المركزية- لم تقتصر تداعيات الأزمة السورية بتشعباتها الواسعة على الواقعين السياسي والأمني في الداخل اللبناني فحسب بل تعدتها الى ما هو أبعد وأكثر تعقيداً طارحة مقاربات جديدة لملفات بالغة الحساسية أبرزها مصير المعسكرات الفلسطينية في بعض المناطق اللبنانية وتحديداً في الناعمة وقوسايا والحلوة.
ويتخذ هذا الملف بعداً اضافياً في ضوء حركة الانفصال التي حصلت داخل الجبهة الشعبية – القيادة العامة وإعلان الجبهة الشعبية – القيادة الحرة وهي عنوان الانفصاليين الذين انتفضوا على احمد جبريل الذي تربطه بالقيادة السورية علاقة وطيدة ما اضطره الى مغادرة مخيم اليرموك مع ابنه والتوجه الى مدينة طرطوس، وفق ما أشارت المعلومات المتوافرة في هذا الصدد. وقالت مصادر مطلعة لـ”المركزية” ان أحزاباً لبنانية موالية لإيران وضعت يدها على مواقع الجبهة في لبنان خشية وقوعها تحت سيطرة المنشقين عن جبريل، الذين يقاتلون الى جانب المعارضة السورية وقد لجأ عدد لا بأس به من بينهم الى لبنان.
واعتبرت ان ملف المعسكرات الفلسطينية في لبنان معقد على نحو يصعب حله بالقدرات اللبنانية وحدها وربما يتطلب اجتماعاً لبنانياً – فلسطينياً – سورياً تبدو آفاقه مقفلة، أقله في الظرف الراهن بفعل الأزمة السورية وعدم وضوح الرؤية في ما قد تؤول اليه التطورات على هذا المستوى. وأشارت الى ان بعض المسؤولين اللبنانيين كان آثار موضوع المعسكرات التابعة للجبهة الشعبية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال زيارته الى لبنان واتفق آنذاك على عقد لقاء ثلاثي لبناني سوري فلسطيني للبحث في الملف غير ان طبيعة العلاقات المتوترة بين عباس والرئيس السوري بشار الأسد حالت دون انعقاده. وأبدت المصادر خشيتها من أن يكون وضع اليد الحزبية على هذه المعسكرات مقدمة لاستخدامها ملفاً ضاغطاً في الصراع السياسي اللبناني يضاف الى ملف سلاح “حزب الله” وورقة توظف لتحصيل مكاسب سياسية داخلية إذا ما انهار نظام الرئيس الأسد.
الى ذلك ابلغت مصادر فلسطينية “المركزية” ان ثمة انزعاجاً سياسياً وشعبياً كبيرين من استهداف المخيمات الفلسطينية في سوريا وتحديداً مخيم اليرموك الذي يعتبر عاصمة اللجوء في سوريا، لكنها أشارت الى أن لا تحركات احتجاجية راهناً حفاظاً على الوحدة الفلسطينية. وأكد ممثل حركة “حماس” في لبنان علي بركة لـ”المركزية” الحرص على عدم زج المخيمات في الخلافات اللبنانية وما يجري في المنطقة، قائلاً “نحن ضد الفتنة المذهبية ونعمل على وأدها ومنعها ونحن حريصون على أمن واستقرار لبنان والمخيمات الفلسطينية”، مؤكدا الوصول الى اتفاق لتحييد مخيم اليرموك الفلسطيني في سوريا عن الاشتباكات هناك من خلال خروج الجيش السوري الحر منه والجيش النظامي السوري من محيطه على ان تتولى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية امن المخيم.
من جهته أكد قائد كتائب شهداء الأقصى عضو قيادة قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء منير المقدح على ضرورة تحييد المخيمات الفلسطينية في سوريا عن الأزمة. وأكد اهمية التكاتف بين الفصائل الفلسطينية والاسراع في تشكيل مرجعية موحدة لها في لبنان للحفاظ على السلم الأهلي داخل المخيمات وضمان أمن الجوار مشيراً الى ان هذه المرجعية باتت حاجة ملحة للفلسطينيين في ظل استمرار نزوح أهلنا من مخيمات سوريا وتراجع دور الأونروا في تقديم خدماتها.