ألقى الدكتور فارس سعيد كلمة “المجلس الوطني السوري” في إحتفال “البيال”، أمس الثلاثاء، بالذكرى السابعة لاغتيال الرئيس الحريري. وفي ما يلي نصّ الكلمة:
أيّها الأخوة والأصدقاء،
أيّها الحضورُ الكريم،
لقد شُرِّفتُ بأن أُلقي أمامَكم رسالةَ إخوتِكم في المجلسِ الوطني السوري.
إنّه تشريفٌ بكل معنى الكلمة، لأنّ المجلسَ الوطنيّ في هذه المرحلةِ الفاصلةِ من تاريخِ سوريّا يمثّلُ الشعبَ السوريّ الثائر ودماءَهُ الغزيرة الغالية ويُجسّدُ تطلّعاتِه إلى الكرامةِ والحريّةِ والديموقراطيّة.
لقد أدركَ المجلسُ الوطنيّ مُبكراً أهميّةَ العلاقةِ بلبنانَ واللبنانيين، بل أكثرَ من ذلك وضع العلاقةَ بلبنانَ واللبنايين في الأولويّة، فخصَّ لبنانَ بأوّلِ مبادرةٍ سياسيّةٍ له.
إنّ رسالة المجلس الوطنيّ الموجّهةَ إلى اللبنانيين في 25 كانون الثاني الماضي، والرسالةَ الجوابيّةَ من الأمانةِ العامّة لقوى 14 آذار في الأوّل من شباط الجاري، تشكّلان الأساس الذي سيتمُّ الإنطلاقُ منه من أجل مستقبلٍ لبناني – سوري مشرق. ذلك أنّ الديموقراطيّةَ في سوريّا والإستقلالَ في لبنان – وهما كما كان يؤكّد الشهيد سمير قصير متلازمان – يُعطيان الربيعَ العربيَّ أبعادَه ومضامينَه. وسنتعاون من أجلِ مستقبلِ الدولتين والشعبين.
أكتفي بهذا القدرِ لأؤكّدَ دعمَنا لثورةِ الشعبِ السوريّ وتضحياتِهِ، وأتلو عليكم رسالةَ المجلسِ الوطني.
*
أيّها الأخوةُ في حركةِ 14 آذار قادةً ورأياً عاماً،
أيّها الأشقاءُ اللبنانيون،
من سوريّة الثورة، من سوريّة الحريّة والكرامة والديموقراطيّة، من سوريّة الشعبِ المنتفضِ ضدّ النظامِ الديكتاتوريّ الفاشي،
من حمص الجريحة الصامدة ومن كلِ مدنِ سوريّة الِإباء، من درعا إلى حماه ومن حلب إلى دمشق وريفِها، ومن ديرِ الزور إلى القامشلي، من إدلب والرستن والسويداء ..
نحييكُم في الذكرى السابعة لإستشهادِ الرئيس رفيق الحريري ورفاقِه، الذكرى السابعة لجريمة إغتيال ذلك الزعيمِ اللبنانيّ العربيّ، ونحيي شهداءَ ثورةِ الأرز ونتضامن مع نضالِكم المستمّرِ على طريق شهدائكم من أجل لبنان مستقلّ سيّد وديموقراطي.
إنّ المجلس الوطنيّ السوريّ، الممثّل للشعبِ والمعارضةِ السوريَّين، يعتبرُ أنّ نجاحَكُم في ربيعِ 2005 في إخراجِ جيشِ نظامِ الأسد من لبنان وإسقاطِ نظامِ الوصايةِ الذي أقامَهُ في بلادِكم، شكّلَ بالفعل أوّلَ صفعةٍ قاسيةٍ له.
قلتُم لهُ بصوتٍ عالٍ: لا مكانَ لك عندنا، إذهب وأبحث عن شرعيَّتِك لدى شعبِك، وأوراقُكَ الإقليميّة بين لبنانَ وفلسطين والعراق لن تُغنيكَ عن شرعيّةِ الشعبِ السوريّ. لكنّه ومنذ ذلك التاريخِ، سقطَ في إختبارِ نَيلِ الثقةِ الشعبيّةِ في سوريّة من جهة، وفشلَ في الحلمِ الذي لم يغادِرهُ، حلمِ تعويضِ شرعيّةِ الداخل بمشروعِ سوريّة الإقليميّة المستحيل من جهة أخرى.
إنّ بينَنا وبينَكُم قضيّةً مشتركة كما نُكرّرُ دائماً. الديموقراطيّةُ في سوريّة هي الدعامةُ لإستقلالِ لبنان وديموقراطيّتِه. والدولتان السيّدتان الديموقراطيّتان في سوريّة ولبنان هما دعامةُ دولةِ الإستقلالِ الوطني في فلسطين.
أيّها الأشقاءُ الأعزّاء،
تتابعونَ بطولاتِ الشعبِ السوريّ وتضحياتِه الجسام منذ 15 آذار من العام الماضي.
وتتابعونَ في المقابل سياسةَ البطشِ والقتلِ والمجازرِ والنهجِ العسكريّ الأمني من جانبِ نظامِ الأسد.
الحصيلةُ آلافُ الشهداء وعشراتُ آلاف الجرحى والمصابين، وعشراتُ آلاف المعتقلين والمفقودين، وتدميرٌ شاملٌ لمدنٍ وبلداتٍ ومناطقَ بأسرها. الحصيلةُ أنّ سوريّا منكوبة.
لكنّ شعبَنا وثورتَنا صامدان. والنظامُ سيسقط. وكُلّما أمعنَ في إِراقةِ الدماء إقتربَ النظامُ من القبر.
نتكّلُ على إرادةِ شعبِنا في الإنتصار. فشعبُنا الذي حطّمَ كلَّ جدرانِ الترهيبِ والخوف لن يعودَ إلى الوراء.
ونستندُ إلى دعمِ العددِ الأكبر من إخوتِنا العرب دولاً وشعوباً.. وإلى دعمِ الأصدقاءِ الدوليين. ولن ينجحَ الروسُ والصينيّونَ في تعطيلِ سَيرنا إلى الأمام. لن ينجحوا في إستعادةِ زمنِ حربٍ باردة بائد. وذلك بالضبط لأنّ العالمَ باتت تُسيّرُه قيّمُ الحريّةِ والكرامة والعدالة وحقوقِ الإنسان، تلك القيمُ التي تشكّل قوّةَ دفعٍ للتاريخ.
إنّنا في ذكرى الرئيس رفيق الحريري ورفِاقه، نتضامَنُ معكم، لكنّ الأهمّ أنّنا نشكرُ تضامنَكُم معنا.
وفي هذه المناسبة، ومن موقعِ مُتابعتنا لمُجريات الأمور في لبنان، نودُّ أن نؤكّدَ في وجه إدعاءاتِ نظامِ الأسد والتابعينَ له، وأبطالِ الشاشاتِ الكبرى في بلادكم، أنّ ثورتَنا التي تقاتلُ باللحمِ الحيّ لشبابنا وشيوخِنا ونسائِنا وأطفالِنا على مدى الأرضِ السوريّة، ليست بحاجةٍ إلى إستخدامِ أرضِكُم اللبنانيّة في معركتِها ضدّ النظام الديكتاتوري القاتل وهي لا تستخدِمُها بالفعل. كلُّ ما في الأمر أنَّ في لبنان نازحين هاربينَ من آلةِ القتلِ الأسديّ، وجَرحى يأمَلونَ في تلقّي الإسعافاتِ والعلاجات.
أيّها الأشقاءُ اللبنانيّون،
لا زلنا في صميم كِفاحِنا من أجل إسقاطِ نظامِ الديكتاتور وتحقيقِ التغييرِ الديموقراطيّ.
لقد أعلنّا مِراراً أنّ ما نُريدهُ لسوريّة المستقبل هو نظامٌ ديموقراطي ودولةٌ مدنيّةٌ تعدديّةٌ ديموقراطيّة. نريدُ ذلك لأنّنا مقيمونَ على قناعةٍ بأنّ سوريّةَ التعدّدِ والتنوّعِ تستحقُّ هذا المستقبل.
في سوريّة تعدّدٌ طائفيٌّ وتنوّعٌ إثني. وهذان التعدّدُ والتنوّع هما تاريخُنا وحاضرُنا ومستقبلُنا. لا مكانَ في سوريّة لأيّ إستئثارٍ أو تفرّدٍ أو أحاديّة. والمنخرطونَ في الثورة هم أبناءُ هذيَن التعددِ والتنوّع. وإذا كان نظامُ الأسد وأتباعُه يُخيفون المكوّنات السوريّة من المستقبل، فإنّنا نحن فخورون بمجتمعنا المدني، فخورونَ بنقطةِ قوّتِنا هذه في حينِ كان نظامُ الأسدِ على الدوام هو من إخترعَ “مسألة أقليّات”. أمّا نحن فموحّدونَ سنّةً ومسيحيين وعلويين ودروزاً.
إنّنا كسرنا قاعدةَ “التعوُّدِ” على الأشياء، و نشتركُ معكم في هذين التنوّعِ والتعدّد. وعلى أساسِهِما سنُقيمُ دولتَنا المدنيّة ونظامَنا الديموقراطي. وعلى اساسِهِما نتطلّعُ إلى مساندةِ اللبنانيين من ضمنِ التعدّدِ اللبنانيّ لثورتِنا وأهدافِها.
لقد سبقَ لنا في رسالةٍ وجّهناها في 25 كانون الثاني الماضي إليكم، أن أكّدنا أنّ ثورتَنا التي تُخيفُ النظام، يجب ألاّ تكونَ موضعَ تساؤلٍ من جانبِ أحدٍ غيره.
سوريّة المستقبل دولةً ونظاماً، ستقيم أفضلَ العلاقات مع لبنان. ستطوي صفحاتٍ أليمةً في هذه العلاقات.
ستكونُ علاقاتٍ من دولةٍ إلى دولة، بين دولتين مستقلّتين سيدتَين متكافئتين. ستكون علاقاتٍ أخويةً على قاعدةِ أنّ بين شعبينا تاريخاً مشتركاً وحاضراً مشتركاً ومستقبلاً مشتركاً. ستكونُ علاقاتٍ بين شعبيَن شقيقين في دولتين مستقلتين لا علاقاتٍ تحت مُسمّى شعبٌ واحد في دولتين، مُسمّى استُخدمَ سابقاً للوصايةِ على لبنان و إستتباعِه.
لن تكونَ علاقاتِ تدخّلٍ في شؤونِ أيٍّ منّا بالآخر. سنُعيد معاً النظرَ في الإتفاقاتِ والمواثيقِ الموقّعةِ في زمنِ الوصايةِ البغيضةِ على لبنان، وسنقيمُ علاقاتٍ ديبلوماسيّةً سويّة ونرسّمُ الحدودَ إبتداءً من مزارعِ شبعا، وسنحقّقُ في ملفِ المعتقلين والمفقودين اللبنانيين كي نطوِيه.
سنعملُ معاً في الإطار الثنائيّ وفي الإطار العربيّ وعلى الصُّعُدِ كافّة. فبيننا قاعدةُ مصالحَ مشتركة، وبيننا دورٌ مشترك نؤدّيه.
أيّها الأخوةُ في حركة 14 آذار،
ثورتُنا مستمرّةٌ رُغمَ الدماءِ حتىّ الإنتصارِ القريب.
متضامنونَ معنا ونحنُ معكم، لنتخلّصَ معاً من الماضي.
لن نقبلَ ربطَ لبنان بمسارِ أزمةِ نظامِ الأسد ولن تقبلوا لثورتِنا غيرَ الإنتصار.
من فارسِ الخوري وسلطان باشا الأطرش وصالح العلي وإبراهيم هنانو في التاريخ، ومن شهداءِ ثورتِنا المعاصرة، من إبراهيم قاشوش وحمزة الخطيب وسائرِ الشهداء شيوخاً وشباباً ونساء وأطفالاً.. الفُ تحيّةِ إعتزازٍ إلى شهيدكم الكبير رفيق الحريري وكلِّ شهدائِكم.
النظامُ القاتلُ عندنا وعِندَكُم سيسقط،
عاشتِ الثورةُ السوريّة وعاشت سوريّة حرّةً ديموقراطيّة.
عاش التضامنُ السوريُّ اللبناني،
والموتُ للنظام وجلاّديه.
المجلس الوطني السوري
رسالة “المجلس الوطني السوري”: ديمقراطية سوريا دعامة استقلال لبنان وديمقراطيتهالغابة العالمية من ينظر في حمص وهي تدك بآلة القتل الأسدية في شتاء 2012م والعالم أبله يتفرج يقول لاشك أننا نعيش في غابة عالمية. والمفارقة هنا أن الغابة تفترس فيها السنوريات الأرانب والغزلان، ولكن فصيلة السنوريات في سوريا تفترس أرانب حمص الوديعة وهي تصرخ، والعالم يرى ويتفرج ويتابع حياته المعتادة فيشرب القهوة الصباحية ويضحك ملء شدقيه وينام ملء الأجفان. وكأن شيئا لم يكن. إنها كلاب يتم التخلص منها. قطط تهرس بالسيارات عفوا. ذباب يتساقط وبعوض وصرصار يرش بالمبيدات. إنها مأساة للضمير الإنساني وأصحاب القرار وكذابي السياسة. يبدو أن العالم الذي نعيش… قراءة المزيد ..