صديقة عزيزة اتصلت بي مرتبكة: «عندي استعصاء الكتروني، وأحتاج الى مساعدتك لأرسل (ايميلا) مستعجلا، لكن يبدو أني أضعت طريقي في متاهات النت، ساعديني أرجوك». ومع أني لست عبقرية كمبيوتر، ولا «فطحل» زماني في مسائل التكنولوجيا، لكنني شمّرت عن عضلاتي العقلية، وشحذت دماغي، ورحت أطلب منها أن تفتح الصفحة الفلانية وتضغط على الزر العلاني، حتى أثمرت جهودنا وحُلّت المشكلة المستعصية. تنفست صديقتي الصعداء، ثم قبل أن تنهي المكالمة، قالت لي وهي تتنهد بارتياح: «شكرا لأنك صديقتي الذكية». ضحكت من قلبي للطفها، ثم قمت وبعثت إليها برسالة هاتفية تقول «شكرا لأنك صديقتي المرحة».
بعد تلك الطرفة، تذكرت محاضرة جميلة للدكتور جاسم المطوع حضرتها منذ سنين شرح فيها أنواع الصداقات. قال الدكتور ان على كل إنسان أن يحيط نفسه بمجموعة مختلفة من الصداقات، يغني بها حياته من عدة وجوه، وانه لا بأس أن تقوم علاقتك مع صديق ما لأجل خصلة معينة فيه، وليست لكل خصاله.. وعلى المرء أن لا يحس بالذنب تجاه هذا الموضوع.. ثم أردف مفسراً انه لا بأس من أن يكون صديقك ثرثاراً، ولكنه قادر على إضحاكك بخفة دمه، أو أن يكون كسولاً ولكنه مثقف، أو أن يكون حاد الطباع ولكنه يستطيع أن يشرح لك كل ما يدور في دهاليز السياسة.. وهكذا.. فهذه صديقة مرحة تنسيك بحضورها همك، وذاك صديق رياضي يجبرك على مرافقته للتريّض، والأخرى صاحبة دين تحثّك على الهداية، وذلك نشيط اجتماعياً يحمّسك للخروج والترفيه عن النفس، وآخر مثقف تستفيد منه حين تتناقشان بأمور مهمة… وهلم جرّاً. أما أن تجد كل تلك الصفات في شخص واحد فهذا أشبه بالمستحيل، وإن كنت محظوظا ووجدته فاحمد ربك مائة مرة كل يوم، واشكر صديقك مائة أخرى لوجوده في حياتك.
وعلى طريقة صديقتي سوسن الظريفة رحت أحصي أصدقائي لأشكر لهم ما أضافوه الى حياتي.. فشكرا لصديقة تضحكني وتنسيني همي ولآخر يفهمني ويفتح قلبه لمشاكلي.. شكراً لصديقة تصحح أخطائي الإملائية، وآخر يصحح أخطائي المعنوية.. شكرا لصديق لا يهون عليه أن يراني على خلاف مع صديقة، فيتدخل ليصلح ما بيننا، ولآخر يداوم على الدعاء لي ولأولادي.. شكرا لصديق يشجعني، ويسندني كلما ضعفت، ولصديقة تمنحني كتفها لأبكي عليه.. شكراً لصديقة تتذكرني بكتاب.. ولآخر يتذكرني بقطعة «كيك» بالشوكولا.. وشكرا لصديقة تحجم الـ«أنا» في داخلي كلما تضخمت، وأخرى تعززني ببعض الثقة عندما أحتاج إليها.. شكرا لقارئ جميل أصبح صديقا عبر الأثير يقرأني وينتقدني بصدق، وشكراً كبيراً للصديق الأقرب الذي أحبني رغم عيوبي.
إنها فرصة لتفكروا في الأمر وتشكروا أصدقاءكم، فلولاهم ما استحقت الحياة أن تعاش.
dalaa@fasttelco.com