رغم تبجّحات حسن نصرالله الأخيرة بقدراته البحرية، فالأرجح أن حزب الله يفضّل عدم التورّط في حرب جديدة الآن. كذلك إسرائيل، التي نجحت في فرض وقف العمليات ضدّها منذ صيف 2006، سواء على الحدود أو في العالم- رغم اغتيال عماد مغنية، ورغم حرب غزّة. ولكن ماذا لو قامت إسرائيل بتوجيه ضربة جوية أو بحرية (إنطلاقاً من غوّاصاتها) ضد مرافق إيران النووية؟ هل تردّ إيران في العراق وأفغانستان والخليج؟ وهل يملك حزب الله “إمكانية” أن لا يتورّط في الردّ الإيراني؟ الأرجح أن حزب الله مسيّر وليس مخيّراً في هذا الموضوع، وأنه سيورّط لبنان في حرب جديدة مدمّرة (تقول بعض الأوساط القريبة من حزب الله أنه يمكن أن يسقط 25 ألف قتيل مدني لبناني خلال الأيام الأولى للحرب!!). ماذا سيتبقّى من لبنان بعد الجولة المقبلة؟ وهل ستدخل سوريا الحرب؟ وإلى أي حدّ ترغب إسرائيل في “الإساءة” لنظام الأسد الذي ضمن لها الهدوء منذ 37 عاماً؟
هذه بعض المواضيع التي ناقشها “الشفاف” مع الباحث في “معهد واشنطن”، دافيد شينكر:
تراجعت في الآونة الأخيرة التكهّنات بحرب جديدة في الشرق الأوسط؟ هل هنالك خطر حرب جديدة بين إٍسرائيل ولبنان، أو خطر ضربة إسرائيلية ضد منشآت إيران النووية؟
تصاعدت التوتّرات الإقليمية قبل أسابيع إبان ما سُمّي “أزمة صواريخ سكود”. وقد انحسرت المخاوف باحتمال نشوب حرب وشيكة منذئذ. ولكن خطر نشوب حرب جديدة ما يزال قائماً. وبغض النظر عن موضوع “السكود”، فإن إسرائيل تظلّ تشعر بالقلق من الأسلحة المتقدمة أكثر فأكثر التي توفّرها سوريا لحزب الله. وبصورة خاصة، فإن الولايات المتحدة وإسرائيل تعتبران أن إقدام سوريا على تسليم حزب الله نظم “إيغلا” المضادة للطائرات وصواريخ “فتح 110” يمثّل تصرّفاً سورياً أرعن ومسيئاً للإستقرار.
ونظراً للحالة السائدة في المنطقة، فليس صعباً أن يتصوّر المرء كيف يمكن أن تشتعل نيران حرب جديدة. فيمكن، مثلاً، أن تقرّر إسرائيل توجيه ضربة لشحنة أسلحة – سواء في الجانب السوري أو في الجانب اللبناني من الحدود- الأمر الذي يمكن أن يستدعي ردّاً ثأرياً. أو يمكن أن يهاجم حزب الله هدفاً إسرائيلياً أو هدفاً يهودياً- على غرار ما فعل في الأرجنتين في العام 1994- ثأراً لاغتيال قائده العسكري، عماد مغنية، الأمر الذي سيستدعي ردّاً ثأرياً إسرائيلياً. كما يمكن أن يهاجم حزبُ الله إسرائيل ردّاً على ضربة إسرائيلية لمواقع إيران النووية.
إن من الواضح أن إسرائيل تركّز على التهديد الإيراني حالياً، ويبدو أنها ترغب في تجنّب الحرب مع لبنان إلى ما بعد مواجهة التحدي النووي الإيراني. وبدوره، فإن حزب الله ميّال للإنتظار، جزئياً لأن جمهوره لا يرغب الآن في التعرّض لحرب مدمّرة جديدة، وكذلك لأنه يرغب في الإحتفاظ بإمكاناته العسكرية كاملة لاستخدامها في حال توجيه ضربة إسرائيلية ضد المرافق العسكرية الإيرانية.
هل يمكن أن تغيّر العقوبات الدولية ضد إيران في منظور الحرب؟
إن العقوبات الجاري بحثها حالياً لن تكون كافية لإقناع إيران بالتخلّي عن برنامج الأسلحة النووية. فالصين وروسيا، على السواء، لا ترغبان في فرض عقوبات تصيب إيران بـ”الشلل”، أي عقوبات على المنتجات النفطية المكررة، ولا تقبلان حتى بفرض “عقوبات مؤذية”. ويصعب تصوّر أن العقوبات المطروحة ستكون فعّالة.
لكن، هل تملك إسرائيل القدرة على تدمير مرافق إيران النووية؟ المصادر الفرنسية تعتقد أن إسرائيل لا تملك مثل تلك القدرة “التقنية”؟
تملك إٍسرائيل قدرات كبيرة جداً، ولكن بعثرة الأهداف الإيرانية ووجود بعضها تحت الأرض يمثّل تحدّياً تقنياً للدولة اليهودية. والأرجح أن إسرائيل ستقوم، إذا ما اعتبرت ذلك ضرورياً، بضرب المرافق الإيرانية مع إدراكها أنها غير قادرة على “تدمير” البرنامج الإيراني، وإنما على إبطائه أو تأخيره فحسب. حينما قامت إسرائيل بتدمير مفاعل “أوزيراك” بالعراق في العام 1981، تكهّن كثيرون بأن الضربة لن تسمح سوى بتأخير البرنامج العراقي لسنوات قليلة. واستناداً إلى تقييم الخطر الإيراني، فاعتقادي هو أن إسرائيل ستخلص إلى النتيجة نفسها.
هل ستعطي إدارة أوباما “الضوء الأخضر” لضربة إسرائيلية على إيران؟
كل الدلائل تشير إلى أن إدارة أوباما تنصح الإٍسرائيليين بعدم مهاجمة إيران. وتفضل واشنطن إعطاء العقوبات وقتاً لإعطاء مفعولها أو، إذا لم يتحقق ذلك، الإستفادة من الوقت لبناء تحالف دولي لمواجهة طهران. إن السؤال حول ما إذا كانت إسرائيل مستعدة لضرب إيران حتى لو صدر عن واشنطن “ضوء أحمر” حازم هو سؤال مهم. الواقع أن إسرائيل تعرّضت للنقد من جانب إدارة ريغان بعد الغارة على مفاعل “أوزيراك” العراقي، ولكن دينامية العلاقة بين إسرائيل وإدارة أوباما مختلفة كلياً عما كانت عليه في عهد ريغان.
كيف ستؤثّر الضربة الإسرائيلية على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة؟
بغض النظر عما إذا كانت الولايات المتحدة ستوافق على ضربة إسرائيلية أو ستندّد بها أو ستسعى إلى منعها، فإن طهران ستعتبر واشنطن مسؤولة عن الضربة وستواصل- أو ستعزّز- جهودها لتقويض مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تعريض المصالح الأميركية لمتاعب في أفغانستان أو في العراق- أو حتى في بلدان أخرى، على غرار “عملية الخُبَر” في العام 1996 مثلاً.
يُضاف إلى ما سبق أن إيران تقيم علاقة خاصة مع “القاعدة”، ويمكنها أن تسعى لاستخدام “القاعدة” ضد الولايات المتحدة.
هل ستشعل مثل هذه الضربة الإسرائيلية حرباً جديدة بين إسرائيل وحزب الله؟ وماذا ستكون العواقب على ميزان القوى السياسي الهشّ في لبنان؟
القسم الأول من السؤال يجيب على نفسه بنفسه. أما حول العواقب على لبنان، فستكون كارثية. في العام 2006، تسبّبت الحرب التي أشعلها حزب الله بسقوط 1000 قتيل وتكبّد لبنان خسائر بقيمة 7 مليار دولار. ويقول الإسرائيليون أنهم سيوسّعون نطاق التدمير في الجولة المقبلة.
هل ستنجح سوريا في البقاء خارج حربٍ جديدة بين حزب الله وإسرائيل؟
لا يمكل نظام الأسد مصلحةً في التورّط بالحرب المقبلة. ويعتقد العديد من المحلّلين أن تدخّل سوريا في الحرب سيعرّض للخطر نظام الأسد نفسه. الأرجح أن بشّار الأسد يفضّل، على غرار ما فعل في العام 2006، أن يبقى على الحياد وأن يهلّل لحزب الله وأن ينسب لنفسه الفضل في “النصر الإلهي”. لكن الإكتفاء بالتفرّج على الحرب سيكون أصعب في المرة المقبلة. فقد عزّزت سوريا تقاربها مع إيران ومع حزب الله منذ العام 2006، وتعهّدت علناً بأنها ستشارك في القتال في الحرب المقبلة دفاعاً عن “المقاومة”. لذلك، قد يجد نظام الأسد نفسه محرجاً فيشارك في الحرب، الأمر الذي سيجعل كلفة الحرب أكبر على جميع الفرقاء المعنيين.
ليس واضحاً مدى الأذى الذي ترغب إسرائيل في إلحاقه بنظام الأسد!
لكن، هل ستشكل الضربة الإسرائيلية على إيران نهاية العملية السلمية الحالية؟
ليس واضحاً ما هو نوع الضربة التي ستوجّهها إسرائيل ضد برنامج إيران النووي أو ضد حزب الله- وليس واضحاً ما مدى الأذى الذي ترغب إسرائيل في إلحاقه بسوريا وبنظام الأسد! وإذا ما خرجت سوريا، وحزب الله، وإيران، من الحرب أضعفَ مما كانت قبلها، فإن ذلك سيشكّل ضربة لحركة “حماس” وللأصولية في المنطقة، الأمر الذي سيشكل حافزاً جديداً لمحادثات السلام الإسرائيلية-الفلسطينية. ولكن مثل هذه النتيجة الحاسمة تظلّ مستبعدة. وفي الحدّ الأدنى، فإنه يبدو أن إداء إسرائيل في حرب 2006 لم يخلق بيئة تقنع إسرائيل بالقيام بمخاطر من أجل السلام.
هل توافق على أن هجوماً إٍسرائيلياً على إيران سيقوي نظام الملات في طهران؟
من الخارج، يبدو نظام طهران هشّاً ومكروهاً جداً من الإيرانيين. ولكنه ما يزال يثبت إستعداده للوصول إلى إجراءات قصوى- مثل إغتيال المعارضين الإيرانيين للنظام الإستبدادي- من أجل البقاء في السلطة. وليس واضجاً ما إذا كانت الضربة الإسرائيلية ستتسبّب بنشوء “موجة وطنية” في إيران تشكل دعماً للنظام الذي يكرهه الشعب. وإذا ما حصل مثل هذا الإلتفاف الوطني حول النظام، فسيكون ذلك عاقبة سلبية فعلاً للضربة الإسرائيلية. إن هذا العامل هو أحد العوامل الحاسمة المجهولة.
دافيد شينكر: الضربة الإسرائيلية ضد إيران ستكون كارثة على لبنان وليس واضحاً إلى أي حد تريد إٍسرائيل الإساءة لنظام الأسد!ماذا تغير فى رأيك بعد عدوان صيف 2006 على لبنان ؟ لازالت اسرائيل مرتعبة من ذكر هزيمتها فى هذه الحرب , ولان الذعر وصل الى مرحلة الهوس قامت بعدوان آخر على غزة المجوعة والمحاصرة والتى يقارن تسليحها بالمعتدين كالسيف مقابل المدفع , ومن اجل استرجاع الخوف العربى من قوة الردع الاسرائيلى جسدت اسرائيل معنا للاجرام البشرى وتبادلت المواقف مع الشيطان بجرائمها الشنيعة فى حق اهل غزة المسالمين وكانت ترتكب جرائمها وهى مطمئنة بأنها لن تحاسب عليها وان القوى العظمى والمتحضرة فى… قراءة المزيد ..