فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد محمد أحمد الطيب(64 سنة) شيخ الأزهر الشريف، تحدّث لجريدة “الفيغارو” الفرنسية عن المجزرة التي تعرّض لها الأقباط يوم الأحد في القاهرة، وعن الربيع العربي، وعن الحوار الإسلامي-المسيحي ومستقبل الإسلام في أوروبا.
الفيغارو– يوم الأحد تحوّلت مظاهرة الأقباط إلى مجزرة قرب ميدان التحرير. ما هو ردّ فعلك؟
الشيخ الطيب: نحن نندّد بذلك الحدث المشين وندين فاعليه بشدّة.
والواقع أنني اتصلت بالبطريرك شنودة الثالث لأؤكد له دعم جامع الأزهر. ثم إن مثل تلك الأفعال تعطي للعالم صورة سلبية عن المسلمين المصريين. إن العنف ليس من طبيعة الشعب المصري. إن المسيحيين جزء من شعب مصر ووضعهم لا يختلف بشيء عن وضع المواطنين المسلمين. ومنذ بداية “الربيع المصري”، فقد شارك كثير من المسيحيين في المظاهرات.
الفيغارو– إذاً، كيف تفسّر هجرة مئات الألوف من الأقباط من مصر خلال السنوات العشر الأخيرة؟
الشيخ الطيب: ينبغي الحذر من التعميمات. من جهة، فالإعتداءات على المسيحيين يقوم بها بضعة متعصّبين، متطرفين، وعنيفين، ونحن ندين ما يقومون به. ومن جهة أخرى، فإن رحيل مسيحيي مصر لا يعود إلى الخوف. فهم يبحثون عن شروط حياةٍ أفضل، وخصوصاً في أميركا الشمالية حيث يساعدهم وجود جاليات مسيحية.
الأزهر لا يدين شخصاً يخرج من الإسلام بملء إرادته الشخصية، وإنما يحترم قراره
الفيغارو– يمكن لغير المسلم أن يعتنق الإسلام. فهل العكس ممكن؟
الشيخ الطيب: في القرآن، أي النص المؤسس للإسلام، لا يوجد أي حُكم على من يرغب بالخروج من الإسلام. بالمقابل، نجد في الحديث النبوي عدة أقوال يفسّرها بعض العلماء كُحكم بالموت على المسلم الذي يخرج من الإسلام. لكن الأزهر، اليوم، لا يدين شخصاً يخرج من الإسلام بملء إرادته الشخصية، وإنما يحترم قراره.
“الفيغارو– ما موقف الإسلام من تدنيس الكتب المقدسة، أيا كانت؟
الشيخ الطيّب: من وجهة نظر الإسلام، الشخص الذي يقوم بمثل هذا العمل إما شخص مهووس أو إستفزازي. مثل هذا العمل هو بمثابة إعلان حرب ضد أتباع الدين الذي يتم تدنيس كتبه المقدّسة. ثم أنه عمل موجّه ضد الله نفسه، لأن أي كتاب مقدس يحتوي على كلام الله.
الفيغارو– هل يُحَرّم على المسلم إقتناء التوراة أو الأناجيل؟
الشيخ الطيّب: كلا، وأنا نفسي أمتلك عدة نسخ من التوراة ومن الأناجيل.
ليس هنالك ما يمنع المسلم من قراءة الكتب المقدّسة للأديان الأخرى، ومن دراستها، شرط ألا يكون نجساً في لحظة القراءة.
ومع أننا نحن نعتقد أن هنالك تدخّلاً إنسانياً، في التوراة وفي الإنجيل، فإننا ندرك كذلك أنها موحاة من الله.
إنتخاب “الإخوان” أو “السلفيين” مسار محفوف بالمخاطر من وجهة نظر السلم الأهلي
الفيغارو– أكّدتم ضرورة الفصل بين السلطات، والمساواة في الحقوق، وحماية جميع الأماكن المقدسة للديانات التوحيدية. كيف يمكن التوفيق بين موقفكم والموقف المختلف الذي يعتمده “الإخوان المسلمون”، في إطار حكومة مدنية مقبلة؟
الشيخ الطيّب: الحزب الذي سيحرز أغلبية الأصوات في الإنتخابات هو الذي سيشكّل الحكومة. وينبغي التمييز بين الإخوان المسلمين كجماعة وحزب “الحرية والعدالة” الذي شكّله بعض قدماء الإخوان. وتشوب هذا الحزب، الذي تم تشكيله بغية المشاركة في العملية الإنتخابية، تناقضات عدة: فنائب الرئيس قبطي مثلاً! وأنا لا أعتقد أن الناخبين المصريين، أي المجتمع كله، سيحملون إلى قيادة البلاد جماعة “الإخوان المسلمين” أو “السلفيين”. وأنا أشك في أن ينخرط الشعب المصري في مسار أعتبره شخصياً محفوفاً بالمخاطر من وجهة نظر السلام الأهلي.
الفيغارو– ابتكرت كلية باريس الكاثوليكية برنامجا ًدراسياً لتأهيل اطلاب الدين الذي يدرسون في “معهد الغزالي” في باريس للتعامل مع العلمانية. هل يمكن تصوّر ما يشبه ذلك في جامعة الأزهر؟
الشيخ الطيّب: التعريف بالمسيحية موجود لدينا ولكن بطريقة أخرى.
لم ندخل في الأزهر دروساً عن المسيحية يتلقاها الأئمة أو طلاب الدين، ولكننا أسّسنا مبادلات مع معهد القاهرة الكاثوليكي يتم في إطارها تنظيم مؤتمرات حول الإسلام وحول المسيحية.
الفيغارو– هل يمكن أن ينشأ في أوروبا إسلام “أوروبي” أو إسلام “غربي”؟
الشيخ الطيّب: من ناحية العقيدة، فإن احترام أركان الإسلام الخمسة مفروض على كل مسلم. من الناحية العملية، وحتى لو عاش ضمن مجتمع غربي، فلا شيء يمنع المسلم الفرنسي أو الأوروبي من أن يعيش إيمانه الديني.
ويمكن له أن يتزوّج من إمرأة غير مسلمة، من غير أن تكون المرأة مُلزمة بتغيير دينها: وهذا يصحّ في أوروبا كما يصحّ في مصر.
الفيغارو: الحوار بين الكنيسة الكاثوليكية والإسلام بدأ بعد مقرّرات “الفاتيكان 2″، ولكننا لا نلمس آثاراً كثيراً لذلك الحوار؟
الشيخ الطيّب: بوفاة البابا يوحنا الثاني فقدنا رجل حوار عظيماً. ونحن نشعر بأن بعض تصريحات البابا بندكت السادس عشر، وبينها خطابه في “راتيسبون” تنمّ عن قدر من العداء. نحن نريد أن يكون هذا الحوار إيجابياً مثل الحوارات التي قمنا بها مع مذاهب مسيحية أخرى، وخصوصاً مع الأرثوذكس. وانطباعنا هو أن الفاتيكان يعطي الأولوية حالياً للحوار اليهودي-المسيحي.
أجرى الحوار “رينه غيتون”، وهو كاتب وعضة في شبكة خبراء “تحالف الحضارات في الأمم المتحدة”، ومدير تنفيذي في الرابطة الدولية ضد العنصرية والعداء للسامية.
ترجمة: بيار عقل
شيخ الأزهر: الشعب لن يختار “الإخوان” أو السلفيين لقيادة مصر!
ما أشبه اليوم بالامس، حين وقف سيد الصرح في بكركي مار نصرالله بطرس صفير ليعطي توجيهات عامة تفضي الى عدم الإقتراع لقوى الثامن من آذار في لبنان، ها هو نظيره في مصر فضيلة شيخ الازهر يعطي توجيهات عامة لا تسمح بأن يصل الأخوان المسلمين او السلفيين الى سدة الحكم في ارض الكنانة.
ولم تتوقف إرشادات فضيلة الإمام الأكبر عند هذا الحد فهو وضع أكثر من أصبع على أكثر من جرح في جسد الأمة خصوصا في العلاقة مع المسيحيين.
كم نحن في حاجة الى أئمة تنضح من محياهم الفضائل، وقدوة صالحة للمؤمنين