شاهد الزور يجب ان ينال عقابه. المتطوعون لمساعدة التحقيق الدولي في جريمة اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، كُثُر. الحكايات التي يتداولها الإعلام اللبناني والعربي عنهم كثيرة أيضاً. لكن القليل هو المنطق السليم في هذا كله. إذ كيف يقرر بعضهم، وهم رؤساء دول ووزراء خارجية وقادة أحزاب مسلحة ان المحكمة الدولية الخاصة بلبنان انحرفت عن مسارها القضائي – العدلي، وباتت محكمة مزورة، عميلة، تحركها جهات مشبوهة. وهذا كله استناداً إلى واقع ان ثمة شهود زور وثمة من فبركهم ولقّنهم ما يراد لهم قوله وإعلانه. بالمنطق، إذا كان التحقيق الدولي لم يأخذ بشهادة هؤلاء، على ما هو معلن من معارضي المحكمة الدولية، بوصفهم شهود زور، او بتعبير ألطف قدموا شهادات كاذبة هدفها تضليل التحقيق، فكيف تكون المحكمة الدولية قد انحرفت عن مسارها العدلي – القضائي، ما دامت هي نفسها من لم يأخذ بشهادات هؤلاء؟
المعادلة واضحة وبسيطة. لقد استقبل محققو ديتليف ميليس “هسام هسام” واستمعوا إلى أقواله. وهذا الاستماع في حد ذاته، يشكل سبباً لإدانة المحكمة. على هذا يفترض بالمحكمة الدولية ان لا تستمتع إلا لمن يوافق على الاستماع إلى شهادته معارضو المحكمة الدولية. وإلا تصبح مسيّسة.
ليس هذا تقييداً لعمل المحكمة الدولية فحسب، بل نسفاً لمبدأها من أساسه. ذلك ان الرغبة والهدف يقضيان ان يتوقف التحقيق برمته. جرائم سياسية حصلت في لبنان، حسناً، ومتى كانت الجرائم السياسية في لبنان سيباً لمعاقبة اي كان او كشف فاعليها؟ تسييس المحكمة يقع هنا بالضبط. ثمة تعامل دولي مع الوضع اللبناني يختلف اختلافاً بيناً عما درج المجتمع الدولي على اعتماده. وهذا في حد ذاته تسييس لا مراء فيه. إنما، وحكماً، ليس هو التسييس الذي يعترض عليه معارضو المحكمة الدولية، وفق منطوقهم. فهؤلاء يطمحون إلى اسقاط المحكمة قضائياً، واثبات عدم جدراتها وأهليتها. والحق ان سلوكهم هذا مفهوم في بلد كلبنان. إذ ما الذي تغير فجأة في العالم حيال لبنان حتى باتت الجرائم فيه عرضة للعقاب؟ ولماذا اختيرت هذه الجريمة بالتحديد لإنشاء نظام للعقاب على أساسها؟ ولمَ لم يُنذَر اللبنانيون والمتدخلون الخارجيون في الشأن اللبناني دولياً، ويقال لهم: عفا الله عما مضى، إنما عليكم ان تعرفوا ان ثمة قواعد جديدة للسلوك السياسي في لبنان، تم التوافق عليها دولياً ولم يعد ثمة مجال تراجع عنها، ومن الآن فصاعداً سيقوم المجتمع الدولي بملاحقة مرتكبي الجرائم السياسية في لبنان ومعاقبتهم؟
لا يهدف هذا التحليل إلى اتهام معارضي المحكمة الدولية بتنفيذ الجريمة، فهذه من الشؤون القضائية البحت التي لا يجدر بأي عاقل ان يجزم في أمرها. إنما ثمة امتعاض سوري وغير سوري من السلوك الدولي الجديد حيال لبنان، لا يرقى إليه شك. ذلك ان تاريخ علاقات لبنان مع الخارج، كان دوماً دامياً من جهة واحدة. إذ لم يحدث ان نفّذت المخابرات اللبنانية او اي قوة سياسية عمليات اغتيال او سجن او ملاحقة لخصوم من غير اللبنانيين، ودائماً كان الحوار مع لبنان يتم بالدم. ولطالما كانت جرائم اغتيال القادة اللبنانيين وسيلة من وسائل الحوار معهم. اليوم ثمة قرار دولي بإبطال مفعول هذه الوسيلة وهذا ما يسبب الامتعاض الخارجي ويدفع هذا الخارج لمحاولة إعدام المحكمة الدولية.
في الجانب السوري، ثمة دفاع وهجوم. الدفاع يفترض أن لا بأس من محاولة إعدام المحكمة الدولية قبل انتظام عملها. إنما ولو لم يتحقق هذا الأمر، وهذا يقرب من المستحيل، فلدى سوريا وسيلة أخرى للحوار مع لبنان، وهي وسيلة قضائية من الطينة نفسها التي يبيعها الممجتمع الدولي للبنان. وتالياً، نرد القضاء بقضاء، والمعاقبة بالمعاقبة، والنتيجة هي نفسها مرة أخرى. استعمال القضاء والملاحقات ومذكرات التوقيف الصادرة عن القضاء السوري وسيلة جديدة للحوار مع اللبنانيين.
* كاتب لبناني
ما وراء عاصفة الشهود الزور – (التفكير الاختياري) في مواجهة (التفكير الالزامي) .. او (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا, يا ابناء اللذين) – (2) هذا المقال ممتاز جدا .. وسيء جدا: سيء , بدليل التعليق ادناه للسيد (محمد علي الحلبي) , فالمقال , كما الخطاب العربي الشائع , لم (يقاوم) ما هو (رأي سابق) ولا يفكر بتفكيكه وخلخلته. عندما تقترب حشرة منك : (1) تشاهدها (observation) , و (2) تحلل (orientation) انها تمثل اذى او خطر , و(3) تقرر (decision) ان تبعد او تقاوم اذاها , و(4) تقوم بفعل (action) هشها او سحقها , كل ذلك في اقل… قراءة المزيد ..
ما وراء عاصفة الشهود الزور – (التفكير الاختياري) في مواجهة (التفكير الالزامي) .. او (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا, يا ابناء اللذين) – (1) هذا المقال ممتاز جدا .. وسيء جدا: ممتاز , لأنه يذكر بما هو مبدأ و(بدهي) في ظل انحطاط الوعي والخطاب العربي الى مستوى (متدني جدا) .. ليس فقط لأن هنالك موقف (عدمي) لا واعي تجاه المحكمة الدولية والامم المتحدة وكافة الهيئآت المكافئة , بل لأن الذين لهم موقف (ايجابي) يضيع في رغباتهم السياسية في (انتقاء) قرار متوافق مع هذه الرغبات لمصلحة الصراع والتنافس (الداخلي) اكثر منه موقف ((مبدئي)) و((بدهي)) .. علينا ان نذكر و(نتذكر)… قراءة المزيد ..
ما وراء عاصفة الشهود الزور محمد علي الحلبي فجأة أصبح موضوع المحكمة الدولية محصوراً بشهود الزور؟ هل يظن النظام السوري مثلاً أن هذه المحكمة تشابه محاكم التفتيش لديهم، والتي تحكم بما يمليه الديكتاتور وبدون الحاجة لشهود زور أو غير زور ولماذا أصبح مطلوباً التركيز فقط على موضوع شهود الزور وإهمال كل الدلائل والقرائن الأخرى؟ وبمناسبة فبركة الشهود، أين هو هسام هسام شاهد الزور الآخر؟ ولماذا لم يستدعه القضاء السوري العادل جداً ليسأله عن من قام بفبركته؟ ثم ماذا حصل بقصة أبوعدس ماغيره، ولماذا لم يقم أحد بتقصي موضوع فبركة الشريط، وتصفية المسكين، علماً أنه من المؤكد 100% أن من فبرك… قراءة المزيد ..