تعرف إسرائيل أن حزب الله، على الأرجح، ليس هو من أطلق، قبل 3 أيام، 6 صواريخ سقط 3 منها في لبنان، ولم تسبّب 3 الأخرى أية أضرار. ومع ذلك، فقد ردّت بعشرات الغارات خلال يومين متتاليين بموجب “عقيدة عسكرية جديدة” فحواها “سحق حزب الله وليس رَدعه”! بكلام آخر، “قواعد الإشتباك” التي كان يتغنّى بها حسن نصرالله دُفِنَت معه! بعد 7 اكتوبر 2023، ستردّ إسرائيل على أي استفزاز بما يوازي 10 أضعاف أو 20 ضعف حجمه. وهذا ما فَهِمَهُ “حزب الله”، ولذلك فإنه لم يتجرّأ على الردّ على الغارات الجديدة، وأعلن أنه “يُفسح المجال” للدولة لكي ترد!
وضمن “العقيدة العسكرية الجديدة”، فسوف تستمر إسرائيل في احتلال 5 مواقع ضمن الأراضي اللبنانية إلى أجل غير محدود! وهذا ما يعرضه المحلل العسكري لجريدة “جيروزاليم بوست”، “يوناه جيريمي بوب”.
ب.ع.
*
تحليل: عقيدة إسرائيل الجديدة: سحق الحزب وليس ردعه
لدى إسرائيل والجيش الإسرائيلي عقيدة أمنية جديدة في لبنان: وهي إبقاء حزب الله مسحوقاً. ليس مجرد ردعُه، بل سحقُه تمامًا. وما حدث خلال عطلة نهاية الأسبوع مهم ومعبّر.
حاولت خلية إرهابية صغيرة، ويبدو من المصادر – التي ليست متأكدة بنسبة 100% – أنها على الأرجح مجموعة فلسطينية وليس حزب الله نفسه، إطلاق ستة صواريخ باتجاه المطلة.
سقطت ثلاثة صواريخ داخل لبنان، وتم إسقاط الثلاثة الأخرى بواسطة الدفاعات الجوية الإسرائيلية.
لم يُصب أي إسرائيلي بأذى، ولم تتعرض أي منشأة إسرائيلية لأي ضرر.
قبل 7 أكتوبر، كانت إسرائيل ستؤكد أن حزب الله لم يكن متورطًا، وأنه لم يُصب أحد، وكانت ستهدد حزب الله بأنه إذا لم يضبط الأمور، فقد تكون هناك مشاكل في المستقبل.
لكن لم يكن ليكون هناك رد عسكري، أو في أقصى الحالات، كان سيقع رد محدود ومتناسب باستهداف المناطق التي أُطلقت منها الصواريخ.
لكن وفق العقيدة الجديدة لما بعد 7 أكتوبر في لبنان، لم تكتفِ إسرائيل بالرد على مصدر الهجوم، بل شنت أيضًا جولات متعددة من عشرات الغارات الجوية على أهداف لحزب الله في جميع أنحاء لبنان.
الرسالة واضحة: في كل مرة تطلق فيها حفنة من الصواريخ على إسرائيل دون أن تصيب شيئًا، فأنت (أي الحزب) ستدفع الثمن بعشرة إلى عشرين ضعفًا من الهجمات التي ستلحق بك ضررًا حقيقيًا.
وهذا الجزء من استراتيجية سحق حزب الله وليس مجرد ردعه (حيث أن الردع، في الماضي، كان سيقتصر على رد غير متكافئ قليلًا)، هو أمر مهم، لكنه لا يزال مجرد جزء صغير من استراتيجية وتكتيكات إسرائيل.
دبابات إسرائيلية على الحدود مع لبنان في 23 مارس الحالي
الاستراتيجية الأكبر
الجزء الأكبر هو أنه بعد القضاء على قيادة حزب الله، بما في ذلك زعيمه حسن نصر الله، وقتل 3,851 مقاتلًا من عناصره، وإصابة 9,000 آخرين خلال الحرب، قتلت إسرائيل أكثر من 100 مقاتل من حزب الله منذ وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر.
وقد هاجم الجيش الإسرائيلي أكثر من 120 هدفًا لحزب الله منذ وقف إطلاق النار.
وبينما استهدفت العديد من هذه الهجمات مقاتلين منخفضي الرتبة في جنوب لبنان، فقد استهدفت بعض الضربات مسؤولين لبنانيين كبارًا في عمق لبنان، بما في ذلك في بعلبك، على بعد 100 كيلومتر.
في بعض الأحيان، ضرب الجيش الإسرائيلي قوافل إيرانية تحاول تهريب أسلحة من سوريا إلى لبنان، وأحيانًا أجبر طائرات إيرانية محملة بالإمدادات على التراجع، وأحيانًا أخرى أوقف سفنًا في البحر.
وعلى الرغم من أنه كان من المفترض أن ينسحب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان بالكامل في 26 يناير، فقد حصل على تأجيل لهذا الموعد مرتين، ولم ينسحب فعليًا حتى 18 فبراير.
وفي 18 فبراير، بدا أن الشرق الأوسط قد تغير بين عشية وضحاها عندما انسحب الجيش الإسرائيلي بعد أربعة أشهر ونصف، لكنه ترك عدة مئات من الجنود في خمسة مواقع عسكرية على بعد بضع مئات من الأمتار من الحدود.
ولا يزالون هناك حتى اليوم، وتشير جميع الدلائل إلى أن الجيش الإسرائيلي يعتزم إبقاء هذه القوات هناك لأشهر قادمة وربما لفترة أطول بكثير.
السياسة الجديدة
لكن ماذا لو قتلت إسرائيل مقاتلًا من حزب الله، وأدى ذلك إلى إطلاق الجماعة وابلًا كبيرًا من الصواريخ على إسرائيل؟
السياسة الجديدة هي:نَتحداكَ أن تحاول، وإذا فعلتَ، سنبدأُ بتدمير بيروت مرة أخرى، وسنقتلُ خليفة نصر الله الثاني (بعد أن قُتل خليفته الأول بالفعل خلال الحرب)، وسنواصل تفكيك حزب الله.
بعبارة أخرى، حزب الله تلقى الضربة تلو الأخرى ولم يَرُد. إنه يعلم أنه إذا رَد، فستكون المواجهة غير متكافئة على الإطلاق.
كان الردع الإسرائيلي القديم يقتصر على ردود غير متكافئة قليلاً عندما يخرق حزب الله الهدوء، ونادرًا ما كان الجيش الإسرائيلي يهاجم حزب الله بشكل استباقي بسبب استعداداته للحرب ما لم تصل إلى مستوى الهجوم الفعلي.
أما سحق حزب الله بشكل مستمر فيعني التأكد من توجيه ضربات إليه لتذكيره بأن إسرائيل لم تعد تدير الخد الآخر، وأن أي استفزاز سيؤدي إلى وضع أسوأ بكثير بالنسبة له.
كما يعني إبقاء عدة مئات من الجنود في الأراضي اللبنانية، وهو أمر لم يكن موجودًا من قبل، وذلك لأن حزب الله ارتكب خطأً فادحًا واندفع إلى حرب لا علاقة له بها.
تشكّل هذه المواقع العسكرية نقاط دفاع متقدمة داخل الأراضي اللبنانية لمنع أي غزو قبل وصوله إلى القرى الإسرائيلية، وهي أيضًا تذكير واضح بأن أي مغامرة ضد إسرائيل ستكلف حزب الله أثمانًا استراتيجية طويلة الأمد.
قد يأتي وقت تتراجع فيه إسرائيل عن تركيزها المستمر على حزب الله.
لكن بعد أربعة أشهر من وقف إطلاق النار، عندما قصفت إسرائيل عشرات الأهداف في لبنان مرتين بسبب ثلاثة صواريخ غير مؤثرة ربما لم يكن حزب الله هو من أطلقها، فإن حزب الله لم ينبس ببنت شفة، وهو فقط يصلي أن تتوقف إسرائيل عند هذا الحد.