عقدت الأسرة الحاكمة اجتماعا عائليا مهما قبل أيام برئاسة اللواء علي صالح الأحمر شقيق رئيس الجمهورية لمناقشة حادث خطير جدا اعتبره اللواء علي صالح أخطر من تفجير جامع دار الرئاسة، وهو حادث إلقاء حذاء على شقيقه الآخر محمد صالح الأحمر قائد القوات الجوية.
وحسب المعلومات المتوفرة، فإن “حافظ معياد” حضر الاجتماع، الأمر الذي دعى البعض للتساؤل عن سر وجوده وهو لا ينتمي للعائلة. فجاء التوضيح سريعا أنه أصبح واحدا من العائلة منذ أن تزوج بنت اللواء علي صالح، وأن المهمة الموكلة إليه في الاجتماع كانت العمل على عرقلة الانتخابات لأنها في نظر الحاضرين ليست استفتاء على شرعية المشير عبدربه منصور هادي، بل استفتاء على نزع شرعية الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
ما أسفر عنه هذا الاجتماع من تداعيات بعد ذلك ومن بينها احتلال صحيفة “الثورة” في صنعاء ومحاولة حصار مقر صحيفة “الجمهورية” في “تعز”، جعل كثير من اليمنيين يتوصلون إلى قناعة بأن الثورة والجمهورية في خطر لأن الاسرة الحاكمة لا يبدو عليها أنها سوف تستسلم للواقع الجديد.
أما المجتمع الدولي الذي كان حنونا أكثر من اللازم مع هذه الأسرة بالمقارنة مع الحزم المشهود تجاه اسرة الأسد، فقد تأكدت قناعاته أكثر من السابق أن اليمن بحاجة إلى انقاذ من أعمال يقوم بها عدد محدود من أبنائه. وأصبح المجتمع الدولي على قناعة بأن السيطرة على هؤلاء ممكنه بل أصبحت ضرورية لمنع تفاقم الأمور إلى ما يحمد عقباه. ولذلك سوف يأتي لهم المجتمع الدولي من حيث يأتيهم الوجع وهو تجميد الأموال والمحاكمات الدولية على أعمالهم.
ولو أن المجتمع الدولي يستمع إلى نصيحتي لكان الأمر أبسط من ذلك بكثير ولا يتطلب أكثر من تجميد هاتف علي عبدالله صالح وتحويله إلى جهاز جامد غير قابل للارسال ولا للاستقبال.
فعندما وصل الرئيس علي عبدالله صالح إلى نيويورك بحجة العلاح كان أول سؤال بحثت له عن إجابةهو: هل اصطحب الرئيس معه مسؤول “تحويلة الدار” أم لا؟ وعندما تأكد لي أن الرئيس اصطحب معه الشخص الذي يحفظ عن ظهر قلب أهم الأرقام التي يطلبها الرئيس، عرفت بما لا يدع مجالا للشك أن الرجل لن يعدّيها على خير وسوف يظل يلعب بالكروت المتبقية لديه للانتقام من أو لئك الذين تسببوا في اخراجه من الحكم قبل وقت مبكر من انتهاء الألف سنة التي كان يخطط أن تحكم أسرته فيها اليمن.
المشكلة هي أن المجتمع الدولي لا يفكر بالطريقة التي يفكر بها كاتب هذه السطور، ولكن يفكر بطريقة أكثر علمية وعملية. وحسب المعلومات القليلة المتوفرة لدي عن خطة دولية يقال إنها جاهزة لانقاذ اليمن من بعض أبنائه، فإن هذه الخطة تعتمد على حقائق ووقائع على الأرض تفيد بأن أولئك الذين حصلوا مالا وفيرا طوال 33 سنة هم من يخشى المجتمع الدولي من محاولاتهم زعزعة استقرار البلاد. لأن لديهم الخبرة والمال اللازمين للّعب على كافة الحبال وما اسهل التخريب على من يمللك المال، وما اسهل التخريب على من عجز عن البناء.
لهذا السبب فإن المجتمع الدولي لن يعمل على تطبيق اقتراحي بتجميد تحويلة الرئيس أو تجميد “علي معوضة” في بيته، بل سيعمل على تجميد أموال علي عبدالله صالح وجميع من يعمل على زعزعة استقرار البلاد، بمن فيهم رموز كبار في الأسرة الحاكمة مع أولادهم ونسائهم واقاربهم وأصهارهم. ومن هنا فإن على المعارضة اليمنية وشباب الساحات أن يهتموا أكثر بقضايا يعتبرها المجتمع اليمني خاصة أو أسرية ولكن المجتمع الدولي يحتاج لكل تفاصيل المصاهرات والعلاقات العائلية بين المسؤولين اليمنيين المشهود لهم بالفساد. فلا يمكن أن يتم القضاء على الفساد دون معرفة خبايا الروابط العائلية وعلاقات النسب القديمة والجديدة على حد سواء.
وصحيح أن المجتمع الدولي يعمل ببطء شديد ولكن عندما يتحرك فإن انجازاته تتسارع، ولهذا فإن كثيراَ من الدوائر الأوروبية والأميركية تتدارس حاليا بشكل جدي إعطاء موضوع تجميد الأموال أولوية قصوى لانقاذ اليمن.
ومن أجل أن يكون هناك مصداقية للقرار تناهى إلى علمي أن هناك من يسعى ألا يكون المستهدف علي عبدالله صالح وأسرته فقط بل يمتد التجميد إلى أموال عمرو علي سالم البيض ووالدته ملكي وعدنان علي سالم البيض وأخواله واخوانه، وكذلك حيدر العطاس وسالم صالح محمد وقيادات شمالية وجنوبية بارزة ممن عملوا مع الرئيس علي عبدالله صالح وثبت حصولهم على أموال من أي جهة كانت. وتأتي أنشطة الحراك الجنوبي في إطار زعزعة استقرار البلاد الأمر الذي يتطلب إيقاف الممولين لهذا الحراك أينما وجدوا وأينما كانوا، ما لم يلتزموا بالنضال السلمي المشروع.
وينطبق الأمر على ممولي أية مليشيات أخرى في أي منطقة يمنية.
وليس هذا فحسب، بل إن دولة أوروبية طرحت اقتراحا أكثر شمولا وهو تجميد أموال كل يمني لديه حساب في الخارج يتجاوز مليون دولار أمريكي إلا من استطاع أن يثبت وجود مصدر تجاري شرعي لأمواله، على مبدأ “من أين لك هذا؟” فاليمن بلد فقير ولا يتحمل كل هذا العبث.
والأمل كبير في أن يتم تطبيق هذا الاقتراح ولهذا فأرجو من كافة الأحبة المتابعين لكتاباتي ألا يقلقوا في حال توقف هذا العمود اليومي في صحيفة “الجمهورية” دون سابق اشعار، أو عندما يسمعون أن رئيس مجلس ادارة “الجمهورية” قد عاد مجددا إلى بيته، واستولى على قرار التحرير بدلا عنه بعض البلاطجة فسيكون ذلك لهم مجرد انتصار بالنقاط على “الثورة” و “الجمهورية” الورقيتين قبل الموت بالضربة القاضية على يد الثورة والجمهورية الحقيقيتين اللتين أنجبتا أبناء شجعان قادرين على تعجيل موعد تجميد الأموال والأحلام غير المشروعة التي يملكها أعداء الثورة والجمهورية. والله المعين.
yemenianalyst@gmail.com:
* كاتب يمني