قام “الشفّاف” بترجمة موضوعين نشرتها جريدة “الفيغارو” الفرنسية عن شيعة السعودية وعلاقتهم بالسلطة وبإيران من أجل تشجيع النقاش العقلاني حول أوضاع لا يخلو منها أي بلد عربي، ولا تخلو منها إيران نفسها (لا يتمتع السنّة بحق بناء جامع في طهران). وحيث لا يكون هنالك نزاع طائفي، في بلدان المغرب العربي مثلاً، فهنالك نزاع بين العرب والبربر، الذين كان القذّافي قد منعهم حتى من حق تسمية أبنائهم بأسماء بربرية. وهذا حتى لا نشير إلى التعسّف الذي تمارسه الأحزاب الدينية الحاكمة الآن في العراق (أو الطامحة للسلطة الحصرية، مثل السيّد مقتدى الصدر) بحق المواطن العراقي غير الشيعي.
ببساطة، “لا فضل” لأحد على أحد في المنطقة. ولن يتغيّر هذا الوضع إلا باعتماد الحدّ الآدنى من “العلمانية” (هذه الكلمة “المستوردة” من بلاد الكفّار)، أي باعتماد دساتير تقوم على المساواة بين الناس كـ”مواطنين” وليس كـ”طوائف”، وبين المرأة والرجل. كثيرون يرفضون هذا الحلّ ويحلمون بـ”تصفية حسابات تاريخية” يعود بعضها إلى 1300 سنة. هؤلاء، بحسن نيّة ربما، هم دعاة الحروب الأهلية المقبلة، والتدخّلات الأجنبية.
أخيراً، إن نشر موضوع في جريدة “أجنبية” لا يعني أنه لا يخلو من أخطاء. نشجّع القرّاء، السعوديين خاصة، على إغناء هذه المواضيع، ونقدها.
**
عين إيران على شيعة السعودية
مراسل “الفيغارو”، جورج مالبرونو، الدمّام
علي، رضا، حسين… أسماء إئمة الشيعة الإثني عشر تغطي رسماً جدارياً يقع على مدخل “العوامية”. فالمدينة الشيعية الواقعة على ضفة الخليج لا تهاب التعبير عن تفرّدها في مملكة وهّابية.. “العوامية” المتمرّدة: فقبل أشهر، شهدت “العوّامية” تشييد مسجد بدون ترخيص قامت الشرطة بتدميره فور تشييده، وطوّقت المنطقة لإخماد سخط أتباع الإمام علي، الذين يشكّلون الأغلبية في مناطق “الحسا” و”القطيف” الغنية بالنفط الواقعة في شرق البلاد.
في هذه المناطق الشيعية التي لم تطلها مشروعات التنمية، يثير إحتمال توجيه ضربات عسكرية أميركية لإيران قلقاً متنوّع الأشكال. وحسب هاشم شوروس، لدى قيام الجمهورية الإسلامية في العام 1979، “عبّر الشيعة عن تعاطفهم مع الخميني، وإذا ما تعرّضت إيران لهجوم في المستقبل القريب فإن أحداً لا يستطيع أن يتكهّن بردّ فعل الطائفة الشيعية”. وتعتقد السلطات السعودية أن شوروس، وهو من الأشراف، كان قد أسّس حزب الله السعودي، الموالي لطهران، في أواخر سنوات الثمانينات، إنطلاقاً من منفاه في “قم”. وقد عاد شوروس إلى السعودية في العام 1993، حينما وافق الملك فهد على عودة 400 معارض شيعي من المنفى. وأودع شوروس السجن عدة مرات بعد ذلك. ورسمياً، فحزب الله السعودي لم يعد موجوداً، مع أن قادته ما يزالون في “قم”، ولكن أنصار حزب الله ما يزالون موجودين سرّاً في “العوامية” وفي قرية سوروش، وتدعى “قاره”.
ويقول المحامي صادق الجبران في “الهفوف” (وهي المدينة الرئيسية في “الأحساء”) أنه بسبب التمييز الذي يتعرّض له الشيعة (15 بالمئة من السكان) “فقد زرعت إيران خلايا نائمة تستطيع تحريكها في حالة وقوع حرب”. كما وصف قنصل إيران السابق في دبي، عادل الأسدي، في مقابلة أجرتها معه قناة “العربية”، عملية زرع الخلايا التي تقوم بها هيئة تابعة للحرس الثوري الإيراني، بعد دورات تدريب إيديولوجي ولوجستي. ولكن المثقف توفيق السيف، الذي يعيش في “الدمّام” التي تمثّل أكبر مدن المنطق الشيعية، يقلّل من أهمية الظاهرة: “ما عدد الشيعة الذين تورّطوا في العمليات الإرهابية في السنوات الأخيرة؟ إن 23 شخصاً فقط ما يزالون في السجن بسبب مشاركتهم في عملية الخُبَر في العام 1996”. غير أن الرياض تخشى أن تقوم إيران باستخدام المعارضين السعوديين المعتقلين في طهران، والذين تطالب السعودية باستردادهم.
في الرياض، قال أحد المسؤولين أن “أقلية فحسب ستلعب اللعبة القذرة التي ستحرّضهم عليها طهران”. ويقول المهندس محمد الجبران في الهفوف: “لن نصبح يوماً أعداءً لإيران، ولكن الجمهورية الإسلامية لا تسيطر علينا، كما أننا لا نعتبر أن إيران هي البلد الذي يمثّل مصالحنا”. ويظهر معظم شيعة السعودية ولاءهم للمملكة. وقد لاحظوا أن وضعهم تغيّر في السنوات الأخيرة (الحوار الوطني منذ العام 2003 بمشاركة الشيعة، الوفود الشيعية التي استقبلها الملك عبدالله، ومزيد من حرّية التعبير). وهذا، علاوة على أن الإرهاب الذي يمارسه “أبناء السلفية الضالّون”، المقرّبون من “القاعدة”، لم يعد يعتبر الشيعة العدو الأول للنظام.
ملك ضعيف
إن أغلب الشيعة يكنّون الإحترام لشخص الملك عبدالله، ويرغبون في مساعدته لبناء شرعية سعودية جديدة تحلّ محلّ الشرعية الوهّابية التي تقوم عليها المملكة. ولكن آمالهم فيه تظلّ متردّدة: فالكثيرون في المنطقة الشرقية يردّدون “إنه ملك ضعيف”. وليست هنالك أكثر من خطوة فاصلة بين الغضب الصامت والتمرّد. ويحذّر زعماء الشيعة قائلين: “بمواجهة بطء التقدّم الحاصل في الإعتراف بحقوقنا، فإلى متى سيظلّ مسؤولونا السياسيون والدينيون قادرين على الحؤول دون وقوع تجاوزات أكثر تطرّفاً في صفوفنا؟” ولا يتردّد بعض الصغار في السنّ عن القول بأنهم يعيشون “تحت الإحتلال”. ويتذمّر أحد هؤلاء، وقد التقيناه في سوق “القطيف، حيث يبيع العاطلون عن العمل أفلام “بورنو” مزوّرة، قائلاً: “إننا نتعرّض لضغوط. وليس لدينا عمل”.
من جهة أخرى، فنشاطات رجال الدين السلفيّين الذين يصدرون الفتاوى “ضد الرافضة الكفّار” تثير مشاعر الإضطهاد والتعطّش إلى الإنتقام. وبسبب خشيتها من ردود فعل غير منضبطة، أوفدت السلطة في الآونة الأخيرة ممثلّين عنها لتهدئة الخواطر. ولكن توفيق السيف يحذّر بأن “الوضع قد ينفجر إذا ما اتخذت الحكومة موقفا ًمتحيّزاً تجاه الجهاديين العائدين من العراق، وإذا ما سمحت للسلفيّين بمهاجمتنا كما يفعلون في العراق”. إن الشيعة السعوديين، الذين تسعى إيران لاستخدامهم، والذين يتعرّضون لضغوط رجال الدين الوهّابيّين المحليين، يخشون من أن تتحوّل المجابهة بين الولايات المتحدة وإيران إلى حرب سنّية مفتوحة ضد الشيعة، كما حدث في سنوات الثمانينات أثناء الحرب الإيرانية-العراقية. ويقول محمد الجبران بمرارة “عانينا كثيراً في تلك الحقبة”.
المقال التالي:
عين إيران على شيعة السعوديةبالنسبة للتكفير فهو مشترك بين الطرفين وبالعكس فإن أكثر علمائنا لا يكفرون الشيعة إلا إذا قاموا بصرف عبادة إلى غير الله أما الشيعة فيكفرون عموم السنى حتى إن الدعوة العامية عندهم إذا غضبوا منك : ( جعل في قبرك عظم سني ) 2 / بلا شك الجميع يؤيد أن ينال الشيعة حقوقهم كاملة بشرط أن يتخلوا عن ولائهم لقم وإيران // لعل الشيعة يعلمون أن بداية أزمتهم مع السلطة في الثمانينات حين كانوا يتلقون الأوامر من قم وليس من الرياض . 3 ـ هناك مناطق أخرى تعاني من التهميش في الاستثمار مثل مناطق الشمال والجنوب ووادي… قراءة المزيد ..