منذ انتخابه رئيسا للجمهورية خلفا للرئيس محمد خاتمي في العام 2005، بدأ الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد يركز في مسيرته الرئاسية على انه يمهد في سياسته لظهورالامام المهدي، وعبّر عن هذا التوجه الصريح في كثير من المواقف السياسية الداخلية والخارجية. لا بل بدأ يتناقل الايرانيون أخباراً عن لقاءات يجريها الرئيس نجاد مع الامام المهدي بشكل دوري! وقيل الكثير في هذا الصدد مما لم يكن مألوفا على مستوى ادارة السلطة في الجمهورية الاسلامية. كما اثار هذا الخطاب استغراباً لدى اوساط سياسية ودينية داخل ايران وخارجها، رأت فيه استغلالا لعقيدة شيعية ومحاولة لاستثمارها لمصالح سياسية وشخصية.
قبل ايام نقل موقع “الانتقاد” الالكتروني التابع لحزب الله موقفا لافتا للمرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية السيد علي خامنئي، يحذر فيه من “الممارسات الساذجة وغير المستندة والمرتكزة على الأوهام والتي تؤدي الى التمهيد لأدعياء المهدوية الكذابين وإبتعاد الناس عن حقيقة الإنتظار”. موقف هو الاول من نوعه في مواجهة هذه الظاهرة، التي بدا ان صمت المرشد الاعلى عنها ودعمه العلني للرئيس نجاد لتجديد انتخابه لولاية رئاسية ثانية قبل عامين، كان نوعا من القبول ان لم يكن التبني لها. لا سيما في ما احاط بها من استخدام سياسي وديني. وربما هذا ما جعل المطّلعين على سيرة السيد الخامنئي الفكرية والدينية والسياسية غير مقتنعين بصمته حيال هذه الظاهرة، باعتباره بعيداً عن هذا المنحى في فهم “المهدوية”، ويتنافى مع الممارسات التي كانت تحيط بحركة الرئيس نجاد ومريديه في هذا المضمار الغيبي.
تراجع تحدي الاصلاحيين فتح المعركة داخل “المحافظين”
معنى هذا الصمت، الذي شجع على انتشار هذه الظاهرة في اوساط المحافظين، هوالتحدي السياسي الذي فرضه الاصلاحيون على السلطة داخل ايران. فجوهر مطلب الاصلاحيين ، يقع في جدل ولاية الفقيه “المشروطة” و”المستبدة”. بمعنى اوضح، كان الاصلاحيون ولا يزالون يسعون الى تقييد صلاحيات الولي الفقيه في ايران بمواجهة الصلاحيات المطلقة التي يوكلها اليه الدستور، منطلقين من فهمٍ ديني يتبناه الكثيرون من الفقهاء الشيعة، مؤداه ان شرعية السلطة تأتي من الشعب في مواجهة نظرية “ولاية الفقيه” التي تعتبر ان شرعية السلطة هي شأن ديني او إمامي.
وبما ان كل صراع سياسي في ايران يحتاج الى مشروعية دينية، كانت “المهدوية”، كظاهرة سياسية واجتماعية، احدى وسائل تدعيم نظرية الحكم في ايران، ولم تكن المغالاة في التعبير عنها محل اعتراض من قبل انصار ولاية الفقيه ومؤيديها، بل بدت احدى مصادر قوتها. فماذا تغير كي يشير السيد الخامنئي اليوم “الى الأدعياء الكذّابين طيلة التاريخ الذين طبقوا على أنفسهم أو على الآخرين بعض علامات الظهور”، مضيفا: “ان جميع هذه الحالات خاطئة ومنحرفة لأن بعض المفاهيم حول علامات الظهور غير قابلة للاستناد وضعيفة، والمفاهيم المعتبرة لا يمكن بسهولة تطبيقها”؟
يأتي هذا الكلام في وقت اتهمت أوساط سياسية وروحية مقربه من مكتبه أن الرئيس نجاد وصهره ومستشاره “رحيم مشائي” يتزعمان تياراً يروج للمعتقدات المهدوية القائلة أن على المؤمنين حاليا الاستعداد لظهور “الامام المهدي” عن طريق التمهيد له بدولة اسلامية يكونا هما وأنصارهما من قادتها، لا المؤسسة الدينية الحاكمة حاليا باسم “ولاية الفقيه”.
وفيما وصف مصباح يزدي تلميذه احمدي نجاد بأنه “مسيَّر” من قبل مشائي، بدأت تتسع دائرة الذين يعتبرون الرئيس الايراني شخصية عقائدية من النمط الاقرب الى السذاجة. وباتت الاستهانة بما كان مقدسا في خطاب نجاد، محل تشكيك وادانة.
موقف السيد خامنئي اليوم يفتتح علنا مستوى متقدما في معركة اقصاء نجاد وتياره، يستهدف القضاء على فرص توسّع دائرة هذا التيار داخل “المحافظين” وفي السلطة. وقد بدأ بمعركة إنهاء رموزه، خصوصا مستشاره مشائي او “الساحر” على ما يصفه خصومه، قبل موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية المقرّرة بعد عامين. لذا، ورغم تراجع حضور التيار الاصلاحي في ايران، الا ان العديد من المراقبين يتوقعون ان السيد الخامنئي قد يضطر الى محاولة فتح باب السلطة مجددا امام رموزه، في وقت لا يغيب خيار التعاون الانتخابي بين نجاد والاصلاحيين. “ولاية الفقيه” في ايران ليست في معرض التهديد او الخطر، لكنها تواجه مشروعية دينية مقابلة عنوانها “المهدوية”- بعد ان اقصت الى حد بعيد الشرعية الشعبية عن الحكم.
alyalamine@gmail.com
* كاتب لبناني
“البلد”
خامنئي يعلن الحرب على “مهدوية” نجاد
لا أعتقد، و على قدر معرفتي المتواضعة بالأمور الدينية و العقائد المرتبطة بها، بأن ما يقوم به الرئيس نجاد، يختلف كثيرًا عمّا كان يقوم به كثيرون، ممّن أسموا أنفسهم في أزمنة سابقة ب «بنواب» المهدي، الذين كانوا يقولون للناس في فترة بداية الغيبة، أنهم الوحيدون المكلفون بلقاء الإمام، و هو يعطيهم سلطة تدبير أمور الناس الدينية و الدنيوية بالنيابة عنه، و كان منصب «نائب الإمام» ينتقل بالوراثة من الأب إلى ابنه، وكثيرًا ما تقرأ في كتب الشيعة عن أشخاص استغلوا هذه المناصب لتحقيق ثروات او ما شابه.
خامنئي يعلن الحرب على “مهدوية” نجاد
تحليل رائع ومعلومات مفيدة توضح طريقة التفكير عند هؤلاء القادة الذين يحكمون ايران ذات الحضارة الممتدة الى ثلاث آلاف عام في التاريخ … من المؤسف نهاية حضارة الفرس بقائد ساذج يحلم بدعم الأمام المهدي..
أنحراف الشرعية من الشعب الى المهدي أيضا شيء يثير الأنتباه، وخاصه أن الأخوان المسلمين يجهزون انفسهم لتسلم الحكم في العالم العربي وهم ينظرون لأيران كنموذج.
تعليق الاستاذ فاروق عيتاني رائع سيما على كبر أذن الشيعي ليسمع نداء الامام المهدي..
خامنئي يعلن الحرب على “مهدوية” نجادإنها تفاصيل ،وحتى لا أضيع فيها ففي تفسير الشنقيطي رحمة الله عليه ما ينسف اساس فكرة الرجعة. وفي كتاب منتخب ألأثر عن الامام الثاني عشر لاية الله كليبكاني المطبوع في قم 2005، ما يؤكد ان علامات إقتراب الظهور غير متحققة بعد.منها على سبيل المثال،ألأثر المروي بان الله يطيل أذني الشيعي حتى يسمع النداء قم و التحق بصاحبك. فمن المعلوم ان اذني كل الشيعة الكرام مازالت في نفس الطول، وهذا ما اراه عيانا.كما ان متابع فكرة الرجعة يجد انها في كل مرة تقدم تاريخا مختلفا ، وعندما يحل التاريخ المضروب للرجعة المحكي عنها ، تخرج أقاويل… قراءة المزيد ..