اطل مرشد الامة العربية والاسلامية ناقلا الى العالمين العربي والاسلامي تعليمات ولي الفقيه، وكعادته اعتمد التصنيفات المعهودة. فمن حضروا الموعظة اثبتوا من جديد هويتهم وحقيقتهم وهي أنهم “أشرف الناس وأكرم الناس وأطهر الناس”. حسب ما زعم السيد، مع ان من بينهم خرج من كان يعيث فسادا في العاصمة والجبل قبل اتفاق الدوحة.
قيل الكثير في خطاب نصرالله. ولكن ما فات هو ان سماحته تجاهل التوجه الى حلفائه في سوريا على غرار التوجه الى الحلفاء في بغداد والاراضي الفلسطينية، فهو استنسابي التخوين والتحريض.
توجّه الى العراقيين بضرورة رفض اتفاق الشراكة الاستراتيجية طويلة الامد مع الولايات المتحدة قافزا فوق ارادة السلطت العراقية والدولة بمؤسساتها التي يسيطر عليها شيعة من ملته فطالب بمنع سقوط العراق بيد المحتل، وقال ان هذا الخيار هو خيار المقاومة. واضاف: “كما استطاعت المقاومة في لبنان وفلسطين، نجح المقاومون العراقيون بتكبيد المحتل خسائر وكما نجحت المقاومة في فلسطين ولبنان يمكنها النجاح في العراق”. ولكأن نصرالله اراد اعطاء براءة ذمة للجرائم التي ارتكبت في حق العراقيين على ايدي الارهاببن الذين تطاردهم حكومة نوري المالكي في احياء مدينة الصدر والموصل والبصرة وسائر انحاء العراق.
وبالطبع لم يغب عن بال نصرالله ان يتوجه صوب فلسطين مشيدا بنظيرته الابنة الشرعية الثانية للثورة الاسلامية الايرانية، حركة حماس، على ما قال الخامنئي وايضا قافزا فوق المؤسسات الشرعية للسلطة الفلسطينية ناصحا ومؤيدا وداعما ومرشدا..
وما غاب بال السيد نصرالله سهوا او اسقطه عمدا امران. الأول هو التحقيق في اغتيال رفيق دربه عماد مغنية الذي قتل في انفجار في دمشق ووعد هو والسلطات السورية باعلان نتائج التحقيق في اسرع ما يمكن. ولكن ما حصل هو تسريبات من تحت الطاولات تتهم تارة قادة في قوى الرابع عشر من آذار في لبنان، وطورا أجهزة استخبارات في دول عربية تتبدل تسمياتها تبعا لتطور العلاقات السورية معها. إلا أن الثابت انه لا تصريحات الوزير السوري وليد المعلم بعد الاعلان عن الاغتيال من ان نتائج التحقيق ستعلن قريبا ولا حزب الله استطاع ان يعلن شيئا، وهذا ما يترك مجالات عدة للشك في من قتل مغنية. طبعا اذا استثنينا الخطاب الرسمي السوري والحزب اللهي الذي اتهم اسرائيل بالوقوف وراء قتل مغنية وان كانت هي طبعا صاحبة المصلحة الاولى في تغييب مغنية من ساحة الصراع الدائر معها.
اما الشأن الثاني والاهم والادهى الذي غاب عن خطاب نصرالله فهو الجولان المحتل. وهو الذي آل على نفسه وحزبه “شاء اللبنانيون ام أبوا” و”من دون الحاجة الى اجماع لبناني” على ما يصف مقاومته لتحرير فلسطين والقدس وكأن الجولان ليس ارضا عربية محتلة. وكما لم نسمع منه ومن حزبه اي رد على امتهان الرئيس السوري بشار الاسد للحكومة اللبنانية حين وصفها ووزراءها وسواهم بأنصاف الرجال، لمجرد انه اعتقد أنهم يفاوضون الاسرائيليين في حمأة حرب تموز. لم نسمع ايضا من نصرالله وحزبه اي تعليق على التهافت السوري على مفاوضة اسرائيل والاعلانات السورية السلمية والراغبة بالتفاوض وحل مشكلة الجولان سلميا، وكأن ما يصح في سوريا لا يصح في العراق او لبنان او فلسطين هذا فضلا عن مفاوضته مع حزبه اسرائيل على تبادل الاسرى الذين لم ينس من بينهم عناصر رفاقه في حركة حماس، في معزل عن الحكومة اللبنانية التي يتهمها زورا بالعمالة للاسرائيليين والاميركيين ويحلل دماء القادة الآخرين في لبنان ممن لا يقولون قوله.
من حقنا كلبنانيين ان نسأل الامين العام لحزب الله حسن نصرالله وحزبه توضيح اجندتهم. فهناك لبنانيون شرفاء ولديهم من الوطنية ما يفيض وهم من اكرم الناس، وان كان نصرالله لا يقر لهم بذلك، ولكنهم لبنانيون وهم كثر ولهم رأيهم في ادارة شؤون البلاد في معزل عن اوهام نصرالله وحزبه وتوجساته. ومن حقنا ان نطالبه بالمشاركة لا ان يطالب هو بالمشاركة ومن حقنا ان نفهم حدود العلاقة بين نصرالله وحزبه وولاية الفقيه. وما قاله انفعالا في خطابه لا يعطي اي توصيف واضح لهذه العلاقة لان تجلياتها الاخرى المرتبطة بالتخوين انتقائية. واذا كان حديث نصرالله عن انه لم يطالب يوما بالسلطة لان مقاومته انتصرت، قمن حقنا ان نذكره ان هذه المقاومة انطلقت من خارج صفوف حزبه واطلقها جورج حاوي ومحسن ابراهيم والياس عطالله قولا وفعلا ومن دون المال النظيف. فهؤلاء ايضا من حقهم ان يطالبوا بالسلطة قبل ان يصادر نصرالله وحزبه، بقدرة سلطة الوصاية وتحالفها مع ايران، المقاومة وتكليف حزب الله حصرا بها لغايات اصبحت معروفة وهي تتضح يوما بعد يوما.
اخيرا كنا نتمنى ان نسمع اي تعليق من اي نوع على تصريحات سورية رسمية قالت أن بامكان اللبنانيين ان يتفاوضوا مع اسرائيل بعد انجاز مراحل متقدمة في الحوار السوري الاسرائيلي. انه حقا لامر مهين في حق دولة يدعي الجميع حرصهم على سيادتها.
kricha@radiosawa.ae
* كاتب لبناني – دبي