في مقال لجريدة “الفيغارو” صباح اليوم، قالت مراسلة الجريدة في طهران، دلفين مينيو، أن “الرئيس نجاد الذي كان يقوم بزيارة لأرمينيا قطع زيارته وعاد على وجه السرعة إلى طهران. وقال الناطق بلسان الرئاسة الأرمنية أنه كانت لدى نجاد “أسباب ملّحة لإنهاء زيارته قبل الأوان”! ومع ذلك، نفى الرئيس أحمدي نجاد، لدى عودته إلى إيران أن يكون قد حدث أي تغيير في برنامجه. إن الغموض الذي يحيط بهذه المسألة يسلّط الضوء على حدّة الأزمة السياسية التي اندلعت مع الإستقالة المفاجئة للمفاوض الإيراني الرئيسي في الملفّ النووي، علي لاريجاني، في نهاية الأسبوع الماضي. وقد جاءت إستقالة هذه السياسي المحافظ ولكن البراغماتي في حين تتعرّض إيران لضغوط دولية قوية”.
وأضافت “الفيغارو”:
“لقد كشفت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تضارب المصالح بين لاريجاني، وهو من دعاة الواقعية، وأحمدي نجادي الذي يتّخذ موقفاً أكثر تصلّباً في الملفّ النووي. وقد صرّح نائب رئيس البرلمان، محمد رضا بهاء النور، وهو سياسي محافظ أنه “لم يعد ممكناً للاريجاني أن يواصل العمل مع أحمدي نجاد”.
“وتتابعت الإرتجاجات الناجمة عن رحيل لاريجاني يوم أمس. فقامت مجموعة من 183 نائباً بنشر خطاب تأييد للاريجاني. وحسب وكالة أنباء “إيسنا”، وجّه مستشار خامنئي، علي أكبر ولايتي، نقداً علنياً قبل ذلك لخلف لاريجاني، سعيد جليلي، مضيفاً أنه أنه كان من الأفضل الحؤول دون رحيل لاريجاني في “الظرف الحسّاس الحالي”.
“وقال لاريجاني: “كان سيكون أفضل لو لم تحدث” هذه الإٍستقالة. وحسب المحلّلين الإيرانيين، فإن إصرار خامنئي على إرسال لاريجاني المستقيل مع خلفه سعيد جلالي، وهو نائب وزير خارجية سابق ومقرّب من أحمدي نجاد، للإجتماع مع ممثلي الإتحاد الأوروبي في روما، يشير إلى عدم ثقة المرشد بجلالي.
“لوموند”: الرئيس الإيراني يسعى لتعزيز موقعه ولكن هل وضعه متين؟
تحت عنوان “الرئيس الإيراني يسعى لتعزيز وضعه”، كتبت جريدة “لوموند” أن طهران تزعم أن زيارة أحمدي نجاد لأرمينيا تمّت وفقاً لما كان مقرّراً، في حين تحدّث مسؤولون أرمن عن “عودة مفاجئة” لأحمدي نجاد إلى طهران أمس الثلاثاء بسبب “الوضع الداخلي الإيراني”. وهذا ما عزّز التكهّنات حول الخلافات الداخلية في النظام الإيراني، وخصوصاً أن قطع أحمدي نجاد لزيارته حدث بعد إقالة علي لاريجاني.
“ويعتبر المحلّلون أن المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي يملك القرار الأخير في الملفّ النووي، قد حسم الوضع- مؤقتاً على الأقل- لصالح الكتلة “المتطرّفة” التي يمثّلها أحمدي نجاد. ولا يعني ذلك أن السيد لاريجاني، وهو من المحافظين، أقل تصلّباً من الرئيس نجاد. وجلّ الأمر أن منحاه “الواقعي” لا يتطابق مع الرؤية المتطرّفة للرئيس نجاد الذي كان قد تحدّث عن “قطار نووي مندفع بكل سرعته وبدون فرامل”.
“هل أدى رحيل لاريجاني إلى زيادة حدة التوتّرات “بين الصقور والصقور المتطرّفين”، حسب تعبير معلّق إيراني، وهذا بالتضافر مع شعور النظام الإيراني بالتوتّر بسبب إحتمال فرض عقوبات جديدة ضد إيران؟ ..
“إن الثغرة الناشئة في الجبهة المحافظة تضعف موقع الرئيس نجاد الذي يواجه نقمة شعبية. فالنمو الإقتصادي في إيران يصل إلى 6 بالمئة، ولكن الرئيس الإيراني الذي كان وعد الإيرانيين “بأن يوصل النفط إلى مائدة الطعام” تسبّب بتضخّم في الأسعار يقارب 20 ببالمئة، وإيجارات بيوت آخذة بالإرتفاع، وطوابير إنتظار للحصول على البنزين المقنّن. وكان 57 من الإقتصاديين قد نشروا، في شهر مايو، خطاباً ندّوا فيه بالإنحرافات “الشعبوية” للتسيير الإقتصادي المعتمد، التي شملت لجوء الحكومة إلى استخدام صندوق تثبيت النفط لتمويل مشروعات لا تحظى بالإجماع. وسقط الحظر على الكلام في موضوع العقوبات حينما صرّح حسن روحاني لجريدة إعتمادي ملي أن “آثار العقوبات باتت مرئية. ووضعنا يزداد سوءاً يوماً بعد يوم”.
“ولأنه في موقع دفاعي، فقد قام أحمدي نجاد بعملية تعزيز لمواقعه. فعيّن في شهر أغسطس أنصاراً له في رئاسة البنك المركزي، وفي وزارتي النفط والصناعة. وعيّن علي رضا أفشار وزيراً للداخلية، حيث سيكون عليه أن يتولى تنظيم الإنتخابات البلدية التي ستجري في 18 مارس 2008، والتي قد تكون صعبةً على أنصار أحمدي نجاد بعد فشلهم في الإنتخابات البلدية للعام 2006.
“وبصورة خاصة، فالرأي العام الإيراني يبدو خارج سيطرة النظام. وهذا ما تسبّب بزيادة القمع. وبعد تظاهرات معارضة في شهر أكتوبر، تظاهر مئات الطلاب في جامعة أمير كبير بطهران يوم الأحد الماضي وهم يرفعون يافطات “الموت للديكتاتور!”. وقد استفاد الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني من هذا الوضع ليعلن أنه “لا يمكن الحجر على فكر الناس بواسطة أنظمة ديكتاتورية”!
“لقد عزّز أحمدي نجاد وضعه، ولكن هل وضعه مستقرّ ومتين؟ المراقبون في طهران يعتبرون أن أحمدي نجاد الذي يواجه إنشقاقات المحافظين، وريبة رجال الدين الذين يعتبرون أن الأصولية يمكن أن تهدّد بقاء النظام، لا يبقى في السلطة سوى بإرادة المرشد. وقد أدلى المرشد خامنئي بتعليقات غامضة قبل يومين جاء فيها: “أنا أؤيد هذه الحكومة، ولكن ذلك لا يعني أنني أوافق على كل ما تفعله”. ويعلّق ديبلوماسي إيراني على هذا الكلام قائلاً: “ربما يستخدمه خامنئي لكي يستطلع إلى أي حدّ يمكن أن تصل المواجهة الحالية. وإذا ما انهار كل شيء، فسيكون أحمدي نجاد هو المسؤول، وسيقوم المرشد بإبعاده“.