا أكثر قبولا لهم باعتبارهم شركاء لهم في حبهم للفضيلة والخير ، وكراهيتهم للرذيلة والشر”. هذه الكلمات الرائعة ، اقتبسها من كتاب الدكتور جلال شمس صاحب الكتاب الثالث ، متمنيا أن يعمل بها أصحاب الديانات ” السماوية ” . ويبقى أن أزجي التحية لكاتبنا الكبير الشاعر مهدى بندق على اختياره الموفق لتلك الكتب ، عارضا لما… قراءة المزيد ..
مسافر إلى جزائر الكتب
اللغة العربية مرشحة للاندثار خلال عقود تعد على أصابع اليد الواحدة ، والذي لايصدق عليه الرجوع لكتاب ” العرب وعصر المعلومات ” للدكتور نبيل علي ، وأما كاتب هذا المقال د. مهدى بندق فيعمل على نقد الثقافة العربية تحريرا ً للعرب أنفسهم
من سجون الأوهام التي حبستهم فيها عصور الجمود والثيوقراطية المقيتة . ومن أجل هذا الأداء التحريري فقد استحق التحية والاحترام .
مسافر إلى جزائر الكتبالكاتب مهدي بندق المحترم تقول (، في حين يسعى العرب الى اللغة الإنجليزية في لهجتها الأمريكية، بكتابة حتى أسماء شركاتهم ومحلاتهم بالأحرف الأجنبية متوهمين أنهم بذلك يركبون في نفس قطار الغرب السريع) لا أظنّ أن العرب عموما يعرفون الأنكليزية بنفس مهارة النرويجي. بالعكس فتعلم الأنكليزية يفتح أفقا واسعا على معارف الغرب. ويوسع مدارك العرب ويفتح هويتهم لتتسع لعناصر انسانية وعلمية هم في حاجة ماسه لها. الخلل ليس في تعلم العرب الأنكليزية، بل في جمود الأكليروس اللغوي الذي لا يريد للغة العربية التطور. ولذلك سبب رئيسي هو تحجّر الهوية العربية التي قامت أصلا على ثالوث الأقانيم العربية لثقافتنا… قراءة المزيد ..
مسافر إلى جزائر الكتب
مقالة عظيمة ، ليت كل شاب عربي مسلما كان أو مسيحيا أن يقرأها أولا ثم يبحث عن تلك الكتب الثلاثة ليستزيد بها معرفة . وعن نفسي فلقد بدأت رحلة البحث عنها ، فمن يعرف الطريق اليها يتفضل بالإتصال بي مشكورا على عنواني البريدى الإلكتروني الموضح بعاليه ، مع تجديد شكري لكاتبنا الكبير د. مهدى بندق