ينشر « الشفاف » الملخّص التالي لمقال « ميديا بار » المنشور بالفرنسية لأنه يتضمن عناصر « جديدة » تلقي أضواء على الحدث السعودي (-اللبناني). خصوصاً أننا، منذ البداية، لم نقتنع بنظرية أن الحكم السعودي أجهض « محاولة انقلابية »، كما ردّدت بعض الأوساط، فور إعلان اعتقالات مسؤولين وأمراء كبار. لم نقتنع لأن السعودية، بطبيعة الحكم فيها، ليست بلداً انقلابياً! وكذلك لأن الحكم السعودي كان واضحاً، منذ البداية، في التركيز على « الفساد »، وإن كان لم يكشف علاقة سعد الحريري (المزعومة) بالفساد.
وننشر هذا الملخّص أيضاً لأنه قد يشرح أصل التركيز على مبلغ 100 مليار دولار، بل وأصل التركيز على « الفساد « الآن (مع أن قصص « الفساد » منتشرة منذ عشرات السنين في السعودية وغيرها)! وهذا كله يذكّرنا بعشرات المليارات التي اختلستها حاشبة الرئيس الإيراني “المعجزة”، أحمدي نجاد، قبل خروجه من السلطة واستثمرتها.. “لصالح المهدي المنتظر” في بيوت وشقق وقصور في أوروبا (خصوصاً فرنسا) وكندا وأميركا.. وغيرها!
الشفاف
*
في مقال نشره موقع « ميديا بار » الفرنسي، كتب « جان-بيار بيرّان » أن عملية التطهير التي قام بها ولي عهد السعودية، الأمير محمد بن سلمان، ترمي إلى استعادة مبلغ 100 مليار دولار اختلسته عشيرة (الملك الراحل) عبدالله. وأنه تم تبييض قسم من هذا المبلغ بواسطة شركة « أوجيه السعودية »، التي يملكها سعد الحريري، وبواسطة « بنك المتوسط » الذي يملكه الحريري في لبنان.
ونقطة البداية، حسب المراسل الفرنسي، هي ساعات الصباح الأولى في يوم 24 يناير 2015، بعد يوم من وفاة الملك عبدالله بن عبد العزيز، وتولّي ولي عهده، سلمان بن عبد العزيز، الحكم. فقد كان بين أولى المراسيم الصادرة عن الملك سلمان بن عبد العزيز إقالة « خالد التويجري »، مسؤول البلاط الملكي منذ العام 2014.
وجدير بالذكر أن كثيراً من الأمراء لم يكونوا يحبّون التويجري، وكانوا يتّهمونه بإساءة معاملتهم. بل أن بعضهم أطلق عليه لقب « الأخطبوط » أو « الصندوق الأسود ». والواقع أن التويجري كان كلّي الحضور والسلطة بفضل حاميه، الملك عبدالله. ولكن التويجري بات لا شي بعد صدور مرسوم الملك سلمان. ولم يعد احد يتحدث عنه، إلى درجة أنه اختفى كلياً. وقد ظلّ مختفياً حتى اعتقاله في يوم 4 نوفمبر الحالي، في إطار « حملة مكافحة الفساد » التي أطلقها ولي العهد الامير محمد بن سلمان.
وينقل « جان-بيار بيران » عن شخصية لبنانية على صلة بالبلاط الملكي السعودي انه « لكي نفهم ما يحصل اليوم، ينبغي العودة إلى 18 شهراً الأخيرة من حكم الملك عبدالله.
« في تلك الفترة، كان الملك العجوز- 90 عاماً- مريضاً جداً. وإذا ما توفّي، فإن شقيقه سلمان، الأصغر منه بـ11 عاماً، سيخلفه، وستحلّ عشيرته مكان عشيرة الملك عبدالله. واستباقاً لموته، فقد عملت حاشية الملك عبدالله على ملء جيوبها من خزائن الدولة. «
وحسب المصدر نفسه، فقد تم اختلاس حوالي 100 مليار دولار- أي نفس المبلغ الذي تحدث عنه النائب العام السعودي يوم الخميس 9 نوفمبر- بواسطة رئيس البلاط الملكي، خالد التويجري، الذي كان يلعب دور « حامل مفاتيح الخزنة ».
ويؤكد الناشر البيروتي « لقمان سليم » هذا التحليل: « فعلاً، التويجري هو النقطة المحورية التي تربط كل الأمراء والوزراء الذين تم عزلهم، بما فيهم سعد الحريري ». ويضيف: « حقاً أن ولي العهد بحاجة إلى المبالغ التي سيستعيدها، ولكن، واكثر من ذلك، فهو يرغب في استعادة الأموال لأنه يخشى أن تقع كل تلك الثروة في الأيدي الخطأ. فبنظره، فإن كل واحدة من الشخصيات المتورطة تُعتَبَر خطرة بحكم العلاقات التي أقامتها على مدى حياتها. أي أن مكافحة الفساد تشكل أيضاً ذريعة مثالية لتصفية تركة الملوك عبدالله، وفهد، وخالد..!
وللعودة إلى الحرب التي ابتدأت في يناير 2015، فقد تم عزل كل المقرّبين من الملك الراحل عبدالله، واحداً بعد الآخر. وكان آخرهم وزير المالية منذ 20 سنة، « ابراهيم بن عبد العزيز العسّاف »، الذي تم عزله في ديسمبر 2016، وهو أيضاً بين الشخصيات التي تم اعتقالها في نوفمبر الحالي. كما تمّ إقالة وزير النفط في عهد الملك عبدالله (علي النعيمي).
وجاء دور “مجموعة بن لادن” و”مجموعة أوجيه السعودية”
في مرحلة لاحقة، يتعرّض محمد بن سلمان لمجموعتي مقاولات هائلتي الحجم اتهمهما بالسماح بتبييض مبالغ مالية هائلة.
الأولى، كانت « مجموعة بن لادن السعودية »، التي يرأشها « بكر بن لادن » (شقيق أسامة)، وقد تم اعتقاله في 4 نوفمبر الجاري. وقد تلقت المجموعة ضربة كبيرة بسبب حادث مأساوي: إذ نجم عن سقوط رافعة للشركة في مكة مقتل 107 أشخاص، وجرح 400.
أما الثانية، فكانت « مجموعة أوجيه السعودية » التي يترأس سعد الحريري مجلس إدارتها. وقد وجدت نفسها في حالة إفلاس في 31 يوليو 2017، حينما عجزت عن دفع رواتب موظفيها الذين يبلغ عددهم 56000 شخصاً.
وكانت مجموعة « أوجيه السعودية » في حينه مدينة بمبلغ 4،5 مليار دولار، ولكن ديون الدولة السعودية المستحقة لمجموعة « أوجيه » كانت في حدود 7 أو 8 مليار دولار. ولكن الدولة السعودية لم تقبل بإنقاذها من الإفلاس.
يضيف المراسل « جان بيار بيران » أن مصاعب سعد الحريري تعود أيضاً إلى حيازته جنسية المملكة العربية السعودية، التي تعتبر « الإفلاس » كجريمة تستحق السجن. ويضيف أن « الحريري، الذي استجوبته لجنة التحقيق في الفساد بالرياض، قد أُفهِم أنه سيتم التعامل معه كـ »شاهد » في التحقيق بصفته مواطناً سعودياً، وليس بصفته رئيساً للحكومة اللبنانية!
وينتهي جان-بيار بيران إلى الخلاصة التالية:
«لكن، هل ينبغي تصديق الرواية الأخرى التي يتم تداولها في أوساط مقفلة جداً في المملكة، ومفادها أنه تم إجبار سعد الحريري على الإدلاء بأسماء جميع الذين تعامل معهم مالياً من حاشية الملك عبدالله؟ فرئيس حكومة لبنان كان يملك أوراقاً أخيراً لا يمكن الإستهانة بها: فهو صاحب « بنك المتوسط » اللبناني، الذي تعتبره الأوساط المصرفية « أداةً للتحويلات الغامضة في المنطقة ».
ويضيف: « المؤكد هو أنه تم استجواب سعد الحريري منذ أشهر حول علاقاته مع « خالد التويجري »، الرجل الذي كان يدير الممملكة العربية السعودية في عهد الملك عبدالله. » ونقلاً عن مصدر لبناني على صلة وثيقة بالعائلة الحاكمة في السعودية، فإن « ضغوطات السلطة السعودية الجديدة كانت قوية جداً ومديدة. وقد قاوم سعد الحريري طويلاً، ولكنه أذعن في نهاية المطاف وأعطى كل الأسماء »!
Comment Hariri s’est retrouvé piégé en Arabie saoudite