رسالة 14
عدد – 21 –
28 نيسان 2010
أوّلاً: حول تطورّات الساعات الأخيرة في الإطار الإقليميّ:
1. في المعطيات السياسيّة المستجدّة، المؤشّرة الى مزيد من التوتّر الاقليمي:
• لا شك أنّ ثمّة تطوراً، بل تصاعداً، في الوتيرة الأميركيّة حيال الوضع في لبنان.
• فبعدَ أن بدأ الأمر بتسريب إعلامّي أميركيّ لخبر حصول “حزب الله” على صواريخ “سكود”، وإستُكمل بتصريحات، تارةً بإسم مصدر ديبلوماسّي أميركيّ رفيع وتارة أخرى بلسان مساعد وزيرة الخارجية جيفري فيلتمان، إرتفع المستوى الرسمّي الأميركيّ المتحدّث عن الموضوع، فكان موقفٌ أمس لوزير الدفاع روبرت غيتس.
• في كلام غيتس (المنشور في صحف اليوم) إتهام لإيران وسوريّا بتزويد “حزب الله” بمنظومة تسليحّية متطورّة من ضمنها صواريخ متعدّدة، إلى درجة أنّ غيتس إعتبر أنّ “حزب الله” يملك أسلحة لا تملكها دول وجيوش في المنطقة.
• إذاً، ليس فقط إرتفع المستوى الرسميّ المتحدث عن الموضوع، لكن الحديث لم يعد عن “السكود” بل عن منظومة متكاملة من ضمنها صواريخ.
• ما يعني أن المُثار أميركياً هو تسلح “حزب الله” على تقاطع طهران – دمشق.
• بالتوازي مع هذا التصاعد الأميركي، ترتفع وتيرة التهديدات الإسرائيلية التي نلاحظ أنها تتجنّب سوريّا مباشرة حتّى الآن. صحيحٌ أنّ إسرائيل تتّهم سوريّا بـ”تهريب” الإسلحة والصواريخ إلى “حزب الله” لكنها تُعلن “سياسياً” أنّها غير معنّية بالتصادم مع سوريّا (تصريحات لنتنياهو وباراك بهذا المعنى).
• لكن بالتوازي مع هذا التصاعد الأميركيّ، يبدو لنا أنّ ثمّة إستنفاراً دولياً – عربياً – إقليمياً يواكب هذه التطورّات.
• وهو في قسمه الأكبر إستنفار يتركّز بإتجاه سوريّا .. على الأرجح من منطلقَين. من منطلق أنّ الجدار مسدود بين المجتمع الدولّي وإيران. ومن منطلق أنّ سوريّا حليفة إيران هي الممّر الإيرانيّ إلى لبنان (أي “حزب الله).
• في هذا المجال، لا يزال متوقّعاً وصول موفدَين فرنسيين إلى دمشق لإبلاغ القيادة السوريّة موقفاً حاسماً (سيتبّين في مقطع لاحق ماهيّته).
• فيما كانت لافتةً الحركة الديبلوماسّية المصريّة التي عنونَها وزير الخارجيّة المصريّ أحمد أبو الغيظ بـ”منع الإنزلاق إلى ما يشبه تمّوز 2006”. وهذا ما يعني أنّ توقيت زيارة أبو الغيظ إلى بيروت السبت الماضي كان بالصلة مع معرفة القيادة المصريّة بتصاعد الضغوط على سوريّا، وكان على صلة برغبة مصريّة في إبلاغ موقف مفادُه أنّ التوتّر يكبر حول لبنان.
2. في أبرز الإستنتاجات التي يمكن صوغُها “الآن”، أي من ضمن المعطيات الراهنة :
• أن يبدو التوتّر عالياً في الإقليم حول لبنان، فذلك يعني أنّ الإنفجار إحتمالٌ كبير لكنّه ليسَ حتمياً .. في المباشر على الأقل.
• إن “التصاعد” الأميركيّ المصحوب بما سمّيناه إستنفاراً دولياً – عربياً – إقليميّاً، يفيد أنّه ربّما من أجل تجنّب الحرب – حرب إقليّمية – أو من أجل حصر نطاقها إذا كان لها أن تنفجر، ثمّة الآن ما يمكن تسميتُه صراعٌ دوليّ عربيّ مع إيران على سوريّا.
• هدف هذا الصراع تحييد سوريّا عن إيران، إستعادتها إلى النظام العربيّ والعملّية السلميّة وتحييدها عن المواجهة الدوليّة – الإيرانّية إذا حصلت.
• ولذا، فإنّ الإستنفار الدوليّ – العربيّ هو في مصلحة لبنان وحمايته.
• وكذلك، فإنّ نجاح الصراع على سوريّا في تحقيق هدفه أو أهدافه، هو في مصلحة لبنان وحمايته أيضاً.
• وإذا كان في إعتبارنا دائماً أنّ مستشار الملك السعوديّ الأمير عبد العزيز بن عبد الله، مكلُف بـ”ملفّ لبنان” بالعلاقة مع سوريّا، أو بالعلاقة السعودية – السوريّة في لبنان، فإنّ زيارته إلى دمشق أمس لتسليم رسالة من المللك إلى بشّار الأسد، تدخلُ – في تقديرنا – في إطار الحثّ السعوديّ لسوريّا على خطوات معينة، سيما وانّ السعودّية تتقاطع مع دول عربيّة أخرى ومع المجتمع الدوليّ على هدف “فكّ” سوريّا عن إيران.
3. وإلى ما تقدّم، نكرر الإعتقاد أنّ في الأفق مسروعاً أميركياً – دولياً – عربياً لإستئناف العمليّة السلميّة في المنطقة:
• صحيح أنّ المؤشّرات لا تزال أوّليّة.
• وأنّ الإختراق لا يزال جنينياَ.
• وأنّ المخاض الإقليمي عسير جداً. بمعنى أنّ الحرب قد تكون مّمراً صعباً إلى مشروع السلام ذاك.
• لكن لا يمكن إغفال مجموعة من الحقائق: حاجة أميركا إلى السلام في الشرق الأوسط لم تكن كذلك مرّة في التاريخ، والحاجة الأميركيّة – الدوليّة – العربيّة إلى حصر إيران تتطلب هذا السلام، ولا أفق للمنظّمات العاملة خارج الشرعيّات الوطنّية (سواء “حزب الله” أو “حماس”) عندما يتحقّق السلام الخ ..
4. وفي مجال كلّ ذلك ممّا تقدّم، تلفت رسالة اليوم الى أهمّية البيان الصادر عن الأمانة العامة لـ 14 آذار:
• من زاوية إشارته الصريحة إلى أنّ أصل التوتّر الإقليميّ يكمن في “ثنائية” إسرائيل – إيران.
• أي أن صراعهما وتواطؤهما يشكّلان مصدر خطر.
• ومن زاوية تذكير البيان مجدداً بعناوين حماية لبنان (الدولة + الشرعيتّان العربيّة والدوليّة).
• ومن زاوية التنويه بالحركة الديبلوماسّية للرئيس سعد الحريري وإدراجها في إطار خطّة الحماية.
5. في هذه الأثناء، نلفُت الى الحكم القضائي المصريّ الصادر عن “محكمة أمن الدولة” بحق أعضاء ما يُسمى “خليّة حزب الله” في مصر:
• أبرز ما فيه الحكم بالمؤبّد على “مسؤول فرع حزب الله” في مصر المدعو محمد قبلان (غيابياً) وبالسجن 15 عاماً على رئيس الخليّة (سامي شهاب).
• أحكام مشدّدة.
• لعلنا بحاجة للحصول على وقائع الحكم لأنّها ربّما تكشف جوانب من علاقة “حزب الله” بأجهزة الدولة اللبنانيّة (جوازات سفر أو غيرها).
• وعلى أيّ حال، لننتظر ونرى – أو نسمع – ردّ فعل “حزب الله” على الأحكام المصرّية، وما إذا كان سينحو باتجاه عدائيّة تصعيديّة إزاء مصر وكيف.
• علماً أن “حزب الله” إعترف على أعلى مستوى (مستوى أمينه العام حسن نصر الله) بأنه أرسل “أخوة” إلى مصر ولو أنّه وضع الأمر تحت عنوان “دعم أخوتنا الفلسطينيين في غزة”.
ثانياً ـ حول الإنتخابات البلدية:
1. الإنتخابات البلدية في بيروت:
• تفرد الرسالة حيزاً أساسياً لها باعتبارها “الأكثر سياسة” من بين سائر البلديّات والمعارك البلديّة.
• بمعنى انّه إذا كانت لإنتخابات أخرى جوانب وأبعاد سياسية فإنّ لبيروت دلالات أكبر .. وأهمّ.
• من زاوية قرار “حزب الله” – وعون – بالمعركة في العاصمة وليس التوافق.
• إنّه قرارٌ بخوض معركة في ما يمكن إعتبارُه عقر دار الرئيس الحريري (كما قال الدكتور سمير جعجع أمس).
• لكن الأهمّ والأخطر هو أنّ “حزب الله” الذي ربط التوافق بأن يكون المجلس البلديّ على صورة “حكومة الوحدة الوطنّية” قد ينطلق من معركة بيروت ليربط نزاعاً مع “الوفاق الحكومي” بذريعة أن رئيس “حكومة الوفاق” يرفض الوفاق .. كما يعرّفه “حزب الله”!.
• وهذا أمر لا يمكننا إستبعاده، بل لا يحق لنا إستبعاده، في وقت نلاحظ أن “حزب الله” – ومجمل 8 آذار – “يكمن” للحكومة من مداخل عدّة.
• فضلاً عن أنّ قرار “حزب الله” هو قرار برفع التوتّر – المذهبيّ – في العاصمة .. ما يدفع إلى التساؤل – تكراراً – عن علاقة الأمر بالإستعدادات لمواجهة إسرائيل ؟!.
2. ومع ذلك، وفيما تكتسب معركة بيروت معنى 14 آذارياً صافياً، فانّنا نلفت إلى الآتي:
• لا حظوظ لتحالف “حزب الله” – عون – ما يسّمى “معارضة سنية” في المعركة.
• بيدَ أنّ رهانهم هو على مجرد التخويف من أن “حزب الله نازل في المعركة”.
• وهو رهان على تدني نسبة المشاركة من جانب التحالف الإسلاميّ – المسيحيّ الـ 14 آذاريّ.
• أي أنّ رهانهم هو على تحقيق رقم يبدو مقبولاً مقابل أكثريّة متحقّقة لكن غير عالية .. وذلك لربط الصراع.
• كما يقتضي إعتبار معركة بيروت أساسيّة وإستنفار جهودنا وطاقاتنا لها.