لا شك أن الاعلام في أقليم كردستان العراق مر بمراحل عديدة وفقاً للظروف السياسية التي عاشها الأقليم. ففي فترة حكم حزب البعث للمناطق الكردية كان الإعلام مقيداً و حكراً على حزب البعث من مقروء ومسموع وبصري، بإستثناء إعلام صادر من قبل الأحزاب الكردية المعارضة للنظام العراقي السابق من جرائد وإذاعة موجهة من الجبل لتحريض الأكراد على الإنتفاضة بإمكانيات فنية محدودة. بعد الإنتفاضة الكردية في عام 1991 و التخلص من الحكم البعثي في المناطق الكردية دخل الاعلام الكردي مرحلة اخرى، أي من اعلام يصدر من الجبل إلى مؤسسات إعلامية تابعة للأحزاب الكردستانية، تروج لسياسات هذه الأحزاب وخطابها السياسي مع ملاحظة فقدان الاعلام الأهلي آنذاك..
رويداً رويداً، وبعد الحرب الداخلية بين الحزبين الحاكمين للأقليم، برزت مجموعة من الصحف والمجلات الأهلية وإعلام تابع لأحزاب معارضة ترصد أداء الحزبين في الحكم و تسلط الضوء على حجم الفساد الإداري والمالي في الأقليم وتراقب عمل الحكومة وتثير ملفات شائكة وحساسة. معظم الصحافة الأهلية تتمركز في مدينة “السليمانية” نظراً لمساحة الحريات المتاحة في هذه المدينة قياساً بمدينتي “أربيل” و”دهوك” اللتين تفتقدان إلى صحافة أهلية، نظراً لما تعانيه الصحافة الأهلية في هاتين المدينتين من مضايقات.
في الآونة الأخيرة اشتدت حدة المواجهة بين اعلام الحزب الديمقراطي الكردستاني والصحافة الأهلية حيث رفع سكرتير المكتب السياسي للحزب دعوى قضائية ضد صحيفة (روزنامة) وصحيفة (هاولاتي) وصحيفة (آوينة) مطالبا أياهم بدفع مبالغ خيالية تصل لأكثر من مليار دولار كتعويض مادي ومعنوي، وهو اكبر طلب تعويض في تاريخ الصحافة العالمية، وبالمقابل رفع أحمد ميرة رئيس تحرير مجلة لفين دعوة قضائية ضد رئيس أقليم كردستان العراق مسعود البارزاني متهماً إياه بالتحريض على المجلة و كوادرها..
دعاوى التعويض المقدمة من قبل فاضل ميراني سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني مؤشر يدل على محاولة كبح الحريات الصحفية ووضع حد للاعلام الأهلي كما إنها تعتبر خرقاً قانونياً للمادة رقم 35 لعام 2007 من قانون تنظيم العمل الصحفي في أقليم كردستان العراق الصادر عن البرلمان الذي لا يجيز تقديم دعوى قانونية بعد مرور 90 يوماً من تاريخ الإصدار الصحفي في حين مر أكثر من ثلاثة أشهر ونصف على تاريخ نشر المواضيع التي رفعت عليها الدعاوي ضد صحيفتي (هاولاتي) و( آوينة)، و5 أشهر بالنسبة لصحيفة (روزنامة)، بذلك تم تجاوز الحد القانوني لمدة رفع الدعوى. وبالإستناد لهذه المادة فإن ثبت صحة التشهير فالغرامة لا تتجاوز ال 12 مليون دينار أي ألف دولار و ليس مليار دولار كما طالب سكرتير المكتب السياسي لحزب الديمقراطي الكردستاني؟!
من حق أية جهة سياسية أو غير سياسية تحريك دعاوى قضائية بحجة التشهير أو القذف و الشتم وفقاً لقانون تنظيم العمل الصحفي المعمول به في أقليم كردستان العراق، لكن المطالبة بمبلغ خيالي يصل إلى مليار دولار تعد قضية فريدة في العالم فهذه الصحف لا تملك آبار نفط لدفع هذه الغرامة وفي النهاية الحسم يكون عند محكمة التمييز في مدينة هولير..
* برادوست آزيزي
صحفي كردي سوري مقيم في كردستان العراق.
كردستان العراق: صحافة أهلية تحت التعذيب.. المطالبة بمليار دولار كتعويض!
كاوا ابو راوند …قبرص — kawa-7@live.com
على مبدأ انك صادق شوعم تساوي ببلد ما فيه ديمقراطية؟؟؟ ووين في بدولة شرق اوسطية او عربية الزعيم يقيم دعوى قضائية ضد مجلة تابعة لحكمه؟؟؟؟؟ رغم ان المبلغ الذي طالب فيه اقل من ذلك بكثير وهو مجرد مطالبة وليس فرض على المحكمة كما يفعلون من تعمل لصالحهم. وشكرا لشفافية الموقع