سعد كيوان- “الشفّاف- بيروت
لبنان مثل أفغانستان!…
صاحب هذا الاكتشاف هو ميشال عون العائد من حفاوة بشار الأسد. عون يكتشف إن “لبنان بلد صغير لا يستطيع أن يدافع عن نفسه إلا عبر المقاومة، تماما كما في أفغانستان ليس بمقدورهم الدفاع عن أنفسهم بقوتهم القتالية” (كذا)، خلال تعليقه على مشروع “الاستراتيجية الدفاعية” الذي طرحه سمير جعجع خلال جلسة الحوار الثالثة التي عقدت في القصر الجمهوري.
وتقوم الاستراتيجية التي طرحها جعجع على الجمع بين النموذج السويسري وتجربة “حزب الله”، تحت إشراف الدولة وإدارتها. وينطلق المشروع من ضرورة إعتماد لبنان “النموذج السويسري” الذي نجح في توحيد شرائح المجتمع السويسري المتعدد، والمشابه لتركيبة المجتمع اللبناني، عبر تبني سياسة الحياد الخارجي، التي حمت سويسرا من الصراعات والحروب التي عصفت بالدول المتاخمة لها.
في الوقت نفسه، تقول استراتيجية جعجع أن سياسة الحياد لا تعني تخلي لبنان عن مسؤولياته تجاه القضايا العربية، لذلك يدعو المشروع اذا إقتضت الحاجة الى إنشاء مجموعات خاصة من “الحرس الوطني”، في كافة المحافظات يكون إرتباطها العسكري والعملاني والتكتي والإداري مباشرة بقيادة “القوات الخاصة” التابعة للجيش اللبناني.
وتدعو الاستراتيجية الى الإستعانة بتجربة “حزب الله”، ولكن ضمن الأطر الشرعية وبإشراف مباشر من الدولة، ومن قواها العسكرية الشرعية التي هي الأداة التنفيذية الوحيدة للسلطة الشرعية.
لم تعجب عون اذن استراتيجية جعجع؛ استراتيجيته تقوم على تنظيم “المقاومة الشعبية” على كافة الأراضي اللبنانية. أكثر من ذلك، يقول الجنرال المتقاعد إن الفرق بين إستراتيجيته وإستراتيجية رئيس “القوات اللبنانية” أن جعجع “يريد أن يقاتل إسرائيل بجيش نظامي بينما نحن قلنا أن الجيش النظامي لن يستطيع أبدا” إيجاد توازن قوي مع إسرائيل (كذا)، لذلك طرحنا نظرية الشعب المقاوم، بينما غيرنا يريد أن يضع جانبا سلاح “حزب الله”…”. ويسترسل قائد الجيش السابق متجاوزا” حتى طروحات “حزب الله” نفسه: “المقاومة تبدأ في مناطق الاحتلال حيث الدولة لم تعد موجودة، مركزية المقاومة لها شروط تقنية وعليها أن تغطي كل الأراضي حيث لم يعد للدولة وجود…”.
ويدعم عون في نظريته حليفه سليمان فرنجيه، الذي فهم أن “النموذج السويسري” يتطلب تقرير مصير الفلسطينيين في لبنان – مساكين هؤلاء الفلسطينيين “كل ما دق الكوز بالجرة”! – ويعني إعادة النظر بتركيبة الدولة، ويعني “تغيير” حكومة فؤاد السنيورة، ويعني أن لا يتدخل البطريرك الماروني نصرالله صفير في السياسة، على إعتبار إن فرنجيه “علماني” مثل النظام في سويسرا – ولو أنهم في زغرتا يهتفون له “أنت البطرك يا سليمان” – ويعني…
المطلوب إذن “شعب مقاوم”! نظرية جديرة أن تدرّس في أهم المعاهد والكليات العسكرية في العالم.
ما يهم عون ليس كيف تستعيد الدولة وجودها، وإنما كيف تحل “المقاومة” محل الدولة، وكيف تتمدد على مساحة الوطن، حتى ولو كان المطلوب تحريره بضعة عشرات الكيلومترات تم إستحضارها على عجل، عشية الانسحاب الاسرائيلي في إيار 2000، من أجل الإبقاء على “مسمار جحا” يعلق عليه “حزب الله” مقاومته، وسوريا وإيران نفوذهما وأوراقهما في لبنان…
علما أن عون نفسه كان يعتبر، قبل ثلاث سنوات وبعد عودته الى لبنان، أن سلاح “حزب الله” هو سلاح خارج على الشرعية اللبنانية، ومرتبط بإيديولوجيات ومصالح إقليمية، كما جاء في برنامج “التيار العوني” الإنتخابي، في “الكتاب البرتقالي”، عشية انتخابات 2005، والذي تم سحبه من التداول عشية توقيع “ورقة التفاهم” مع “حزب الله”، في 6 شباط 2006!
وغاب عن بال عون أن المزارع التي يريد تجنيد “الشعب المقاوم” من أجل تحريرها يرفض حليفه الجديد بشار الأسد الإقرار بلبنانيتها، ويرفض ترسيم الحدود فيها بحجة إنها محتلة، ولكنه يعلن إستعداده ترسيم الحدود في الجولان المحتل ويحضر كل الخرائط اللازمة لذلك. كما أن اللافت في إندفاعة عون “المقاوم” أنه لا يطالب بتجنيد “الشعب المقاوم” في سوريا من أجل تحرير الجولان، بل يطالب لبنان بالعودة الى “وحدة المصير والمسار” مع سوريا، ومواكبتها في مفاوضاتها مع إسرائيل التي أعلن بشار نفسه أنها ستتحول قريبا الى مفاوضات مباشرة…
“شعب مقاوم” إذن في لبنان، وسلطة تفاوض في سوريا!
سوريا التي دعا عون اللبنانيين للعودة الى “أحضانها” كونها تشكل، بحسب إكتشافاته الجديدة، الإمتداد الجغرافي الطبيعي للبنان، والرئة الإقتصادية الحيوية الوحيدة له، و”الوسادة” التي يتكىء رأسه عليها، خلال “سيره على طريق القديس بولس” الدمشقي (!).
ولكن الغريب في الأمر، أن الجنرال المتقاعد بعد أن يطلق نظريته حول “الشعب المقاوم” ويتغنى بالمقاومة وقدراتها، يطلع علينا بنظرية أخرى تناقض الأولى وتشوهها. أي، تشبيه المقاومة في لبنان بالمقاومة في أفغانستان. ولكن من الذي يقاوم في لبنان، وضد من؟ وهل هناك مقاومة في أفغانستان؟ وضد من؟
نعرف أن هناك في أفغانستان حركة “طالبان” الأصولية، الظلامية، المتخلفة، وأيضا الإرهابية، التي تريد تطبيق الشريعة الإسلامية وانشاء دولة إسلامية، والتي لا تتوانى عن قتل المدنيين الأبرياء، ومن بينهم النساء اذا ما تجرأت إحداهن على الكشف عن عينيها، أو حتى الخروج من المنزل. ويدعم هذه الحركة تنظيم “القاعدة” الإرهابي، الإجرامي، الاستئصالي، لصاحبه بن لادن. فهؤلاء يقاتلون من؟ ويقاومون من؟ القوات المتعددة الجنسيات التي جاءت لتحرر الشعب الأفغاني من ظلاميتهم وإستبدادهم وإرهابهم؟ أم أنهم يصدرون الإرهاب الى دول الجوار كالباكستان والهند، وغيرها من دول العالم وخاصة الإسلامي منها…
فماذا قصد الجنرال الختيار، صاحب “الأنا” المتضخمة والغرور الجامح؟ هل أن الدولة في لبنان تشبه الدولة في أفغانستان؟ وهل إن المقاومة في لبنان تشبه إذن “مقاومة” طالبان وبن لادن؟ أم أن الجنرال لا يعرف ماذا يجري في أفغانستان؟ وهل هذه هي المقاومة التي يريدها ويدعو اللبنانيين اليها؟ أم أنها زلة لسان؟
s.kiwan@hotmail.com
عون “المقاوم” يشبه المقاومة في لبنان بـ…”المقاومة” في أفغانستان ويدعو الى مواكبة سوريا في مفاوضاتها مع اسرائيل! Instead of asking yourself all these questions, or putting us, the readers, in a position of asking your questions for you, why don’t you contact the “retired” general, or the “old” general for an interview with the heavy-weight journalist that you might be? I am sure you will have all the time you need to corner this “retired, old, …you choose the adjective…” general, and then perhaps you will spare us all the ridiculous questions and write something of value that shows some… قراءة المزيد ..