أخطر ما في تعليقات ما يُسمّى “جمهور حزب الله”، كما تنقلها “النهار”، هو أنه “يفكّر” و”يحلّل” بصفته “جمهور حزب الله”، وليس بصفته “مواطنين لبنانيين” تمثّلهم “دولة”! وإلا فماذا يعني الحديث عن معركة “وجود”؟ “وجود” ماذا؟ “الشيعة” (الذين لا نعرف من “يهدّدهم”، إلا إذا كان مقصوداً “سيطرة شيعة حزب الله” على الطوائف الأخرى)؟ وكذلك التعليقات من نوع أن “مساعدة اللبنانيين في القصير على الدفاع عن انفسهم، وحراسة المقامات الدينية أمران مبرّران”! فمن الواضح هنا أن هذا “الجمهور” ليس مرتبطاً بـ”دولة لبنانية” لها سياستها الخارجية، ولها سياستها الدفاعية والعسكرية! فـ”الجمهور” هو الذي “يقرّر” الإلتحاق بالقتال في سوريا بناءً على “سياسته الدفاعية” هو!
ومثله “اذا سقط الاسد واستلموا الحكم في سوريا من الذي سيحمينا؟” هذا تفكير “جمهور” خرج من عباءة “الدولة اللبنانية” وصار يفكّر بمنطق “طائفة” أو بمنطق “دويلة”!
وهذا كله من “أفضال” الحزب الطائفي-الإيراني المسمّى “حزب الله”. وهو يعني أن هنالك تناقضاً مطلقاً بين “منطق الدولة” ومنطق حزب الله!
الشفاف
*
“النهار” – خاص
ان سؤال مواطنين لبنانيين مؤيدين لحزب الله، حول رأيهم في إرسال الحزب الشبان للقتال في سوريا، يظهر تنوعاً في الآراء قد لا يصل الى درجة الانقسام في الرأي العام نتيجة الوظيفة الصراعية الجديدة التي انخرط فيها سلاح حزب الله.
مساء السبت الماضي، قامت ملاك (27 سنة)، بنشر صورة الشاب محمد نمر الشرتوني، مقاتل حزب الله الذي قضى في سوريا، على صفحتها على الـ”فايسبوك”، وكتبت عبارة: “في أمان الله”. ملاك هي صديقة خطيبة محمد “التي اصيبت بانهيار عصبي، وهي لم تكن تعرف أن خطيبها يقوم بمهمات عسكرية مع علمها بانتمائه التنظيمي الى حزب الله”.
تبدي ملاك حزناً كبيراً على موت محمد، وتنقل عن والدتها التي شاركت في التشييع الحاشد الذي اقيم له في قرية ميس الجبل الجنوبية ان “الفجيعة كبيرة بين اهل البلدة الذين تناقلوا خبرين عن مقتل محمد، اولهما انه قضى في مواجهات مع الجيش السوري الحر في القصير، والثاني أنه قُنص خلال مهامه في حراسة مقام السيدة زينب في دمشق ضمن لواء أبو الفضل العباس”.
وتقول ملاك: “الناس لا تتقبل فكرة أن يموت شبابهم دفاعاً عن بشار الأسد، يمكنك أن تسمعي هذا الكلام بوضوح في أحاديثهم البينية، لكنهم يدركون أنهم لا يقتلون اليوم من أجل بشار. هم يقولون بصراحة: انها معركة فرضت علينا. انها معركة وجود”.
وفي رصد للتعليقات على صورة محمد على الفايسبوك، يغيب أي نقاش سياسي حول القتال في سوريا، فيما تسود عبارات الحزن والمواساة.
من جهته، يعتبر محمد (47 سنة)، وهو مهندس ورب عائلة، يقطن في الضاحية الجنوبية لبيروت، ويضع صورة كبيرة للسيد حسن نصر الله في داره، أن ” الشعارات شيء، والواقع شيء آخر”. ويشرح وجهة نظره: “يمكننا الاختباء وراء اصبعنا، والقول أن المعركة في سوريا هي معركة من اجل الحرية، لكن في حقيقتها هي حرب مذهبية للأسف، وهي ممتدة الى العراق ولبنان”. ويضيف: “نحن لا نبرر مشاركة اولادنا في القتال في سوريا ونعلم ان حربنا يجب ان تكون مع اسرائيل فقط. لكن كيف نحتمل ان يستهدف مقام السيدة زينب ولا نفعل شيئا”. ويرى ان “مساعدة اللبنانيين في القصير على الدفاع عن انفسهم، وحراسة المقامات الدينية امران مبرران”.
بخلاف محمد، دانيا (35 سنة)، وهي ام لولدين، ومدرسة في احدى مدارس الضاحية الخاصة، لا ترى “أننا يجب ان نستدرج الجيش الحر ليقاتلنا في بيوتنا”. وتضيف ” حين نذهب الى سوريا، نعطيهم الذرائع لكي يقاتلونا هنا”. وتردف “الامر خطير جدا، انهم يعيشون بيننا، لا نعرف العامل من المقاتل، واذا سقط الاسد واستلموا الحكم في سوريا من الذي سيحمينا؟”. وهنا تقر دانيا ان سلاح حزب الله اصبح له وظيفة اخرى غير قتال اسرائيل فـ”نعم اعتقد اننا سنحتاج هذا السلاح للدفاع عن انفسنا مستقبلاً لأنهم يكرهوننا (المعارضة السورية) كثيرا، لذلك يجب ان نتوقف عن التدخل في المعركة في سوريا”.
من جهته، يقول الحاج محمد (64 سنة) ان “حزب الله لم يستدرج الى المعركة، فمنذ البداية هو يعرف ان اسقاط نظام الاسد يعني نهاية الحزب”، مضيفاً “انا في المبدأ ضد ارسال شبابنا الى سوريا، ويجب على الحزب ايجاد الوسائل لحمايتنا ضمن الحدود اللبنانية في حال ارادوا استهدافنا”. ويقول “نحن والسنة يموت شباننا ويجب ان يتوقف حمام الدم هذا”، متوقعاً ان تتوسع دائرة المعركة بين حزب الله والجيش الحر “هذا ما نسمعه ويتحضرالجميع له”.