مقابلة “إذاعة الشرق” مع الاستاذ علي صبري حمادة، رئيس حركة قرار بعلبك الهرمل
بدأ من قضية افتتاح مخيم للنازحين في منطقة الهرمل. أستاذ علي صبري حمادة، افتتح حزب الله قبل أيام مخيماً صرّح بأنه مخصص لإيواء النازحين الذين دُمرت منازلهم؛ فما حقيقة هذا المخيم؟ ومن هم قاطنوه الفعليون بعد الافتتاح؟
علي صبري حمادة: في الحقيقة، لفت انتباهي منذ قرابة خمسة أشهر تشييد منشأة ضخمة محاطة بسور إسمنتي حاجب يمنع رؤية ما بداخله. وعند مرورنا بجانبه، تبين لنا وجود أبنية توحي بأنه “مخيم مستدام” يجري تجهيزه ببنية تحتية كاملة.
استفسرنا من البلدية وجِهات أخرى، كون الأرض تابعة للبلدية، ليتضح لاحقاً أن حزب الله هو من يتولى البناء بالتواطؤ مع بلدية الهرمل. المؤكد أن هذا المخيم أُقيم دون رخص قانونية أو تدخل من الدولة اللبنانية، كما أن المنظمات الدولية المعنية بشؤون اللاجئين لا علاقة لها به.
اللبناني لا يسكن في مخيّم
حين سألنا عن الغرض منه، ادّعوا أنه مخصص لاستقبال اللبنانيين النازحين من الأراضي السورية، وكانت هذه المغالطة الأولى؛ فاللبنانيون الذين غادروا سوريا إما استأجروا منازل أو أقاموا لدى أقاربهم، ومن غير المعهود أن يقطن اللبنانيون في مخيمات، خاصة وأن لديهم أعمالهم ومصالحهم. وبعد الافتتاح، تبين أن القاطنين هم سوريون (من طوائف معينة) نزحوا أو فرّوا من مناطق تخضع للنظام السوري الجديد، وتم تجميعهم في هذا المخيم على مشارف مدينة الهرمل.
هل ترى خطورة في هذا التوجه؟
علي صبري حمادة: نعم، أستغرب هذا القصر في النظر؛ فقد رأينا كيف تحولت المخيمات على مشارف المدن اللبنانية الأخرى بمرور الوقت إلى بؤر أمنية ومصدر قلق. وما يفاقم المشكلة هنا أن هؤلاء السوريين قد يُعتبرون معارضين للنظام الحالي، مما قد يخلق نقطة احتكاك بيننا وبينهم في المستقبل. وبما أنهم تحت رعاية حزب الله، فقد يراهم النظام السوري الجديد “معادين”، ما يجعل عودتهم إلى بلادهم أمراً مستحيلاً في المنظور القريب. نحن أمام خلق “بؤرة مخيم مستدام” مجهول الأمد والمحتوى خلف تلك الأسوار، ما قد يشكل خطراً أمنياً وعسكرياً عند أي احتكاك سياسي مستقبلي.
هناك مخاوف ديموغرافية في البقاع، وهناك تساؤل: هل يمكن استخدام هؤلاء كوقود لتعزيز الهيمنة على الهرمل؟ وهل من الممكن تحويلهم إلى جزء من ميليشيا مسلحة؟
علي صبري حمادة: هذا ما أُلمح إليه؛ فمن المحتمل أن يشهد المخيم تدريبات عسكرية، ويتم دمج هؤلاء النازحين ضمن التشكيلات المسلحة لاستخدامهم في أغراض لا يعلم أبعادها إلا الله.
ألا يوجد أي تدخل للقوى الأمنية أو الدولة؟ هل قدمتم اعتراضاً لجهات رسمية؟
علي صبري حمادة: قدمنا إخباراً للدولة وتحدثنا في الإعلام بكثافة. الدولة ترى وتعلم بوجود هذا المخيم الضخم، لكنها كالعادة تتجنب الاحتكاك مع حزب الله. لذا، لم تحرك ساكناً منذ خمسة أشهر، وببساطة افتتح الحزب المخيم قبل أيام معتبراً إياه إنجازاً، في حين كنا ننتظر مشاريع حيوية للمنطقة مثل سد العاصي أو مشاريع تنموية تنقذ الهرمل من معاناة طويلة.
الدولة تقوم حالياً بحملات أمنية لإعادة المنطقة لسيادة القانون، خاصة وأن الهرمل تُتهم أحياناً بأنها ملاذ للخارجين عن القانون بسبب الحدود المفتوحة. كيف سيؤثر هذا الملف على جهود الدولة؟
علي صبري حمادة: نشكر الدولة على جهودها الأخيرة في مكافحة المخدرات وضبط الحدود الشرقية، لكن هذا لا يعفيها من مسؤولية تدارك خطر هذا المخيم. الاحتكاك الديموغرافي قادم، وإذا وقع أي صدام غداً بين لبناني وسوري وسالت الدماء، فستكون التبعات وخيمة. نحن مقبلون على مراحل تهدف لحصر السلاح بيد الدولة، ولا يمكن ترك منطقة البقاع عرضة لخطر داهم عبر هؤلاء النازحين.
لمن توجه رسالتك اليوم للتحرك؟
علي صبري حمادة: أولاً، أوجهها لأهلي في الهرمل؛ لا يمكن تجاهل هذا الأمر أو اعتباره شأناً عابراً، فهذا المخيم سيخلق لنا مشاكل مستقبلية، ويجب رفض وجوده بكافة الوسائل.
ثانياً، نتوجه للدولة اللبنانية: أين دوركم في حماية الأهالي من المشاكل القادمة؟ ألم نتعلم من دروس التاريخ؟ نتمنى من الدولة والمنظمات الدولية وضع يدها على هذا الملف لمنع تدهور الأمور.
بالانتقال لموضوع إعادة الإعمار، الحكومة أقرت ميزانية للجنوب، فأين البقاع من ملف إعادة إعمار القرى المهدومة؟
علي صبري حمادة: كالعادة، البقاع منسيّ ومهمش، حتى في حسابات “الثنائي” (حزب الله وحركة أمل)؛ فالتركيز دائماً على الجنوب. نحن لا نمانع احتضان أهلنا في الجنوب، لكن أين العدل والمساواة؟ في الواقع، لا أرى جدية في التعاطي مع إعمار البقاع قبل حل المشكلة الأمنية مع إسرائيل، فخطر الحرب لا يزال قائماً والتهديدات تتجدد شهرياً.
هل هناك تواصل مع فعاليات المنطقة بهذا الشأن؟
علي صبري حمادة: أبداً، الجميع منشغلون بـ “إنجازات” وهمية مثل افتتاح مخيم الهرمل، وهي أمور تجميلية لا تلامس جوهر معاناة المواطن. البقاع أرض خير وعطاء وقادرة على صنع المعجزات إذا توفر لها الأمن والأمان، لكننا للأسف نفتقد للأمن داخلياً وخارجياً، ولا أحد يسعى لحل هذه المعضلات.
