1ـ يخضع لبنان لاحتلال إيران صريح يمثّله حزب تابع للحرس الثوري الإيراني بقيادة حسن نصرالله وعدد من توابعه اللبنانية والفلسطينية. حركة “حماس” هي إحدى أدوات الإحتلال الإيراني للبنان.
2ـ لا تتضامن حركة “حماس” مع اللبنانيين الذين يخضع بلدهم للإحتلال، وتتعرض مؤسساته للتدمير، وشعبه للتهجير. بالعكس، “حماس” تتضامن مع المحتل، وتنسّق معه، وتستفيد من انهيار مؤسسات لبنان، ومن إفقار شعبه وهجرته.
من لا يتضامن مع بلدي لا أتضامن معه.
3ـ منذ العام ّ2009، سمّى المعارضون الإيرانيون، مثل ناشط حقوق الإنسان الإيراني “عماد الدين باقي” حزب الله وحركة “حماس” بين المنظمات الأجنبية التي شاركت في قمع الشعب الإيراني الذي خرج في “الإنتفاضة الخضراء” العظيمة بعد تزوير الإنتخابات الرئاسية.
حزب الله وحركة حماس “عُسُس” في خدمة الإستبداد الديني الذي شارف على السقوط في كل أنحاء الشرق الأوسط. ومن يَعِِش يرى. (إقرأ: أغلبية إيران ضد “حماس”: لماذا يشعر خامنئي بـ”الذعر” من هزيمة “مغامرة غزة”؟)
4ـ حركة “حماس” إيديولوجياً، وتنظيمياً، هي جزء من تنظيم “الإخوان المسلمين” الذي يمثل إيديولوجية دينيةـ سياسية متخلفة، ومتطرفة، لم تجلب سوى الشقاء والبؤس والدمار لمجتمعاتها، وحتى لأنصارها. ومشروعها، لو قُدّر لها أن تنتصر، هو مشروع “إمارة إسلامية” مناوئة للديمقراطية ومناوئة لحقوق الإنسان. ومثل هذه المشروعات خطر على شعوب المنطقة، وعلى تقدمها، وعلى رقيّها، كما أنها خطر على السلم في المنطقة.
5ـ مثلها مثل حزب الله، الذي قال زعيمه المعيّن من إيران، حسن نصرالله، بعد حرب 2006 وتدمير لبنان، عبارة “لو كنت أعلم”، تنتمي “حماس” إلى التيارات العبثية الإجرامية التي لا تقدم لشعوب المنطقة سوى الدمار، مثل البعث السوري، وبعث صدام حسين، وإيران الخميني والخامنئي. إسقاط تلك الجماعات الفاشية العقيدة والتنظيم هو مصلحة شعوب المنطقة، ولا تخضع هذه الحصيلة لأي “تمييز”. مثلما لم يكن ممكناً أن نؤيد صدام حسين لأنه “هدد إسرائيل”، فليس مقبولاً إضفاء قدر من الشرعية ألأخلاقية أو السياسية على حماس أو حزب الله لمجرد أنها تزعم القدرة (الوهمية) على تدمير إسرائيل.
حرياتنا السياسية والفردية “خط أحمر”. وحريات نسائنا وكرامتهن” “خط أحمر” في غزة، وطهران مهسا أميني، وبيروت.
6ـ وصلت حماس إلى السلطة في غزة بانتخابات انتهى مفعولها منذ 17 سنة ثم بـ”انقلاب دموي” على السلطة الفلسطينية لا يختلف في شيء عن انقلاب الحزب الإيراني على لبنان وشعبه في 7 أيار 2008. واستمرت في السلطة بواسطة “قمع شعب غزة” ودعم أمير قطر الباحث عن دورٍ يخرج بلده الصغير من حجم الضفدعة إلى حجم تاجر وساطات ورهائن، وملتزم تخريب وإرهاب.
واستمرت أيضاً بفضل التواطؤ الإسرائيلي الذي كشفه محللون عسكريون إسرائيليون، ومفاده “ندعم سلطة حماس في غزة مقابل التوسع والإستيطان في الضفة الغربية”. وكشف محللون إسرائيليون، قبل أسابيع من الحرب الراهنة، أن إسرائيل كانت قد التزمت بعدم إسقاط سلطة حماس في غزة، وبإضعاف منافسي حماس مقابل الحفاظ على الحد الأدنى من الهدوء على الحدود بين إسرائيل وغزة. (ننصح القارئ أن يأخذ وقته لقراءة هذه الدراسة الإسرائيلية التي صدرت قبل شهرين من الحرب وقام الشفاف بترجمتها: الجنرال يوسي كوبرفاسر: كيف يمكن لإسرائيل أن تحل مشكلة غزة؟))
7ـ فرضت حماس بالعَسف والسجون على شعب غزة الذي كان منفتحاً نظاماً تزعم أنه “إسلامي”، وهو عبارة عن نظام “فاشية سوداء” طالبانية لا يمث بصلة إلى الفلسطينيين (وبعضهم كانوا “غزاويين”) الذين عرفناهم في لبنان.
الفلسطيني، كما عرفناه، “لا يلبَق له” الزي الطالباني.
8ـ ليس هنالك تفسير “فلسطيني” للحرب التي أشعلتها حماس ضد إسرائيل. ما ليس مفهوماً هو أن محللين إسرائيليين بارزين توقعوا حرباً في سبتمبر أو أكتوبر. بينهم “إيغال كارمون” الذي ترجم “الشفاف” تحذيره قبل شهر ونصف (وجهة نظر إسرائيلية: مؤشرات حرب لبنان جديدة في سبتمبر أو أكتوبر). المشكلة أن دراسة الجنرال يوسي كوبرفاسير ومقالة إيغال كارمون ربما تكون مبنية على “معطيات” مُضمَرة لا نعرفها.
لكن، هنالك تفسيرا “إيرانيا” لها: إيران الخامنئي تريد إسقاط مسيرة السلام بين العرب وإسرائيل، وتخشى بالدرجة الأولى من التطبيع السعودي ـ الإسرائيلي لأنه سيكون بمثابة “إعلان خروج إيران من التدخل في الشؤون العربية”. بعد التطبيع السعودي ـ الإسرائيلي، تصبح إيران مثلها مثل الموزامبيق في الموضوع الفلسطيني، ويصبح “الحرس الثوري” وتوابعه “عاطلين عن العمل”.
9ـ إذا كان أحد يعرف تفسيراً “فلسطينياً” لهذه الحرب، أو يعتقد أن الشعب الفلسطيني سيجني “مغانم” منه، فليخبرنا. السلطة الفلسطينية تظل، رغم فسادها، ممثلة الحركة الوطنية الفلسطينية، لكن “حماس” لا تمثل الشعب الفلسطيني، ولا تمثل مصالحه، ولم تحصل على تفويض من الفلسطينيين لشن حرب سقط فيها ألوف الفلسطينيين قتلى وجرحى. العاروري وهنية ومشعل أشعلوا حرباً وفق شعار نصرالله في 2006: “شاء اللبنانيون أم أبوا”.
ماذا فعلت “حماس”، خلال 17 سنة، لحماية شعب غزة من القصف الإسرائيلي؟ “غزة ليس فيها جبال ولا وديان! “طيبة أهلها هي جبالها ووديانها” وفق تعبير جميل لـ”هشام دبسي”! (بالمناسبة، لمن لا يعرف، كان أهل غزة يفاخرون بأن “هنالك 5 أجهزة كومبيوتر في كل بيت”!).
10ـ. بعض العرب يعيش “حالة انفصام”, هم مع “حل الدولتين”، وليسوا ضد “السلام مع إسرائيل”، وضد “حزب الله” ولكنهم، إذا سمعوا أول طلقة نار يتحدثون عن انتصار المسلمين على الصليبيين قبل 1000 سنة. وتنهمر دموعهم في ذكرى “النكبة” و”النكسة“. حسناً، انتصر المسلمون على الصليبيين قبل 1000 سنة، ولكنهم (عرباً وكرداً وأتراكاً وإيرانيين) باتوا الآن يرمون أنفسهم إلى البحر، وأحياناً إلى الهلاك، للعيش في بلاد الصليبيين.
قرّروا ماذا تريدون، خصوصاً إذا كنتم لبنانيين.
11ـ في الحرب التي بادرت هي إليها، ارتكتب حماس جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بينها قتل وخطف مدنيين وحرق واغتصاب وقطع رؤوس وغيرها من ممارسات “داعش” الإجرامية. حملة “تكذيب الجرائم المنسوبة لحماس على أساس “ديننا لا يسمح بذلك” تنتمي بدورها إلى “انفصام” فكري يعيشه بعض العرب. من كان عنده صدام حسين، وحافظ الأسد، وبشار الأسد، وعمر البشير، و”داعش” لا يمكنه أن يرفع هكذا شعار, مثلما لا يحق لأوروبي أن يُنكر المحرقة في ّ”أوشفيتز” بحجة أن المسيحية “دين سلام” وأن هتلر ولد في بيئة “مسيحية”. ينبغي التبرؤ من جرائم “حماس” والتعاطف مع ضحايا تلك الجرائم، وليس السعي للدفاع عن القاتل.
12ـ لأول مرة في تاريخ إسرائيل، يقوم شعب إسرائيل علناً وصراحةً بـ”إسقاط” رئيس حكومته (معنوياً) أثناء حرب. غولدا مائير،أيضاً، فوجئت بالحرب المصرية ـ السورية في أكتوبر 1973، مثلها مثل وزير دفاعها موشي دايان، وحاسبها شعب إسرائيل بعد الحرب، ولكنه لم يُشَهِّر بها مثلما يشهّر الإسرائيليون الآن برئيس حكومتهم. نتنياهو، الذي تتهمه شخصيات إسرائيلية بـ”الفساد” (تلميحاً لعلاقته مع قطر، خصوصاً) انتهى سياسياً.
هذا يفسّر بعض عمليات القصف العشوائي لغزة الذي سقط فيه مئات الأبرياء، وأفقد إسرائيل دعم الرأي العام الدولي الذي تمتعت به في أيام الحرب الأولى. منذ اليوم الأول للقصف الإسرائيلي، كان واضحاً أن نتنياهو يدافع عن كرسيه وليس عن إسرائيل. حينما شاهدت الضربة الجوبة لمجموعة أبراج في غزة، كان صعباً أن أصدّّق أن قيادات “حماس” كانت تجتمع في الطابق السادس أو العاشر. الجيوش المهزومة (وقد هُزِم جيش إسرائيل في 7 أكتوبر، كما يقول الإسرائيليون أنفسهم) والحكام المذعورون يقومون بعمليات “إنتقامية” تحت غطاء الردع. ما ينطبق على نتنياهو ينطبق أيضاً على مسؤول الأمن القومي الإسرائيلي الذي يهدد كل يوم بإعادة لبنان إلى العصر الحجري. (عصر نصرالله أسوأ).
13ـ تدمير حماس في غزة هدف يصعب أن يتراجع الإسرائيليون عنه، لأسباب إسرائيلية.
ولكن رفع الإحتلال الحماسي عن شعب غزة هدف مقبول بالنسبة لنا، لأننا لا نوافق على تحويل رجال غزة ونسائها وأطفالها إلى مشاريع شهداء. مسؤولية الوصول إلى الوضع الراهن تشارك فيها إسرائيل ومصر اللتين تقاسمتا الحصار على غزة منذ الإنسحاب الذي قرره رئيس حكومة إسرائيل، أرييل شارون، في 2005. مثلما نرفض احتلال “حماس” لغزة، فنحن ضد احتلالها لمخيم عين الحلوة، ولاستمرار السلاح الفلسطيني (السوري ـ الإيراني فعلياً) في لبنان.
14ـ هل سيدخل حزب الله الحرب الدائرة؟. سيدخلها حتماً إذا أمره خامنئي.
حسن نصرالله “منفصل كلياً” عن لبنان. ينفّذ أوامر إيران. تقديرنا أنه سيقوم بـ”واجبات الحد الأدنى” في تسخين الحدود، وإحراق مطعم “ماكدونالدز” قرب سفارة أميركا في “عوكر”، واستعراض “زعرانه” على أوتوستراد الدورة. (لماذا لم يتصدَّ لهم قادة الأمن الداخلي وقادة الجيش؟) لأن إيران تخشى من العصا الأميركية إذا دفعت الحزب للحر ب.
15ـ أخيراً، ليس سراً أن اغلبية اللبنانيين (ربما) تتمنى ضمناً حرباً “تخلّص البلد” من حزب الله. هل “يخدمنا” حزب الله وينتحر؟ ربما. ولكن، ماذا سيقول نصرالله إذا “فوّت” هذه الفرصة التاريخية للوصول إلى القدس؟
16ـ هل يعني هذا التحليل أننا ضد شعب فلسطين، أو أننا لا نبالي بمصيره؟ الجوابـ، لا.
نحن نتصور الفلسطينيين، في حال السلام والتطبيع، شعباً أبيّاً مزدهراً يحوّل دولته المستقلة في الضفة وغزة إلى سنغافورة أو هونغ كونغ. وهم أهل لذلك، بفضل ما تمتعوا به من تعليم وبفضل كفاءتهم وبراعتهم. وحدهم أصحاب مشاريع الإستبداد والفاشية هم من يريدون أن تظل مهنة” الفلسطيني هي “لاجئ” ومصيره التشرد او القتل”.