إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
بيروت- خاص بـ”الشفاف”
يوم غتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري نزل اكثر من ثلثي الشعب اللبناني إلى الساحات للتكاتف وللتعبير عن غضبهم للحدث الجلل الذي وقع عليهم. يومها اعتقدت الجهة الفاعلة ان الإغتيال هذا سيكون الوسيلة الأفضل والأنجح لشق صفوف اللبنانيين بطوائفهم ومذاهبهم وجعلهم فرقاً تتناحر وتتقاتل في ما بينها، الأمر الذي قد يُلهيهم عن المطالبة بانسحاب الجيش السوري من لبنان تطبيقاً للقرار 1559 الذي كان سبباً رئيسياً في إزاحة الرئيس الشهيد وأخرين غيره ممن طالبوا بتنفيذه.
على عكس ما تمناه القاتل حينها فقد توحّد اللبنانيون يداً واحدة تحت راية قوى “الرابع عشر من آذار” التي أعادت زرع بذور الإستقلال من جديد في وطنٍ كان قد انتُزع قراره وغُيّب عنه استقلاله واستقراره لعقود من الزمن، قبل أن تُعيد هذه القوى توجيه البوصلة إلى الطريق الصحيح ورسم خريطة البلد بشكل يحفظ صيغة العيش المشترك فيه رغم الإستهدافات الجسدية المتلاحقة التي طاولت خيرة قادتها من سياسيين وعسكريين آمنوا بخطها وبطريق عبورها الى الدولة.
بعد فشل كل المحاولات التي سعى من خلالها الحاقدون لتغيير وجه لبنان، من وطن سيد حر مستقل إلى محافظة تابعة لأنظمة إقليمية، وتحويله الى قاعدة عسكرية يمكن التفاوض بشأنها تبعاً لمصالح تلك الانظمة، والتي كان أخرها عبوات سماحة – مملوك، ها هو مشروع “الفرزلي” أو ما اصطلح على تسميته بـ “القانون الأرثوذوكسي”، يطل برأسه على اللبنانيين من جديد تحت شعارات وحجج واهية الا وهي تصحيح التمثيل المسيحي داخل البرلمان اللبناني. مع التذكير أن “الفرزلي” هذا الذي كان ولد من رحم النظام السوري في زمن الوصاية ودُفن مع عبور أخر جندي سوري للحدود، كانت رفضته القوى السيادية والمستقلّة يومها وصوتت ضده لأسباب تتعلق بالمساس بجوهر العيش المشترك والمناصفة بين المسلمين والمسيحيين التي ما زال يعمل تيار “المستقبل” والقوى المسيحية المستقلة على تثبيتها واخراجها من البازارات السياسية التي يهوى البعض احياؤها عند كل مناسبة.
<img3528|center>
نبش القبور واخراج من فيها لهو آمر معيب وغير أخلاقي، هذا ما أجمعت عليه جميع الأديان السماوية. لكن هناك جهات قد تبيح لنفسها هذا الامر من خلال فتوى شخصية طالما انه يصب في مصلحتها ومصلحة حلفائها دون الأخذ بعين الاعتبار مصلحة البلد الذي يعيش أصلاً لحظات عصيبة جرّاء الأحداث الحاصلة على أكثر من محطة. بهذه الكلمات عبّر عضو كتلة “المستقبل” النائب احمد فتفت لـ”الشفّاف” عن المحاولات التي يسعى اليها البعض من أجل تثبيت روح الفرقة بين مختلف الاطياف اللبنانية، وأكد أن قانون “الفرزلي” لن يمر في مجلس النواب، وإذا لم يعترض عليه رئيس الجمهورية فسوف نطعن بالقانون دستورياً ونسقطه لأن هذا القانون سوف يخلق 18 كانتوناً لبنانياً، ما يعني عزل مجموعات من الطوائف وأولهم المسيحيون في المنية الضنية والكورة وعدد من المناطق”.
وعما إذا كان لقانون الفرزلي تأثير سلبي على العلاقة مع الحلفاء المسيحيين في “14 آذار” المؤيدين لطرح “الفرزلي، يجزم فتفت بـ”أن ما يجمعنا مع حلفائنا هو أكبر بكثير مما يفرقنا، خصوصاً وأننا خبرنا سوياً ولمدة سنوات طوال مدى سعي الفريق الآخر للهيمنة على قرار البلد وجعله ملحقاً بأنظمة نكّلت بنا لعقود من الزمن. ولكن في الوقت عينه فأن موضع القانون الإنتخابي ليس تكتيكيا بل هو استراتيجي”، مشيراً إلى انه “رغم عدم توافّر الحظوظ لتمرير “الفرزلي” إلا أن نجاحه يعني هيمنة “حزب الله” على لبنان وإعادته إلى زمن أنظمة الوصاية. يومها كانت تُعلّب القوانين داخل الغرف المقفلة التابعة للمخابرات السورية”.
هواجس “المستقبل” يلاقيها حزب “القوات اللبنانية” في أكثر من نقطة.
ولكن بحسب أوساط مسيحية داخل “14 آذار” فإن “المطلوب اليوم خلق قانون جديد يمكّننا من الحصول على الأكثرية النيابية ب 65 صوتاً داخل مجلس النواب فعلاً لا قولاً. ونحن طالبنا حلفاءنا وأخصامنا من الذين ينتقدون القانون بإيجاد قانون بديل رغم محاولتنا مع حلفائنا اعتماد الدوائر الصغرى الذي لم نستطيع تأمين الأكثرية النيابية للتصويت لصالحه”، مشددة على رفضها المطلق للقانون الذي تقدمت به الحكومة الحالية نظراً للعيوب الكثيرة التي تشوبه، “ومن يعتقد أن تأييدنا للأرثوذوكسي من شأنه أن يفكك تحالفاتنا داخل “14 آذار”، هو واهم، لأن المبادئ التي اجتمعنا حولها وناضلنا من أجلها ودفعنا الدماء لتحقيقها، لا يمكن أن يهزّها لا قانون إنتخابي ولا مواقع سياسية مهما كبر حجمها أو صغر”.
قانون الستين، مشروع قانون الحكومة، قانون بطرس، “الفرزلي” أو الأرثوذوكسي، الدوائر الصغرى أو الكبرى، جميعها تسميات أو مصطلحات قديمة جديدة أُدخلت إلى حياة المواطن اللبناني ضمن إطار اللعبة الإنتخابية والتجاذبات السياسية. لكن يبدو أن مصير لبنان يقف في هذه المرحلة على المحك، خصوصاً وأن حلفاء سوريا في لبنان قد نصبوا فخا لحليفهم في الرابية عنوانه “الفرزلي” ويبدو انه ذاهب برجليه للوقوع فيه.
من هنا على قوى “14 آذار” التنّبه من فخ ينصب لها هي أيضاً، وقد يكلفها السقوط فيه تسليم رقبتها والبلد مرّة أخرى لصالح أنظمة تتوسل حبل النجاة للخروج من شرنقة الموت المؤكد.
ali_future2@hotmail.com