َالمدهش في قضية التمويل المزعوم من جانب معمر القذافي لحملة نيبقولا ساركوزي الرئاسية هو أنها لا تقوم سوى على أقوال شاهد سيّء السمعة هو زياد تقي الدين نفسه، وعلى تصريحات « صحفية » لاحقة نُسِبَت إلى سيق الإسلام القذافي أثناء الإنتفاضة التي أطاحت بوالده. ولا تقوم على أي مستند، أو « مُستَمسَك » أو وثيقة ما!
لا توجد وثيقة واحدة تثبت أن ليبيا قامت بتحويل أي مبالغ لساركوزي. وكما يعرف العامة والخاصة، فنسبة الفساد في ليبيا القذافي لم تكن ضمن النسب « الطبيعية »، بل كانت تصل إلى مستوى « اللامعقول »! بكلام آخر، حتى لو أمر القذافي بتوجيه مبلغ لنيقولا ساركوزي، فالقذافي نفسه لم يكن قادراً على التأكد أن من سيحمل « شنط الفلوس »، أي زياد تقي الدين، أو غيره، لن يضع قسماً من المبلغ، أو كله، في جيبه!
حتى إشعار آخر، الأرجح أن زياد تقي الدين المفلس واللاجئ إلى لبنان، يمارس عملية إبتزاز معنوي لا أكثر!
أما نيقولا ساركوزي، فخطأه الأكبر، مثله مثل عدد كبير جداً من الرؤساء والمسؤولين الأوروبيين والأميركيين، أنه « تعامل » مع مجرم سافل من نوع معمّر القذافي الذي أطلق عليه الليبيون، بعد سقوطه، تسمية « العار ».. قبل أن ينقلب عليه لتلعب فرنسا (ولها الشكر والتقدير) الدور الأكبر، حرفياً، في سقوط القذافي!
أي مثلما تعامل مسؤولون غربيون، كبار وصغار، مع حافظ الأسد وصدّام حسين! ومثلما يرسل حسن نصرالله شبّاناُ لبنانيين من جنوب لبنان وبقاعه للموت دفاعاً عن مجرم مثل بشار الأسد!
أخطاء ساركوزي الكثيرة شيء والإتكال على مزاعم « شاهد سيء السمعة » مثل زياد تقي الدين شيء آخر!
بيار عقل
*
(وكالة الصحافة الفرنسية- وجّه القضاء الفرنسي السبت تهما إلى ميشيل مارشان الشخصية البارزة في مجال صحافة المشاهير بفرنسا، من بينها “التأثير على الشهود” في قضية التمويل الليبي المفترض لحملة نيكولا ساركوزي الرئاسية في فرنسا عام 2007.
وفي ختام يومين أمضتهما في التوقيف الاحتياطي، مثلت مارشان، رئيسة وكالة “بيست ايماج” المعروفة لصائدي الصور، في باريس السبت أمام قاضي تحقيق وجّه إليها أيضاً تهمة “الانتماء إلى عصابة أشرار لارتكاب عملية احتيال” ووضعت تحت المراقبة القضائية، وفق ما أفادت محاميتها كارولين توبي فرانس برس.
وقالت “هي ترفض بشدة هذه التهم”.
وتلقب مارشان باسم “ميمي”، وهي شخصية معروفة تتمتع بشبكة واسعة من العلاقات تشمل مارقين عن القانون وأمنيين في آن واحد. كما أنها كانت مقربة من الثنائي ساركوزي وحديثا من ايمانويل وبريجيت ماكرون اللذين تسهر في الكواليس على حماية صورتهما منذ الحملة الانتخابية.
وكانت قد أوقفت الخميس في تحقيق قضائي مرتبط بمقابلة تمكن صحافي في مجلة “باري ماتش” من إجرائها مع الوسيط زياد تقي الدين في تشرين الثاني/نوفمبر، بعدما توجه إلى لبنان برفقة مصور من وكالة “بيست-إيماج”.
في المقابلة، تراجع زياد تقي الدين عن اتهاماته ضد الرئيس الفرنسي الأسبق بعدما اتهمه أولا بتلقي أموال لحملته الرئاسية من الزعيم الليبي معمر القذافي.
كما تحدث تقي الدين بشكل مقتضب إلى قناة “بي اف ام تي في” من بيروت حيث يقيم منذ إدانته في حزيران/يونيو 2020 في قضية أخرى.
وأعرب ساركوزي حينذاك عن سروره مؤكدا أن “الحقيقة ظهرت”.
بيد أنّ تلك التصريحات قابلها إعلان المدعي العام المالي جان فرانسوا بونرت أنّ لوائح اتهام نيكولا ساركوزي في هذا التحقيق لا تستند فقط إلى أقوال تقي الدين.
– تعاملات مالية مشبوهة –
بعد شهرين، وخلال استجوابه في 14 كانون الثاني/يناير في بيروت من قبل اثنين من قضاة التحقيق الفرنسيين المسؤولين عن القضية الليبية، قال زياد تقي الدين المعروف بتقلب مواقفه إنه “لا يؤكد الأقوال” التي أدلى بها في المقابلة.
وأكد أن “باري ماتش” التي “يملكها صديق لساركوزي” قامت “بتشويه” تصريحاته. والمجلة الفرنسية الأسبوعية تملكها مجموعة لاغاردير وساركوزي عضو في مجلس الإشراف عليها.
وأمام قاضيي التحقيق، عاد تقي الدين إلى روايته الأولى التي تفيد أن حملة الانتخابات الرئاسية لساركوزي في 2007 تلقت أموالا ليبية، مع الإصرار على أن لا علاقة له بالأمر.
وكانت صحيفة ليبراسيون اليومية أشارت في آذار/مارس إلى تعاملات مالية مشبوهة، ما أثار احتمال إجراء مفاوضات على هامش المقابلة.
وقالت توبي السبت ان “ميمي مارشان تصرفت بوصفها صحافية نجحت في الحصول على المقابلة الحصرية مع تقي الدين”. وأوضحت “جل ما قامت به كان تنظيم المقابلة وجلسات التصوير في إطار مهنتها”.
ووجّهت اتهامات السبت إلى أربعة أشخاص في إطار التحقيق في هذه القضية.
ويبرز من بينهم أرنو دو لا فيلبرون الذي يعمل في قطاع الإعلان وكان مديرا لوكالة “بوبليسيس”. وقال محاميه اريك موراين لفرانس برس “بالكاد استوعب موكلي بنود لائحة الاتهام كونه يشعر بأنه غريب عن كل هذا وسيشرح ذلك لاحقا امام القضاة”.
وتشمل قائمة المتهمين أيضاً رجلي الأعمال بيار رينو ونويل دوبو المدان سابقا بالاحتيال.
وذكرت صحيفة لو باريزيان أن نويل دوبو الذي زار بيروت مرتين للقاء تقي الدين قبل تراجعه عن أقواله، حصل على ما يبدو على دفعات مشبوهة عبر دو لا فيلبرون الذي كان أحد ممولي الحملة الرئاسية لساركوزي.
من جهتها، ذكرت صحيفة ليبراسيون أن رجل الأعمال بيار رينو سلم دوبو مبالغ لينقلها بدوره إلى تقي الدين.