كتبت “استريد” تقول: اضطررت في يوم الى اصطحاب صديق الى مستشفى يقع جنوب البلاد. وعلى الرغم من عدم ثقتنا جميعا بأي خدمة طبية تقدم جنوبا، بعد هبوط مستوى مستشفى الـ KOC، فان تجربتي مساء ذلك اليوم كانت “غير شكل”. كان لا بد من الاتصال هاتفيا لتحديد موعد. فوجئت بالرد السريع وطلب اختيار اللغة العربية او الانكليزية، وبعكس كل مؤسسات الدولة تقريبا، رد الموظف فور التحويل عارضا المساعدة، ولم تمر دقائق حتى انتهينا من تحديد الموعد وتدوين البيانات الضرورية!
وصلت الى مواقف سيارات المستشفى فوجدته مظللا بكامله، وقد دونت العلامات الارشادية فيه بلغتين، وهذا يدل على حس انساني عظيم، فأكثر من نصف سكان الكويت لا يعرفون العربية.
لاحظت من نظرة سريعة ان الزرع والاشجار مشذبة بشكل جميل ولا توجد مزروعات بلاستيكية او ميتة في أصص مكسورة. كما لا توجد سلاسل صدئة تحجز المواقف القريبة. كما كانت الساحة والممرات نظيفة من أي قمامة، ولا توجد حفر في المواقف وبلاط مكسور او كربستون مهشم من ضربات اصحاب السوبربانات الذين يصرون على ايقاف مركباتهم على الارصفة. كما ان سيارة اسعاف المستشفى تقف في مكانها المخصص وهي، على غير المعتاد، نظيفة ومن غير صدمات!
مسلسل المفاجآت يستمر معك في الداخل، حيث تلاحظ ان النظافة تبدو واضحة على العاملين وعلى تصرفاتهم المهذبة واصرارهم على التحدث معك بلطف، وقدرتهم في الوقت نفسه, على العمل على جهاز الكمبيوتر الموجود امام كل واحد، او واحدة منهم. وبخلاف ما تعودت اعيننا عليه في المستشفيات الاخرى، والحكومية بالذات، فلا تجد هنا موظفين بلا عمل ومرضى يتوسدون كراسي رخيصة ومهترئة، وقطع البلاستك التي كانت تغطيها من المصنع لاتزال معلقة فيها بعد كل تلك السنوات حاملة كل جراثيم العالم. كما لا توجد ملصقات متآكلة لجمعية اعانة المرضى او ملصق لتاكسي او بائع فلافل، حتى سلال القمامة تلمع من الداخل والخارج.
دخلت غرفة الانتظار فوجدت هناك من سبقني. لاحظت ان ليس هناك تجاوزات ولا واسطات ولا تأفف أو تذمر، والجميع تقريبا مشغول بالقراءة، عدا همس مشترك هنا، ومكالمة هاتفية ضرورية هناك.
اضطررت للذهاب الى الحمام فوجدته لا يقارن بحمامات مستشفيات شمال الكويت، فورق التواليت والصابون السائل وورق تنشيف الايدي موجود بوفرة. كما ان فتحة مجاري الحمام لها غطاء وللباب ايضا قفل يحميه، ولا توجد بلاطات مكسورة او دش يدوي مرمي على الارض القذرة ينزف ماء، بل نظافة بمستوى 5 نجوم!
جاء دوري لمقابلة الطبيبة، وتم اجراء العملية بحضوري، ورأيت كيف ان احدا لم يطرق الباب طالبا الدخول، متحديا أي ملصق يمنع ذلك. خرجت بعد ساعتين من المستشفى من دون أن أشاهد أحدا يدخن سيجارة، أو يقع نظري على منافض قذرة مليئة بأعقاب السجائر او بصاق ملوث. كما لم أشاهد في ذلك المستشفى منظر العمالة الرثة السيئة الحظ وهي تتهادى بملابسها القذرة في الممرات تفكر في الكيفية التي ستتمكن فيها من اكمال اشهر بفتات ما يأتيها من راتب!
وقبل ان أخرج اكتشفت أن هناك حديقة صغيرة رائعة التنسيق يمكن لموظفي المستشفى وزواره قضاء وقتهم فيها بعيدا عن ماكدونالد والدونتس.
اعلم جيدا ان ما اقوله يبدو عجيبا، ولا يمكن تخيل وجوده في الكويت، ويا حبذا لو قام وزير الصحة بزيارة المستشفى معي مستقبلا، مع الاعتذار لعدم وجود “شيشة” فيه، ليقوم بتطبيق بعض ما فيه على مستشفيات الدولة!
لا أتكلم هنا عن خيال فالمستشفى موجود ولأي كان حق زيارته، ولكنه مستشفى بيطري خاص.
habibi.enta1@gmail.com
* رجل أعمال وكاتب كويتي
قصة استريد مع المستشفى
يا حظكم يا استاذ احمد!!!!!! لكن نحن الثلث منا لا يتكلمون العربية.