يبدو أنّ روائح الفساد المالي داخل بنية “حزب الله” وصلت أخيراً إلى إيران، التي أرسلت نخبة من مخابراتها المتخصصة في الشؤون المالية إلى لبنان للتدقيق في الحسابات والكشوفات المالية داخل مؤسّسات الحزب التي تقوم على الدعم الإيراني، خصوصاً بعدما فتحَ سقوط رجل الأعمال المحسوب على “حزب الله” ، صلاح عز الدين، شهية القياديين والعناصر على الإثراء غير المشروع.
وصلت إلى بيروت في الخامس من شهر رمضان الفائت، مجموعة من المخابرات الإيرانية تضمّ 20 عنصراً تقريباً هدفها إجراء جردة حسابية للأموال التي صُرفت على شبكة الاتصالات السلكية التابعة لـ”حزب الله” على الأراضي اللبنانية.
وكشفت مصادر مقرّبة من الحزب، أنّ هذه المجموعة تمكّنت في الأسبوع الأول من عملها “كشف أكبر عملية اختلاس منظّمة يديرها المدير المالي لهذه الشبكات والقيادي في “حزب الله” حسين ع. فحص وأربعة أشخاص آخرون لم يتمّ الإعلان عن أسمائهم حتى الساعة”.
وتشير المصادر إلى أنّ “حجم الأموال التي اختلست تجاوزت خمسة ملايين دولار في أقل من عامين، وأنّ فحص إبن بلدة “قبريخا” الجنوبية كان يوهم الجميع بمَن فيهم قياديّون من الحزب، أنّ مردّ تحوّله إلى رجل أعمال من الطراز الرفيع يعود إلى الشركتين اللتين أسّسهما، الأولى تُعنى بنقل الحجّاج إلى مكة والأراضي المقدسة في إيران والعراق والسعودية، والثانية شركة لبيع السيارات المستعملة، علماً أنّ والد حسين فحص هو رجل غير مقتدر مادّياً يعمل في المملكة العربية السعودية، ومنذ فترة وجيزة حجزت السلطات السعودية جواز سفره ورفضت تجديد إقامته لأسباب مجهولة”.
وتضيف المصادر أنّ “ألسنة أهالي البلدة بدأت تلوك سمعة فحص، ابن الـ 28 عاماً، بعدما تبدّلت حياته بهذا الشكل المفاجئ، إذ إنّ مرآب منزله الفخم يضمّ أكثر من أربع سيارات، عدا الشقق التي يملكها والتي عُرف منها، شقة في الضاحية الجنوبية وأخرى في محيط منطقة الحمراء.
والمخابرات الإيرانية التي كانت في حينها تراقبه، تمكنت من القبض عليه في اللحظة التي كان يهمّ فيها لمغادرة منزله بصحبة زوجته وولده إلى إحدى المطاعم المعروفة في الجنوب حيث كان يقيم إفطاراً لعدد كبير من القياديين في “حزب الله”.
وتشير المصادر إلى أنّ “المخابرات الإيرانية اقتادت حسين فحص، المعروف بـ”دانيال” وهو لقبه الحزبي، بالتعاون مع جهاز أمن “حزب الله”، إلى جهة مجهولة ومعه أربعة أشخاص آخرون للتهمة عينها، كما صادرت كلّ سياراته وبعض المقتنيات الثمينة من داخل منزله، إضافة إلى توقيف قياديّ من الحزب متورط بهذا الملف لم يتم الإفصاح عن اسمه أو المركز الذي يشغله، ولكن بعض نساء “قبريخا” سمعن أحد أفراد عائلته يقول: إنّ توقيف حسين سيجرّ رؤوساً كبيرة، ونحن نعرف مَن هو الشخص الذي ورّطه في هذا الموضوع”.
بعد توقيف هذه الشبكة بالجرم المشهود، سرَت أخبار في الجنوب والبقاع وحتى الضاحية الجنوبية، عن أنّ المخابرات الإيرانية بدأت فعلاً حملة تدقيق في حسابات بعض قياديي الحزب المالية، وهنا تقول المصادر: “إنّ أكثر من 150 قيادياً موزعين على مناطق عدة، جرى التحقيق معهم قبل أن تُسحب أرصدتهم من المصارف بعدما تبيّن اختلاسها من مؤسسات تابعة لـ”حزب الله” مثل “بيت المال” المسؤول عن ميزانية الحزب، و”القرض الحسن” المعنية بتسيير حالات الفقراء والتي كشفت المعلومات أنّ المسؤولين عنها كانوا “يستفيدون” عن طريق فوائد باهظة لم تُسجّل ضمن الكشوف المالية الأصلية”، وتشير إلى أنّ كل الأرصدة التي سُحبت من هذه العناصر حصلت بموافقتها تحت الضغط، والمفارقة أن القياديين كانوا وضعوا تلك الأموال إمّا بأسماء زوجاتهم أو أبنائهم أو حتى أقارب لهم”.
وتؤكّد المصادر نفسها أّن “أبرز الذين تمّ توقيفهم للتحقيق معهم في ملف الاختلاسات، هو نجل رجل دين بقاعي ح. ي، المتهم ببيع أسلحة متعددة الأنواع كانت سُحبت من مخازن الأسلحة التابعة لـ”حزب الله”، إضافة إلى الاشتباه في علاقاته مع تجار مخدرات وأصحاب خوات وتشبيح في البقاع”، جازمة أنّ “والد ح. ي، وبعد افتضاح أمر نجله أمام أعلى هيئة محاسبة في الحزب، قطع وعداً بالتبرّؤ منه أو حتى إعدامه، ولكنّ تدخُّلَ مرجع كبير في “حزب الله”، جعله يكتفي بإصدار قرار يقضي بتوقيف نشاط نجله واستبعاده كلياً عن العمل الحزبي”.
مدير شبكة إتّصالات «حزب الله» في قبضة إيران للأسف هذه الظاهرة بدأت منذ منتصف التسعينيات بالتفشي بين الملتزمين الشيعة ثم انتقلت إلى عناصر حزب الله. ويبدو أن الشيطان ابتدع وسيلة للولوغ إلى داخل حلقة المؤمنين بتصوريه لهم أن الله لو أنعم على عبدٍ نعمةً, فيحب أن يرى أثرها عليه! وأنساهم الشيطان أن المبذرين منهم سيحسبون له إخواناً وأن التدبير نصف المعيشة, والقناعة كنز لا يفنى … إلخ..فنشأ منذ ذلك الحين جيل قالبه “أخروي” وقلبه “دنيوي” وهو منهمك في محاولة إخفاء باطنه عن محيطه كي لا يفتضح أمره. وبما أن أغلب الملتزمين متفقهون في دينهم, فقد استغنوا عن الرجوع للعلماء فيما… قراءة المزيد ..