قد يقول قائل أن الوقت غير مناسب لكتابة مقال يحلل العدوان الإسرائيلى وخاصة أن دماء أهالى غزة ما زالت تنزف، وأن عدد الضحايا حتى ساعة كتابة مقالى هذا يقترب من الثلاثمائة قتيل والسبعمائية جريح، ولكنى أقول أن هذا أفضل وقت للكلام عن الموضوع والطرق على الحديد مازال ساخنا.
وبداية يجب أن نترحم على أرواح من سقطوا على أيدى العدوان الإسرائيلى سواء كانوا من مقاتلى حماس أم من المدنيين الأبرياء.
ولقد عشت فى غزة فى الفترة مابين 1994 و 1995 بالقرب من مستشفى الشفاء وكان المشروع السكنى الذى كنت أتولى بنائه يقع بالقرب من معسكر جباليا، وعاشرت عن كثب المعاناة اليومية لأهالى غزة عند المعابر وفى حياتهم اليومية، واليوم المعاناة أضعاف عما كانت عليه عندما كنت هناك، من حصار وبطالة وتزايد سكانى مذهل.
وعندما فازت حماس بالإنتخابات الحرة وتولت مسئولية الحكم، إسقط فى يد إسرائيل وأمريكا (واللتان تعتبران حماس منظمة إرهابية)، وكذلك إسقط فى يد بعض الأنظمة العربية والتى تتخوف من وجود طالبان عربية بجوار إسرائيل وتتلقى الدعم من سوريا ومن إيران فى قلب العالم العربى، هذا من جهة ومن جهة أخرى رفضت حماس بغباء وشمم الإعتراف بإتفاقية أوسلو (وهى نفس الإتفاقية التى أوصلتها إلى الإنتخابات وإلى السلطة) وظلت تطلق على إسرائيل ألقابا مثل العدو الصهيونى والكيان الصهونى، ولم تغير تلك الألقاب من حقيقة أن أسرائيل هى أقوى قوة ضاربة فى المنطقة وتساندها عمال على بطال و بلا قيد أو شرط أمريكا أكبر قوة ضاربة فى العالم، وإلى جانب هذا إستمرت حماس فى إطلاق تلك الصواريخ والتى أطلق عليها الرئيس الفلسطينى نفسه منذ أسبوع بأنها “صواريخ عبثية”، وحماس قبل غيرها تدرك عبثية تلك الصواريخ، ولكنها فيما يبدو تطلقها كنوع من “فش الخلق” وطريقة للتعبير عن إستياءها من الحصار، ولكن تلك الصواريخ لا تؤذى أحدا بخلاف إعطاء إسرائيل المبرر لتشديد الحصار على غزة وإستمرار الإعتداء، وإسرائيل كما يعلم الجميع “تتلكك” على أى هفوة من حماس لأنها بصراحة تريد إسقاط حكم حماس، وأصبحنا ندور فى حلقة مفرغة: إسرائيل تشدد الحصار وتغلق المعابر وتقوم بالغارات قائلة أنها ترد على صواريخ حماس، وحماس تضرب صواريخها ردا على الحصار وعلى الإعتداءات الإسرائيلية، ولست أدرى إلى متى تستمر تلك الحلقة الجهنمية من الإنتقام والإنتقام المضاد، وخاصة أن إسرائيل تقوم بالإنتقام بإفتراء وبوحشية، على صواريخ لم تؤذ بعوضة.
وقبل أسبوع حاولت مصر تمديد فترة التهدئة، ولكن حماس رفضت بإباء وشمم وإنتهزت فرصة زيارة وزيرة خارجية إسرائيل إلى مصر وقامت بإطلاق أكثر من ثمانين صاروخا وقذيفة على إسرائيل، ولم تصب أى هدف فى إسرائيل، ولكنها أعطت إسرائيل المبرر للقيام بهذا الإعتداء الجنونى، وكنت أعتقد أن حماس لديها أسلحة سرية سوف تتمكن القضاء على طائرات الف 16 والتى يملكها سلاح الجو الإسرائيلى والتى تتمكن من إطلاق إطلاق الصواريخ والقنابل بدقة متناهية، وحجم العدوان الإسرائيلى غير مبرر ويظهر عقيدة الإنتقام فى الثقافة اليهودية “عين بعين و سن بسن” والتى طورتها إسرائيل الحديثة وأصبحت “عين بمائة عين وسن بمائة سن” ، كما أن غباء صواريخ حماس غير مبرر، ولن تصبح تلك الصواريخ أكثر فاعلية مهما أعطتها حماس ألقابا مثل قسام واحد أو قسام إثنين، الهدف من تلك الصواريخ إفشال أى جهود للسلام وإعلانها حربا دينية، لأن هذا تفكير الإسلاموية وهو عدم قبول إسرائيل فى المنطقة مهما أعطت من أرض، فإنها لن تحصل على أى سلام، وحتى لورجعت إلى حدود قرار التقسيم عام 1948، وحاولوا أى تقرأوا فى أى أدبيات أو تصريحات للإخوان المسلمين أو حماس أو حزب الله أو القاعدة، لم ولن يقبل أى منهم بوجود إسرائيل فى المنطقة لأن العداء لإسرائيل هى البيضة التى تبيض لهم ولغيرهم ذهبا فى الستين عاما الأخيرة، والسلام مع إسرائيل يعنى قتل تلك الفرخة.
أما عن الجانب الآخر فإن إسرائيل من جانبها سواء عن طريق معتدليها أم عن طريق متطرفيها لم ثبت قط بأنها جادة فى السلام وخاصة مع الفلسطينيين، فرغم كل الإتفاقيات ورغم عدم شرعيتها إلا أن إسرائيل لم ولن تتوقف أبدا عن بناء أوتوسعة المستوطنات وخاصة فى الضفة الغربية، ولقد شاهدت بعين رأسى مستوطنة المتطرفين اليهود فى قلب مدينة الخليل بجوار الحرم الإبراهيمى وكان يسكن تلك المستوطنة وقتها 400 مستوطن ويقوم على حراستهم أكثر من 2000 جندى إسرائيلى!! ويقومون بإغلاق كل وسط مدينة الخليل بطريقة تبعث على الأسى والغضب عجز الحيلة لدى كل سكان الخليل.
وأنا فى إعتقادى أنه لو أرادت إسرائيل أن تثبت للفلسطينيين برغبتهم الحقيقية فى السلام يجب عليهم الإعلان عن خطة لتفكيكك كل المستوطنات وإعادة توطين هولاء المستوطنون اليهود داخل إسرائيل، و لامانع من تبادل طريق ربط بين غزة والضفة مقابل الإبقاء على عدد محدود من المستوطنات البعيدة عن الكتلة الفلسطينية، ولن أتحدث اليوم عن الخلاف بين فتح وحماس فهذا ليس المجال، ولكنى أوجه سؤالا محددا إلى قادة حماس، هل تقبلون بحل الدولتين؟ هل ستقومون بتعدليل ميثاق حماس والإعتراف بدولة إسرائيل؟ وهل تتوقفون عن إطلاق الصواريخ تجاه إسرائيل؟ فإذا لم تكن الإجابة بنعم على تلك الأسئلة فانتم غير جادين فى رفع المعاناة عن الشعب الفلسطينى وترغبون كما ذكرت من قبل على تحويل الصراع إلى صراع دينى قد يستمر مئات السنين.
. وفى نفس الوقت أوجه أسئلة مشابهة إلى قادة إسرائيل: هل توافقون حقا على إقامة دولة فلسطينية بجوار دولة إسرائيا؟ وهل توافقون على تفكيك المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية؟ وهل توافقون على إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين أو تعويضهم؟ وهل توافقون على إقتسام القدس بين الدولتين على أن تظل تحت إدارة دولية موحدة؟ إذا لم تكن الإجابة على كل تلك الأسئلة بنعم فأنتم غير جادين فى السلام. ولتهنأ بناتى فى متابعة القضية الفلسطينية للخمسين سنة القادمةّ، وربما يتوارثها الأحفاد فيما فى القرن القادم!!
samybehiri@aol.com
• كاتب مصري – الولايات المتحدة
إيلاف
غزة بين مطرقة إسرائيل المفترية وسندان حماس الغبية
لا جديد نعم ما أشبه الامس باليوم. الكل يعلم ان المحارق من قبل العدو الصهيوني كثرت واصبح يسرح ويمرح ويخشى ان يهدد العالم باسره بقنابله الذرية والاجرامية الفسفورية وغيرها. لنكن واقعيين ان المقاومة الحقيقية هي كما فعل غاندي وغيره المحبون لامتهم وبلادهم وذلك ببناء الدولة الديمقراطية اي دولة العدل والمؤسسات المدنية وليس بناء المافيات المخابراتية والمليشيات والتفنن في اذلال الشعوب والا سيستمر وضعنا المتدهور وذلك بسرعة الصواريخ العشوائية الذي تطلقها حماس او حزب الله الطائفي.
غزة بين مطرقة إسرائيل المفترية وسندان حماس الغبيةالكثير هنا وهناك, بل يمكن القول في كل مكان, يروا وجه التشابه بين ما يجري في غزة اليوم, الآن , أفغانستان بعد إحداث 11سبتمير 2001 – عندما ملئ الفرح وجوه و مواطنين غزة عندما قصفت الطائرات المركز التجاري , حفرت هده الصورة في ذاكرة الجميع – أو العدوان على مواطنين روسيا في آسيتيا في 8 أغسطس 2008, اليوم غزة تدفع ثمن غالي لمغامرات حزب الله , حماس, وأخيرا أصبحت كبش الفداء للسياسة الإيرانية , ليس فقط غزة إنما فلسطين لبنان .., لقد تحولت بسرعة فكرة أن حماس منظمة سياسية إلى منظمة إرهابية بين… قراءة المزيد ..
غزة بين مطرقة إسرائيل المفترية وسندان حماس الغبيةكلا الطرفين الفلسطيني والأسرائيلي يؤمن بالحق الألهي بفلسطين. أليهود فيها يؤمنون بأنه تحقيق للوعد بعودتهم الى الأرض الموعودة. والمسلمين الحمساويين الأخونجيين يؤمنون أنّ وعد الله بأزاله أسرائيل سيتحقق عام 2027 حسب تصريح احمد ياسين قبل موته بصاروخ أسرائيلي عقب تهديداته بأرسال المزيد من الأنتحاريين ضد أسرائيل. كلا الطرفين يؤمن بأنه الشعب المختار. ليس اليهود وحدهم شعب الله المختار. بل ايضا الفلسطينيون كمسلمين هم ايضا خير أمّة اخرجت للناس. لا حلّ الّا برفض هذا الأعتقاد العنصري، والأيمان بالأنسان ، والأعتراف بالعدو كأنسان أن لم يكن أخ في الدين فنظير في الخلق والخلقة. حينها يصبح… قراءة المزيد ..