يتقاطع ما حدث في رمضان مقديشو 1986 مع ما حدث في يناير عدن 1986 عند نقطة الانفجار الناسف للذاكرة التي لم ترجع بعدها مقديشو إلى حالتها السابقة وكذلك عدن.
وبما أن معظم اليمنيين، وبالأخص النخبة، لا يحيطون بالكثير من النقاط المفصلية في رواية الانهيار الصومالي فقد توجب لفتهم، وإن متأخراً، إلى نقطة دراماتيكية مثيرة، فاصلة، ومتصلة بشخص الرئيس الصومالي الراحل محمد سياد بري، وقد لفتني إليها الصديق المستشار ونائب القنصل الصومالي العام بعدن “حسين حاجي أحمد”.
وهو قال فيما قال إن أوضاع الصومال تدهورت بإيقاع متسارع بعد أن تعرض الرئيس الراحل لحادث مروري أصابه في الرأس في رمضان 1986، واستدعى إسعافه الفوري بطائرة خاصة من مقديشو إلى أرقى المستشفيات في السعودية، وهو في غيبوبه لم يفق منها حتى بعد أن مكث ثلاثة أشهر في غرفة الإنعاش، أستعاد خلالها لياقة «السرنمه» قدرة السير وهو نائم وخرج بعدها جثة متحركة ومتعافية بالحدود التي تسمح بتلبيسه البزة العسكرية للرئيس اللواء دون أن تعوضه عن فقدان الذاكرة.
وتَكَشَّفَ أن الصدمة ضربت الرأس والذاكرة معاً، ولم يعد الرئيس كما كان عليه، ولم يعد ذلك الذي كان قبل رمضان.
وعاد «أبو مصلح» إلى مقديشو ليواصل مشوار البقاء في كرسي الحاكم كأي دكتاتور يستمد شرط البقاء والاستمرار من قوة قصوره، ويستمر في الحكم وأن كان في حالة موت سريري ويلمع كأي تمثال من شمع أو مومياء في دائرة الأضواء وفي بؤرة عدسات الكاميرات.
والأعجب أنه حفر لنفسه مكاناً غائراً في الذاكرة بعد أن فقد الذاكرة التي بدت وكأنها ليست من الأشياء الضرورية لأي رئيس من هذا الصنف الذي يكفيه أن يجلس على الكرسي الدوار، ويلبس البزة والرتبة العسكرية ويحتفظ بالجهامة والبهررة والهنجمة.
وأتضح بالملموس أن إمكانية تدبيس الشعب بأي رئيس أو برئيس فاقد الذاكرة، وحتى بلا رأس، ليست صعبة على اللاعبين المهرة في المطابخ والكواليس الرئاسية، ولا فرق في هذا المقام بين اليمن والصومال، وانفضح الاهتراء أكثر مع احتدام النزاع بين النافذين في العائلة والحاشية، واشتدت ضراوة الضَب تحت الحزام بين المتقاتلين على كعكة السلطة والثروة، رغم أنه كان بمقدورهم مواصلة لعبة تبصيم الرئيس وتمرينه على التوقيع اليومي على قرارات خطيرة وسيادية ومصيرية تتعلق بالسلم والحرب وبتوزيع المناصب والأراضي والمنافذ السيادية على المحاسب والأقارب.
كان الزعيم فاقد الذاكرة تماماً وهو لم يعد من السعودية بأي جديد لافت غير جرعة إيمانية طافحة ليست غريبة على أي دكتاتور عربي يقف على حافة الحفرة.
وكما كان لأنجال الرئيس نصيب الأسد فقد كان للبنات ما للبوات، حيث احتفظ أزواجهن بحزمة من الحقائب الوزارية ولكن أمور البلاد لم تعد كما كانت عليه قبل رمضان 1986.
وانزلقت الصومال إلى دائرة التقاتل والتآكل، وأُكلت لحماً وعظماً، وتناهشها المتنازعون من «الوارثين» و«الدستوريين».
وفي الأثناء كانت البلاد مدججة بالزعامات المسلحة والمتناطحة. وفي ظل الرئيس فاقد الذاكرة تدمّرت ذاكرة الصومال، والأسوأ أن رابطة الانتماء و«الوطنية الصومالية» تهتكت وتمزقت إلى إرب.
وتشابهت الصورة على المراقبين: ترى من أين يبدأ الحبل السري لهذه الكارثة الماحقة؟… هل يبدأ من يوم الحادث المروري المشؤوم؟ وحتى متى سيظل مصير الصومال أو اليمن مرهوناً بـــ«ذاكرة» شخص واحد، ومحكوماً بالصدفة، وعرضة لقصف أي عاصفة أو حادث مروري؟!. وهل يتعالق الأمر بذاكرة الرئيس فقط أم أنه يتعالق مع حالة الغيبوبة العامة، والفقدان الجمعي للذاكرة «الوطنية» لحساب انتعاش وتفجر الذاكرات القاتلة و…ليس للأسئلة من آخر.
mansoorhael@yahoo.com
• صنعاء
على كف ذاكرة! هل السعودية هي مرجع كل …….. في المنطقة ؟ من تحالفوا مع الغرب لانهاء الاستعمار التركي- 400عام – اصبحوا هم استعمار جديد , الوهابية اسوء من العثمانيين بكل تاكيد , لانة العالم العربي تدمر كاملا بهدة التوجة الغريب .الان بعد مرور 100 عام من تاريخ الثورة اللورنسية في الجزيرة العربية نعود من جديد لاستعمار حارجي , هدة الثورة فتحت الطريق للسعودية فقط لتصبح قوى عظمى ليس اقتصادية , انما للتأمر على الجميع , من المحيط الاطلسي الى القوقاز , من اجل نشر الفوضى الدينية باسم الاسلام . كل ما يمكن ان نلمسة من مصاعب وجهل وتخلف وتمزق… قراءة المزيد ..