لم يبق مكان للحزن ، الدمع جف في المآقي، والمأساة انطبعت على الوجوه الواجمة، تجمد الكلام على اسلة اللسان ، فماذا يقول الحرف؟
الدم يسقي الارض العطشى للماء ، الدم يحفر عميقا في الأرض، يحفر عميقا في الوجدان، الدم يكسو الوجوه والايدي ، لا شيء غير الدم الاحمر القاني.
المكان اليوم غيره بالأمس ، الزمن غيره بالأمس ، كان ثمة بيوت ، وثمة ناس في البيوت ، كان ثمة شوارع وطرقات وازقة ومحلات ، وكان ثمة ذاهبون وعائدون يدوسون احشاء الشوارع والطرقات ولا يتعبون ، وكان ثمة منتظرون على قارعة الطريق، سيبقون ينتظرون.
لم يعد ثمة شيء من كل ذلك اليوم. هنا دمار ، وحرائق، ونار ودخان، وصيحات اطفال وامهات، ونظرات غارت في العيون وزاغت، هنا منازل تفحمت، ومنازل تفتقد ساكنيها، وجدران تكلست تختزن ذكريات وذكريات، وصور لمن انتقل الى غير مكان، وذهب الى غير زمان . كل شيء تغير، كل شيء تبدل، رائحة الموت في كل مكان ، والأنين ضج صمته ، صار صراخا في وجه السفاح ، أن إرحل.
الجرح الجرح. ماذا يقول الحرف في ضفتي الجرح
Ramzi.Elmasri@mbc.net
* إعلامي لبناني