بيان جيّد صادر عن حكماء وناشطي المنطقة الشرقية من ليبيا. ولكن، لنا عليه ملاحظات.
أوّلها أنه كان طبيعياً، وأكثر إنسانية، أن يسمّى البيان “الضحايا” الذين أشار إليهم في معرض “إدانة الاعتداء الذي تعرضت له القنصلية الأمريكية في بنغازي و تقديم العزاء لأسر الضحايا”! إن “الضحايا” المقصودين هم ٤ مواطنين أميركيين، وأميركا شعب صديق دعم ثورة ليبيا ضد الطاغية! فلا أقل من ألا يتمّ “تجهيل المقتولين” و”تجهيل جنسيّتهم”!
إلا إذا كان بين المؤتمرين من يرفض “التعزية بالكفّار”! وهم بالمناسبة نفس “الكفّار” الذين أنقذت طائراتهم بنغازي من الدمار!
والثاني، أننا نثني على إصرار المؤتمر على إدانة “السياسة التي انتهجتها السلطة الانتقالية السابقة بجناحيها المجلسي و الحكومي التي تقوم علي دعم الكتائب الغير النظامية علي حساب الجيش و الشرطة”.
هذا صحيح وجوهري. وبات ضرورياً أن يرتفع صوت الليبيين ضد الجهات الليبية المموّلة من دولة قطر التي ترفض قيام جيش وطني ليبي لأنها تحلم باستخدام ليبيا “قاعدة” لزعزعة إستقرار البلدان المجاورة تمهيداً لقيام “دولة الخلافة الإسلامية في شمال إفريقيا”.
وكان مفيداً لو تجرّأ البيان على ربط رفض الحكومة الإنتقالية لقيام جيش وطني بعملية إغتيال اللواء عبد الفتاح يونس التي تتحمل مسؤوليتها دولة قطر أولاً وأخيراً.
كانت ليبيا “رهينة” خطفها ملوك ملوك إفريقيا لتحقيق مشاعر عظمته التافهة، فهل تصبح “رهينة” لتحقيق أحلام حاكم قطر التي شرحها السيد مصطفى عبد الجليل بكل وضوح في مؤتمره الصحفي الأخير؟
الشفاف
*
*
بيان مؤتمر حكماء و ناشطي العمل السياسي و الاجتماعي و الحقوقي و منظمات المجتمع المدني بالمطقة الشرقية
إن الملتقي الوطني للاعيان و الحكماء و ناشطي العمل السياسي و الاجتماعي و الحقوقي و منظمات المجتمع المدني شرق ليبيا الذي يعقد في مدينة بنغازي برعاية مجلس حكماء بنغازي و ضواحيها , لإعلان موقف وطني إزاء التطورات الخطيرة التي يشهدها وطننا الحبيب من تهديد لأمنه و استقراره و سلامة أراضيه بالإعتداءات و الانتهاكات و الأعمال الاجرامية التي استهدفت زرع الفتنه و ترويع الآمنين , و التي نتجت عن السياسات الخاطئة التي أدت إلي تقوية الكتائب غير النظامية و تهميش الجيش و الشرطة مما عطل القوانين و ألقي البلاد في أتون الفوضي , فإن الملتقي من خلال رصده ردود أقعال المواطنين حيال هذه الأعمال يعلن ان ابناء الشعب الليبي بقبائله و حكمائه و نشطائه السياسيين و الاجتماعيين و مؤسسات المجتمع المدني و كل شرائحه يدٌ واحدة في إدانة هذه الأعمال المنافية لأخلاقيات و قيم المجتمع الليبي المسلم المبنية علي التسامح و نبذ العنف و التطرف , و يؤكدون علي مايلي :
1. إدانة عمليات نبش القبور و بعثرة رفاة صحابة رسول الله في درنة و زويلة , و أولياء الله الصالحين , و ما أدت إليه من فتنة و إزهاق للأرواح كما حصل بزليتن و الرجمة و العجيلات , و اعتبار هذه الأفعال الإجرامية تستهدف طمس الشخصية الإسلامية الليبية التي انطبع تدينها عبر القرون بالاستقامة و الاعتدال اقتداءً بالمذهب المالكي , ومطالبة النائب العام بتحريك الدعوي الجنائية ضد من ارتكبوا هذه الأعمال و من أصدر الفتاوي التي تسببت في هذه الأعمال و إصدار مذكرات قبض دولي ضدهم و تحميلهم المسؤولية المدنية و الجنائية .
2. إدانة عمليات القتل و الإغتيال و إدانة عمليات الخطف و التغييب القسري التي ترتكب علي ايدي الكتائب الخارجة عن نطاق الجيش و الشرطة الاحترافيين , و المطالبة بعدم تنفيذ أي أمر قبض إلا من خلال أجهزة الضبط التابعة لهاتين المؤسستين السياديتين لإجراء قضائي و فق القانون .
3. إدانة استفزاز مشاعر المسلمين بالاساءة الي دين الاسلام و الرسول الكريم صلّ الله عليه و سلم … و إدانة الاعتداء الذي تعرضت له القنصلية الأمريكية في بنغازي و تقديم العزاء لأسر الضحايا , و المطالبة بمعاقبة مرتكبيها بالعقوبة القانونية الرادعة , و رفض استغلال هذا العمل للتدخل العسكري الأجنبي في ليبيا .
4. إدانة السياسة التي انتهجتها السلطة الانتقالية السابقة بجناحيها المجلسي و الحكومي التي تقوم علي دعم الكتائب الغير النظامية علي حساب الجيش و الشرطة , ومطالبة المؤتمر الوطني العام و الحكومة الانتقالية الجديدة , بالمسارعة إلي انهاء فوضي السلاح بموجب آليـات تكفل ضم المسلحين فرادي الي الجيش و الشرطة وفق قواعد الضبط والربط المعمول بها في هاتين المؤسستين , وعدم منح الشرعية لأي قوة مسلحة خارج الجيش و الشرطة , وعدم السماح بظهور جيش أو قوة أمنية موازية .
5. إدانة ضعف أداء رئاسة الأركان ووزارة الداخلية القائم علي دعم الكتائب غير النظامية , و تهميش الجيش و الشرطة مما عرقل هاتين المؤسستين السياديتين عن أداء مهامها في حفظ الأمن و النظـام .
6. إنهاء ظـاهرة السجُون و المعتقلات الغير شرعية , وتحديد اسباب اعتقال نزلائها , وعدم السماح لأي جهة كانت بالاعتقال و القبض خارج حدود القانون وعدم التساهل مع اي شخص يعتقل انسان او يفتشه أو يدخل مسكن دون إذن أو أمر من السلطات القضائية أو خلافا لما يقضي به القانون .
7. تدعو القبائل الليبية أبنائها إلي ترك الكتائب الغير نظامية و الالتحاق بالجيش و الشرطة فرادى , ومن يرفض ذلك يتحمل بنفسه تبعات أي فعل يرتكبه جراء عمله بهذه الكتائب .
8. تكثيف المساعي الحميدة لتحقيق المصالحة الوطنية لضمان سلامة الوطن و أبنائه .
9. مطالبة المؤتمر الوطني العام بعدم المساس بآلية انتخاب اللجنة التأسيسية من عموم الشعب وفق التعديل الاخير الذي أجراه المجلس الانتقالي بما يضمن أن يعد مشروع دستور يعبر عن امال و تطلعات الشعب الليبي .
10. إزالة بقايا معاقل الطاغية و رموز طغيانه وعلي رأسها أسوار و مباني كتيبة الفضيل بوعمر , و كتيبة 7 أبريل سابقاً , أسوة بمعقل الطاغية بباب العزيزية .
عـاشت ليبيا حرة أبية
بنغازي 15/9/2012
المؤتمر الوطني الأول للحكماء و ناشطي العمل السياسي و الاجتماعي والحقوقي و منظمات المجتمع المدني شرق ليبيا