اعتبرت مصادر لبنانية في قوى الرابع عشر من آذار ان لبنان ما قبل زيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى لبنان لا يشبه لبنان ما بعد الزيارة خصوصا ان الرئيس الايراني ما زال يردد مواقف كان اعلن عنها أثناء زيارته الى لبنان بعد إنقضاء ايام على الزيارة.
فقد اعتبرت هذه القوى ان الرئيس الايراني كشف ما كان مستورا بحجاب رقيق عن انتماء حزب الله وقواه العسكرية، كما أن الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله لم يبخل على اللبنانيين بتظهير الصورة التي حرص الرئيس الايراني على الكشف عنها.
فلبنان ما قبل زيارة الرئيس نجاد كان يعيش على وقع مقاربة مسألة سلاح حزب الله من زوايا متعددة، إنطلاقا من أن هذا السلاح لبناني الانتماء وهو موجود لتحرير الارض في شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر، وان ما يثار من حين لآخر عن إستدارة هذا السلاح الى الداخل اللبناني ليس سوى لذر الرماد في العيون ونتيجة لمؤامرات تستهدف النيل من هذا السلاح.
وإنطلاقا مما سبق كانت طاولة الحوار الوطني، وما بذل اعضاء على هذه الطاولة من جهد لايجاد مخارج تجمع بين المحافظة على ما يمكن من سيادة الدولة و”الابقاء على السلاح” في يد حزب الله، على الطريقة اللبنانية بحيث لا “يموت الذئب ولا يفنى الغنم”. ومع ذلك فلا طاولة الحوار وصلت الى اي نتيجة، ولا حزب الله تقدم بأي تصور عملي لوضع سلاحه ولا قدم التفسيرات لاستعمال هذا السلاح في الداخل لتغيير المعادلات والتوازنات الداخلية.
وتضيف هذه المصادر ان زيارة الرئيس نجاد اوضحت كل ما كان خفيا قبلها. فالسلاح على علاقة بأجندة إيرانية وكذلك انتماء الحزب وعناصره وقياداته. فمن “ملعب الراية”، اعلن الامين العام لحزب الله: ” نفتخر بإيماننا العميق بولاية الفقيه العادل والحكيم والشجاع”، وتوجه الى الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بالقول “سيدي ومولاي” هذا فضلا عن المعدل المرتفع من الاغاني والاناشيد الفارسية بدءا من “خوش آمديد” الى أنشودة “نجاد رؤى الشعوب” والاعلام الايرانية التي طغت على المشهد الاحتفالي .
ومن “ملعب الراية” الى “بنت جبيل” أعلن الرئيس الايراني هوية سلاح حزب الله بإختصار “تغيير المعادلات في المنطقة” ومن جنوب لبنان بالذات.
في ملعب الراية قال الرئيس نجاد “الأخوة والأخوات اللبنانيون: قضاياكم وقضايا الشعب الإيراني واحدة لذا فنحن موجودون معكم في جبهة واحدة. عزة لبنان وتطوره هو عزة وتطور لنا أيضا”.
ومن بنت جبيل أضاف الرئيس نجاد “اليوم لم يعد هناك أي خيار أمام الصهاينة المحتلين إلا الاستسلام للأمر الواقع والعودة الى منازلهم وأوطانهم الأصلية”. واضاف متوجها الى الحشد: “كما استطعتم ان تدخلوا اليأس والقنوط الى قلوب الصهاينة وقلوب كل المستعمرين والمستكبرين… ليعلم العالم برمته ان الصهاينة الى زوال”.
مبادرة من 14 آذار باتجاه طهران؟
وإزاء إتضاح مهمة ووظيفة حزب الله وسلاحه ترى قوى الرابع عشر من آذار ان مرحلة ما بعد زيارة الرئيس الايراني تستوجب وضع الامور في نصابها، وتاليا هي تعد لإطلاق مبادرة تتوجه من خلالها الى الدولة اللبنانية بمؤسساتها الرسمية من رئاسة الجمهورية الى رئاسة المجلس النيابي ورئاسة الحكومة وسائر المعنيين بضرورة التوقف عن إضاعة الوقت والبحث عن جنس الملائكة في سلاح حزب الله عبر التوجه الى طهران ومعالجة مسألة سلاح حزب الله مع القيادة الايرانية مباشرة.
وتضيف المصادر ان مشاورات جرت في الايام الماضية افضت الى قناعة ترسخت لدى هذه القوى ان معالجة المسألة الداخلية وفي مقدمها سلاح حزب الله لم تعد مسألة طاولة حوار ولا استرتيجية دفاعية ولا محكمة دولية ولا ما سمي بـ”شهود الزور” ولا مجلس عدلي ولا مجلس قضاء اعلى. فإثارة هذه الملفات هي لذر الرماد في العيون ومحاولات لكسب الوقت في انتظار ساعة الصفر التي تحددها إيران من اجل تنفيذ أجندتها في “إزالة إسرائيل من الوجود” من جنوب لبنان.
لذلك رأت قوى 14 آذار ان تطلق مبادرتها في اقرب وقت ممكن وان تعمل على حشد التأييد الديبلوماسي العربي والدولي لها وصولا الى الحؤول دون جرف لبنان الى سياسة المحاور التي وضعت ايران لبنان في صلبها من خلال حزب الله.