كلما أراد نظام عربي أن يلهي شعبه بـ”قضايا” وهمية عما يعانيه من قمع واضطهاد وبؤس وغياب حرّيات فإنه يلجأ بالأغلب إلى واحدة من “قضيّتين”: فلسطين أو الإسلام.
في الآونة الأخيرة، درجت في شمال إفريقيا، وخصوصاً الجزائر والمغرب وحديثاً ليبيا، أخبار طرد “مبشّرين” بالدين المسيحي. مما يوحي أن هنالك “غزواً صليبيا” لأرض الإسلام الطاهرة! وقد جنّد بابا روما وأركان البروتستانتية، مجتمعين أو متفرّقين، الجيوش الجرارة لإبعاد شمال إفريقيا عن الإسلام.
كم يبلغ عدد هؤلاء “المبشّرين”؟ واحد في ليبيا حتى الآن، وربما 10 أو 20 في الجزائر (معظمهم مواطنون جزائريون من العرب) وربما 20 أو 30 في المغرب. أي حوالي 50 أو 60 (إذا ضربنا العدد بعشرة يصبحون 500 أو 600) مبشّر استطاعوا “بقوة الجبابرة” أن يعرّضوا إسلام 80 مليون مواطن للخطر!
كدنا ننسى حفنة من العراقيين الشيعة (أقل من 10) الذين عرّضوا المذهب السنّي في المملكة المغربية للخطر، قبل أن تكتشف السلطات مؤامراتهم “الدنيئة”!
لا نعرف الكاتب الليبي السيد “علي الخليفي”، لكننا نوجّه له التحية. وقد عثرنا على مقاله هذا في موقع “وطننا ليبيا”. وقد كتب المقال التالي تعليقاً على خبر إعتقال “البحث الجنائي الليبي” لـ”مبشّر مسيحي يهدي مواطناً ليبياً كتابه المقدس”. المقال صالح للقراءة من المحيط إلى الخليج:
ليلة القبض على البِشارة
جُند الله الميامين من صناديد البحث الجنائي يلقون القبض على مُبشر مسيحي يُهدي مواطناً ليبياً حراً سعيداً كتابه المقدس
ويبشر بالمسيحيه بين صفوف ابنائنا ويغرر بهم فهم دائماً أغرار وسيظلون أغراراً يحتاجون لمن يفتش في صدورهم عن إيمانهم ومعتقدهم.
البحث الجنائي وما أدراك ما البحث الجنائي .. للإستثناء نقول إلا من رحم ربي ونعلم إنه لم يرحم منهم إلا القليل.أما العام بينهم فهم مجموعة مرتزقة جاهزون لقطع عنق إنسان مقابل زجاجة خمر يمضون بها سهرتهم وهم يتلددون بعذاب أحد الّذين أوقعتهم قلة الوالي بين أيديهم القذرة, أشاوس البحث الجنائي يحمون دين المواطن وهل طلع دين المواطن إلا منكم ,هل من أحد غيركم أفلح في أ ن يُخرج الإنسان من الإيمان بأي شيء حتى نفسه مثلما أفلحتم , هل رجال البحث هؤلاء معترف لهم انهم على الاسلام؟ إن اقررتم أن هؤلاء على الإسلام فأنتم حقاً بحاجة للعم شحاته ليهديكم إلي دين آخر فلا حاجة لكم بهذا الدين الذي يقبل أن ينتسب إليه كل جبار في الأرض.
هؤلاء هم حماة الدين الاسلامي المتعمق جداً في قلوب الليبين فبلدهم هي بلد المليون حافظ لكتاب الله والمليوني شاتم لله في الشوارع ,فالله لم يُشتم في أي مكان من أرضه مثلما شُتم ويشتم في شوارع مدنكم المتطاولة على الله والخانعة لأول عنز أمن يقف على بوابتها.
أليست شوارعكم تلك هي ذاتها التي تسكر مع هبوط كل ظلام بكل شيء مُسكر حتى إن كان عصير جوارب نتنه,أليست شوارعكم تلك هي ذاتها الشوارع التي لم تفلح قط في تحقيق الإكتفاء الذاتي من أي منتوج سوى البوخة والقرابة رغم إحتيجات السوق المتزايدة .أليست شوارعكم تلك هي ذاتها الشوارع العمياء التي لاتحمل أسمأء ولا عناوين وليس لها مكان إقامة ثابت وتنتظر البلدوزر ليقرر بقاءها من عدمه مع إطلالة كل صباح,ألست أنت الذي تهيم على وجهك وسط تلك الشوارع التي توسم بيوتها بعلامة حمراء, ألست فعلاً بحاجة لمُبشر يُخرجك من تلك الهاوية التي تلتقم أيامك وأفراحك وكل ما نسجته من أحلام لنفسك ولوطنك .
نحن أمة تتعيش على الكذب والإحتيال الي الحدّ الذي صرنا فيه نحتال على أنفسنا ونحتال على الاشياء من حولنا ,كأننا صرنا فقط نبحث عن مبررات لوجودنا ,فنحن ربطنا وجودنا الإنساني بوجد شرعة او دين ونسينا أن الإنسان هو الّذي يُعطي الشرعيه للشرائع والأديان.
غياب هذا الإنسان عن شوارعكم جعل حياتكم بشعة ومرعبة مليئة بالأشباح والجُنون والسحرة والأولياء ,تعيشون حياة مرعبة والاكثر إرعاباً وإرهاباً أنكم لا تدرون ولا تتحسسون مكانكم في الكون وكيف تراكم الدنيا من حولكم ,نعم أنتم بحاجة ليس فقط لمُبشر ,أنتم بحاجة فعلاً إلي نبي ليخرجكم من هذا الضلال المقدس, لكنكم للأسف أقفلتم حتى عصر النبؤات وعصور الحكمة وعصور الأمرين بالقسط ,أقفلتم كل نافدة تطل على مطلٍ جميل.
نحنُ فعلاً بحاجة لمن يدعونا للخلاص,الخلاص من هذا الجلد النحاسي الّذي تنحس لكثرة ما جُرجر في أسواق النِخاسة ولكثرة السياط التي وقعت على ظهره خلال ألف وأربعمائة عام من التغيب الكامل للإنسان من قِبل أمة تدعي بهتاناً أنها أقامة حضارتها على شرعة دين يقدس الإنسان. وقبل أن تعترض .أنظر إلي نفسك ,هل أنت مقدس الآن .كفى بنفسك عليك حسيباً اليوم وغداً.
لو كان هذا النهج الذي أتبعته طوال هذه القرون نهجاً إلاهياً لأوصلك لله ولو وصلت لله لما كنت ما عليه أنت الآن ,فالله وعد بالحياة الطيبة لمن آمن وعمل الصالحات فأنظر حولك وتفحص نفسك ومكانك ووطنك .هل أنت تعيش حياة طيبة ,ربما تكون طيبة إذا ما تأملتها بعيني تيس شبق ,لكن هذه ليست الحياة الطيبة التي وعد بها الله, فالله لا يعد عباده بالشهوات ,فكفوا عن تشويه صورة الله في أذهاننا. الحياة الطيبة هي تلك التي تستطيبها نفسك الراضيه عن نفسها والراضيه على ربها.أن تعيش رضاك الذاتي النابع منك وليس الرضى الإجباري الذي تُجبر عليه وتحتسبه عند الله وتبحث له في كُتب الأقدمين عن الأعذار التي أتخدها أؤلائك الأقدمون للتقاعس عن نصرة الحق وتستن بها لتمنح نفسك رضاً مصطنعاً وسلام كاذب مع نفسك تحيطه بتمتماتك وتعاويذك لتصرف عنك أسئلة عقلك المتكررة والمُلحة والتي تضطرك إلي شيطنة عقلك لتظل تستعيذ بالله منه صباح مساء,لكن الله لا يستجيب لك ولا يعيذك من عقلك لأنه يحبك ووهبك هذا العقل كعربون لمحبته الدائمة لك في كل تقلباتك وأطوارك التي لايعلمها أحد مثلما يعلمها هو.
نحن بحاجة لمُبشر يصالحنا مع أنفسنا قبل أن نتصالح مع الآخر, نحن نحتاج إلي أن نتفق مع بقية سكان الأرض على أبسط المسلمات وهي أن للآخر ذات الحقوق التي فرضتها لنفسك لأنك يجب أن تتذكر أن خرافة خير أمة قد صارت أضحوكة وسيف أجدادك الغزاة صار معروضاً في المتاحف لذلك عليك أن تتوقف عن لعن أديان الآخرين وعن فتنتهم في دينهم إذا أردت أن يتوقف الآخر عن فعل ذلك بك .لماذا لا تخشى أوربا كتبكم وشروحكم وخطبكم المتوفرة بكل اللغات والتي توزعونها علناً في الشوارع تحت حماية البوليس والناس على السواء ,لماذ لم تتحول أوربا الي الإسلام وهل تمتلك أنت قدراً كافياً من الثقة في إيمانك يجعلك تخوض التجربة وتفتح أبوابك لمن يحمل عقيدة مخالفة وتُمكن له من الدعوة اليها .الم تقل دوماً أن عقيدة النصارى بحسب تعبيرك عقيدة مضحكة وتقوم على أركان هشة ,فهل تستطيع أن تترك الناس في بلدك تتطلع على عقائد النصارى الهشة ليضحكوا منها.فإن تحولو اليها فذلك معناه أنهم كانو على عقيدة أكثر هشاشة وقد سعو إلي الأفضل وقدرُ الإنسان أن يسعى للأفضل .
القبض على مُبشر أو عشرة لن يوقف سعي الإنسان للبحث عن الخلاص,الحل ليس في حجب المعرفة, الحل في أن تنجح في إخراج الإسلام من أن يكون حالة لايطيقها الإنسان ويسعى للخلاص منها بسبب كم التناقضات والأكاذيب والإفتراءات المقدسة على العقل.
المُطاردة والإعتقال للفكر والرأي واللّعن والتهديد والشتم لغات تجاوزها الزمن وأنت الذي لازلت ترددها تعيش خارج الزمن ,عليك أن تبحث بهدؤ عن حُجج تُقارع بها ,لا حجارة تقرع بها رأس من خالفك فقد مضى زمن أجدادك الفاتحين ولن يعود وأنت الآن ورُغماً عنك ستخضع لشرائع العالم المتحضر لتُلزمك بمراعاة وتنفيد ما جاء في خُطبة وداع نبيك الذي تدعي أنك تُعظمه.
ليس هناك أمة في الدنيا تحاصر نفسها بالمخاوف من الآخر الذي يتربص بها ليسرق أشياءها الثمينة وتشتكي من كيل الآخر بمكيالين لها مثلما فعلت وتفعل هذه الأمم المُعربة رغم أنه لم يشهد التاريخ أمة مثلها تملك هذا العدد المأهول من المكاييل والموازين.
لقد أرسلت السماء رسلها لأقوام لتقول لهم فقط أوفو الكيل والميزان لكن تلك الأقوام لم تستجب فأوصلهم تطفيفهم للميزان إلي الإنقراض ونحن أمة نمشي حتيثاً نحو الإنقراض بسبب مكاييلنا المنقوصة وموازيننا المغشوشة التي تجعلنا نستحق أن نلقب بأمة المطفيفين.
نحن نُخسر الميزان في كل شيء ,في كل منحى من مناحي حياتنا ,نحن نتعيش على التطفيف بجميع انواعه من عمولات إلي رشاوي إلي مدان وجه وتمسليق وبدل ماء الحياة وماء الحياء لأجل معيشةٍ خشنة لايمكن تطريتها إلا بماء الجبين لنمنح حياتنا شيئاً من الطراوة ويالها من طراوة .طراوة نتنه منتنه تسد مسام وخياشيم المتنعم بها.
قبل أن نتصارع على رب للإنسان دعونا نتفق على الإنسان أولا في تلك البلاد ثم ندع لهذا الإنسان الخيار في إختيار ربه.
لن تومض شرارة نور في الأفق البعيد حتى تومض شرارة المعرفة بين جوانحك, ما من بِشارة وما من بشير سيغني عنك إذا لم تولد البِشارة من رحم روحك أنت لتكون أنت بشير نفسك ونذيرها ومُخلصها.
ليلة القبض على البِشارة: الله لم يُشتم في أي مكان مثلما يشتم في شوارع مدنكم الخانعة لأول عنز أمن يقف على بوابتها
hassan — hara13_sa@yahoo.com
انني اؤمن بأن يكون الحاكم مسيحيا عادلا على ان يكون مسلما ظالما