تستطيع الانظمة العربية المهتزة اليوم ان تدعي ما تشاء من المزايا السياسية. يمكنها ان تقول إنها ضد أميركا، وتحارب اسرائيل وتصون بلادها، وتعمل لتقدم شعبها وتطوره، لتزعم مؤامرة خارجية تستهدف قيادتها “الرشيدة”، وتصمت عن تسمية من يحركها.
تأكيدها المؤامرة يفضح ان عُسُسها والمخبرين لم تكن لهم صنعة سوى افقاد المواطن كرامته ورميه في سجنين: سجن الوطن وسجن الخوف من الوطن. الاول يحتاج الى إذن ليغادره، والآخر لا يجد منفذاً من بين قضبانه، فالأنوف والآذان في كل زوايا البلاد، وفي زوايا الذات، ومن يملكه الخوف لا يحتاج الى زنزانة اخرى.
اما الخارج المتآمر،إذا وجد فعلا، فالعسس مشغولون عنه، بجعل الناس كائنات بعيون لا ترى مهما كبرت، وألسنة لا تحكي مهما صارت طويلة، وبآذان لا تسمع إلا ما يقال لها، مهما كانت دقيقة.
تمتنع هذه الأنظمة عن تحديد أبوّة المؤامرة. تستعين على شعوبها بالوهم. بالاسطورة الموروثة منذ تأميم قناة السويس. تتناسى أن صمت الناس طيلة سني القمع لا يعني أنها لا تعرف الحقائق، ومنها أن الحرب الباردة انتهت، وأن الثنائية الدولية زالت، وأن الصلات تحت الطاولة بين “حائكي المؤمرات” المزعومين والمتآمر عليهم صارت أوضح من أن توارى بالخطابات الحماسية ضد الفتنة ولتحرير فلسطين.
كانت هذه الأنظمة ضرورة للمتآمرين عليها في زمن مضى، لكنها بعد سقوط جدار برلين صار منتظرا منها “بيريسترويكا” و”غلاسنوست” للتخلص من تراكمات الماضي وإعادة بناء الدولة الحديثة، بتفعيل الديموقراطية وإطلاق الحريات العامة.
مشاهد الثورات العربية من إفريقيا إلى آسيا تقول، وفق منطق المؤامرة، أن ما لا يقل عن 70 في المئة من الشعوب العربية عملاء ومندسون ومتآمرون على بلدانهم وأهلهم. أما الحاكم ومن معه فهم وحدهم الوطنيون الحريصون على البلاد وأهلها.
يكاد ما يجري حاليا يدفع المتابع إلى رفع كتاب شكر وتبجيل الى الرئيسين المنسحبين المصري حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي، إذ فهما رسالتي شعبيهما ولو متأخرين، ولم يستعينا بقاموس المؤامرة، ولم يورطا جيشي بلديهما في دماء أهلهما.
مع ذلك، يشعر المواطن العربي، بسبب العولمة انه ليس وحده في مواجهة النظام، وان الرأي العام العالمي يحمل عصا لضرب هذا النظام على اصابعه اذا ما تمادى في القمع. لم يعد العمى الدولي مقبولاً، واذا كان الموقف الدولي الرسمي سيلجأ الى ذلك، فإن شعوب العالم لن تصمت. في ذلك ما يُطمئن الثائرين الى ان المجازفة ممكنة، خصوصا وأن حديث المؤامرة هو آخر خط دفاع. قد تكون المجازفة مكلفة لكن مردودها سيكون كبيرا: الديموقراطية.
rachfay@gmail.com
* كاتب لبناني
قفا نحك: مكلفة، ولكن…
للتذكير ..اول من ودع مبارك شامتا عبر جريدة اب الزوجة للعلاقات العامة..قائلا مواقفنا الوطنية( الخائنة) لايمكن لعدوى الاحتجاجات ان تصلنا..واذ به يذب نصف الشعب في المعتقلات والالاف شهداء بالدبابة والمدفع… ومع ذلك سيسلك سيدك ابا رنا الطريق نفسه فلا تتعجل على رزقك واسيادك الخونه.
قفا نحك: مكلفة، ولكن…
للتذكير,,, آخر من قابل مبارك ,,, معلمك المحترم يا راشد