القاهرة (رويترز) – قال أطباء وشهود عيان ان قتيلين جديدين سقطا يوم الاربعاء في الاشتباكات الدائرة منذ أيام بين قوات الامن المصرية ومحتجين يطالبون بانهاء ادارة المجلس العسكري لشؤون البلاد بعد نحو عشرة اشهر من اسقاط الرئيس السابق حسني مبارك في انتفاضة شعبية.
وبحسب احصاء رويترز يكون 40 قتيلا سقطوا في القاهرة وثلاث مدن أخرى منذ بدء الاشتباكات يوم السبت.
وقال اطباء في عيادات ميدانية في ميدان التحرير بؤرة الاحتجاجات في العاصمة ان أكثر من ألف ناشط أصيبوا يوم الاربعاء أغلبهم باختناقات في منطقة متاخمة للميدان تحولت الى ساحة حرب.
وتمثل الاحتجاجات العنيفة محاولة من النشطاء الذين أسقطوا مبارك لاستكمال ثورتهم على نظامه بتنصيب مجلس رئاسي مدني لا صلة لاعضائه بالحكم الذي استمر 30 عاما في البلاد.
ومع ذلك فان عشرات الالوف من المحتجين في القاهرة ومدن أخرى لم يصلوا بعد الى الملايين الذين ثاروا على مبارك في مختلف أنحاء البلاد.
وقالت فتحية أبو العز (60 عاما) انها جاءت الى الميدان بعد أن رأت صور العنف على شاشة التلفزيون. وأضافت “كانوا (رئيس وأعضاء المجلس العسكري) مع مبارك من البداية.”
وأضافت “جئت حين رأيت أولادنا يقتلون.”
ولستين عاما بعد ثورة عام 1952 التي قادها تنظيم الضباط الاحرار ظل ضباط جيش يحكمون مصر.
وقال الطبيب أحمد محمد رشدي ان زميلا له يدعى محمد سامي قتل مختنقا بالغاز المسيل للدموع خلال هجوم قوات الامن على عيادة ميدانية في شارع محمد محمود الذي يؤدي من ميدان التحرير الى مبنى وزارة الداخلية القريب والذي تحتدم فيه المواجهات منذ الصباح الباكر.
وأضاف أن سامي “اتصل بزملائه العاملين في الميدان قبل وفاته طالبا أطباء اضافيين لعيادته لكثرة عدد المصابين المنقولين اليها. ذهب عدد منهم لم يستطيعوا الوصول الى العيادة من غزارة قنابل الغاز المتساقطة في المكان. وحين هدأ الدخان وجدوه ملقى ميتا على عتبة باب العيادة.”
وتحدث أطباء اخرون عن أربعة قتلي اليوم في الاشتباكات حول الميدان لكن لم يتسن على الفور التحقق من العدد.
ولايام اشتبكت قوات الامن بشكل متكرر مع المحتجين صدا لمحاولتهم الوصول الى مبنى وزارة الداخلية. لكن هناك محتجين اخرين يقولون انهم اشتبكوا مع قوات الامن في أكثر من شارع يؤدي الى مبنى وزارة الداخلية منعا لقوات الامن من معاودة اقتحام الميدان.
وفي اقتحام للميدان شاركت فيه قوات الجيش يوم الاحد قتل عدد من المحتجين وأصيب عدد اخر وأحرقت القوات خيام المعتصمين والاشياء التي تركوها وراءهم بما في ذلك دراجة نارية واحدة على الاقل لكن المحتجين عادوا للميدان بعد انسحاب القوات في غضون نصف ساعة من الاقتحام.
وقالت مصادر أمنية ان محتجا قتل بالرصاص يوم الاربعاء في مدينة الاسماعيلية احدى مدن قناة السويس في مواجهات بين مئات المحتجين وقوات الامن.
وقال مصدر ان الاشتباكات دارت في وسط المدينة وان قوات الامن استخدمت أيضا القنابل المسيلة للدموع في ضرب المحتجين الذين ردوا بقنابل المولوتوف والحجارة.
وقال شهود عيان ان أربع مدرعات تابعة للجيش لاحقت المحتجين في الشوارع القريبة لدى تفريقهم.
وقتل محتج في المدينة من قبل كما قتل محتجان بمدينة الاسكندرية التي تطل على البحر المتوسط.
وقتل محتج في مدينة مرسى مطروح في أقصى غرب البلاد يوم الاربعاء في اشتباكات مع قوات الامن .
وقال مسؤول صحي في مرسى مطروح ان محمد منصور محمد العليمى (21 عاما) قتل بطلق نارى فى البطن. وأضاف أن عشرة محتجين أصيبوا باختناق جراء اطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع.
وفي وقت سابق يوم الاربعاء قال ضابط جيش لرويترز ان قوات الامن انسحبت الى داخل مبنى وزارة الداخلية القريب من خط المواجهة في ميدان التحرير وان قوات من الجيش انتشرت بدلا منها حول المبنى لتأمينه لكن النشطاء قالوا ان قوات الامن لا تزال ترابط خلف قوات الجيش حول مبنى الوزارة.
وفي السابق كانت قوات الجيش التي تقوم بتأمين المبنى تقف خلف قوات الامن.
وقال الشيخ عبد الرحمن أبو الفتوح الذي يعمل امام مسجد وكان من بين من شاركوا يوم الاربعاء في عقد اتفاق هدنة “بعد أذان المغرب دعا المشايخ (أئمة مساجد) عددا من المتظاهرين في شارع محمد محمود لاداء صلاة المغرب دليلا على حسن النية وقبول الهدنة.”
وأضاف “ونحن نصلي صرخ مجموعة من الشباب كانوا يقفون على سور مبنى (للمراقبة) قائلين ان الشرطة تضرب محتجين في شارع اخر.”
وأضاف أبو الفتوح “بالفعل سمعت صوت اطلاق نار. فوجئت بعشرات المتظاهرين يأتون من خلفنا ويلقون الحجارة على قوات الامن التي كانت تقف على مسافة خلف قوات الجيش.”
وتابع “تم اطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع بغزارة. سقطت عمامتي على الارض ولم أشعر الا ومجموعة من الشباب بارك الله فيهم أخذوني الى المستشفى (الميداني) وتم اسعافي.”
وقال الناشط هيثم محمد “كنا نقف بينما مجموعة من الشباب تكنس الشارع ومجموعة أخرى تقيم حواجز وطوقا أمنيا لمنع تقدم قوات الامن في شارع محمد محمود وأثناء صلاة الائمة وبعض المتظاهرين سمعنا صوت اطلاق نار وقنابل غاز مسيل للدموع.”
وأضاف “نقلت 25 مصابا على دراجتي النارية الى العيادات (الميدانية) حتى أصبت ونقلني زملائي الى هذه العيادة.”
وبين وقت واخر يهتف المحتجون في الميدان بسقوط المجلس العسكري. وفي وسط الميدان رفعت لافتات تقول احداها “يسقط يسقط حكم العسكر. احنا الشعب الخط الاحمر”.
وكان المحتجون عبروا عن استيائهم من اتفاق توصل اليه المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد أمس مع أحزاب أغلبها اسلامية للاسراع بنقل السلطة الى المدنيين.
واشتبك المحتجون في ميدان التحرير مع قوات الامن الليلة الماضية. كما اشتبك محتجون مع قوات الامن في مدن أخرى.
وذكرت وزارة الصحة أن 32 شخصا قتلوا وأصيب ألفان في اضطرابات بأنحاء البلاد البالغ عدد سكانها 80 مليون نسمة.
ووعد يوم الثلاثاء المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون مصر منذ الاطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير شباط بانتخاب رئيس مدني في يونيو حزيران قبل الموعد الذي خطط له الجيش بستة أشهر على الاقل.
وردت الحشود في ميدان التحرير بعد اذاعة بيانه على شاشة التلفزيون يالهتاف “ارحل.. ارحل” و”الشعب يريد اسقاط المشير”.
وأغضب طنطاوي الكثيرين من المتظاهرين الشبان في ميدان التحرير بالقاهرة ومدن أخرى حين اقترح اجراء استفتاء على ما اذا كان يجب انهاء الحكم العسكري فورا وهو ما اعتبروه حيلة لاستقطاب الكثير من المصريين الذين يخشون المزيد من الاضطرابات.
وأجري استفتاء على تعديلات دستورية أدخلها الجيش حظيت بنسبة تأييد 77 في المئة في مارس اذار حين كان قادة الجيش يتمتعون بشعبية أوسع نطاقا للمساعدة التي قدموها للاطاحة بمبارك.
وقال محمد رشيد (62 عاما) وهو بائع في متجر للمجوهرات بالقاهرة “يجب أن ننتظر ونصبر على حكم الجيش. يجب ألا نجري استفتاء هذا مضيعة للوقت.”
وأضاف “اذا أنصتنا اليهم جميعا سنصبح مثل لبنان.”
وتتفجر الاشتباكات بين المحتجين الذين يقذفون الحجارة وشرطة مكافحة الشغب التي تطلق الغاز المسيل للدموع وطلقات الخرطوش والرصاص المطاطي من حين لاخر قرب وزارة الداخلية على مقربة من التحرير.
وقال طارق زكي (32 عاما) وهو صانع أثاث “بمجرد بزوغ الفجر بدأوا اطلاق الرصاص لانهم كانوا يستطيعون رؤيتنا.”
وتنفي الشرطة استخدام الذخيرة الحية لكن مسعفين يقولون ان معظم القتلى خلال أعمال العنف المستمرة منذ خمسة ايام أصيبوا بأعيرة نارية.
وتناثرت في الشوارع كمامات الجراحة التي يستخدمها المحتجون لمواجهة الغاز المسيل للدموع.
وفي التحرير حيث اعتصم مئات المحتجين اثناء الليل في خيام او في العراء جمع الناس القمامة في أكوام صغيرة أو احرقوها لطرد الغازات المسيلة للدموع الى أعلى بعيدا عن أنوفهم. ووزع اخرون الطعام.
وقال عبد الله جلال (28 عاما) وهو مدير مبيعات بشركة كمبيوتر “سنبقى هنا الى أن يرحل المشير ويتولى الحكم مجلس انتقالي من الشعب.”
وأضاف “هناك الكثير من الفيروسات في النظام. يجب تنظيفه تماما… نحتاج الى تغيير النظام مثلما حدث في تونس وليبيا.”
وربما اعتمدت حسابات طنطاوي على أن معظم المصريين يشعرون بالقلق من الاضطرابات التي اضرت بالاقتصاد الذي يعاني من مشاكل كبيرة بالفعل وبالتالي سيفضلون الحكم العسكري على الارتباك الذي تسببه تغييرات جذرية.
ويبدو أن جماعة الاخوان المسلمين التي ساعدت في تنظيم احتجاج كبير يوم الجمعة لكنها لم تشارك في المظاهرات التي تبعت ذلك مستعدة لتسوية مع الجيش لصالح ضمان وضع قوي لها في البرلمان الجديد.
كما شاركت احزاب اسلامية وليبرالية اخرى فضلا عن ثلاثة مرشحين محتملين للرئاسة في محادثات الازمة التي جرت أمس مع المجلس العسكري.
وأفلت الجيش حتى الان من الانتقادات العلنية المباشرة من حكومات العالم وكرر كثيرون موقف الولايات المتحدة التي أسفت لاعمال العنف ودعت الى المضي قدما في اجراء الانتخابات.
لكن منظمة هيومان رايتس ووتش قالت يوم الثلاثاء ان على الجيش أن “يصدر أوامره فورا لشرطة مكافحة الشغب لوقف استخدام القوة المفرطة ضد المحتجين.”
كما اتهمت منظمة العفو الدولية الجيش بالوحشية التي تتجاوز في بعض الاحيان ما كان يحدث في عهد مبارك.
وضمت فرنسا صوتها الى الادانة الدولية للعنف. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية برنار فاليرو ان بلاده “تدين بشدة الافراط في استخدام القوة ضد المتظاهرين.”
ودعا الى عقد الانتخابات في موعدها.
وطالبت نافي بيلاي المفوضة العليا لحقوق الانسان بالامم المتحدة بتحقيق مستقل في سفك الدماء. وقالت ان القتل يشعل الازمة.
وأضافت “أدعو السلطات المصرية الى انهاء واضح للاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين في ميدان التحرير والاماكن الاخرى في البلاد بما في ذلك الاستخدام غير الملائم للغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والذخيرة الحية.”
ووعد طنطاوي بحكومة انقاذ وطني تحل محل حكومة رئيس مجلس الوزراء عصام شرف التي قدمت استقالتها هذا الاسبوع لكنها تتولى تسيير الاعمال.
*
وزير الداخلية المصري يقترح تأجيل الانتخابات
القاهرة (رويترز) – قال تلفزيون الجزيرة نقلا عن مصادر لم يحددها يوم الاربعاء ان وزير الداخلية المصري منصور عيسوي اقترح على المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد تأجيل الجولة الاولى من انتخابات مجلس الشعب المقرر اجراؤها يوم الاثنين القادم.
واضافت الجزيرة أن عيسوي قدم تقريرا الي مجلس الوزراء والمجلس الاعلى للقوات المسلحة اقترح فيه تأجيل الجولة الاولى من الانتخابات “نظرا للحالة الامنية… طلب راحة للضباط لكي يستطيعوا تأمين هذه الانتخابات.”
وتخوض قوات الامن اشتباكات عنيفة مع ألوف المحتجين في القاهرة ومدن أخرى في مصر.
وقبل أيام اقترح حزب الوفد -وهو حزب ليبرالي- تأجيل الجولة الاولى من انتخابات مجلس الشعب التي ستجرى على ثلاث جولات لمدة أسبوعين. وقبل تقديم اقتراحه ألغى رئيس الحزب السيد البدوي شحاتة مؤتمرا انتخابيا كان مقررا أن يعقده في مدينة أسيوط في جنوب البلاد.
وأوقف مرشحون كثيرون وعدد من الاحزاب حملاتهم الانتخابية قائلين انهم يحتجون على استعمال العنف ضد المحتجين السلميين في ميدان التحرير.
ومنذ اندلاع الاشتباكات يوم السبت شدد المحلس العسكري على اجراء الانتخابات في المواعيد المحدد لها.
وقال المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس في بيان أذيع بالتلفزيون أمس انه نزل على مطالب أحزاب سياسية ومرشحين محتملين للرئاسة وحدد يونيو حزيران لاجراء الانتخابات الرئاسية.
وأبدت جماعة الاخوان المسلمين التي تتوقع مكاسب كبيرة في الانتخابات حرصا شديدا على المضي قدما في اجراء الانتخابات في المواعيد المحددة لها ولم تشارك في اعتصام ميدان التحرير الذي بدأ يوم الجمعة والذي كانت محاولات فضه من قبل الشرطة والجيش سببا في اندلاع الاشتباكات العنيفة التي أوقعت 40 قتيلا حتى اليوم وفشقا لاحصاء لرويترز واصابة بضعة ألوف من المحتجين أغلبهم باختناق جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع الذي أفرطت قوات الامن في استخدامه بحسب تقرير لمجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة.
ودعت الولايات المتحدة الحريصة على الاستقرار في مصر الى المضي قدما في الانتخابات وكذلك ألمانيا وفرنسا.
ومن المقرر أن تعقد اللجنة العليا للانتخابات مؤتمرا صحفيا يوم الخميس.