تدل محاولة الإغتيال التي نفذها مسلحون من حركة “طالبان” بحق الصبية الباكستانية ذات الأربعة عشر عاما “مال الله يوسفزاي” في “وادي سوات” في باكستان منذ أيام، على تمسك الحركات الإسلامية بمنهج “القتل باسم الدين” كوسيلة لترويع المعارضين وترويضهم. ذنب الصبية المسلمة المحجّبة التي تزين اسمها الأول بلفظ الجلالة، أنها رغبت في استكمال تعليمها رغماً عن إرادة الإسلاميين في بلدتها، بعدما قرروا حرمان الفتيات من التعليم باسم الدين أيضا.
ليست “طالبان” وحدها التي استخدمت القتل دفاعا عن المعتقد الديني طريقة لفرض سيطرتها السياسية على المجتمع. فتاريخ الحركات والفرق الإسلامية الغابرة والمعاصرة حافل بتجارب مشابهة.
بدأت باغتيال الخلفاء الراشدين
تذكر الوقائع التاريخية أن بلاد المسلمين عرفت مفهموم الإغتيال السياسي بدافع ديني منذ عمليات إغتيال الخلفاء الراشدين الثلاثة (عمر وعثمان وعلي)، وصولا إلى عصر ظهور الفرق الإسلامية الدموية التي اعتمدت بدورها مبدأ التصفية الجسدية والمجزرة من أجل السيطرة على الحكم في المجتمعات الإسلامية، مثل الخوارج والقرامطة والحشاشين والزنج وغيرها.
مسلسل القتل باسم الدين استؤنف في عصرنا الحديث على يد فرق جديدة تَسَمَّت بالإسلام أيضا، ونفذت الإغتيالات والمجازر المروعة، منها مجازر “الجماعة الإسلامية المسلحة” و”جماعة التكفير” في الجزائر التي استهدفت على مدى عشر سنوات سكان القرى النائية في الريف الجزائري وأوقعت فيها آلاف الضحايا من المسلمين. تنضم إليها جرائم تنظيم “القاعدة” الدموية في إبادة مسلمين مختلفين عرقيا ومذهبيا في أفغانستان وباكستان والصومال والعراق ودول إسلامية أخرى. في أندونيسيا كذلك، نفذ الإسلاميون أبشع المذابح في ستينيات القرن الماضي، أبادوا خلالها مئات الآلاف من القرويين الآمنين. الجهاد الإسلامي في أفغانستان قتل مليون أفغاني ودمّر قرى بأكملها على رؤوس ساكنيها. الحرب العراقية – الايرانية قتلت أيضا نصف مليون مسلم من الطرفين على مدى ثمانية سنوات.
كل ذلك جرى بحجة الدفاع عن الإسلام والمسلمين، والذي تعتبر هذه الحركات نفسها تمثّله دون غيرها، في حين أن الشيء الوحيد الذي حققته من هذه الممارسات هو استسهال اجتراح فتاوى التكفير والردة وإشاعة تأويل النصوص الدينية وفق ما يناسب مشاريعها وطموحاتها السلطوية.
ونسبةً لهذا التاريخ الدموي الطويل لم يعد من قبيل المبالغة إتهام الحركات الإسلامية التي نشأت تحت شعار محاربة الإستعمار أو الإستكبار، بأنها أبعدت الناس عن الدين، بعدما تحولت في وقت قياسي إلى آلة بطش، تفتك بكل من يخالفها الرأي والعقيدة!
حالياً، لا يشذ حزب الله عن هذه القاعدة.
“حرب الإخوة” بين الحزب وأمل: ٥٠٠٠ قتيل
فهو يستخدم مصطلح “الواجب الجهادي” في معركة الدفاع عن نظام الأسد المتهاوي، الذي استخدمته وما زالت كل الفرق الإسلامية من قبله، ويبرر مشاركة مقاتليه في حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب السوري، بالدفاع عن الإسلام،! وقد اعتبر الشيخ محمد يزبك في تشييع أحد قتلى الواجب الجهادي في سوريا أن عناصر حزب الله “سقطوا هناك دفاعا عن الإسلام والمسلمين”. وهذا ليس بجديد على حزب الله الذي شرّع، منذ نشأته، القتلَ والإغتيال بحق كل من يخالف عقيدته ويقف بوجه مشاريعه السياسية. فحقبة الثمانينات التي سجلت إنطلاقة حزب الله الرسمية سجلت عددا كبيرا من الإغتيالات طالت رموز الحركة الوطنية وشريحة واسعة من المفكرين اليساريين والشيوعيين والعلمانيين، تبعتها في أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات “حرب الأخوة” بينه وبين حركة أمل، والتي أودت بحياة حوالي خمسة آلاف مدني، إضافة إلى اغتيال قادة في حركة أمل، وصولا إلى جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وما تلاها من عمليات تفجير شخصيات وطنية في 14 آذار.
تجربة الفرق الإسلامية على طول وعرض بلاد المسلمين تؤكد نظرية واحدة هي أن مسألة السيطرة على المجتمع واحتكار السلطة، تتبع لمدى فعالية استخدام العنف واصطناعه، الذي يُبَرَّر تحت عناوين دينية، ويخضع لاعتبارات سياسية وتوازنات إقليمية، ويؤدي إلى نتيجة مفادها أن المقاومة والإرهاب في ظل هذه الحسابات ليسا إلا وجهين لعملة واحدة.
“مال الله” ليست الأولى: الإرهاب والمقاومة وجهان لعملة واحدة!
يجدر التعامل بحذر مع التنظيمات الاسلامية-لايعني هذا الوقوف مع الاسد-اتاتورك التركي كان محقا .حتى حزب العدالة التركي ممكن ان يرتد ببطء مشكلة كبيرة مع النصوص الاسلامية بسبب وضعيتها وسيكون صعب جدا تجنب صراع دموي مع الاسلاميين