اعلن النائب السابق سمير فرنجية في حديث الى صحيفة “الراي” الكويتية يُنشر غداً ان رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط “مطالَب بموقف اخلاقي يشرح فيه ما يريده لجمهور “14آذار” وشهدائها”.
وقال فرنجية: “لا أدري الى اين يذهب وليد جنبلاط، ولا أعرف اذا كان غادر 14 آذار” ام لا. فهو في حال مغادرته لم يؤشر الى المكان الذاهب اليه، واذا لم يغادر فهو ايضاً لم يشرح اسباب بقائه”، مضيفاً: “في خطابه يوم الاحد، دعا جنبلاط الحزب الاشتراكي للعودة الى الماضي، ولكن هذا الماضي لم يعد موجوداً. فعبد الناصر مات وياسر عرفات مات والاتحاد السوفياتي سقط، وتالياً العودة الى الماضي اصبحت مستحيلة”.
وتابع: “كما جاءت إشارات النائب جنبلاط الى المستقبل غامضة فاذا كان، كما يقول بعض منتقديه، يريد الذهاب الى سوريا، فالاخيرة لم تعد سوريا التي غادرها وليد جنبلاط منذ اعوام، فهي اليوم سوريا التي تفاوض اسرائيل وهي التي تعمل على التمايز عن جبهة الممانعة، وتحاول تطبيع علاقاتها مع الولايات المتحدة. واذا كان كلامه انه يريد الذهاب الى ايران، كما يقول بعض منتقديه، فلم تعد ايران هي نفسها بعد الانتخابات في 12 حزيران2009. وتالياً على رئيس »اللقاء الديموقراطي« في هذه الحال انتظار ما سيحدث ومعرفة اذا كان الرئيس الحالي محمود احمدي نجاد سيبقى في سدة الرئاسة ام سيتحول كبش محرقة لانقاذ النظام”.
وعن ربْط البعض حركة جنبلاط المستجدة بتداعيات 7 ايار2008، قال فرنجية: “يطرح وليد جنبلاط مسألة اساسية وجوهرية وهي اولوية السلم الاهلي على كل ما عداه، هذا امر اساسي. ولكن رئيس “اللقاء الديموقراطي” لم يقدم اطروحة مفهومة حول كيفية الحفاظ على هذا السلم الاهلي. هناك تهديد عبّر عنه “حزب الله” وبعض اركان المعارضة اكثر من مرة بوضع اللبنانيين بين إما القبول بشروط الحزب او الحرب الاهلية. هذه المعادلة قديمة وسبق ان مارسها السوريون عندما قالوا للبنانيين: إما وجود الجيش السوري في لبنان او عودة الاقتتال. وقبل السوريين وضعت “الجبهة اللبنانية” معادلة مماثلة: السلم الاهلي بشروطنا، او التقسيم. وفي رأيي ان السلم الاهلي مرتبط بتجاوز هذا النوع من المعادلات وليس بالرضوخ لها، والمطلوب من وليد جنبلاط ان تكون علاقاته المستجدة مع “حزب الله” محكومة ببلورة صيغة تسوية فعلية. والسلم الاهلي يقتضي تسوية شاملة لا مهادنة طرف هو اليوم “حزب الله” والهجوم على اطراف اخرى كانوا حلفاء له. فليس المطلوب الخروج من ازمة مذهبية للدخول في ازمة طائفية”.
اضاف: “تقع على عاتق وليد جنبلاط مسؤولية كبيرة. فهو كان صاحب الدور الرئيسي في اطلاق انتفاضة الاستقلال ولا سيما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري وهو تالياً مطالَب بشرح مواقفه ومناقشتها داخل 14 آذار وخارجها. فالامر الذي لفت انتباهي في الكلام الذي قاله اخيراً هو انه لا يعير وزناً لظاهرة جديدة وحديثة برزت في الاعوام الاخيرة وهي وجود “رأي عام” يتجاوز حدود الطوائف وكان له الدور الاساسي في تأمين الدعم لحركة “14 آذار” وانجازاتها. وآخر أدوار هذا “الراي العام” كانت مساهمته في المعركة الانتخابية الاخيرة رغم كل الشوائب التي برزت نتيجة خلافات احزاب “14 آذار” فيما بينها. فعندما يختزل جنبلاط الانتخابات الاخيرة بصراع العشائر والمذاهب والطوائف فيما بينها، يتناسى امراً مهماً وهو وجود هذا الرأي العام الذي صوّت لـ “14 آذار” رغم الخلافات العشائرية والمذهبية والطائفية، آملاً بدفع حركة 14 آذار الى الامام وليس الى الوراء”.
وعما اذا كان جنبلاط ينتقل الى الوسطية، قال: “ليس اليوم من “وسطية” في لبنان. فاذا كانت الغاية تكوين تكتل سياسي متمايز عن 14 و 8 آذار يبقى علينا ان ننتظر لنرى اي فريق من “8 آذار” سيغادر موقعه للدخول في الوسطية. وعلينا ان ننتظر ايضاً ما هو مشروع هذه القوة الجديدة الوسطية. فهل هي مع تطبيق اتفاق الطائف ام مع تعديله لجهة ما تردد عن مثالثة وتغيير في الحصص الطائفية كما نسب الى “حزب الله”؟ وهل هي مع تطبيق القرارات الدولية وعلى رأسها القرار 1701 ام لا؟ وهل هي مع المبادرة العربية للسلام التي شارك في صوغها لبنان ام لا؟”، مضيفاً: “في حال كان الطائف والقرارات الدولية والاجماعات العربية تشكل مرجعية هذه القوة الوسطية فما الذي يميزها عن قوى “14 آذار؟”.
وعما يقال عن ان جنبلاط يريد تجاوز التقابُل الطائفي الحاصل بين الشيعة والسنّة؟ اجاب: “هذا امر مطلوب ومشروع وله اولوية على كل ما عداه. ولكن “14آذار” مدت اليد مرات عدة الى “حزب الله” وحركة “امل” اللذين لم يتجاوبا. وفي المرة الاولى، جرى مدّ اليد من المختارة في آذار 2005 في البيان الذي صدر عن المعارضة آنذاك واشار الى ضرورة التعاون مع “امل” و “حزب الله”. ومرة اخرى في الاتفاق الرباعي، ومرة ثالثة في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الاولى، ومرة رابعة على طاولة الحوار، ومرة خامسة في البيان الوزاري الذي صدر عقب اقرار المحكمة الدولية في ايار 2007 والذي تضمن دعوة صريحة لتوحيد محطتي التحرير في العام 2000 مع الاستقلال في العام.2005… وفي كل مرة قوبلت حركة “14آذار” بموقف سلبي. فهل يستطيع وليد جنبلاط الحصول على موقف ايجابي اليوم، ام ان الخيار لتجنب هذا الصدام هو الرضوخ الى الشروط التي وضعها “حزب الله”.
اضاف: “موقع وليد جنبلاط محفوظ في “14 آذار” نظراً للدور الاساسي الذي لعبه في المرحلة الاستقلالية. اما في ما يتعلق بخيارات “14 آذار” فهو من الذين شاركوا في صوغ هذه المواقف. واذا كان لديه اليوم اعتراض فما عليه الا ان يعرضه ويناقشه مع كل حلفائه”. اضاف: “شخصياً لا اعرف ما هي اعتراضاته رغم ما يصدر عنه، ولا ادري في واقع الحال ماذا يريد وماذا يراه مناسباً لطي صفحة الصراع. الا انني ارى ان عليه واجباً اخلاقياً تجاه كل الذين ساهموا في حركة “14 آذار” وتجاه الذين استشهدوا في هذه المرحلة، وهو واجب اخلاقي بان لا يكتفي بنقد الخطوات التي قام بها وتراجع عنها بل ان يصوغ موقفاً مفهوماً من الجميع. وهذه المسؤولية لا يمكن ان يتجاوزها وليد جنبلاط”. وتابع: “لا يكفي القول ان وليد جنبلاط يقرأ قبل غيره المعطيات المستجدة ويستشرف المستقبل فعليه اليوم مسؤولية شرح موقفه، وهذه مسؤولية يفرضها تضامن الناس معه. فليس المطلوب “تغيير” الجمهور بل احترامه واحترام قدراته العقلية والتوجه اليه بهدوء ومن دون افعال”.