مع خطاب الرئيس اوباما في القاهرة في الرابع من يونيو ٢٠٠٩ والذي خاطب من خلاله العالم العربي والاسلامي تبدأ مرحلة تحول في العلاقة الامريكية العربية. لقد قدم اوباما رؤية للمستقبل والسلام والشراكة بأمكانها ان تتحول لاساس جديد للتنمية والتبادل في العلاقة بين الولايات المتحدة والعالم الاسلامي. كما انه القى خطابه في ظل حملة انتخابية ايرانية ولبنانية حامية الوطيس وقبل يوم من حلول الذكرى السنوية لتاريخ هزيمة حرب ١٩٦٧ التي حكمت مسار اجيال من العرب.
سيمهد الخطاب لسلسلة مفاوضات تتعامل مع الملف النووي الايراني في اطار اقرار الولايات المتحدة بحق ايران امتلاك التكنولوجيا النووية. ان هذا الموقف والتوجه سيفتح الباب واسعا في العلاقة الامريكية الايرانية. وستنطلق الادارة الامريكية باتجاه ايران خاصة بعد الانتخابات القادمه في ايران. سيكون هدف الحوار مع ايران التوصل لاتفاق حول البرنامج النووي، و لاتفاق حول دعمها لحماس وحزب الله( لن يتوقف دعم ايران لهما بلا حل عادل للصراع العربي الاسرائيلي) وطبيعة نفوذها في العراق. فدور ايران في العراق يساهم بتعطيل خطة الانسحاب الامريكية.
كما ان الادارة الامريكية تسعى لدور ايراني في الحل الافغاني. ان السعي لتحييد ايران مقابل عدم العمل على ازحة نظامها واعطاءها مكاسب واغراءات اقتصادية هائلة سيكون اساسيا في الاستراتيجية الامريكية. ويجب ان لا نتفاجئ ان اليوم الذي يأتي به الرئيس اوباما لايران ويلقى كلمة في برلمانها قد لا يكون بعيدا.
ولكن المسألة الاعقد في خطاب اوباما وفي العلاقة بين العالم العربي والولايات المتحدة هي الصراع العربي الاسرائيلي. فحول هذا الصراع وعلى تخومه تأسست اجواء الكراهية بين العرب والولايات المتحدة. ويتضح ان الادارة سوف تعطي الاولوية لهذا الصراع. فبلا حل عادل في فلسطين ثم بنفس الوقت بين سوريا ولبنان من جهة واسرائيل وبين العالم العربي والاسلامي واسرائيل سيبقى الصراع العربي الاسرائيلي اهم حاجز في تسوية الخلافات بين الولايات المتحدة والعالم الاسلامي والعربي.
ان عقدة اساسية في سعي اوباما القادم ستكون في الاحتلال الاسرائيلي و الاستيطان الاسرائيلي وتهويد القدس، ووجود حكومة اسرائيلية يمينية برئاسة نتنياهو لا تؤمن بالدولة الفلسطينية وبالانسحاب. سيحاول نتنياهو التملص وتحويل الضغوط باتجاه الادارة الامريكية. كما ان الحكومة الاسرائيليه الذي يشارك فيها افيغور ليبرمان الذي يحمل منصب وزير الخارجية الاسرائيلي ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس حزب اسرائيل بيتا يمثل هو الاخر اشكالا كبيرا. وقد بانت هذه العقده في زيارة نتنياهو لواشنطن في ١٨ مايو ٢٠٠٩. ان لدى نتنياهو تصور لضرب ايران، وتفجير الوضع، وهذا قد يعيق جديا توجهات اوباما. من هنا ستبقى العقدة الاسرائيلية هي الاهم والاخطر.
ان خطاب اوباما بداية جديدة.انه اول رئيس امريكي يحمل رسالة سلام وتنمية ورسالة عدالة وحياد. انه اول رئيس يأتي حاملا الرسالة لكل المسلمين والعرب مؤكدا على ايمانه بها وسعيه لتحقيقها في اطار رؤية مختلفة وشراكة للمستقبل.
سيكون مطلوبا من العالم العربي التحرك الايجابي ومساعدة اوباما على النجاح في التعامل مع معطيات جديدة ومناخ مختلف، بما فيها مصاعب تعرض اوباما لضغوط اسرائيلية تحاول ان تفرض عليها التراجع. ما أحوج العالم العربي للسلام العادل وللتنمية وللشراكة والتسامح. هناك حتما مسؤولية على العرب باتجاه بناء استراتيجية جديدة.
shafgha@hotmail.com
استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت