الأسبوع الماضي تجمعت باقة من المعطيات، معلومات وأحداث وإشارات، رسمت خط النار الجغرافي الذي تطوق به إيران المنطقة العربية بحزام من الاضطرابات، يمتد من العراق إلى لبنان شمالاً، ومن اليمن إلى السودان جنوباً، ويمثل حزب الله، بالتنسيق مع سوريا، الحلقة الأشد خطراً فيه، كما سنرى لاحقاً.
وقد توج هرب نائب وزير الدفاع الإيراني السابق العميد علي رضا عسكري إلى الغرب بما يحمله من أسرار عن نشاط الاستخبارات الإيرانية داخل المنطقة العربية طوال العشرين سنة الماضية، سواء في بناء قواعد الفئات العربية المجندة في المخططات السياسية والتخريبية، أو الربط فيما بينها لأداء أدوار مختلفة تخضع لتنسيق موحد، الغرض منه تحقيق هدف إستراتيجي كبير أنفقت عليه طهران مليارات الدولارات تسللت على شكل أموال وأسلحة وخبراء منتشرون في العواصم العربية تحت أسماء مختلفة، من تجار إلى رؤساء مكاتب للدراسات إلى رجال دين إلى زوار مراقد إلى سياح، تعتبر دمشق المحطة الأولى في تحركهم.
وقال مصدر إيراني لجريدة “الشرق الأوسط” في 7 مارس الجاري إن علي رضا هو كبير مستشاري وزارة الدفاع للشؤون الإستراتيجية والمشتريات العسكرية، وإنه تولى قيادة وحدات الحرس الثوري في لبنان بعد احمد كنعاني وحسين مصلح، وهو يعرف الكثير من الأسرار وقد قضى سنتين في لبنان فضلاً عن تردده على السودان وسورية وباكستان وأفغانستان.
وبعد أن أكد الإيرانيون من طهران شخصية علي رضا عسكري، لم يعد بإمكان السيد حسن نصر الله أو قيادات حماس أو النظام السوري التنصل من كونهم جميعاً يتحركون على رقعة شطرنج تدير الحكومة الإيرانية أدوات اللعب فوقها تحت شعارات مضللة. ولن يكون هذا هدف مقالنا الحالي، إذ يكفي أن الذين كفرهم حزب الله ودمشق وحماس واتهموهم بالعمالة للإمبريالية أو لإسرائيل أو للشيطان، كانوا على حق في تشكيكهم ومخاوفهم مما يفعله حلفاء إيران في المنطقة! لذلك سوف ينصب اهتمام المقال على كشف خط الاضطرابات التي أشعلتها طهران حول المنطقة، ودور المجندين العرب في الإبقاء عليه متقداً بالإضافة إلى مدّه إلى مساحات جديدة.
المعروف عن الاستعمار الإنكليزي والبرتغالي القديم أن الدولتين كانتا ترسلان التجار إلى المناطق المتخلفة، ثم المبشرين، بعدها تبعثان الجنود لحماية رعايا البلدين من اضطرابات صغيره تثيرها مشاكل محلية. وفي بديات ثم أواسط القرن العشرين اندثر هذا الأسلوب الاستعماري القديم بعد استنفاد أسبابه وافتضاح منهجه، إلى أن حدثت انتفاضة الخميني عام 1979 وإقامة أول حكومة إسلامية في إيران التزمت برنامج تصدير الثورة إلى الدول القريبة، وعلى الخصوص المنطقة العربية المجاورة.
وأذكر أنني حذرت في مقالات عديدة نشرت في جريدة “الحياة” قبل عشرة أعوام أو أكثر من أن “الثورة” الإيرانية المصدَرة لا تعدو كونها مخطط سياسي هدفه إقحام النفوذ الإقليمي على بعض الدول العربية، من خلال استخدام الشيعة العرب لإقامة بؤر دينية تبدأ اجتماعية وشعائرية، وتعدّ بمرور الوقت لتتحول إلى تجمعات مسلحة تكون بمثابة مواقع نفوذ تديرها طهران، وتساوم من خلالها على حق ملتبس لحماية الطائفة الشيعية، يتطور بالتدريج ليغدو حقاً تدعمه قواعد وميليشيات محلية مسلحة، جاهزة لإثارة الاضطرابات والحروب الداخلية كلما تعرضت مسوغات ذاك الحق للنقاش أو الطعن بشرعيته!
ويعتبر حزب الله نموذجاً لتلك البؤر الشيعية، التي تبدأ بمسجد وناد وحسينية، وتنتهي إلى ميليشيا تملك 20 ألف صاروخ كاتيوشا، بمقدورها تعطيل الحياة والاقتصاد والبرلمان في لبنان، ومعارضة أي حكومة لا تستجيب لمطالبها، حتى لو كانت حكومة أغلبية!
إن برنامج إيران لتصدير الثورة هو نسخة من برنامج دول أوربا في القرن السابع والثامن عشر لاستعمار المناطق المتخلفة، تطور فيه العنصر الذرائعي بالنسبة لإيران، كون الإسلام في المنطقة العربية يقوم على مذهبين رئيسيين، السنة والشيعة، حيث ترتبط الكثير من الفئات الشيعية العربية، عاطفياً، بالشيعة الإيرانيين، ويمكن استغلال هذه العاطفة الساذجة بالعمل الدؤوب والمال وتوظيفها، أيديولوجياً، في مخططات لا تخدم مصالحها ولا مصالح العرب التي تنتمي إليهم عرقياً.
وخلال 27 عاماً من نشاط المخابرات، نجحت طهران في تحويل مكتب السيد حسن نصر في بيروت، المحصن، إلى مركز إقليمي للاستخبارات الإيرانية في قلب المنطقة العربية، ومنه تدار العمليات في العراق، في اليمن، في السودان، وفي بعض دول الخليج.
وفي تصريح ينطوي على استهانة وقحة بالعرب وحكوماتهم، وصف الرئيس أحمدي نجاد في 7 شباط الماضي بأن إيران ولبنان “جسم واحد” واعتبر لبنان مصاباً في الوقت الحالي. لكنه لم يشر إلى خيام حزب الله المقامة وسط بيروت منذ ثلاثة أشهر والمعطلة للحياة في لبنان، الذي غدا جزءً من الجسم الإيراني، وليس جزءً من الأردن أو السعودية أو مصر الأقرب جغرافياً وعرقياً إليهم!!
في تقرير مهم للغاية، نشر الكاتب عبد الكريم أبو النصر في الحياة (6 مارس) معلومات جمعها مركز ديبلوماسي أوربي عن حزب الله والدور الذي يقوم به في لبنان نلخص منه الفقرات التالية:
1- إن حزب الله اقتحم الحياة السياسية بهدف الهيمنة فعليا على سلطة جديدة يريد تشكيلها مع حلفاء له ينفذون ما يريد. وهي سلطة يريدها أن تكون مختلفة عن تركيبة الحكم الحالي المستندة إلى اتفاق الطائف، وهذا ما لم يسبق أن قام به أي تنظيم سياسي – عسكري في تاريخ لبنان المستقل.
2- يشدد تقرير هذا المركز الديبلوماسي على أن “حزب الله” يقوم “بعملية تضليل سياسية وإعلامية واسعة النطاق لتحقيق أهدافه الحقيقية المختلفة عن تلك التي يعلنها رسميا، ويتوقف التقرير عند مجموعة مسائل وقضايا أساسية تكشف حقيقة أهداف الحزب وتظهر التناقض الواضح بين مواقفه المعلنة وأعماله ونشاطاته في الساحة اللبنانية. ويتناول هذا التقرير الأوروبي ثماني مسائل رئيسية تدور حولها المعركة الحالية في لبنان وهي الآتية:
– يريد “حزب الله” أن يسيطر على مراكز السلطة الثلاثة رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب والحكومة من خلال إصراره على امتلاك الثلث المعطل.
– ثانيا، يريد أن يمتلك وحده اخطر قرارين يرتبط بهما مصير لبنان وهما قرار الحرب والمواجهة مع إسرائيل، وقرار الاحتفاظ بسلاحه. ويرفض “حزب الله” ما يطالب به اللبنانيون بغالبيتهم الكبيرة وهو أن تمتلك الدولة وحدها قرار الحرب والسلم في التعاطي مع إسرائيل كما هي الحال في كل الدول الأخرى، بل يريد أن يظل لبنان الاستثناء الوحيد لان ذلك يخدم مصالحه. كما يرفض تسليم ترسانته الحربية الضخمة إلى الجيش لرغبته في أن يظل “دولة ضمن الدولة” مما يدعم نزعته إلى الهيمنة على مسار الأوضاع ومما يساعد على تحقيق اهدافه واهداف سوريا وايران.
– ثالثا، يتصرف “حزب الله” كأنه يحق له وحده ما لا يحق للافرقاء الآخرين. اذ انه يرفض إجراء أي نوع من النقاش مع القادة السياسيين حول أسباب الحرب الإسرائيلية الأخيرة ودور الحزب فيها، على الرغم من ان هذه الحرب الحقت دمارا واضرارا وخسائر كبيرة بلبنان وباللبنانيين، لانه يريد التهرب من اي محاسبة ومن التطرق الى مصير سلاحه،
– كما ان “حزب الله” يريد التشاور مع سوريا وايران حول كل ما يتعلق بالتعاطي مع اسرائيل، ويرفض التشاور في هذا الشأن مع الافرقاء اللبنانيين الآخرين.
– ” يؤكد الحزب باستمرار انه يحترم الدستور المنبثق من اتفاق الطائف ويحرص على تطبيقه، لكنه في الواقع يبدو مستعدا لجر لبنان نحو الفوضى الواسعة والانهيار من اجل تحقيق مطلبه تأليف حكومة جديدة يمتلك فيها مع حلفائه الثلث المعطل وهو تعبير ليس واردا إطلاقا في الدستور الذي يحدد بوضوح طريقة اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء والذي يخلو نصه من اي إشارة إلى أن من حق المعارضة امتلاك الثلث المعطل في اي تشكيلة حكومية مما يمنحها القدرة على إسقاط الحكومة في اي وقت تراه ملائما لها ويجعلها في موقع اقوى من موقع الغالبية.
– يصر الحزب على ان استقالة الوزراء الشيعة يسحب الطابع الشرعي والدستوري عن الحكومة وهذه بدعة وسابقة خطرة، اذ يعني هذا ان اي طائفة تستطيع مستقبلا تعطيل عمل الحكومة واسقاطها من خلال سحب وزرائها منها. كما ان “حزب الله” يتصرف على اساس ان الوزراء الشيعة هم الذين يمنحون الشرعية الدستورية للحكومة، وهذا يتناقض كليا مع نص الدستور وروحه.
– ان الحملات الاعلامية والسياسية البالغة القسوة التي يشنها “حزب الله” على الحكومة والغالبية والمتضمنة مغالطات واتهامات غير مدعومة بالادلة، تخلق اجواء احتقان شديد وتمزق روابط الوحدة الوطنية.
– يتعامل الحزب مع اعضاء الحكومة والغالبية كأنهم اعداء يجب الحاق هزيمة ساحقة بهم وليس على اساس انهم شركاء في وطن واحد. وهو يسعى الى تقليص الدعم العربي والدولي للبنان من اجل ربط هذا البلد فعليا بالمحور السوري – الايراني.
هذا التشخيص الذي كتب من قبل متابعين ومحللين إستراتيجيين يشير فقط إلى سياسة حزب الله في لبنان، أما دور (مكتب) السيد حسن نصر الله في دعم وتوجيه النقاط الساخنة الأخرى في المنطقة العربية، فقد نقلت جريدة الشرق الأوسط في 5 مارس تقريراً كتبه (داميان كيف) ذكر فيه أن إيران تقدم الدعم العسكري والمادي لجيش المهدي من خلال أواصر تربطه بحزب الله اللبناني، وأن للصدر مكتباً في بيروت، ويقول قياديو جيش المهدي إنهم أرسلوا مقاتلين إلى حزب الله في الصيف الماضي حينما كان الحزب يقاتل إسرائيل.
ولا يخفى على أحد أن إغراءات حزب الله التي استمرت طويلاً عبر مسؤول مكتب حماس الموجود في بيروت والقادة الموجودين في دمشق، هي التي أرسلت في النهاية خالد مشعل وبقية قادة حماس إلى طهران، في زيارات سرية ثم علنية، لتنخرط الحركة الفلسطينية في التحالف الإيراني – السوري. وتصبح سياسات الحركة جزءً من مخطط عام ترسمه طهران ودمشق، هدفه معارضة المبادرة العربية التي وافق عليها جميع العرب عام 2002، وعرقلة المساعي التي تبذلها اللجنة الرباعية لتحريك عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
لكن ماذا عما يقوم به حزب الله في اليمن وفي السودان، وفي دول خليجية هبّ الشيعة فيها العام الماضي رافعين صور حسن نصر الله كقائد إلهي يعمل من أجل “الأمة”!
كشفت المعلومات التي ظهرت بعد هرب رجل المخابرات الإيراني علي رضا الذي كان يتخذ من بيروت مركزاً لنشاطه، أنه كان يقوم بزيارات مستمرة إلى السودان واليمن ثم يذهب إلى طهران قبل أن يعود إلى مقره في الضاحية الجنوبية من بيروت.
ولم يكن العرب يتوقعون أن تمد إيران ذراعها إلى اليمن والسودان لإقامة بؤر مذهبية تسلحها وتدربها ثم تشعل الاضطرابات من خلالها كما جرى في اليمن على يد الحوثيين. والحوثيون فرقة شيعية انشقت عن الزيدية واعتمدت الجارودية فكراً لها، وتنسب الجارودية إلى شخص من أهل خراسان يقال له أبو الجارود، زياد بن منذر. وهي تزعم آن محمد بن عبد الله النفس الزكية بن الحسن بن الحسين بن علي بن ابي طالب لم يمت ولا يموت، حتى يملا الارض عدلا. وكان حسين الحوثي عضوا في البرلمان اليمني في الفترة ما بين 1993 الي عام 1997، بعدها اخذ في بناء قاعدة خاصة في مديرية حيدان دون ترخيص قانوني، اطلق عليها اسم الحوزة . ويقال أنه كان يصرف لكل عضو في تنظيم الشباب “المؤمن” مرتبا شهريا يتراوح ما بين خمسين الي مئة ريال، في منطقة جبلية وعرة وفقيرة لا تُجمع فيها الثروات إلاّ إذا ارتبطت بشريان خارجي.
وأثار الحوثيون أربعة اضطرابات كبيرة كانت تتزامن مع الاضطرابات أو الحروب التي يقوم بها حزب الله في لبنان. وفي شهر مارس الحالي أرسلت الحكومة اليمنية وفداً إلى طهران تطلب من الإيرانيين وقف الدعم العسكري والمالي لهذه الجماعة. ويبدو أن إيران مهتمة جداً بإقامة منطقة واسعة من الاضطراب على الحدود السعودية من الجنوب، ستؤثر لا محالة على الاستقرار في دول الخليج أيضاً، لأن الحوثيين عملوا وعاشوا في السعودية وفي عدد من دول الخليج فترات طويلة، وما زالت لهم أواصر قائمة هناك.
أما على صعيد السودان، فتعود العلاقات بين إيران والخرطوم إلى العام 1974، إلا أنها شهدت مراحل من القطيعة والتوتر، وتوثقت في عهد الرئيسين عمر البشير وهاشمي رفسنجاني (في شكل لافت ظاهرياً في أول حكم الأول)، إلا أنها كانت في «أزمة صامتة» بسبب ديون طهران على الخرطوم وتمدد النشاط الشيعي في السودان، ما استدعى زيارات متبادلة غير معلنة لمعالجتها. ودعمت إيران سياسياً حكم البشير الوليد الذي حمله الإسلاميون إلى السلطة العام 1989، باعتباره امتداداً لـ «الثورة الإسلامية»، ومدّته بالوقود عندما كان محاصراً. وراجت حينها معلومات عن وصول أسلحة وطائرات إيرانية وضباط من «الحرس الثوري» لمساعدة الجيش الحكومي في حربه ضد المتمردين في جنوب السودان، لكن الطرفين ظلا ينفيان ذلك. (عن مقال النور أحمد النور-الحياة 02/03/07//)
وفي مطلع هذا العام بدأ السودانيون يتشكون من حملة تشيع بالمال يقوم بها إيرانيون مقيمون في السودان منذ فترة طويلة. ويمكن أن نعزو بعض الخلافات التي تشوب العلاقات بين الجنوبيين والخرطوم بعد اتفاق السلام إلى التدخل الإيراني في الشؤون السودانية، وتقف طهران بقوة مع حكومة الخرطوم في حربها ضد سكان دارفور، لكننا لا نعرف حتى الآن بدقة حجم التدخل الإيراني في تأجيج هذه المشكلة. غير أن مسألة التشيع ظهرت إلى السطح بعد صمت طويل، ولن تخرج من أذهان السودانيين بسهولة. ونتيجة خبرة المخابرات الإيرانية في إثارة وإدارة الاضطرابات في دول الشرق الأوسط، قد تكون مسألة التشيع القشة التي يقدح فيها الإيرانيون النار بسبب حادث فردي بسيط، ثم يمتد لهيبها إلى بقية السودان المحاصر اليوم بحرب في دارفور، وتوتر في العلاقات مع الجنوب، فيكتمل حزام الاضطرابات التي تطوق به إيران العرب!
السؤال الذي يترتب على مجموعة المعلومات المذكورة أعلاه هو: هل كان وراء قبول أحمدي نجاد زيارة المملكة السعودية رغبة إيرانية في تحسين العلاقات مع العرب؟ لا شك أن الأمر كذلك، لكن من وجهة نظر إيرانية، أي دون إلغاء مخططها الإستراتيجي العام تجاه المنطقة العربية. ذلك أن الحصار الدولي المفروض على إيران وتزايد إمكانية تلقيها ضربة جوية أمريكية دفعت طهران إلى المناورة بالتحدث إلى الملك عبد الله بن عبد العزيز حول مناطق عربية ملتهبة مثل العراق ولبنان، ولن نقلل من حنكة السعوديين الدبلوماسية لانتزاع مواقف تساهم فيها طهران بتخفيف التوتر في لبنان وترميم الاستقرار الممزق في العراق، لكن الإيرانيون أيضاً، بما عرف عنهم من تكتيك بهلواني في الانزلاق فوق السطوح الثلجية، لن يقدموا للعرب تعهدات ملزمة إلاّ بعد أن يأخذوا أكثر مما يعطوا، ويتمثل هذا الأكثر في عدم مساس العرب بالمواقع الإقليمية الإيرانية في لبنان وفي العراق وفي بقية المنطقة التي أنفقوا عليها مليارات الدولارات، ففي الأغلب أنهم لن يمانعوا في حل الوضع الدموي في العراق مقابل أن تبقى السلطة بيد الإتلاف الموحد الموالي لإيران. ولن يمانعوا في إيجاد تسوية سياسية للمشكلة اللبنانية، لكن مقابل عدم التطرق إلى مصير سلاح حزب الله، وسيكون الحوثيون مواطنون صالحون في اليمن مقابل أن يأخذوا نصيباً أكبر في الحكومة والبرلمان، ويسمح لهم بمواصلة دعايتهم ضد الإمبريالية الأمريكية المعادية لإيران. وبهذا ستبقى مواقع النفوذ بمثابة ألغام جاهزة للانفجار كلما تطلبت سياسات طهران ابتزاز العرب أو أوربا وأمريكا في أمر من الأمور. إلاّ إذا نجحت الدول العربية الكبيرة في إذابة الجليد الذي تعود الإيرانيون الانزلاق فوقه للعب بمصير المنطقة العربية، وأكثره خطورة الكيان السياسي والعسكري الغريب الذي أقامه حزب الله في لبنان!
arifalwan@yahoo.com
* كاتب وروائي عراقي يقيم في إنكلترا