يسعى الرئيس حسن روحاني لتقليم أجنحة “حراس الثورة” الأقوياء
خاص بـ”الشفّاف”
كانت العقوبات الدولية التي فُرِضت على إيران لسنوات طويلة قد سمحت لجيش حراس الثورة- “الباسداران”- بأن يُحكموا سيطرتهم على الإقتصاد. إلى درجة أن حضورهم الخانق أصبح عائقاً أمام الإنفتاح الإقتصادي، الذي يمثّل أولوية الرئيس حسن روحاني منذ توقيع الإتفاق النووي في العام ٢٠١٥.
“الحرس” يتطلّعون إلى.. النفط
ويسعى الرئيس حسن روحاني، الذي أعيد انتخابه بنسبة مريحة في ١٩ مايو، إلى تقليم أجنحة “حراس الثورة”. ولكن “الحرس”، المدعومين من رئيسهم، المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، يقاومون. وتدور صراعات عنيفة في قمة السلطة الإيرانية. فـ”الحرس” باتوا الآن يرغبون في السيطرة على قطاع النفط، الذي كانوا مُبعَدين عنه إلى حد كبير. وأحد علامات الصراعات الجارية بين مختلف مراكز السلطة أنه، بعد سنتين من توقيع الإتفاق النووي، فإن إيران لم تنتهِ بعد من وضعِ مسودة عقد نفطي نموذجي.
وقال لنا أحد الديبلوماسيين أن “المجلس الأعلى للأمن” لم يوافق على النص الذي اقترحته الحكومة. إنها حرب على الدجاجة التي تبيض ذهباً”.
ويقول المستشار الإقتصادي للرئيس روحاني، “سعيد ليلاز”، أن “روحاني أرسل مشروع عقد نفطي إلى حاشية المرشد خامنئي. ولكن قمة السلطة سجّلت وجود ١٥ مشكلة في النص المقترح، فقام روحاني وفريقه بمراعاتها في المسودة الثانية التي أعادوها إلى فريق المرشِد. ولكن فريق المرشِد أعاد النصّ المصحّح إلى الحكومة مجدداً طالباً إعادة النظر في ١٠٠ نقطة هذه المرة!
بكلام آخر، فـ”الحرس” وأنصارهم، يتعمّدون العرقلة. ووصلت العرقلة إلى درجة أصابت روحاني باليأس، مما دفعه لشن هجمات لم يسبق لها مثيل ضدهم أثناء حملته الإنتخابية. وقد توجّه لهم في أحد اجتماعاته الإنتخابية قائلاً: “لا تتعاطوا بالسياسة، كما طلب منكم آية الله الخميني في وصيته”.
ويؤمن روحاني بأن على “الباسداران” أن يركزوا على مهمتهم الأصلية وهي حماية النظام، والدفاع عن حدود البلاد. ويقول “سعيد ليلا”، آسفاً، أن الحرس الذين أعلنوا دعمهم للمرشّح المحافظ “ابراهيم رئيسي”، قد “تدخّلوا كثيراً في الحملة الإنتخابية”! ولا يُتوقّع أن يبدي “الحرس” أية مهادنة في صراعهم مع روحاني.
فالجنرال قاسم سليماني، رئيس “قوة القدس”، التي تمثّل الذراع المسلّح للحرس خارج إيران، لم يقُم بتهنئة حسن روحاني بعد انتصاره في الإنتخابات!
وجدير بالذكر أن العداء بين الرئيس والحرس ليس جديداً. وقال لنا أحد الكوادر السابقين في الحرس أنه بعد الحرب ضد العراق في أواخر الثمانينات، سعى روحاني لكي تعزّز الدولة الجيش النظامي بالدرجة الأولى وليس الحرس! وبين جميع مراكز القوى في إيران، فإن الحرس سيكون الخاسر الأكبر من سياسة “الإنفتاح” التي يسعى لها روحاني.
وقال أحد رجال المصارف: “حتى أثناء ولايته الأولى، سعى روحاني لخفض ميزانية الحرس. ولكن خامنئي رفض. إن الباسداران يمثلون قوة لا سبيل للإلتفاف حولها. وقد وضعوا الآن نصبَ أعينهم الدخول إلى “الشركة الوطنية للنفط” التي تدير كل شؤون البترول في إيران. وإذا ما نجحوا في ذلك، فسيكونون قد وضعوا أيديهم على القسم الأكبر من موارد الدولة”.
وعدا ذلك، فالباسداران يبدون اهتماماً فائقاً بمسألة خلافة المرشد الأعلى، الذي بلغ عمره ٧٧ سنة، والتي يطمح الرئيس روحاني إلى تولّيها مستقبلاً! وهم يرفضون سياسة الإنفتاح، التي يعتبرون أنها ستسمح ببيع قطاعات كاملة من الإقتصاد لشركات أجنبية بأسعار زهيدة!
إن موقع الحرس في إيران المستقبل هو أحد التناقضات الرئيسية التي ينبغي على المسؤولين الإيرانيين حسمها، عاجلاً أم آجلاً. ففي الداخل، يمثّل الباسداران كابحاً لسياسة “الإنفتاح”. أما في الخارج، وبفضل “قوة القدس”، فقد عزّزت إيران مواقعها في العراق، وسوريا، واليمن.
وقال لنا المصرفي: “إن رئيسهم قاسم سليماني ورجاله يريدون مكافأة. والمكافأة التي يرغبون بها ليست مزيداً من الرجال، أو مزيداً من الأموال، بل مزيداً من النفوذ داخل السلطة. وذلك ما سيُحدث توتّراً كبيراً داخل النظام”.
وليس مؤكداً أن حسن روحاني سوف ينجح في تحقيق ما أخفق في تحقيقه حتى الآن!
مراسل الفيغارو في طهران، جورج مالبرونو
الأصل الفرنسي: