تُمثل الاحتجاجات العنيفة التي اجتاحت مصر منذ يوم الجمعة الامتحان الأكثر خطورة لرئاسة محمد مرسي التي مضى عليها سبعة أشهر. وعلى الرغم من أن المظالم والاحتجاجات المتباينة هي التي تدفع المتظاهرين، إلا أن تدهور الأوضاع في المدن في جميع أنحاء البلاد يشير إلى فشل عام في الإدارة يهدد بعدم الاستقرار غير المحدود — وهي حالة من شأنها أن تجعل مصر شريكاً غير مؤكد للولايات المتحدة.
عنف غير مسبوق
اجتاحت الاحتجاجات مصر طوال معظم فترات العامين الماضيين، لكن الجولة الحالية أكثر عنفاً وأوسع انتشاراً من سابقاتها. وقد بدأت عند قيام عشرات الآلاف من المحتجين — معظمهم من غير الإسلاميين — بإحياء الذكرى الثانية لثورة 2011. وانضمت إلى الاحتجاجات حركات فوضوية مثل “الكتلة السوداء”. كما اشتبك المتظاهرون مع قوات الأمن وهاجموا مكاتب جماعة «الإخوان المسلمين» في جميع أنحاء البلاد. ويوم السبت، نشب اقتتال فتاك بين المتظاهرين والشرطة في بور سعيد عقب صدور حكم يقضي بإعدام 21 شخصاً بسبب دورهم المزعوم في مجزرة بأحد ملاعب كرة القدم في شباط/فبراير 2012.
ولم تؤدِ محاولات الحكومة لاستعادة النظام — بما في ذلك التدخل العسكري في ثلاث مدن على قناة السويس وإعلان مرسي فرض حالة “الطوارئ” التي منحته سلطات موسعة — سوى إلى تفاقم الاضطرابات. وقد لقي خمسون شخصاً على الأقل حتفهم فيما أصيب المئات بجراح، ودمرت ممتلكات في أنحاء مختلفة من البلاد.
إحباط واسع النطاق
يعكس نطاقُ العنف الإحباطَ العام من جراء تصاعد المشاكل الاقتصادية وعجز القاهرة في الوفاء بالعديد من مطالب الثورة، مثل إصلاح وزارة الداخلية القمعية ذات السمعة السيئة والحد من عدم المساواة الاقتصادية. ومن غير المحتمل أن يتبدد أي من تلك المظالم والشكاوى بين عشية وضحاها. إن إعادة تدريب الشرطة لمكافحة الجرائم بدلاً من قمع الأنشطة السياسية قد يستغرق سنوات، كما أن الحكومة ليس لديها خطة واضحة لمنع وقوع كارثة اقتصادية باستثناء طلب قروض أجنبية كبديل مؤقت على المدى القصير.
وقد جاءت هذه المظالم إلى حد كبير نتيجة فشل قيادة «الإخوان المسلمين» الحاكمة خلال سنتها الأولى في السلطة، حيث ركزت «الجماعة» على تعزيز سلطتها بدلاً من الوفاء بوعودها. وفي هذا السياق، تضمنت إجراءات مرسي الرئيسية إصدار إعلانين دستوريين وسّعا من صلاحياته وتمرير دستور إسلامي من خلال “الجمعية التأسيسية” التي يهيمن عليها «الإخوان»، وزيادة عدد وزراء الحكومة والمحافظين من جماعة «الإخوان» مع كل جولة جديدة من التعيينات. وفي الوقت نفسه، وبدلاً من قيام مرسي بإصلاح وزارة الداخلية، بدا راضياً عن استخدامها لعزل نظامه وتحصينه. وعلى الصعيد الاقتصادي، أرغمه زملاؤه في «الإخوان» على التراجع عن محاولات مختلفة لزيادة الإيرادات الجديدة وخفض النفقات.
دلالات على السياسة الأمريكية
كانت إدارة أوباما حتى الآن، مترددة من إثارة تساؤلات حول السلوك الداخلي لمرسي خوفاً من الإضرار بالتعاون المصري حول المصالح الأمريكية الإقليمية الرئيسية مثل معاهدة السلام مع إسرائيل. لكن فشل إدارة الرئيس المصري يهدد الآن بعدم الاستقرار غير المحدود، لذا يجب على واشنطن أن تبتعد عن تركيزها شبه الحصري على التزامات السياسة الخارجية للقاهرة. وهذا يعني بعث رسالة شديدة اللهجة إلى مرسي وجماعة «الإخوان» مفادها أن تقاعسهم المستمر عن الوفاء بوعودهم للشعب على المدى القصير ورفضهم الحكم بشكل أكثر شمولية على المدى الطويل قد يحوّل مصر إلى دولة فاشلة — وهو سيناريو لا يصب في مصالح واشنطن أو القاهرة.
وعلى وجه التحديد، يجب على واشنطن أن تُخبر مرسي بأنه لا يستطيع فعلياً منع العنف والاحتجاجات المزعزعة للاستقرار بدون وجود سياسة جادة لإنعاش الاقتصاد المتهالك، وجذب الاستثمارات، وخلق المزيد من فرص العمل. كما ينبغي عليها أن تخبره بأن استمرار نظامه الاحتكاري في الحكم وتوطيد سلطته سوف يُغضِب الجماهير ويتركها تشعر بالحرمان، مما يزيد من احتمالية وقوع المزيد من جولات العنف. وأخيراً، ينبغي عليها أن تُذكره بأن القروض الدولية التي يسعى الحصول عليها لتعزيز الاقتصاد، بما في ذلك 4.8 مليار دولار من “صندوق النقد الدولي”، هي استثمارات باهظة التكلفة يصعب تبريرها في ظل نظامه الحالي في الحكم.
إريك تراغر هو زميل الجيل القادم في معهد واشنطن.