الشفاف – خاص وجدي ضاهر
بعد ان بدأت معالم اللوائح والترشيحات في سائر الدوائر الانتخابية بالتوضح، تدخل دائرة كسروان، العمق المسيحي في جبل لبنان، دائرة الضوء في الثامن والعشرين من الجاري من خلال إطلاق قوى 14آذار لحملتها الانتخابية من “بيت عنيا” في لقاء شعبي يعيد تأكيد ثوابت شعارات ثورة الارز وقوى الاستقلال لجهة العبور الى الدولة وتحييد لبنان.
لقاء “بيت عنيا” الذي يحمل شعار ” يا ابيض يا اسود” تأخر عن موعده، ما اعطى انطباعا ان قوى 14 آذار اهملت هذه الدائرة او انها تركتها لقدرها في الانسياق وراء المرشحين المستقلين او العودة الى حضن المعارضة على غرار ما حصل في الانتخابات السابقة.
وفي هذا السياق تشير المعلومات الى ان التأخر في فتح معركة كسروان الانتخابية كان مقصودا ونتج عن تفاهم لم يعلن عنه في صفوف مسيحيي قوى 14 آذار بعد اتفاق الدوحة يفسح في المجال امام المستقلين كي يبلوروا موقفهم ويعلنوا عن مرشحيهم في هذه الدائرة، خصوصا وان بعض المرشحين المستقلين طلب من قوى 14 آذار اعطاءهم حرية التصرف في هذه الدائرة تحديدا وفقا لاعتبارات الموقف من رئيس الجمهورية ودور الصرح البطريركي ووجوده في قلب كسروان.
استجابة قوى 14 آذار تجلت في وقوفها حتى يوم السبت المقبل موقف المتفرج والمحرض على تشكيل لائحة من المستقلين تكون قادرة على كسب المعركة الانتخابية. إلا ان حساب المستقلين لم يتطابق مع حسابات قوى 14 آذار، الامر الذي دفع في اتجاه تأكيد حضور قوى الاستقلال واسترداد مقاعد هذه الدائرة الى حضن شعار العبور الى الدولة وتحييد لبنان.
وحقيقة ما حصل ان المستقلين في كسروان ظهروا بمظهر الأيتام من دون قوى حاضنة وداعمة، ولم يستطيعوا حتى الاتفاق في ما بينهم بعد ان طال انتظارهم ان يحسم المهندس نعمة جورج افرام امره ليشكل مع النائب السابق منصور غانم البون نواة لائحة المستقلين.
المهندس افرام اعلن اكثر من مرة انه يسعى للائحة توافقية تكون مشاركته فيها تنازلا عن جدول اعماله المزدحم وتقاطعا بين تيار العماد عون والمستقلين
من جهة ثانية. القريبون من المهندس افرام يؤكدون رفضه “ان يكون رأس حربة في كسروان” مشيرين الى ان خلفية العائلة تاريخيا تستند الى ثوابت وطنية كبرى من جهة ، إضافة الى مراعاة بكركي ورئاسة الجمهورية، وتاليا فان افرام الذي يعتبر نفسه قريبا من هاتين المرجعيتين وغير بعيد عن احد والذي يطمح الى دولة الكفاءة والنزاهة والخبرة والفعالية والمسؤولية والى اطلاق ورشة اصلاح شاملة، يبقى منطلقه هو الخير العام ومصلحة كسروان – الفتوح مجتمعة.
وينقل عن افرام قوله في مجالسه الخاصة “ما الفائدة من التموضع والتحالف مع قسم من ابناء المنطقة في مواجهة قسم آخر إلا االمزيد من الانقسام والتشرذم والتشنج على الساحة المسيحية”؟
ويعرض افرام كيف انعكست تجارب الانقسام سلبا على الحياة العامة وعلى مختلف الشرائح المجتمعية، وكيف حصدت كسروان – الفتوح، تأخرا فاضحا على صعيد الانماء وتراجعا عن لعب دور محوري على الصعيد الوطني العام.
من جهته، النائب السابق منصور غانم البون يقف في الوسط بين 14 آذار والمستقلين ويلتزم الصمت والحياد ويستدرج العروض مستفيدا من قدرة ماكينته الانتخابية.
وفي حين لم يظهر مستقلون آخرون، وفي ظل شروط افرام التي لم تلق آذانا صاغية لدى العماد عون، الذي في يقينه انه سيربح مقاعد كسروان الخمسة، وهو تاليا لا يبدي اي استعداد للتنازل او المفاوضة على اي مقعد، كما ان دعوة افرام للتوافق لم تستطع استدراج مستقلين آخرين، وإزاء ذلك كان لا بد لقوى الاستقلال من اعادة الاوضاع الى نصابها الطبيعي مفسحة في المجال ايضا امام المستقلين للانضمام اليها في معركتها الانتخابية لان الانتظار يسهل مهمة التيار المعارض، ويحول دون ان يترجم جمهور قوى الاستقلال موقعه الريادي على صعيد الوطن عموما وفي المناطق المسيحية خصوصا.
وفي هذا السياق دخل الرئيس امين الجميل وحزب الكتائب على خط الانتخابات في هذه الدائرة معلنا ترشيح سجعان قزي عن الحزب في كسروان في احتفال حزبي. وفي السياق عينه، يندرج لقاء “عين عنيا” على ان يعقبه جوجلة للمرشحين واطلاق عمل الماكينات الانتخابية.
مصادر مطلعة على سير العمليات الانتخابية في كسروان تتحدث عن مفاجأة انتخابية تتمثل في ترشح وزير الداخلية زياد بارود عن هذه الدائرة الى جانب المهندس افرام، على ان يشكلا معا رافعة لائحة المستقلين التي قد تضم اليها مرشح او اكثر من قوى 14 آذار وتحصل على بركة من الصرح البطريركي ومن رئاسة الجمهورية.
وفي سياق متصل تتحدث المصادر عن ان محاولات كل من الوزيرين السابقين فارس بويز وفريد هيكل الخازن الانضمام الى لائحة العماد عون باءت بالفشل، بعد ان طال انتظار الاثنين الوساطات مع العماد عون من دون طائل.
ويشير هؤلاء الى ان فشل المحاولات سببه الاشراف المباشر لحزب الله على لوائح المعارضة في المناطق المسيحية، تحديدا بعد ان اطلق نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم الماكينة الانتخابية للحزب في اقضية المتن وكسروان وجبيل والبترون بادارة القيادي في حزب الله غالب ابو زينب.
وتشير المعلومات الى ان تباين وجهات النظر بين سوريا وايران ينعكس تداعيات على لوائح المعارضة في لبنان. فسوريا بما لها من تأثير على تشكيل اللوائح، تعمل على الابقاء على مرشحين غير مشكوك في ولائهم على غرار ما حصل في دائرة زغرتا، حيث تم استبعاد العوني فايز كرم من لائحة الوزير فرنجية، وفي بعلبك الهرمل حيث تم استبعاد كل من العوني منير رحمة لصالح اميل رحمه في دير الاحمر وقرار الحزب ترشيح اللواء عصام ابو جمرا في الاشرفية بدلا من الترشح في مسقط رأسه في دائرة مرجعيون حيث تم الابقاء على مقعد الروم في هذه الدائرة للحزب السوري القومي بشخص النائب اسعد حردان. إضافة الى سحب ترشيح العميد كلاس لصالح مروان فارس في بعلبك الهرمل والعميد بو فرحات من الزهراني لصالح النائب ميشال موسى.
وفي السياق عينه يبدو ان حزب الله، من خلال استشعاره الحرج الذي اصاب وضع حليفه العماد عون، قرر التدخل ميدانيا على صعيد تشكيل اللوائح. وتاليا يمكن فهم استبعاد الوزير السابق فارس بويز المحسوب على “تيار الممانعة والتصدي للمشاريع الاميركية” في لبنان، كما قال عنه احد نواب كسروان الحاليين وكذلك النائب السابق فريد هيكل الخازن غير البعيد من سوريا.
ولهذه الاسباب، رفض حزب الله ضم اي من بويز او فريد هيكل الخازن الى لائحة عون الكسروانية، إضافة الى ان الحزب قرر مواجهة بكركي في عقر دارها من خلال تيار عون وماكينته. وتتحدث مصادر كسروانية عن ان ماكينة الحزب سوف توقع محاضر الفرز وتشرف على سير العملية الانتخابية في كسروان بكل ما في تفاصيل العملية الانتخابية من معنى.