(الصورة: جمال عبد الناصر، أنور السادات، علي صبري وحسين الشافعي)
*
تعلم إسرائيل جيداً ما يعنيه تطبيع علاقات السعودية معها، ويعلم الأمير محمد بن سلمان قيمة الورقة التي يمسكها بيده، في عيون إسرائيل وحليفتها أميركا.
***
في يوليو 1972 قرّر السادات فجأة طرد 20 ألف خبير سوفيتي من مصر. برّر قراره المتسرّع تالياً بحجة أنه كان سيقاتل إسرائيل، وكان يريد لحرب أكتوبر 1973 أن تكون نصراً مصرياً خالصاً، إلا أنه خسر فرصة الحصول على ثمن إخراج السوفيت ونفوذهم من مصر، ودفع تصرفه غير الحكيم هنري كيسنجر، مستشار الأمن القومي للرئيس نيكسون، إلى أن يقول: «لو علمنا بهذا القرار مسبقاً لكنا على استعداد لدفع ثمنه»!
***
يبدو أن الأمير محمد بن سلمان لا يرغب في تكرار خطأ السادات، ولا التضحية بالورقة الرابحة التي بيده مقابل القليل، بل سيسعى إلى أن يجعلها صفقة رابحة لكل الأطراف، والأهم لوطنه.
نقترب يوماً عن يوم من عملية التطبيع بين الطرفين، ويعتقد بعض المراقبين أن الصفقة يجب أن يتم الانتهاء منها قبل ربيع 2024، وبدء الحملات الانتخابية الرئاسية.
ووصف الأمير محمد، في مقابلة أجرتها معه محطة «فوكس نيوز» الأميركية، قبل أيام، بأن هذه «المفاوضات تجري بشكل جيد، وإن انتهت بنجاح فستكون أكبر صفقة منذ الحرب الباردة».
***
ما الذي تريده السعودية من وراء التطبيع؟
أولاً، وقبل كل شيء، ضمان حقوق الشعب الفلسطيني، وتحقيق حلمه، من خلال حل الدولتين.
كما يسعى الأمير محمد بن سلمان إلى إبرام معاهدة أمنية مع الولايات المتحدة، تلتزم بموجبها بالدفاع عن المملكة في حال تعرضها لأي هجوم كان، وتكون مشابهة للمعاهدات التي تربط أميركا باليابان وكوريا الجنوبية، وعدد من الدول الأوروبية. كما يسعى إلى الحصول على طلباته من الأسلحة الأميركية من دون عراقيل من الكونغرس، كما هو الحال مع إسرائيل وحلفاء أميركا الآخرين الذين يحصلون على حاجتهم من الأسلحة من دون مشاكل.
كما تأمل السعودية في الحصول على صفة الشريك التجاري، بحيث لا تخضع ما تصدره لأميركا من بضائع لرسوم جمركية عالية، كما هو الحال الآن، ومساواتها مع الدول الأخرى التي تتمتع بمثل هذه الإعفاءات الجمركية.
كما ستطلب السعودية من إدارة بايدن الموافقة والسماح لها بإجراء عمليات تخصيب يورانيوم داخل المملكة بإشراف الولايات المتحدة، كجزء من صفقة التطبيع مع إسرائيل. لكن أميركا سبق أن عارضت ذلك، وعرضت عقد صفقة مماثلة لتلك التي أبرمتها مع الإمارات بغير تخصيب.
وأن تعلن أميركا رسمياً أن السعودية حليف استراتيجي للولايات المتحدة أسوة بوضع دول أخرى.
***
ما تطالب به السعودية يبين نضجاً سياسياً، ومعرفة بقيمة ما تمتلك من إمكانات وأوراق تفاوضية، وغير معلوم ما ستتمخض عنه المفاوضات بين الطرفين، أو الأطراف الثلاثة في نهاية المطاف، لكن وجود إسرائيل في الصورة لن يجعلها سهلة، فأمنها الاستراتيجي يأتي أولاً وأخيراً، وهي لن تفرّط به مقابل أية إغراءات.