خاص بـ”الشفّاف”
نظام القذّافي لم يكن نظاما داخل دولة، بل كان دولة مُشخصَنة داخل نظام.
ولذلك فعندما سقط النّظام، سقطت الدّولة. وهذا هو الفرق بين الحالتين المصريّة والتّونسيّة اللتين سقط فيهما النّظام وبقيت الدّولة بمؤسّساتها، على هشاشتها، والحالة اللّيبيّة التي تحوّلت إلى مجتمع غير منضبط بمجرّد سقوط النّظام، وسَرَت الفوضى على مساحة الإقليم اللّيبيّ بأكمله. ونتيجة لعدم معرفة الغرب بهذه الخصوصيّة اللّيبيّة، كانت كلّ جهوده السّياسيّة والعسكريّة موجّهة للقضاء على القذّافيّ وما يمثّله من شرّ لشعبه والعالم، دون الإعداد لمرحلة ما بعد القذّافي. وقد ساهمت في هذا العَمى السّياسيّ والاستراتيجيّ للغرب عدّة عوامل:
* توحّدُ المعارضة اللّيبيّة ضدّ نظام القذّافي منذ السّاعات الأولى للثورة، وإبراز أفضل العناصر الليبية لقيادتها، ما جعل الغرب يظنّ واهما أنّ هذه المعارضة السياسية موحدة ومعبّرة عن الثّوار المقاتلين على الأرض، وقادرة على سدّ فراغ ما بعد الثّورة في إقامة الدّولة الجديدة وضبط المجتمع.
* استسلامُ القرار السّياسي الغربي لقيادة الرّؤية القطرية في قراءتها للمسألة الليبية. فقد استطاعت القيادة القطريّة أن تقنع الغرب بأنّ ليبيا، باعتبارها بلداً لا توجد فيه أيّ تجربة حزبيّة ولا يوجد فيه مجتمع مدنيّ طيلة أربعة عقود، فإنّ مفاهيم الحرّيّة والدّيمقراطيّة وكلّ منجزات الحداثة غريبة عليه وغير قادرة على ضبط المجتمع، وإنّ المجتمع الليبي ينتمي إلى قَدامة مجتمعيّة لا توجِد فيه إلاّ تجمّعات أهليّة متمثّلة في القبائل التي لا تملك في رأس مالها السياسي أو المعنوي أو الأخلاقي سوى الدّين، ولذلك وجب تشجيع الإسلاميين المعتدلين على الاستيلاء على السلطة لملء الفراغ الناتج عن سقوط النظام. كما وعدت قطر الدّول الغربية، على لسان أميرها ووليّ عهدها، بأنها قادرة على جمع السّلاح بعد سقوط النّظام، وأعطت تطمينات للغرب بالحفاظ على مصالحه في ليبيا. وساهم في إضفاء مصداقية على تلك العهود تصرفات أعضاء “المجلس الوطني الانتقالي” الذين كان أكثرهم يحجًّ إلى الدوحة ويتهافت على عطاياها، وكذلك اتخاذ الحكومة المؤقّتة من الدّوحة مقرا رسميّا لها. وفي المحادثات الخاصة التي حصلت بين مسؤولين في قطر والحكومات الغربية وعلى الأخصّ فرنسا، كان القطريّون يقلّلون من أخطار تداعيات سقوط النّظام وأوهموا الغرب بأنّ احتواء الفوضى الناتجة عنه قد حسبوا لها كلّ حساب، وأنهم قادرون على قيادة الحالة الليبية إلتى برّ الأمان.
* تدخُّلُ قطر وبعض القوى المسلحة الإسلامية بكل قوة في إفشال فكرة إنشاء الجيش والأمن الوطنيّين في “برقة” المحرّرة حتى تتمكّن نواة هذا الجيش من الاستيلاء على مخازن السّلاح والمعسكرات عند تحرير العاصمة طرابلس. وكان اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس يندرج في هذا الإطار.
* فقد الغرب أيّ أمل في تحقيق سقوط النّظام بشكل أكثر سلاسة بعد رفض القذافي وابنه التفاوض على تشكيل حكومة توافقية يكون نصفها من الثوار والنصف الآخر من النظام بقيادة الدكتور محمود جبريل، تتولى مهمة انتخابات عامة تحت إشراف الأمم المتحدة، يتحدد فيها مستقبل البلاد والنظام. وقد وُضِعت اللمسات الأخيرة على هذا الاتفاق بين قطر وفرنسا واطلعت عليه بقية الدول الغربية وأبدت موافقتها عليه. وكانت قيادات الثوار والحكومة الانتقالية مغيبة تماما عن هذا الاتفاق لأن قطر كانت هي صاحبة القرار والمتحدّث الرسمي باسم الثورة في ليبيا. إلاّ أنّ رفض نظام القذافي لهذا البرنامج جعل القوى الغربية تعجل بإسقاطه. فسقطَ النظام ودخلت البلاد في فوضى عارمة وتقاتُل بين مناطق وقرى ومدن وقبائل، وأصبحت ليبيا مأوى آمناً للمتشددين بما في ذلك القاعدة، ومعبرا لتهريب السلاح والمخدرات لكل دول الجوار. كما استطاعت عصابات مسلحة أجنبية أن تحتل جزءا مهمّا من الجنوب الليبي على مقربة من آبار النّفط ومخزون المياه.
* ثمّ هناك خصوصية ليبية أخرىلا توجد في بلدان الربيع العربي يجب أخذُها بعين الاعتبار، وهي أنّ إمكانية تأسيس دكتاتورية أخرى قد تصل إلى درجة الاحتمال. ذلك أنّ ليبيا لا يقوم اقتصادها على الإنتاج أو الخدمات، مثل السياحة كما في مصر وتونس، بل هو اقتصاد ريعيّ قائم على إنتاج النفط وبيعه. وباعتبار أنّ هذا المصدر يمثّل كلّ موارد ليبيا، ويكون في يد الدّولة، فإنّ من يمسك بزمامها يمتلك اوتوماتيكيّا هذا الدخل الريعي الضّخم، ويستطيع من خلاله التّحكّم في الناس وشراء الولاءات، ويستطيع تسخيره من أجل إقامة نظام شموليّ، مثلما كان عليه الحال في النظام السابق. ولكن من سيكون هذا الدكتاتور المقبل؟ هل هي قبائل متحالفة أم مجموعة إيديولوجية متشددة؟ أم سيكون ذلك في إطار دولة الخلافة الإسلامية القَطَرية؟ أم سيكون تحالفَ كل هذه القوى مجتمعة؟
الحقيقة التني ستتضح بجلاء في الأيام المقبلة هي أنه لا إمكانية لقيام دولة في ليبيا في المستقبل المنظور، وأن أمنَ تونس والجزائر ومصر في خطر كبير، كما أن أمن أوروبا ومصالحها في خطر شديد. هل ثمّة مشروع للخروج من هذه الكارثة؟ هذا ما سنحاول أن ندلو فيه بدلونا في مقال لاحق.
كاتب ورجل أعمال ليبي
في فهم المسألة الليبيّة المقال ملئ بالمتناقضات الجاهلة المبنية على حقد الكاتب على النظام الجديد والثورة التى أقتلعته هو وأمثاله وقطعت عنهم التدفقات المالية الهائلة التى كانت تصلهم نتيجة لنفاقهم وتملقهم لسيدهم القديم وإلا فكيف يفسر محمد عبد المطلب الهونى الثروة الهائلة التى يتمتع بها والتى تمكنه من العيش فى قصر إيطالى ها هو مصدرها هن عبقريته ومخترعاته العلمية أم هى عقليته التجارية والغرب يتمتع بمصادر إستخبارية هائلة أقوى مما يتخيله الكاتب وأقوى مما يتسع له فهمه. ولا يمكن لامارة صغيرة غارقة فى خليج فارس أن تحدد لدولة عظمى كالولايات المتحدة أولوياتها أو تفرض عليها فهمها ولا يستطيع شاب غر… قراءة المزيد ..