أجريت هذه المقابلة بـ”الإيميل” مع السيد “صالح الحموي” (وهو إسم مستعار طبعاً) الموجود في مدينة “حماه” السورية. وهو أحد الناشطين البارزين في انتفاضة المدينة الشهيدة. وهي تعبّر عن وجهة نظر بعض “الداخل” السوري في المسائل الاكثر سخونة حالياً في الثورة السورية: المجلس الوطني، التدخّل الخارجي وحدوده، الموقف من إنشقاقات الجيش، الإستمرار بالثورة “السلمية” أم اللجوء إلى “السلاح”. وطبعاً، سوريا المستقبل. وسيلاحظ القارئ أن هنالك بعض الفروقات بين ما يقال في الداخل وبعض ما يقال في الخارج.
كما سيلاحظ القارئ، في نهاية الحديث، عبارة “صالح الحموي” التالية: “أنا شخصيا لا أريد أن أعيش في دولة أكون فيها بموقف إن أطعت القانون خالفت ديني، وإن أطعت ديني خالفت القانون”!! ويمكن للقارئ، مثلاً، أن يتساءل: سوريا ما قبل الوحدة مع مصر، أي ما قبل “غزوة البعث”، هل كان ينطبق عليها هذا التعريف، أم لا؟
الشفاف
*
1- بين المقال الذي نشره “الشفاف” وبيان تأييد المجلس الوطني يوجد قدر من الإلتباس، فهل توضح موقفكم من المجلس الوطني؟
بعد أن ضم المجلس الوطني معظم أطياف المعارضة وفتح الباب لبقية الأطياف التي لم تنضم سابقاً للانضمام، فنحن لا ندعم المجلس الوطني فقط، بل نقول: المجلس الوطني مطلب من مطالبنا نحن الثوار إذ لا بد للثورة من ممثل سياسي يتكلم باسم الثورة ويشرح القضية السورية للعالم وينزع الشرعية عن النظام لصالح هذا المجلس الوطني؛ لأن الدول لا تتعامل مع الأفراد. لذا كان حاجة ملحة للثورة.
وإنما كان المقال – الذي نشرتموه مشكورين- يتحدث عن مشاركة الثوار في المجلس أو لا. وكان من وجهة نظري –وهي وجهة نظر الهيئة – أن لا يتم ذلك ليبقى الثوار في موقع المراقبة على قرارات المجلس. وهذا ليس تخوينا لأحد، ولكن احتمال الخطأ في القرار السياسي أمر وارد خصوصاً أن متغيرات الأمور السياسية كثيرة مما يضطر السياسيين لاتخاذ قرار لا يتماشى مع أهداف الثورة. فكان لا بد من الفصل بين الكيان السياسي والكيان الثوري لتصبح العلاقة كالعلاقة بين الحكومة والشعب.
2- بعض أعضاء المجلس يبدو انهم لم يبادروا بخطة عمل يمكن تنفيذية، أنتم كهيئة وكثوار على الأرض، هل عندكم بدائل في حال فشل المجلس في تقديم شيء للثورة؟
نحن بانتظار خطة عمل واضحة من المجلس، ولم يصرحوا لنا إلا بعموميات تبشر بالخير، وأغتنم الفرصة لتوجيه خطاب للمجلس بنشر خطة عمل تطمئن الثوار وتزيد من الثقة بالمجلس. وأما لو فشل المجلس –لا سمح الله- بتقديم شيء للثورة فإننا سننتخب منا من يمثل الثورة أمام العالم.
3- الثورة السورية تسير بخطين: خط إستمرار المظاهرات السلمية، وخط إنشقاقات الجيش. رئيس المجلس لم يشجع إنشقاقات الجيش، وما زال يعلن أن هذا الجيش هو “جيش وطني”، ما رأيك الشخصي بموضوع الإنشقاقات؟
الانشقاقات هي الوضع الطبيعي؛ وإن تسمية “المنشقين” بهذا الاسم أراه خطأ شائعاً؛ لأن مهمة الجيش حماية المواطنين والوطن وليس النظام، فلما صار الجيش يقتل الناس ويدمر الوطن فهو المنشق عن الجيش الحامي للمواطنين.
وأما هذه الانشقاقات التي تحصل فإننا نشجعها ونشجع كل سوري شريف في الجيش السوري أن يفعل ذلك وأن يقف بكل ما أوتي من قوة أمام الجيش الذي شذ عن دوره. ولعل رئيس المجلس الوطني تكلم بهذا الكلام باعتبار أن الأغلب من الجيش مغلوب على أمره ولا يوافق على ما يحصل لأن الجيش محكوم بالمخابرات وبالضباط المواليين للنظام بقوة.
4- الداخل طلب الحماية الدولية، فما هي الآلية المتوقعة لمثل هذه الحماية طالما أن المجلس الوطني يرفض أي “تدخل” اجنبي؟
إذا كان المقصود بالتدخل الأجنبي هو التدخل العسكري غير المدعوم بقرار أممي وليس تحت مظلة هيئة الأمم، فهذا نرفضه نحن أيضا لأنه احتلال، ولن نطلب استبدال احتلال باحتلال. وأما لو كان بغطاء أممي، فهو ما يطلبه الداخل السوري. ثم إذا كان بقرار أممي، فإننا نطالب أن يكون بالحد الكافي لحماية الشعب السوري من آلة القمع والقتل. وتقدير هذا الحد يعود للخبراء السياسيين والعسكريين.
5- الثورة السورية بدأت سلمية، والثوار مرتبطون بتنظيمات تعمل لإخراج المظاهرات، فماذا سيكون الوضع إذا وصلت سوريا إلى ما يشبه الحل الليبي؟ ماذا ستفعلون في مثل هذه الحالة؟
السلمية بالنسبة لنا مبدأ اتخذناه في ثورتنا. والمبادئ لا يمكن التخلي عنها إلا في حالات الضرورة الكبرى. فإذا وصلنا إلى حد الدفاع عن النفس فسنحمل السلاح وندافع عن أنفسنا وسنقاتل لتحرير بلدنا من المحتل الأسدي لتحقيق الاستقلال. وهذا النظام الآن احتلال بما تعنيه الكلمة من معنى. لأن الاحتلال هو فرض الوجود بالقوة. وهذا ما يفعله النظام. ومما يدعم اختيارنا لـ”السلمية” أنه أقل كلفة من الخيار العسكري سواء على مستوى الأرواح أو على مستوى الخسائر المادية للوطن. فإذا تساوت الخسائر بالأروح نكون بـ”السلمية” ربحنا خسائر الوطن. أما لو بدا لنا أن خسائر “السلمية” ستكون أكبر من الحل العسكري فسنختاره، ولن ننتظر حتى يحصل ذلك بل يكفينا التقدير بأنه سيكون كذلك. لأن خمسين ألف في ليبيا مقابل خمسة آلاف في سوريا إلى الآن يثبت أن الثورة السلمية لا زالت هي الأفضل.
6- الإعلام السوري يكرس فكرة أن المتظاهرين طائفيون ومعادون للعلويين والأقليات الأخرى؟ ماذا تقول لمن يخافون من صدامات طائفية في حماه وغيرها؟
من بشائر النصر عندنا أن يلجأ النظام لمثل هذه الأساليب؛ لأنه دليل إفلاسه وأنه يحتاج إلى تجنيد المزيد من الشبيحة.
وأقول لأخوتنا من الطائفة العلوية تحديداً: منذ متى يعيش العلويون بجانب السنة؟ إنه رقم لا يقل عن مئات السنين. ولم يكن بيننا وبينكم إلا الأخوة في الوطن والتاريخ يشهد لذلك. ولم نسمع بالتاريخ أن حصلت فتنة طائفية بين السنة والعلوية إلا عندما أتى هذا النظام. وسنبقى نحن وإياكم في هذا الوطن بعد زوال هذا النظام كما كنا. ونحن باقون والنظام زائل مهما طال زمانه. عائلة الأسد تريد استعمالكم كحرّاس فقط لهم، فلا ترضوا لأنفسكم هذه الوظيفة الرخيصة. وتعالوا لبناء سوريا التي تصبح الحقوق والواجبات مبنية على أساس أننا مواطنون سوريون.
7- أي سوريا تتصور شخصياً بعد سقوط الأسد: دولة مدنية، مثلاً، أو دولة دينية، أو… ما رأيك الشخصي؟
أتصور دولة من غير أن أصفها بصفة. دولة لها ميزات بغض النظر عن اسمها. فنحن لا نريد قوالب جاهزة.
نريد دولة بخدمة مواطنيها. دولة تعتبر كلمة “مواطن سوري” هي الأساس للحقوق والواجبات. دولة تراعي الأديان الموجودة فيها لا أن تعاديها. أنا شخصيا لا أريد أن أعيش في دولة أكون فيها بموقف إن أطعت القانون خالفت ديني، وإن أطعت ديني خالفت القانون. دولة: أستطيع أن أقول للظالم يا ظالم وللمخطئ يا مخطئ. دولة: تسعى لسد حاجة مواطنيها. ولا يهم بعد ذلك ما اسم تلك الدولة. أركان السعادة الإنسانية على المستوى الفردي حسبما أرى:
المسكن الكافي – والأمان – والرعاية الصحية – والكفاية الغذائية. تصديقاً لقوله صلى الله عليه وسلم: من بات آمناً في سربه معافاً في بدنه عنده قوت يومه فقد حيزت له الدنيا. والسرب هو المسكن الكافي.
إقرأ أيضاً:
“صالح الحموي”: عن المجلس الوطني، والتدخّل الخارجي، وانشقاقات الجيشالتنبؤ بمستقبل سوريا تمنيت أن تكون لي عينان تسبران آفاق المستقبل فأطلع على مستقبل سوريا في عام 2012، هل ستتحرر من قبضة “البعث” أم ستعود مستكينة لسلطته، أم سيكتب لها مصير لا يعلمه إنس ولا جان؟ في مونتريال سألني أحد المعارضين السوريين: كيف ترى المستقبل من وجهة نظرك؟ قلت له أنا أنظر إلى المسألة من وجهة نظر فلسفية؛ فهناك يقين يواجهنا ولا يقين أمامنا! أنصت الرجل وتابعت كلامي: حين نقذف قطعة النقد المعدنية من يدنا، فهي على وجه اليقين سوف ترسو على الأرض، ولكن في نفس الوقت لا نعلم يقيناً على أي… قراءة المزيد ..
“صالح الحموي”: عن المجلس الوطني، والتدخّل الخارجي، وانشقاقات الجيش
ان حصلت المشاورات بين النظام السوري الدموي والمعارضة في الجامعة العربية ستفشل لان النظام الشبيحي الدموي بمجرد سحب القناصة والدبابات والشبيحة من المدن فان النظام السوري الفاسد السرطاني الخبيث سيسقط خلال دقائق وليس ساعات.يقول احد المفكرين عن النظام السوري الدموي الذي دمر سوريا وعاث في الارض الفساد والارهاب:يراهن الأسد حالياً على تصفية الاعتراضات بآلة القتل الجهنمية، وقد ينجح كما نجح أبوه عام 1982 في ذبح أربعين ألف نسمة والعالم يتفرج ببلاهة، بل قد يقتل الابن هذه المرة أربعمئة ألف، ويتابع الركوب على ظهور العباد قائداً أبدياً!
“صالح الحموي”: عن المجلس الوطني، والتدخّل الخارجي، وانشقاقات الجيشالسيد فاروق عيناني: حسب ما قرأت من نص المقابلة أن السيد صالح الحموي يتحدث عن نفسه على أنه من الثوار لا من السياسيين لذلك لا أرى أن توجه نقدا له بهذه النقطة على كل أنا من ثوار مدينة حماة وتقييمي للكلام الذي تفضل به السيد صالح أنه رائع متزن لا يميل إلى السلمية المميتة (أي أن نبقى سلميين حتى ولو كان الأمر يتقلق بقتل كل السوريين) والتي يطالب بها عدد من أفراد المعارضة السورية الذين يجلسون على كراسيهم العاجية وبنفس الوقت الكلام لا يميل إلى فكرة (التدخل العسكري أيا كان الثمن) شكرا… قراءة المزيد ..
“صالح الحموي”: عن المجلس الوطني، والتدخّل الخارجي، وانشقاقات الجيشالصديق العزيز فاروق عيتاني يلفت النظر دائماً بتعليقاته التي تصبّ في صميم الموضوع، وتعمّقه! ومع ذلك، فقد أخطأ في تعليقه الأخير حينما نسب سلسلة مقالات “حماه” (٨ حلقات)، ويقوم “الشفاف” بإعداد حلقات أضافية منها، لـ”صالح الحموي”! فكاتب “عشت لأروي لكم طفولتي في مجزرة حماه” كان “خالد الحموي”، وهو إسم مستعار لفنّان سوري معروف من “حماه” هو الصديق “خالد الخاني”، وقد نشرنا إسمه بعد خروجه من سوريا العزيزة سالماً. وقد روى في إحدى الحلقات المصير المؤلم، والمعروف من كل أهالي حماه، لوالده طبيب العيون الذي مثّلت به عصابة آل الأسد. ويمكن التعرّف إلى… قراءة المزيد ..
“صالح الحموي”: عن المجلس الوطني، والتدخّل الخارجي، وانشقاقات الجيش
كلام سديد وانا من ثوار مدينه حماه أوافق السيد صالح الحموي على كل شي
“صالح الحموي”: عن المجلس الوطني، والتدخّل الخارجي، وانشقاقات الجيشصالح الحموي و الذي تابعت كل رواياته عن مذبحة حماة و التي باشرها الشفاف و مبكراو الذي منه تعرفت على تقصيرنا في تناقل ما فعله نظام الاسد،بدى لي في هذه المقابلة انه روائي أكثر منه سياسي.يا اخ صالح:انت تقول بموافقة مجلس الامن. القرار الامريكي – الاوربي الذي مارست ضده روسيا و الصين الفيتو ،كان من السقف الواطي و الواطي جدا لدرجة ينسف كل ما هو مقصود من هذه الثورة، وقرأت لبعض المتابعين انه كان طعنة للمجلس الوطني نفسه.فإذا كنت تنتظر قرارا من مجلس الامن ، فانت فعلا روائي و لست سياسي. ثوري… قراءة المزيد ..